المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - باب ما جاء في مواقيت الصلاة - النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي - جـ ٣

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌84 - باب ما جاء في المذي يصيب الثوب

- ‌85 - باب ما جاء في المني يصيب الثوب

- ‌86 - باب غسل المني من الثوب

- ‌87 - باب ما جاء في الجنب ينام قبل أن يغتسل

- ‌88 - باب ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام

- ‌89 - باب ما جاء في مصافحة الجنب

- ‌90 - باب ما جاء في المرأة ترى مثل ما يرى الرجل في المنام

- ‌91 - باب ما جاء في الرجل يستدفئ بالمرأة بعد الغسل

- ‌92 - باب ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء

- ‌93 - باب في المستحاضة

- ‌94 - باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكلّ صلاة

- ‌95 - باب ما جاء في المستحاضة أنّها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد

- ‌96 - باب ما جاء في المستحاضة أنها تغتسل عند كل صلاة

- ‌97 - باب ما جاء في الحائض أنها لا تقضي الصَّلاة

- ‌98 - باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن

- ‌99 - باب ما جاء في مباشرة الحائض

- ‌100 - باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها

- ‌101 - باب ما جاء في الحائض تناول الشيء من المسجد

- ‌102 - باب ما جاء في كراهية إتيان الحائض

- ‌103 - باب ما جاء في الكفارة في ذلك

- ‌104 - باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب

- ‌105 - باب ما جاء في كم تمكث النفساء

- ‌106 - باب ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد

- ‌107 - باب ما جاء في الجنب إذا أراد أن يعود توضأ

- ‌108 - باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء

- ‌109 - باب ما جاء في الوضوء من الموطئ

- ‌110 - باب ما جاء في التيمم

- ‌111 - باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبًا

- ‌112 - باب ما جاء في البول يصيب الأرض

- ‌2 - كتاب الصلاة

- ‌1 - باب ما جاء في مواقيت الصلاة

- ‌4 - باب ما جاء في التعجيل بالظهر

- ‌5 - باب ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر

- ‌6 - باب ما جاء في تعجيل العصر

- ‌7 - باب ما جاء في تأخير صلاة العصر

- ‌8 - باب ما جاء في وقت المغرب

- ‌9 - باب ما جاء في وقت صلاة العشاء الآخرة

- ‌10 - باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الآخرة

- ‌11 - باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسمر بعدها

- ‌12 - باب ما جاء في الرخصة في السمر بعد العشاء

- ‌13 - باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل

- ‌17 - باب ما جاء في الرجل ينسى الصلاة

- ‌18 - باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ

- ‌19 - باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر وقد قيل إنها الظهر

- ‌20 - باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر

- ‌21 - باب ما جاء في الصلاة بعد العصر

- ‌22 - باب ما جاء في الصلاة قبل الغرب

- ‌23 - باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس

الفصل: ‌1 - باب ما جاء في مواقيت الصلاة

‌2 - كتاب الصلاة

‌1 - باب ما جاء في مواقيت الصلاة

ثنا هناد، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، عن حكيم بن حكيم وهو ابن عباد بن حنيف: أخبرني نافع بن جبير بن مطعم؛ قال: أخبرني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمّني جبريل عند البيت مرتين فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثله، ثم صلى الغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم، وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إليّ جبريل فقال: يا محمد! هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين الوقتين".

قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة وبريدة وأبي موسى وأبي مسعود وأبي سعيد وجابر وعمرو بن حزم والبراء وأنس.

أخبرني أحمد بن محمد بن موسى، أنا عبد الله بن المبارك، أنا حسين بن علي بن حسين، أخبرني وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: "أمني جبريل

"، فذكر نحو حديث ابن عباس بمعناه، ولم يذكر فيه: لوقت العصر بالأمس".

قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن.

ص: 325

وقال محمد: أصح شيء في المواقيت حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: وحديث جابر في المواقيت قد رواه عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وأبو الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث وهب بن كيسان عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم (1).

* الكلام عليه:

رواه الإمام أحمد (2) وأبو داود (3)، وفي إسناده ثلاثة مختلف في أحوالهم مذكورون في الضعفاء (4).

فأولهم عبد الرحمن بن أبي الزناد واسمه عبد الله بن ذكوان، كان ابن (5) مهدي لا يحدث عنه، وقال أحمد (6) مضطرب الحديث، وقال النسائي (7): ضعيف، وقال يحيى (8) بن معين وأبو حاتم (9) الرازي: لا يحتج به، وقال العقيلي (10): ضعيف،

(1) الجامع (1/ 278 - 283) برقم 149.

(2)

المسند (1/ 333) و (1/ 354) مختصرًا.

