الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
111 - باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبًا
ثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج، ثنا حفص بن غياث وعقبة بن خالد، قالا: ثنا الأعمش وابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي؛ قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنبًا".
قال أبو عيسى: حديث علي حديث حسن صحيح.
وبه قال غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين قالوا: يقرأ الرجل القرآن على غير وضوء، ولا يقرأ في المصحف إلا وهو طاهر.
وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق (1).
* الكلام (2) عليه:
أخرجه أبو داود (3) والنسائي (4) وابن (5) ماجه مختصرًا.
وأخرجه الحافظ أبو (6) بكر بن خزيمة في صحيحه من حديث شعبة عن عمرو بن مرة وقال (7): سمعت أحمد بن المقدام العجلي يقول: ثنا سعد بن الربيع، عن
(1) الجامع (1/ 273 - 274) برقم 146.
(2)
معظم التخريج مستفاد من كتاب الإمام لابن دقيق العيد (3/ 67، فما بعدها).
(3)
السنن كتاب الطهارة (1/ 114 - 115) برقم 229 باب في الجنب يقرأ القرآن.
(4)
السنن كتاب الطهارة (1/ 157 - 158) برقم 265 و 266 باب حجب الجنب من قراءة القرآن وفي الكبرى (1/ 174) برقم 257 و 258 باب حجب الجنب من قراءة القرآن.
(5)
السنن كتاب الطهارة وسننها (1/ 195) برقم 594 باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة.
(6)
صحيح ابن خزيمة (1/ 104) برقم 208.
(7)
والقائل هو ابن خزيمة.
شعبة بهذا الحديث. قال شعبة: هذا ثلث رأس مالي.
وأخرجه الحاكم (1) في المستدرك وقال: لم يحتجا بعبد الله بن سلمة ومدار الحديث عليه.
وذكر أبو (2) بكر البزار: أنه لا يروى عن علي إلا من حديث عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة.
وحكى البخاري (3) عن عمرو بن مرة: كان عبد الله -يعني ابن سلمة- يحدثنا فنعرف وننكر، وكان قد كبر، لا يتابع في حديثه.
ورواه ابن الجارود (4) من طريق يحيى بن سعيد، عن شعبة وفي آخره: قال يحيى: وكان شعبة يقول: في هذا الحديث تعرف (5) وتنكر -يعني عبد الله بن سلمة- كان كبر حيث أدركه عمرو.
قال الحافظ المنذري (6): وذكر الشافعي هذا الحديث وقال: لم يكن أهل الحديث يثبتونه.
(1) المستدرك (1/ 152) وقال هذا حديث صحيح الإسناد والشيخان لم يحتجا بعبد الله بن سلمة فمدار الحديث عليه وعبد الله بن سلمة غير مطعون فيه.
وأخرجه في موضع آخر (4/ 107) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وصححه الذهبي في الموطنين.
(2)
المسند (2/ 287).
(3)
التاريخ الكبير (5/ 99) برقم 285 والتاريخ الأوسط (1/ 343).
(4)
المنتقى (1/ 94 - 98) برقم 94.
(5)
وفي المنتقى نعرف وننكر، والمصنف ينقل بواسطة شيخه ابن دقيق العيد في الإمام (3/ 68) وكذلك وقع عنده.
(6)
مختصر سنن أبي داود (1/ 156).
قال البيهقي (1): وإنما توقف الشافعي في ثبوت الحديث لأن مداره على عبد الله بن سلمة الكوفي وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة، وإنما روى هذا الحديث بعد ما كبر، قاله شعبة. انتهى.
وسَلِمة (2) بكسر اللام.
وقال أحمد (3): لم يرو هذا الحديث أحد عن عمرو عن شعبة، وذكر ابن (4) عدي أنه رواه عن عمرو الأعمش وشعبة ومسعر وابن أبي ليلى ويحيى بن سعيد ورقية (5) أو بقية لست أدري أيهما هو.
وفي الباب حديث نافع عن ابن عمر: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن" من طريق إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة عنه. وقد تقدم عند الترمذي (6) وذكر هناك ما في معناه من الأحاديث.
وفي الباب مما لم يذكره ما روى الدارقطني (7) من حديث أبي موسى؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي، إني أرضى لك ما أرضى لنفسي، وأكره لك ما أكره
(1) انظر معرفة السنن والآثار (1/ 323) برقم 777.
