الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
100 - باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها
حدَّثنا عباس العنبري ومحمد بن عبد الأعلى قالا: نا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن معاوية، عن عمه عبد الله بن سعد قال: سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن مؤاكلة الحائض؟ فقال: "واكلها".
قال: وفي الباب عن عائشة وأنس.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن سعد حديث حسن غريب وهو قول عامة أهل العلم لم يروا بمؤاكلة الحائض بأسًا. واختلفوا في فضل وضوئها، فرخص في ذلك بعضهم، وكره بعضهم فضل طهورها (1).
* الكلام عليه:
أخرجه أبو داود (2) والترمذي (3).
(1) الجامع (1/ 240، 241).
(2)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 108) برقم 212 باب في المذي.
(3)
الجامع (1/ 240) برقم 133.
ولم يذكر المصنف ابن ماجه وقد أخرجه في سننه كتاب الطهارة وسننها (1/ 213) برقم 651 باب في مؤاكلة الحائض وأشار المزي في تحفة الأشراف (4/ 351) برقم 5326 إلى وجود الحديث عند ابن ماجه.
وقال الحافظ ابن حجر في النكت الظراف: سقط هذا من الرّواية المشهورة وثبت في النسخ يعني من ق والله أعلم.
قلت: والحديث ليس في النسخة التي اعتمدها الحافظ مغلطاي في شرحه لسنن ابن ماجه (3/ 905) لكنَّه أشار إلى حديث عبد الله بن سعد وقال رواه ابن ماجه في موضع آخر.
فقال المحقق وهو كمال عويضة مشيرًا إلى الحديث عند ابن ماجه نسخة محمد فؤاد عبد الباقي برقم 651 وهو في الباب نفسه وهذا من مصائب المخرفين بل المحققين التجاريين إذ الباب في نسخة محمد =
وحرام (1) هذا ينسب إلى معاوية، وينسب أيضًا حرام بن حكيم بن خالد بن سعد بن حكم الأنصاري، وسبب ذلك الاختلاف على معاوية بن صالح في حديثه فيقول عنه ابن وهب ويكرر سهل حرام بن حكيم، ويروي عنه ابن مهدي بن معاوية كما ذكرناه.
وقد جعل هذا له ترجمتين ابن (2) أبي حاتم وتبع في هذا التَّفريق البُخاريّ (3) فإنَّه جعله كذلك، وتبعهما الدَّارميُّ. ونبه على صواب ذلك الخطيب (4)، رأيته بخطه.
روى عن أبي هريرة وعمه عبد الله بن سعد وأبي ذر الغفاري وأنس بن مالك وأبي مسلم الخولاني ونافع بن محمود بن ربيعة.
= فؤاد عبد الباقي هو باب في مؤاكلة الحائض وهو نفسه الباب الذي شرحه الحافظ مغلطاي وتحته حديث عائشة رضي الله عنها كنت أتعرق العظم وأنا حائض
…
إلخ.
وهو كذلك في نسخة الدكتور محمد مصطفى الأعظمي (1/ 117) برقم 638 باب ما جاء في سؤر الحائض حيث أورد تحته حديث عائشة ولا وجود لحديث عبد الله بن سعد.
وذكر الحديث الحافظ مغلطاي مرَّة ثانية في شرح سن ابن ماجه (3/ 885) وقال أصله عند ابن ماجه وكذا في (3/ 514) حيث قال: وروى العلاء بن الحارث عند ابن ماجه بهذا السند قصة مؤاكلة الحائض في موضعين.
قلت: ومن هذه المواضع ما جاء في سنن ابن ماجه كتاب إقامة الصَّلاة والسنة فيها (1/ 439) برقم 1378 وهذا السند هو الذي ذكره الحافظ مغلطاي فاللهم لك الحمد.
(1)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (5/ 517، 520) برقم 1153 وتهذبب التهذيب (1/ 368، 369).
(2)
الجرح والتعديل (3/ 282) حيث جعلهما ترجمتين برقم 1259 و 1260.
(3)
التاريخ الكبير (3/ 101) برقم 351 و (3/ 102) برقم 353.
(4)
موضع أوهام الجمع (1/ 108).
قال أحمد (1) بن عبد الله العجلي: مصري ثقة. كذا قال، وهو دمشقي (2).