(3)

السنن كتاب الصلاة (1/ 198 - 201) برقم 393 باب ما جاء في المواقيت.

(4)

استفاده من الإمام (4/ 32).

(5)

الضعفاء للعقيلي (2/ 750) برقم 940 والكامل لابن عدي (4/ 1585) والجرح والتعديل (5/ 252) برقم 1201.

(6)

الجرح والتعديل (5/ 252) برقم 1201.

وقال في رواية الميموني ضعف الحديث، وقال مرة ابن أبي الزناد كذا وكذا.

انظر موسوعة أقوال الإمام أحمد (2/ 323 - 324).

(7)

الضعفاء (207) برقم 367.

(8)

تاريخ الدوري (2/ 347) وفي تاريخ الدارمي قال ضعيف (152) برقم 529.

(9)

الجرح والتعديل (5/ 252) برقم 1201 وعبارته يكتب حديثه ولا يحتج به.

(10)

الضعفاء (2/ 570 - 751) برقم 940 وليس فيه ما ذكره المصنف من قوله ضعيف، وقد ضعفه ابن المديني فلعل الناسخ وهم.

ص: 326

وقال (1)

: لا يصح ما حدث ببغداد، قال ابن (2) عدي: وبعض ما يرويه لا يتابع عليه، قيل (3): مات ببغداد سنة أربع وسبعين ومئة وهو ابن أربع وسبعين سنة، روى له مسلم (4) في المقدمة عن أبيه.

وقد وثقه مالك (5) واستشهد البخاري (6) بحديثه عن موسى بن عقبة في باب التطوع بعد المكتوبة، وفي حديث (7):"لا تتمنوا لقاء العدو".

وأما شيخه فعبد (8) الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، قال أحمد (9): متروك الحديث، وقال ابن (9) نمير: لا أقدم على ترك حديثه، وقال فيه

(1) قائل هذا هو علي بن المديني، لا العقيلي كما يوهمه سياق الكلام انظر تهذيب الكمال (17/ 99).

(2)

الكامل (4/ 1587) وتتمة عبارته وهو ممن يكتب حديثه.

(3)

قائل ذلك هو ابن سعد كما في الطبقات (7/ 324).

(4)

انظر صحيح مسلم بشرح النووي (1/ 45 - 46)، حيث روى عن أبيه قوله:"أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون، ما يؤخذ عنهم الحديث. يقال: ليس من أهله".

وذكر النووي أن لأبي الزناد ثلاثة بنين يروون عنه وهم عبد الرحمن وقاسم وأبو القاسم.

(5)

والتوثيق عن مالك فيه نظر، وإنما المذكور عنه أنه موسى بن سلمة حين قدم المدينة لسماع العلم، فقال لمالك:"إني قدمت لأسمع العلم، وأسمع ممن تأمرني به. فقال: عليك بابن أبي الزناد".

تاريخ بغداد (10/ 228).

وتكلم فيه مالك بسبب روايته كتاب السبعة عن أبيه وقال: أين كنا نحن من هذا؟

تاريخ بغداد (10/ 230).

(6)

الجامع الصحيح (1/ 363) برقم 1172.

(7)

أما حديث "لا تمنوا لقاء العدو" عند البخاري فمن طريق مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد، ليس فيه ابن أبي الزناد.

(8)

انظر ترجمته في: الجرح والتعديل (5/ 224) برقم 1057، وتهذيب الكمال (17/ 37 - 39) برقم 3787.

(9)

الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي (2/ 92) برقم 1862 وميزان الاعتدال (2/ 554) برقم 4840.

ص: 327

ابن (1) معين: صالح، وقال أبو حاتم (2): شيخ، وقال ابن (3) سعد: ثقة، وقال ابن (4) حبان: كان من أهل العلم.

روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه (5).

وأما حكيم (6) بن حكيم فروى عن نافع بن جبير، وأبي أمامة بن سهل. روى عنه عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وسهيل بن أبي صالح. قال ابن (7) سعد: كان قليل الحديث ولا يحتجون بحديثه، وأخوه عثمان بن حكيم كان ثقة (8).

قال القاضي أبو (9) بكر بن العربي: فأما حديث بن عباس فاجتنبه قدماء (10) الناس وما حقه أن يجتنب، فإن طريقه صحيحة، وليس ترك الجعفي والقشيري له دليلًا على عدم صحته؛ لأنهما لم يخرجا كل صحيح

ثم قال: وقد روى

(1) الجرح والتعديل (5/ 224) برقم 1057، وقال الدارمي عنه ليس به بأس.

تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي (164) برقم 586.

(2)

الجرح والتعديل (5/ 224) برقم 1057.