(2)
الإمام لابن دقيق العيد (3/ 69).
(3)
الكامل لابن عدي (4/ 1487).
(4)
الكامل (4/ 1487).
(5)
بل هو رقبة بن مصقلة، كما عند ابن عدي في الكامل، وتصحف على صاحب الكمال فقال بقية وتعقبه المزي كما في بعض حواشي نسخ تهذيب الكمال فقال: ذكر في الأصل فيمن رواه عن عمرو بن مرة أيضًا بقية وهو وهم إنما رواه بقية عن شعبة به، تهذيب الكمال (15/ 53).
وهذا خطأ فيما يظهر، إنما الراوي عن عمرو بن مرة رقبة كما ذكرنا وذكره الحافظ المزي نفسه في تهذيبه (9/ 219)، ولا وجود لرواية بقية عن شعبة، والله أعلم.
(6)
الجامع (1/ 236) برقم 131 وقد سبق.
(7)
السنن (1/ 118) برقم 7.
لنفسي، لا تقرأ القرآن وأنت جنب".
وفيه المشهور الذي عليه الجمهور أنه لا يجوز للجنب قراءة القرآن، وقد اختلف العلماء في ذلك، وفي اليسير منه الآية والآيتين، وفي الفرق بين الحائض والجنب، ومن كان تعليم القرآن شغله من النساء وغيرهم اختلافًا ذكرناه فيما سبق من هذا الكتاب.
وذهب قوم من السلف إلى جواز القراءة للجنب، وقد نقلنا ذلك عن ابن عباس وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيرهم، وإليه ذهب أهل الظاهر.
وزعم أبو (1) محمد بن حزم أن الأحاديث الرادة على من ذهب مذهبه في ذلك لا تصح، ولست أدري ما المانع من صحة هذا الحديث من طريق عبد الله بن سلمة عن علي، فقد صححه الترمذي (2) وابن (3) خزيمة، وأخرجه الحاكم (4) في المستدرك وقال: صحيح الإسناد وصححه البغوي (5)، وكل من ذكر في إسناده متفق عليه إلا عبد الله بن سلمة، فقد ذكرنا فيه قول من قال (6): تعرف وتنكر، وليس في هذا كبير جرح، وقد قال العجلي (7): ثقة. وقال ابن (8) عدي: أرجو أنه لا بأس به. وقال
(1) المحلى (1/ 78).
(2)
الجامع (1/ 274) برقم 146.
(3)
صحيح ابن خزيمة (1/ 104) برقم 208.
(4)
المستدرك (1/ 152) و (4/ 107).
(5)
شرح السنة (2/ 41) برقم 273.
(6)
قاله عمرو بن مرة، حكى ذلك البخاري وقد سبق.
(7)
معرفة الثقات (2/ 32) وفيه كوفي تابعي من ثقات الكوفيين ووثقه يعقوب بن شيبة كذلك.
(8)
الكامل (4/ 1487).
الحاكم (1): غير مطعون فيه. وذكره ابن حبان (2) في الثقات وقال: كان يخطئ. وقال شعبة (3): ليس بحديث أجود من ذا يعني هذا الحديث والله لأخرجنه من عنقي وألقينه في أعناقكم. وقال ابن (4) عيينة: لا يروى أحسن منه عن عمرو بن مرة.
وله أحاديث تعضده وتشهد له منها حديث ابن (5) عمر: "لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن".
وحديث ابن رواحة، وحديث عبد الله بن مالك الغافقي وقد تقدمت في باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن.
وتشبث أبو (6) محمد في رد حديث علي هذا أيضًا بأن قال: ليس فيه نهي عن أن يقرأ الجنب القرآن وإنما هو فعل منه عليه السلام لا يلزم، ولا بين عليه السلام أنه إنما يمتنع من قراءة القرآن من أجل الجنابة، وقد يتفق له عليه السلام أن ترك القراءة في تلك الحال ليس من أجل الجنابة، وهذا أيضًا ليس بشيء لأن الأحكام مستنبطة من أفعاله عليه السلام ومن أقواله وفهم الصحابة رضي الله عنهم الذي فهموا عنه عليه السلام أن الجنابة هي سبب الإمساك عن القراءة أولى أن يصار إليه من فهم من بعدهم، وإنما كان يقرب مثل هذا أن يرد نص صريح صحيح بأن يقرأ القرآن، فنعم هناك يحتاج إلى التأويل وإلى ترجيح الدلالة القولية على الفعلية، وليس بشيء من ذلك هنا.