روي له أبو داود والترمذي والنَّسائيُّ وابن ماجه (3)، وذكره ابن حبان (4) في "الثقات"(5).
والعلاء بن الحارث أخرج له مسلم (6)، وإلى العلاء عن حرام عن عمه ترجع طرق هذا الحديث، وهو حديث طويل، هذه قطعة منه.
روى منه أبو داود (7): سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل وعن الماء يكون بعد الماء، فقال:"ذاك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذاك فرجك وأنثييك وتوضأ وضوءك للصلاة".
وفي لفظ له (8): أنَّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: "لك ما فوق الإزار"، وذكر مؤاكلة الحائض وساق الحديث.
وأخرج التِّرمذيُّ (9) هذه القطعة هنا وأخرج طرفًا منه في الشَّمائل (10).
(1) معرفة الثقات (1/ 290) برقم 279.
(2)
وتعقبه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق (12/ 307).
(3)
انظر تهذيب الكمال (5/ 517 - 520) والبخاري في جزء القراءة سوى مسلم.
(4)
الثقات (4/ 185) ثم ذكر بعد ذلك ترجمة حرام بن معاوية وهو مذهب من فرق بينهما كابن أبي حاتم وابن ماكولا والدارقطني.
(5)
وضعفه ابن حزم في المحلى، وعبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 209) وتعقبه ابن القطان كما في بيان الوهم والإيهام (3/ 310، 312).
(6)
رجال صحيح مسلم لابن منجويه (2/ 63) برقم 1159.
(7)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 108) برقم 211 باب في المذي.
(8)
سنن أبي داود كتاب الطهارة (1/ 108) برقم 212 باب في المذي.
(9)
الجامع (1/ 240) برقم 133.
(10)
الشَّمائل برقم 297.
وأخرجه ابن (1) ماجه مختصرًا في موضعين من كتابه.
فأما أبو داود (2) فرواه عن إبراهيم بن موسى، عن ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد به.
وعن هارون (3) بن محمد بن بكار، عن مروان بن محمد الطاطري، عن الهيثم بن حميد، عن العلاء به. وحديث الهيثم فيه زيادة: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ وذكر مؤاكلة الحائض.
وروى التِّرمذيُّ (4) هذه القطعة منه هنا بهذا السند، وروى منه في الشَّمائل (5): عن عباس خاصّة، عن ابن مهدي به. قصة الصَّلاة: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّما أفضل الصَّلاة في بيتي، أو الصَّلاة في المسجد؟ سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
وروى ابن (6) ماجه بعضه عن أبي بشر بكر بن خلف، عن ابن مهدي، وقصة الصَّلاة منه في الصَّلاة (7) عن بكر بن خلف، به.
فالغرابة التي أشار إليها التِّرمذيُّ هي ما ذكرناه من جهة العلاء فمن فوقه، وبها صار الحديث حسنًا؛ إذ رواته كلهم ثقات، كما ذكرنا من حال العلاء وحرام
(1) في سننه كتاب الطهارة وسننها (1/ 213) برقم 651 باب في مؤاكلة الحائض.
والموضع الثَّاني في كتاب إقامة الصَّلاة والسنة فيها (1/ 439) برقم 1378 باب ما جاء في التطوع في البيت.
(2)
السنن كتاب الطهارة (1/ 108) برقم 211.
(3)
السنن كتاب الطهارة (1/ 108) برقم 212.
(4)
الجامع (1/ 240) برقم 133.
(5)
الشَّمائل برقم 297.
(6)
السنن كتاب الطهارة وسننها (1/ 213) برقم 651.
(7)
السنن كتاب إقامة الصَّلاة والسنة فيها (1/ 439) برقم 1378.
ومن عداهما في الإسناد لا يُسْأل عنه، وإن كان معاوية (1) بن صالح قد مُسّ بجرح يسير، لكن من وثقه أكثر ممن جرحه، ولم يتبين فيه جرح، وقد أخرج له مسلم (2) في "صحيحه" محتجًا به.
وقد ذكر شيخنا الإمام الحافظ أبو (3) الفتح القشيري -رحمه الله تعالى- منه من طريق أبي داود عن الهيثم بن حميد، ثنا العلاء عن حرام، عن عمه: أنَّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: "لك ما فوق الإزار".