(3)

الطبقات (7/ 483) برقم 1968 وعبارته: "وكان ثقة وله أحاديث".

(4)

الثقات (7/ 69 - 70).

(5)

انظر تهذيب الكمال (17/ 37 - 39) وعبارته تفيد أنه من رواة النسائي كذلك حيث قال روى له البخاري في الأدب والباقون سوى مسلم وكذا عبارة الذهبي في الكاشف (2/ 142) برقم 3209.

(6)

انظر ترجمته في: الجرح والتعديل (3/ 202) برقم 877 وتهذيب الكمال (7/ 193 - 194) برقم 1455.

(7)

الطبقات (7/ 501) برقم 2016.

(8)

وثقه أحمد وأبو داود والنسائي وأبو حاتم.

انظر تهذيب الكمال (19/ 355 - 357).

(9)

عارضة الأحوذي (1/ 204 - 205).

(10)

في العارضة قديمًا بدل قدماء ولعله الصواب.

ص: 328

البخاري هذا الحديث كما أنا أبو الحسين (1) بن المبارك بن عبد الجبار بباب (2) المراتب ليلة الثلاثاء (3) ثاني ذي الحجة سنة تسعين وأربع مئة بقراءتي عليه قال: أنا القاضي أبو الطيب طاهر (4) بن عبد الله الطبري، أنا الدارقطني (5)، أنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي، والحسين بن إسماعيل قالا: نا البخاري، ثنا أيوب بن سليمان، نا أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن الحارث ومحمد بن عمرو، عن حكيم بن حكيم، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس فذكره، قال (6): ورواة حديث ابن عباس هذا كلهم ثقات مشاهير.

وقد تبع القاضي أبو بكر الحافظ أبا عمر في شيء من هذا الكلام، فإن أبا عمر قال (7): تكلم بعض الناس في إسناد حديث ابن عباس هذا بكلام لا وجه له، ورواته كلهم معروف النسب مشهورون في العلم، وقد خرجه أبو داود وغيره.

(1) وفي العارضة أبو الحسن وهو خطأ والصواب أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري. كان عنده نحو ألف جزء بخط الدارقطني.

انظر السير (19/ 213) برقم 132.

(2)

باب المراتب هو أحد أبواب دار الخلافة ببغداد كان من أجل أبوابها وأشرفها وكان حاجبه عظيم القدر ونافذ الأمر.

معجم البلدان (1/ 312).

(3)

وفي العارضة ليلة الثلاث في ذي الحجة.

(4)

القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر الطبري الشافعي فقيه بغداد.

ولد سنة ثمان وأربعين وثلاث، مئة بأمل استوطن بغداد ودرس وأفتى وأفاد، وكان ورعًا عاقلًا عارفًا بالأصول والفروع.

توفي في ربيع الأول سنة خمسين وأربعمائة.

انظر السير (17/ 668 - 671) برقم 459.

(5)

السنن (1/ 258) برقم 7.

(6)

القائل ابن العربي كما في العارضة (1/ 205).

(7)

التمهيد (8/ 28) وانظر تعقب ابن دقيق العيد له في الإمام (4/ 33 - 34).

ص: 329

فأما قول القاضي: إن طريقه صحيحة فقد ذكرنا أن في إسناده ثلاثة يروي بعضهم عن بعض ليس منهم من خرج له في الصحيح، وهم: ابن أبي الزناد، وابن أبي ربيعة وحكيم بن حكيم روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه (1) مع ما ذكرنا من الكلام فيهم.

وأما قوله (2): وليس ترك الجعفي والقشيري له دليلًا على عدم صحته، فلم يسبق بهذا الكلام دعوى من أحد فيكون رادًّا عليه.

وأما قوله (3): وقد روى البخاري هذا الحديث، ثم رواه عن البخاري من غير طريق جامعه الصحيح، فكلام لا معنى له؛ لأن رواية البخاري التي تقوم بها الحجة إنما هي حيث يلتزم التصحيح، وأما ما رواه خارج الصحيح فهو كرواية غيره.

وأما قول أبي (4) عمر: إن الكلام في إسناده لا وجه له: فالوجه له ما ذكرناه من الكلام في رواته، على أن أبا (5) عمر أخرجه من حديث سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش فسلمت طريقه من التضعيف بابن أبي الزناد، ومن حديث سفيان أيضًا أخرجه أبو داود (6) وابن (7) خزيمة.

قال أبو عمر (8): وذكره (9) عبد الرزاق عن الثوري وابن أبي سبرة، عن

(1) انظر تهذيب الكمال (7/ 193 - 194) حيث قال رحمه الله: "روى له الأربعة"، ففات المصنف أن يذكر النسائي.