(1) المستدرك (1/ 152).
(2)
الثقات (5/ 12).
(3)
الكامل (4/ 1487).
(4)
المرجع السابق.
(5)
وقد سبق.
(6)
المحلى (1/ 78).
وكذلك أجاز الظاهري (1) للجنب والحائض والنفساء دخول المسجد ورد الأحاديث الواردة في المنع من ذلك، وقد تقدم الكلام معه في ذلك في باب الحائض تناول الشيء من المسجد (2).
وقد اختلف العلماء في حمل المحدث للمصحف ومسه على مذاهب: فأجازه قوم، ومنعه آخرون، وفرق قوم بين حمله بحائل فرأوه جائزًا أو دون حائل فرأوه ممنوعًا.
أما من أجازه: فعن داود بن علي: يجوز حمله بغير طهارة، وبه قال حماد بن أبي سليمان والحكم بن عتيبة.
قال أبو (2) محمد بن حزم: وقراءة القرآن والسجود فيه ومس المصحف وذكر الله تعالى جائز كل ذلك بوضوء وبغير وضوء وللجنب والحائض، ثم قال (3): وأما مس المصحف فإن الأخبار (4) التي احتج بها من لم يجز مس المصحف للجنب فإنه لا يصح منها شيء لأنها إما مرسلة وإما [صحيفة] لا تسند، وإما عن مجهول، وإما عن ضعيف.
واحتج من نحا إلى الجواز بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وفيه: {ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم
…
} الآية. وتعلق أنه موجه إلى النصارى وأنهم يمسونه، وأما قوله تعالى:{لا يمسه إلا المطهرون} ، فالمراد بهم الملائكة.
كذلك رواه بسند صحيح عن سلمان الفارسي، وعن سعيد بن جبير، وسيأتي له مزيد بيان.
وروى (5) من طريق محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن
(1) المحلى (1/ 78 - 79).
(2)
المحلى (1/ 77).
(3)
المحلى (1/ 81).
(4)
في المحلى فإن الآثار.
(5)
أي ابن حزم كما في المحلى (1/ 84).
بشار، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، نا منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس: أنه كان إذا أراد أن يتخذ مصحفًا أمر نصرانيًّا فنسخه له.
وأما من منعه مطلقًا كما ذهب إليه الشافعي وجماعة فيحتجون بما روى مالك (1) في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر وهو أبو محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: "أن لا يمس القرآن إلا طاهر"؛ هذا مرسل.
وأخرج أبو (2) عمر في التمهيد من حديث معتمر عن حماد (3) المروزي، عن ابن المبارك، عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه قال: في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: "ألا تمس القرآن إلا على طهور".
وروى البيهقي (4) في بعض تصانيفه عن أبي بكر بن الحارث، عن أبي محمد بن حيان، عن محمد بن سهل، عن أبي مسعود، عن عبد الرزاق (5)، عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب في عهده: "ولا يمس القرآن إلا طاهر". قال (6): كذا في كتابي عن جده ولم يذكرها غيره عن عبد الرزاق. ورواه البيهقي (7) وأبو عمر (8) من حديث الحكم بن
(1) الموطأ (1/ 199).
(2)
التمهيد (17/ 396 - 397) وهو عنده من طريق محمد بن إسماعيل الترمذي وليس معتمرًا، وهذا النقل موجود عند شيخه ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 4156) وصوب بهامش المخطوط.
(3)
صوابه نعيم بن حماد.
(4)
الخلافيات (1/ 498 - 500) برقم 295 وصرح ابن دقيق العيد باسم الكتاب كما في الإمام (2/ 416).
(5)
وهو عنده في المصنف (1/ 341 - 342).
(6)
أي البيهقي.
(7)
الخلافيات (1/ 501 - 502) برقم 297.
(8)
التمهيد (17/ 397).
موسى، عن يحيى بن حمزة، ثنا سليمان بن داود، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده فذكره، كلهم ثقات إلا سليمان (1) بن داود.
