الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّجُل (1) . وَلأَِنَّهَا فِي الشَّهَادَةِ وَالْمِيرَاثِ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الرَّجُل فَكَذَلِكَ فِي الدِّيَةِ.
وَهَذَا فِي دِيَةِ النَّفْسِ، أَمَّا فِي دِيَةِ الأَْطْرَافِ وَالْجُرُوحِ فَاخْتَلَفُوا: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ أَطْرَافِ وَجِرَاحِ الرَّجُل أَيْضًا؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَال: عَقْل الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الرَّجُل فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَهَا. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لأَِنَّهُمَا شَخْصَانِ تَخْتَلِفُ دِيَتُهُمَا فِي النَّفْسِ فَاخْتَلَفَتْ فِي الأَْطْرَافِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: تُسَاوِي الْمَرْأَةُ الرَّجُل فِي دِيَةِ الأَْطْرَافِ إِلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُل. فَإِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ رَجَعَتْ إِلَى عَقْلِهَا، فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَ أَصَابِعَ فَلَهَا ثَلَاثُونَ مِنَ الإِْبِل كَالرَّجُل، وَإِذَا قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ فَإِنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ مَا يَأْخُذُهُ الرَّجُل: أَيْ تَأْخُذُ عِشْرِينَ مِنَ الإِْبِل، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهم، وَبِهِ قَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُرْوَةُ وَالزُّهْرِيُّ، وَهُوَ قَوْل فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَقْل الْمَرْأَةِ مِثْل عَقْل الرَّجُل
(1) حديث: " دية المرأة على النصف من دية الرجل " أخرجه البيهقي (8 / 95 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال: " إسناده لا يثبت مثله ".
حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا (1) . وَهُوَ نَصٌّ يُقَدَّمُ عَلَى مَا سِوَاهُ (2) .
دِيَةُ الْخُنْثَى
31 -
إِذَا كَانَ الْمَقْتُول خُنْثَى مُشْكِلاً فَفِيهِ نِصْفُ دِيَةِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ دِيَةِ أُنْثَى عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهُ يَحْتَمِل الذُّكُورِيَّةَ وَالأُْنُوثِيَّةَ، وَقَدْ يَئِسْنَا مِنِ انْكِشَافِ حَالِهِ فَيَجِبُ التَّوَسُّطُ بَيْنَهُمَا بِكِلَا الاِحْتِمَالَيْنِ (3) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا قُتِل خَطَأً وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إِلَى التَّبَيُّنِ (4) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْخُنْثَى كَالأُْنْثَى فِي الدِّيَةِ فَيَجِبُ فِي قَتْلِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لأَِنَّ زِيَادَتَهُ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهَا (5) .
دِيَةُ الْكَافِرِ
32 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا دِيَةَ لِلْحَرْبِيِّ؛ لأَِنَّهُ لَا عِصْمَةَ لَهُ.
(1) حديث: " عقل المرأة مثل عقل الرجل. . . " أخرجه النسائي (8 / 44 - 45 - ط المكتبة التجارية) وفي إسناده ضعف كما في نصب الراية (4 / 364 - ط المجلس العلمي) .
(2)
حاشية ابن عابدين 5 / 368، والاختيار للموصلي 5 / 36، والفواكه الدواني 2 / 259، ومغني المحتاج 4 / 56، 57، والمغني لابن قدامة 7 / 797، وما بعدها.
(3)
مواهب الجليل للحطاب وبهامشه التاج والإكليل للمواق 6 / 433، والمغني 8 / 62.
(4)
حاشية ابن عابدين 5 / 369.
(5)
مغني المحتاج 4 / 57، وروضة الطالبين 9 / 159.
أَمَّا الذِّمِّيُّ وَالْمُسْتَأْمَنُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الدِّيَةِ فِيهِمَا: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُرْوَةَ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ دِيَةَ الْكِتَابِيِّ الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: دِيَةُ الْمُعَاهَدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ، وَفِي لَفْظٍ: دِيَةُ عَقْل الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ عَقْل الْمُؤْمِنِ (1) .
وَوَرَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: دِيَةُ الْمُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ (2) . وَأَهْل الْكِتَابِ هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَبِهِ قَال عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (3) .
وَهَذَا فِي دِيَةِ النَّفْسِ. قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَدِيَةُ جِرَاحِ أَهْل الْكِتَابِ كَذَلِكَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ (4) .
(1) حديث: " دية المعاهد نصف دية الحر. . . " أخرجه أبو داود (4 / 707 - 708 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، واللفظ الثاني أخرجه الترمذي (4 / 25 - ط الحلبي)، وقال:" حديث حسن ".
(2)
حديث: " دية المعاهد نصف دية المسلم. . . " أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6 / 299 - ط المقدسي)، وقال:" رواه الطبراني في الأوسط، وفيه جماعة لم أعرفهم ".
(3)
الفواكه الدواني 2 / 259، 260، والمغني 7 / 793 - 796.
(4)
الفواكه الدواني 2 / 260.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: جِرَاحَاتُ أَهْل الْكِتَابِ مِنْ دِيَاتِهِمْ كَجِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَاتِهِمْ. وَتُغَلَّظُ دِيَاتُهُمْ بِاجْتِمَاعِ الْحُرُمَاتِ عِنْدَ مَنْ يَرَى تَغْلِيظَ دِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ (1) .
وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الذِّمِّيَّ - كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ - وَالْمُسْتَأْمَنَ وَالْمُسْلِمَ فِي الدِّيَةِ سَوَاءٌ وَهَذَا قَوْل إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُعَاوِيَةَ رضي الله عنهم.
فَلَا يَخْتَلِفُ قَدْرُ الدِّيَةِ بِالإِْسْلَامِ وَالْكُفْرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِتَكَافُؤِ الدِّمَاءِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ (2) } . أَطْلَقَ سبحانه وتعالى الْقَوْل بِالدِّيَةِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْقَتْل مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، فَدَل عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْكُل وَاحِدٌ.
وَرُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ قَتَل مُسْتَأْمَنَيْنِ فَقَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمَا بِدِيَةِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ (3) . وَرَوَى الزُّهْرِيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما قَضَيَا فِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ
(1) المغني 7 / 795.
(2)
سورة النساء / 92.
(3)
حديث عمرو بن أمية الضمري ذكره ابن إسحاق في سيرته بدون إسناد، ونقله عنه ابن هشام في سيرته كذلك (2 / 186 - ط الحلبي) . وأخرجه موصولاً الترمذي من حديث ابن عباس (4 / 20 - ط الحلبي)، وقال:" هذا حديث غريب ".