(2)

قائل ذلك أبو بكر بن العربي وقد سبق في (319).

(3)

والقائل كذلك ابن العربي المالكي كما في (320).

(4)

سبق في (320).

(5)

التمهيد (8/ 27).

(6)

السنن كتاب الصلاة (1/ 198 - 201) برقم 393 باب ما جاء في المواقيت.

(7)

صحيح ابن خزيمة (1/ 168) برقم 325.

(8)

التمهيد (8/ 28).

(9)

في التمهيد وذكر بدل وذكره.

ص: 330

عبد الرحمن بن الحارث بإسناده مثل رواية وكيع وأبي نعيم يعني عن الثوري. وذكره عبد الرزاق أيضًا عن نافع (1) بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن ابن عباس نحوه. وكأن (2) أبا عمر اكتفى بالشهرة في حمل العلم مع عدم الجرحة الثابتة المفسرة وهو مقتضى رأيه فيمن عرف بحمل العلم (3)، وذكر أيضًا ما يقتضي تأكيد الرواية بمتابعة ابن أبي سبرة، عن عبد الرحمن بن الحارث، وكذلك أيضًا متابعة العمري عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه وهذه متابعة حسنة (4)، وأقل مراتب هذا الحديث على ذلك أن يكون حسنًا.

وأما حديث أبي هريرة فعند الترمذي (5) في الباب بعد هذا مذكور معلل بما سيأتي.

وأما حديث بريدة فقد أخرجه أيضًا وصححه (6) وسيأتي.

(1) في التمهيد عن العمري عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن عباس مثله، وهو كذلك في الإمام لابن دقيق العيد (4/ 33) وعنه ينقل المصنف دون أدنى إشارة.

(2)

هذا الكلام قاله شيخه ابن دقيق العيد كما في الإمام (4/ 33 - 34) كما سبقت الإشارة إليه في (816).

(3)

وذلك إشارة إلى رأي ابن عبد البر الذي ذكره في مقدمة كتابه الرائع التمهيد (1/ 28) حيث قال:

"وكل حامل علم معروف العناية به، فهو عدل محمول في أمره أبدًا على العدالة، حتى تتبين جرحته في حاله، أو في كثرة غلطه، لقوله صلى الله عليه وسلم: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله".

(4)

عند هذا الحد ينتهي كلام شيخه ابن دقيق العيد.

(5)

الجامع (1/ 283 - 284) برقم 151 ونقل فيه عن البخاري قوله حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت أصح من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، وحديث محمد بن فضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فضيل.

(6)

الجامع (1/ 286 - 287) برقم 152 وقال حديث حسن غريب صحيح.

ص: 331

وأما حديث جابر فقد ذكره في الباب (1)، وحكى عن البخاري (2) قوله: أنه أصح شيء في هذا الباب، ولم يجزم هو من قبل نفسه فيه بتصحيح ولا تحسين، وذكر في الباب بعده حديث بريدة بن الحصيب وصححه (3).

وأما حديث جابر فقد روى النسائي (4) من حديث برد عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم: أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه مواقيت الصلاة، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلى الظهر حين زالت الشمس

الحديث في الوقتين، وآخره:"ثم قال: ما بين هاتين الصلاتين وقت".

ورواه أبو بكر البزار (5) في مسنده، من جهة عمرو بن بشر عن برد، ومن طريق صالح بن كيسان، عن عمرو بن دينار وعطاء، عن جابر. وقد أعل ابن القطان (6) هذا

(1) الجامع (1/ 218) برقم 150 وقال حديث حسن صحيح غريب كذا في نسخة الشيخ أحمد محمد شاكر، وأشار إلى أنها زيادة من نسخة الشيخ محمد عابد السندي والتي كان يرمز لها بـ "ع" بل هي النسخة العمدة عنده في تصحيح الكتاب كما في مقدمة تحقيقه للجامع (1/ 13)، وهذه الزيادة لم يذكرها المزي في التحفة ولا البغوي في شرح السنة كعادته بل له اعتناء كبير بذكر مصطلحات الترمذي، فاكتفى بالإشارة إلى حديث جابر كما في شرح السنة (2/ 183).

ولا نبه على ذلك الحافظان العراقي وابن حجر، وصنيع ابن سيد الناس يؤكد ذلك حيث قال كما سيأتي:"ولم يجزم هو من قبل نفسه فيه بتصحيح ولا تحسين".

(2)

الجامع (1/ 282) وعبارته فيه: "أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم".

(3)

وقد سبق في (817).

(4)

السنن كتاب المواقيت (1/ 277) برقم 512.

(5)

نقله عن شيخه ابن دقيق كما في الإمام (4/ 35) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 304) ولم يعزه للبزار.