وقال أبو (2) عمر: كتاب عمرو بن حزم مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد. لأنه أشبه التواتر في صحته لتلقي الناس له بالقبول، في كلام ذكره.
وروى الدارقطني (3) من حديث سعيد بن محمد بن ثواب المصري، عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري (4)؛ قال: سمعت سالمًا يحدث عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر". أخرجه عن حسين بن إسماعيل عنه.
وروى (5) أيضًا من حديث إسماعيل بن إبراهيم المنقري قال: سمعت أبي، نا سويد أبو حاتم، ثنا مطر الوراق، عن حسان بن بلال، عن حكيم بن حزام: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "لا تمس القرآن إلا وأنت على طهور"(6). رواه عن محمد بن مخلد عن
(1) قال كثير من الأئمة: ليس سليمان بن داود إنما هو سليمان بن أرقم، غلط الحكم بن موسى في اسم والده.
انظر الخلافيات (1/ 503 فما بعدها) حاشية الأخ مشهور ففيه تحقيق جيد.
(2)
التمهيد (17/ 396).
(3)
السنن (1/ 121) برقم 3 وكذا البيهقي من طريقه في الخلافيات (1/ 508 - 509) برقم 298 وفي الكبرى (1/ 88).
(4)
كذا وقع للمصنف تبعًا لشيخه ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 419) وصوابه سليمان بن موسى قال سمعت سالمًا.
(5)
أي الدارقطني في السنن (1/ 122) برقم 6 ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (1/ 513) برقم 303.
(6)
كذا وقع عند المصنف تبعًا لشيخه ابن دقيق العيد كما في الإمام (2/ 240) وصوابه طهر كما عند الدارقطني والبيهقي.
جعفر بن أبي عثمان، عن إسماعيل.
وروى علي (1) بن عبد العزيز، نا إسماعيل (2) بن إسحاق، نا مسعدة المصري، عن خصيب بن جحدر، عن النضر بن شفي، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر".
حديث ثوبان هذا ضعيف الإسناد (3).
وروى مالك (4) في الموطأ عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن مصعب بن سعد أنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت، فقال: لعلك مسست ذكرك؟ فقلت: نعم، قال: قم فتوضأ، فقمت فتوضأت ثم رجعت.
وروى جماعة عن الأعمش منهم وكيع، واللفظ له قال: الأعمش عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد؛ قال: كنا مع سليمان (5) فخرج فقضى حاجته ثم جاء، فقلت: يا أبا عبد الله لو توضأت لعلنا أن نسألك عن آيات؛ قال: إني لست أمسه، إنما (6) يمسه إلا المطهرون، فقرأ علينا ما شئنا. أخرجه الدارقطني (7) من جهة
(1) أبو الحسن البغوي المتوفى سنة ست وثمانين ومئتين، وقيل سنة سبع.
انظر السير للذهبي (13/ 348 - 349) برقم 164.
(2)
كذا في الأصل تبعًا لشيخه في الإمام (2/ 421) وصوابه إسحاق بن إسماعيل كما في بيان الوهم والإيهام لابن القطان (3/ 465) برقم 1227.
(3)
نص على ذلك عبد الحق الإشبيلي.
انظر بيان الوهم والإيهام (3/ 465) بل هو إسناد في غاية الضعف كما قال ابن القطان.
(4)
الموطأ (1/ 42) برقم 59.
(5)
كذا في الأصل المخطوط تبعًا لشيخه ابن دقيق العيد في الإمام (2/ 423) وصوابه سلمان كما عند الدارقطني.
(6)
عند الدارقطني كما سيأتي إنما لا يمسه إلا المطهرون.
(7)
السنن (1/ 124) برقم 9 وقال كلهم ثقات.
وكيع. قال الحاكم (1): صحيح على شرط الشيخين.
وذكر ابن (2) إسحاق في قصة إسلام عمر رضي الله عنه أن أخته قالت له: إنك جنب (3)، ولا يمسه إلا المطهرون.
وأما التفرقة بين الحدثين؛ فإن ابن الفرس ذكر في كتاب أحكام القرآن له قال: وجوز داود والحكم مسه هنا، ورخص بعضهم في مسه بالحدث الأصغر دون الأكبر.
وأما التفرقة بين حمله ومسه فإن أبا (4) حنيفة لم يجز مسه لهما، وأجاز حمله لهما في غلاف أو بعلاقة.