قال (4): وذكر مؤاكلة الحائض أيضًا، وساق الحديث، ثم قال (5): وذكر أبو القاسم البغوي (6) في "معجمه" عبد الله بن سعيد، وأخرج له حديثًا من رواية العلاء بن الحارث، فذكر: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصَّلاة في بيتي والصلاة في المسجد
…
الحديث. قال: ولا أعلم روي عنه غير هذا الحديث (7).
قال القشيري (8): وهذا الحديث الذي ذكرناه يعني: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ مستدرك على ما قال، ثم قال: وعند التِّرمذيِّ (9) مؤاكلة الحائض، وذكره. وعند ابن قانع (10) في معجمه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عمّا يوجب الغسل؟
(1) وممن جرحه يَحْيَى بن سعيد القطان، انظر تهذيب الكمال (28/ 186، 194) برقم 6058 وتهذيب التهذيب (4/ 108، 109) وميزان الاعتدال (4/ 135) برقم 8624.
(2)
رجال صحيح مسلم لابن منجويه (2/ 229) برقم 1564.
(3)
الإمام (3/ 241).
(4)
أي أبو داود كما في سننه (1/ 108) برقم 212.
(5)
أي ابن دقيق العيد كما في الإمام (3/ 241).
(6)
معجم الصّحابة (4/ 16) برقم 1558.
(7)
عبارة البغوي كما في المعجم ولا أعلم روي غير هذا الحديث.
(8)
الإمام (3/ 241، 242).
(9)
الجامع (1/ 240) برقم 133.
(10)
معجم الصّحابة (2/ 93، 94) برقم 539.
قال: "إذا استبطنتها فتوضأ واغتسل"، يشير إلى أنها أحاديث متعددة وكلها مستدرك على البغوي، وليس كذلك؛ وإنَّما كله حديث واحد يتضمن أجوبة متعددة، فذكر البغوي طرفًا منه مشيرًا إليه كما هو المعروف من عوايدهم في ذلك.
قال (1): وفي الباب عن عائشة. وهو حديث عائشة قالت: "كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على فيّ" وأتعرق العرق وأنا حائض ثم أناوله النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيِّ". أخرجه مسلم (2)، فاقتضى هذا الحديث مؤاكلة الحائض وهو صحيحٌ بتصحيح مسلم إياه، فاعتضد به حديث الباب وارتقى به في مراتب التحسين إلى مرتبة لم تكن له لولاه.
وقد تقدمت الإشارة إلى أن كلام الصَّحيح والحسن والضعيف تتفاوت رتبه في ذلك.
وكذلك حديث أنس الذي أشار إليه وهو عند مسلم (3) أيضًا: "أن اليهود كانوا إذا حاضت فيهم المرأة لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ
…
} إلى آخر الآية. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيءٍ إلَّا النكاح"(4).
وهذا ممَّا أجمع (5) النَّاس عليه، وقد تقدم في الباب قبل هذا الخلاف فيما يباح
(1) أي التِّرمذيُّ كما في الجامع (1/ 240).
(2)
في صحيحه كتاب الحيض (1/ 245، 246) برقم 300 باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها والاتكاء في حجرها وقراءة القرآن فيه.
(3)
في صحيحه كتاب الحيض (1/ 246) برقم 302.
(4)
صحيح مسلم كتاب الحيض (1/ 246) برقم 302.
(5)
انظر شرح صحيح مسلم للنووي (3/ 195) و (3/ 197، 198) وفيه عبارة النووي حرفيًّا.
للرجل من امرأته وهي حائض.
قال العلماء: لا تكره مضاجعة الحائض ولا قبلتها ولا الاستمتاع بها فيما فوق السرة وتحت الركبة، وقد قدّمنا ما في ذلك.
قالو: ولا يكره وضع يدها في شيء من المائعات، ولا يكره طبخها ولا عجنها، ولا غير ذلك من الصنائع، وسؤرها وعرقها طاهران، وكل هذا متفق عليه، وقد نقل الإمام أبو (1) جعفر محمد بن جرير الطبري في كتابه في مذاهب العلماء إجماع المسلمين على هذا كله.
وأما قوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ. . .} الآية: فالمراد: اعتزلوا وطئهن (2).
(1) اختلاف الفقهاء (125) بنحوه. ولعله يقصد تهذيب الآثار.
(2)
شرح صحيح مسلم (3/ 197، 198).