(6)

بيان الوهم والإيهام (2/ 466 - 467) برقم 465 وانظر الإمام (4/ 818).

ص: 332

الحديث بما ليس في العرف علة، وذلك أنه قال: يجب أن يكون مرسلًا إذ لم يذكر جابر من حدثه بذلك وهو لم يشاهد ذلك صبيحة الإسراء لما علم أنه أنصاري إنما صحب بالمدينة.

وأما (1) ابن عباس وأبو هريرة اللذان رويا قصة إمامة جبريل لا يلزم (2) في حديثهما من الإرسال ما يلزم في رواية جابر لأنهما قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك وقصه عليهم. انتهى.

وحاصل ما يدعي أنه مرسل صحابي وذلك مقبول (3)، حكمه حكم المسند عند الجمهور، والجهالة بعين من أرسل عنه غير ضارة إذ من البعيد أن يرسل الصحابي عن تابعي، والله أعلم (3).

وزعم ابن (4) العربي أن الترمذي صحح حديث جابر، وليس كذلك؛ بل نقل عن البخاري أنه قال: إنه أصح شيء في الباب، يوهم من وجهين:

الأول: زعمه أن هذا تصحيح.

الثاني: كونه تصحيح البخاري.

فأما الترمذي فروى كلام البخاري ولم يقل من قبل نفسه شيئًا، وأما كلام البخاري فلا يقتضي التصحيح.

(1) وعند ابن القطان وابن عباس وأبو هريرة بغير وأما.

(2)

عند ابن القطان فليس يلزم.

(3)

لم يخالف في ذلك إلا أبو الحسن الإسفراييني، وانظر الإمام (4/ 38).

(4)

عارضة الأحوذي (1/ 205).

ويمكن أن يقال وقع لابن العربي التصحيح في النسخة التي وقف عليها من سنن الترمذي وهو الذي يفهم من قوله: "وأما حديث جابر فقد رواه أبو عيسى وصححه"، والله أعلم.

ص: 333

وأما حديث أبي موسى فروى مسلم (1) وأبو داود (2) والنسائي (3) من حديث الوقتين بدر بن عثمان، ثنا أبو بكر بن أبي موسى، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أتاه سائل فسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئًا، فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضًا، ثم أمره فأقام الظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام المغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر حتى كان قريبًا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول: قد احمرّت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان قريبًا من ثلث الليل، قال: ثم أصبح فدعا السائل فقال: "الوقت ما بين هذين".

وفي رواية أبي (4) داود من حديث عبد الله بن داود، عن بدر: وأقام الظهر إلى وقت العصر الذي كان قبله وصلى العصر وقد اصفرت الشمس -أو قال: أمسى- وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء إلى ثلث الليل.

وأخرجه أبو عوانة (5) في "صحيحه" من جهة أبي داود الحفري، وأبي نعيم، وعبيد الله بن موسى، عن بدر، وذكر الترمذي (6) في كتاب "العلل" له عن البخاري أنه قال: حديث أبي موسى حسن، وحديث الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن ابن

(1) في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 429) برقم 614.

(2)

السنن كتاب الصلاة (1/ 279 - 280) برقم 395 باب ما جاء في المواقيت.

(3)

السنن كتاب المواقيت (1/ 282) برقم 522 باب آخر وقت المغرب.

(4)

السنن كتاب الصلاة (1/ 280) برقم 395.

(5)

صحيح أبي عوانة (1/ 375) وهو مستفاد من كتاب الإمام (4/ 21).

(6)

علل الترمذي (63) برقم 85 و 86.

ص: 334

بريدة، عن أبيه هو حديث حسن.

وأما حديث أبي مسعود (1) فقد اختلف على ابن شهاب فيه، بذكر الوقت والوقتين والأول عنه أشهر، فأما رواية الوقتين فذكر أبو عمر (2) أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عمر بن عبد العزيز، عن أبي مسعود: أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة فدخل عليه أبو مسعود فقال له: ألم تعلم أن جبريل نزل على

وصلى وصلى وصلى وصلى، ثم صلى ثم صلى ثم صلى ثم صلى ثم صلى، ثم قال: هكذا أمرت.

وأما رواية الوقت الواحد فروى مالك (3) في الموطأ عن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يومًا فدخل عليه عروة بن الزبير فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يومًا وهو بالكوفة فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري، فقال: ما هذا يا مغيرة، أليس قد علمت أن جبريل نزل فصلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بهذا أمرت. فقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: اعلم ما تحدّث به يا عروة، أو إن جبريل هو الذي أقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الصلاة، فقال عروة: كذلك كان بشير بن أبي مسعود

(1) انظر الإمام (4/ 5 - 16)، ففيه تنبيهات مهمة حول الحديث، وقد استفاد منه ابن سيد الناس كثيرًا، بل معظم الأحاديث التي في الباب مستفادة من هذا الكتاب، بل لو قلت إن شيخ المصنف في الصناعة الحديثية هو العلامة ابن دقيق العيد لما أخطأت.