وقال مالك (4): لا يحمل الجنب ولا غير المتوضئ المصحف إلا بعلاقة ولا على وسادة فإن كان في خرج أو تابوت فلا بأس أن يحمله اليهودي والنصراني والجنب وغير الطاهر.
قال ابن الفرس من المالكية: وكذلك اختلف في الحائض هل تمس المصحف أم لا؟ فعندنا لا تمسه لظاهر الآية وأما المعلم والصبيان فيجوز لهم مس المصحف وإن كانوا محدثين للمشقة الداخلة عليهم في ذلك، فهم مخصوصون من عموم الآية.
وأما قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} ، فقد اختلف في الكتاب ما هو؟
(1) المستدرك (2/ 477).
(2)
السيرة (ص 162).
(3)
كذا في الأصل تبعًا للإمام (2/ 424) وصوابه نجس كما في سيرة ابن إسحاق، وهو معضل ذكر ذلك ابن دقيق العيد عقب القصة.
(4)
انظر المحلى (1/ 84).
فقيل: الكتاب الذي في السماء، قاله ابن عباس ومجاهد. وقيل: التوراة والإنجيل، قاله عكرمة.
فالمراد بالآية على هذا الكتب المنزلة، وقيل: هي مصاحف المسلمين، واختلف في المطهرين فمن قال في الكتاب إنه الذي في السماء، قال: هم الملائكة. قال قتادة: فأما ما عندكم فقد يمسه المشرك النجس والمنافق.
وقال الطبري (1): المطهرون الملائكة والأنبياء ومن لا ذنب له، وليس في الآية على هذا القول حكم مس المصحف لسائر بني آدم.
ومن قال: إنها مصاحف المسلمين؛ قال: إن قوله: "لا يمسه
…
" إخبار معناه النهي: لا يمسه إلا طاهر، وهو أظهر الأقوال.
قال أصحابنا (2): وإذا (3) ثبت أن الطهارة مستحقة في حمل المصحف فلا يجوز للجنب والمحدث والنفساء والحائض حمله، فأما الذي على بدنه نجاسة فلا يجوز أن يحمله ولا (4) يمسه بالعضو النجس من بدنه، فأما بأعضائه التي لا نجاسة عليها، فوجهان (5): أحدهما: لا يجوز لأنه ممنوع من الصلاة كالمحدث. والثاني: وهو قول أبي إسحاق بجواز (6) الفرق (6) بين الحدث والنجاسة؛ لأن الحدث يتعدى إلى سائر
(1) جامع البيان (27/ 205 - 206) وعبارته فيه: "والصواب من القول في ذلك عندنا أن الله جل ثناؤه أخبر أنه لا يمس الكتاب المكنون إلا المطهرون فعم بخبره المطهرين ولم يخص بعضًا دون بعض، فالملائكة من المطهرين والرسل والأنبياء من المطهرين، وكل من كان مطهرًا من الذنوب فهو ممن استثنى وعني بقوله {إلا المطهرون} أهـ.
(2)
قاله الماوردي كما في الحاوي الكبير (1/ 145).
(3)
في الحاوي فإذا.
(4)
في الحاوي أو.
(5)
في الحاوي ففيه وجهان.
(6)
في الحاوي يجوز والفرق بين المحدث والنجاسة أن الحدث.
الأعضاء والنجاسة لا تتعدى إلى غير ما هي عليه من أعضاء.
وكذلك عندنا لا يجوز لمن ذكرنا مسه ولا مس ما لا كتابة فيه من جلده وورقه.
وأجاز أبو حنيفة للمحدث ذلك دون الجنب أن يمس من المصحف ما لا كتابة فيه من جلد وورق وأن يحمله (1) استدلالًا بأن الحرمة إنما تختص بالكتابة المتلوة دون الجلد والورق. وقال من خالفه: الجلد والورق الذي لا كتابة فيه من جملة المصحف بدليل أن من حلف لا يمس مصحفًا حنث بمس جلده وبياضه كما يحنث بمس كتابته (2). ولله در القائل:
من عاشر الأشراف صار مشرفًا
…
ومعاشر الأنذال غير مشرف
أو ما ترى الجلد الحقير مقبلًا
…
بالشغر لما صار جار المصحف
* * *
(1) في الحاوي بعلاقته.
(2)
الحاوي الكبير (1/ 145).