(2)

التمهيد (8/ 12 - 13) حيث قال رحمه الله: "وممن ذكر مشاهدة ابن شهاب للقصة عند عمر بن عبد العزيز مع عروة بن الزبير في هذا الحديث من أصحاب ابن شهاب معمر والليث بن سعد وشعيب بن أبي حمزة وابن جريج".

وانظر التمهيد (8/ 15).

(3)

الموطأ (1/ 33 - 34) برقم 1 و 2.

ص: 335

الأنصاري يحدث عن أبيه.

قال عروة: ولقد حدثتني عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر. أخرجاه في الصحيحين (1) من حديث مالك، وبَشير (2) -بفتح الباء الموحدة وكسر الشين المعجمة- رواه جماعة عن مالك عن ابن شهاب فبينوا اتصاله:

ففي روابة عبد الرزاق (3)، عن معمر، عن الزهري قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز فأخر صلاة العصر مرة فقال له عروة: حدثني بشير بن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يومًا -يعني العصر- فقال له أبو مسعود: أما والله يا مغيرة لقد علمت أن جبريل نزل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى الناس معه، ثم (4) صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى الناس معه

حتى عدّ خمس صلوات

الحديث.

قال عبد الرزاق (5): وأنا ابن جريج قال: حدثني ابن شهاب أنه سمع عمر بن عبد العزيز يسأل عروة بن الزبير، فقال عروة بن الزبير: تمسّى المغيرة بن شعبة بصلاة

(1) البخاري في صحيحه كتاب مواقيت الصلاة (2/ 182 - 187) برقم 521، 522، ومسلم في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 425 - 426) برقم 610 و 611.

(2)

كذا ضبطه شيخه في الإمام (4/ 5) والحديث المشار إليه استفاده كذلك من شيخه.

(3)

المصنف (1/ 540 - 541) برقم 2044، ومن طريقه ابن عبد البر كما في التمهيد (8/ 13 - 14) ذكرها ابن دقيق العيد في الإمام (4/ 9) وعنه أخذها المصنف، وفيها إشارة إلى اتصال الرواية فيما بين الزهري وعروة بمشاهدة الزهري للقصة وفيه رد على الكرماني حيث زعم أنه تعليق من البخاري بقوله قال عروة وليس الأمر كذلك.

انظر فتح الباري (2/ 187).

(4)

وكذا وقع تبعًا لإمام وصوابه ثم نزل فصلى، فصلى

إلخ.

(5)

المصنف (1/ 540 - 541) برقم 2045 وعنه ابن عبد البر وعنه ابن دقيق العيد كما في الإمام (4/ 9).

ص: 336

العصر وهو بالكوفة فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري

الحديث.

وكذلك رواه (1) الليث عن محمد بن رمح عنه عن الزهري.

وكذلك ذكر (2) عن رواية شعيب بن أبي حمزة عن الزهري.

وأما اتصال الرواية فيما بين عروة وبشير فعند مسلم (3) من رواية الليث عن ابن شهاب ولفظه: إن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة (4) شيئًا، فقال له عروة: أما إن جبريل عليه السلام قد نزل فصلى أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر: اعلم ما تقول (5)، فقال: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نزل جبريل عليه السلام فأمّني فصليت معه، ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه، ويحسب بأصابعه خمس صلوات (6).

وأما حديث أبي (7) سعيد الخدري رضي الله عنه: فقرأت على المشايخ:

(1) وفي الإمام (4/ 10) وكذلك رواية الليث من جهة محمد بن رمح عن الليث عن الزهري.

وانظر التمهيد (2/ 12 - 13)، ورواية الليث عند مسلم في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 425) برقم 610 باب أوقات الصلوات الخمس.

(2)

أي الحافظ ابن عبد البر كما في التمهيد (8/ 18 - 19) وهو ينقل عن شيخه في الإمام (4/ 10)، ورواية شعيب بن أبي حمزة ذكرها ابن عبد البر ولم يسندها، وهي موصولة عند البخاري في صحيحه كتاب المغازي (8/ 51 - 52) برقم 4007.

(3)

في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 425) برقم 610 باب أوقات الصلوات الخمس.

(4)

كذا عند المصنف تبعًا لشيخه في الإمام (4/ 10) وفي صحيح مسلم أخر العصر بدل أخر الصلاة.

(5)

وفي صحيح مسلم بزيادة يا عروة.

(6)

الإمام (4/ 10 - 11).

(7)

انظر الإمام (4/ 41 - 42).

ص: 337

الشريف الإمام أبي (1) الحسن علي بن أحمد بن أبي العباس الغرافي، والعدل أبو الماضي عطية (2) بن ماجد بن عطية بن منصور بن حديدة الثغري، والفقيه أبي الحسين يحيى (3) بن أحمد بن عبد العزيز الصواف، والوجيه أبي محمد عبد الله (4) بن خير بن حميد بن خلف القرشي بثغر الإسكندرية. ح.

وقرأت على الإمام المقرئ الصدر زين الدين أبي عبد الله محمد (5) بن الحسين بن عبد الله الغوي المتصدر بجامع مصر العتيق بالجامع، قلت: لكل منهم: أخبركم

(1) التاج الغرافي، علي بن أحمد بن عبد المحسن تاج الدين أبو الحسن الحسيني الشافعي الإسكندري.

قال عنه ابن سيد الناس: "كان ذا معرفة وإتقان، وتقدم بين الأقران، له أسانيد علية، ونظر في العلوم وأهلية".

انظر: الدرر الكامنة (3/ 85) برقم 2661، الأجوبة لابن سيد الناس (2/ 207).

(2)

أبو الماضي ابن حديدة، عطية بن ماجد بن عطية بن منصور الثغري.

روى من طريقه ابن سيد الناس الخلعيات عن ابن عماد انظر الأجوبة (2/ 236)، درة الحجال لابن القاضي (3/ 179) برقم 1155 وتحرف فيها إلى عطية بن أبي المجد بن أبي المعالي بن ساجد، وهو خطأ والصواب ما ذكرنا.

(3)

أبو الحسين بن الصواف، يحيى بن أحمد بن عبد العزيز، شرف الدين الجذامي المالكي الإسكندراني.

قرأ عليه ابن سيد الناس بالثغر الخلعيات عن ابن عماد.

انظر: الأجوبة (2 /)، الدرر الكامنة (5/ 188).

(4)

أبو محمد القرشي، عبد الله بن خير بن حميد بن خلف، وجيه الدين الإسكندري.

سمع الأجزاء الخلعيات على محمد بن عماد الحراني قرأ عليه ابن سيد الناس الخلعيات بسماعه من ابن عماد الحراني.

انظر: الأجوبة (2/ 236)، درة الحجال (3/ 40) برقم 940.

(5)

أبو عبد الله الغوي، محمد بن الحسين بن عبد الله بن حسون، زين الدين القرشي الفهري المصري.

سمع الخلعيات من محمد بن عباد.

انظر: الدرر الكامنة (4/ 47) برقم 3661.

ص: 338

أبو عبد الله محمد (1) بن عماد بن محمد بن الحسين بن أبي يعلى الحلبي، فأقرّ به. قال: أنا أبو محمد عبد الله (2) بن رفاعة بن غدير السعدي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أنا القاضي أبو الحسن علي (3) بن الحسن بن الحسين الخلعي سماعًا؛ قال: أنا أبو عبد الله شعيب بن عبد الله بن المنهال، ثنا أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي، قال: ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج بن عبد الرحمن القطان، قال: نا عمرو بن خالد، قال: ثنا عبد الله بن لهيعة عن بكر بن عبد الملك بن سعد الساعدي أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمّني جبريل عليه السلام في صلاة -يعني الظهر- حين زاغت الشمس، وصلى العصر حين كان الظل قامةً، وصلى المغرب حين غابت الشمس، وصلى العشاء حين غاب الشفق، وصلى الفجر حين

(1) الشيخ المسند أبو عبد الله محمد بن عماد بن محمد بن أبي يعلى الجزري الحرّاني.

ولد بحران يوم النحر سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.

سمع بمصر من أبي محمد بن رفاعة الخلعيات العشرين.

توفي بعاشر صفر سنة اثنتين وثلاثين وست مئة.

انظر السير (22/ 379 - 381) برقم 242.

(2)

الشيخ الفرضي، مسند وقته، أبو محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير السِّعدي المصري الشافعي.

مولده في ذي القعدة سنة سبع وستين وأربع مئة.

ولازم القاضي أبا الحسن الخلعي، وكان خاتمة من سمع منه توفي في ذي القعدة سنة إحدى وستين وخمس مئة.

انظر: السير (20/ 435 - 438) برقم 284.

(3)

القاضي أبو الحسن الخلعي، صاحب الفوائد العشرين التي خرجها له أبو نصر أحمد بن الحسن الشيرازي في عشرين جزءًا، وسمّاها الخلعيات.

مولده بمصر في أول سنة خمس وأربع مئة.

كان مسند مصر بعد الحبّال.

توفي بمصر في السادس والعشرين من ذي الحجة سنة اثنين وتسعين وأربع مئة.

انظر: السير (19/ 74 - 79) برقم 42.

ص: 339

طلع الفجر، ثم أمّني جبريل في اليوم الثاني فصلى الظهر وفيء كل شيء مثله، وصلى العصر والفيء قامتين، وصلى المغرب حين غاب الشفق، وصلى العشاء إلى ثلث الليل الأول، وصلى الصبح حين كادت الشمس تطلع، ثم قال: الوقت فيما بين هذين".

كذا وقع بكير بن عبد الملك، والصواب بكير وهو ابن عبد الله بن الأشج عن عبد الملك (1)، في إسناده ابن (2) لهيعة، وقد تقدم.

وأما حديث ابن (3) حزم فإني لم أجده إلا مرسلًا (4) عمن دون عمرو بن حزم من بنيه، كذلك ذكره أبو عمر (5) عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه: أن جبريل نزل فصلى

فذكر مثل حديث أبي مسعود في الوقتين مثل لفظ تقدمه عند أبي (6) عمر ذكر فيه الوقتين ورواه ابن أبي ذئب عن ابن شهاب.

قال (7): وكذلك رواه الثوري، عن عبد الله بن أبي بكر ويحيى بن سعيد جميعًا عن أبي بكر بن حزم مثله سواء: أن جبريل صلى الصلوات الخمس بالنبي صلى الله عليه وسلم مرتين في يومين لوقتين.

(1) انظر الإمام (4/ 42).

(2)

لكن الراوي عن ابن لهيعة في مسند أحمد (17/ 350) إسحاق بن عيسى الطباع، وهو ممن روى عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه كما قاله الإمام أحمد، فيكون حديثه محتجًا به، والله أعلم.

(3)

انظر الإمام (4/ 42 - 43).

(4)

رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (1/ 240 - 241 برقم 111 والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 365) وابن عبد البر في التمهيد (8/ 32).

(5)

التمهيد (8/ 25).

(6)

التمهيد (8/ 16 - 17) و (8/ 25).

(7)

القائل هو ابن عبد البر كما في التمهيد (8/ 25).

ص: 340

ومراسيل مثل هؤلاء عند ذلك (1) حجة.

وقد رواه البيهقي (2) من طريق البخاري بسنده إلى صالح بن كيسان؛ قال: سمعت أبا بكر بن حزم بلغه أن أبا مسعود؛ قال: نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة فأمره فصلى

فذكر حديث الوقتين ثم قال: قال صالح بن كيسان: كان عطاء بن أبي رباح (3).

وحديث البراء بن عازب: ذكر ابن أبي خيثمة في من روى من ولد البراء بن عازب؛ قال: يزيد وعبيد والربيع ولوط بنو البراء بن عازب، وذكر أحاديثهم ثم قال: ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى؛ قال: نا إسماعيل بن إبراهيم بن خباب قاضي نيسابور عن ابن أبي ليلى، عن أم حفص ابنة عبيد بن عازب، عن عمها البراء بن عازب؛ قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا فصلى الصلاة لوقتين، عجل من هذه وأخر من هذه، ثم قال:"يا بلال! صلِّ بينهما".

قال: ونا ابن الأصبهاني، نا أبو معاوية، عن ابن أبي ليلى، عن حفصة ابنة عازب، عن البراء بن عازب؛ قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة، فقدم وأخر، وقال:"ما بين هذين وقت".

وأما حديث أنس (4) بن مالك فروى النسائي (5) من حديث شعبة عن أبي

(1) في التمهيد عند مالك بدل ذلك.

(2)

السنن الكبرى (1/ 365).

(3)

وتمام العبارة عند البيهقي يحدث عن جابر بن عبد الله في وقت الصلاة نحو ما كان أبو مسعود يحدث قال صالح وكان عمرو بن دينار وأبو الزبير المكي يحدثان مثل ذلك عن جابر بن عبد الله السلمي.

(4)

انظر الإمام (4/ 39 - 40) برقم 296.

(5)

السنن كتاب المواقيت (1/ 295) برقم 551. =

ص: 341

صدقة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس، ويصلي العصر بين صلاتيكم هاتين، ويصلي المغرب إذا غربت الشمس، ويصلي العشاء إذا غاب الشفق، قال على أثره: ويصلي الصبح إلى أن ينفسح البصر.

ورواه أبو أحمد (1) الحاكم في الكنى من حديث يزيد بن هارون، أنا شعبة فذكره وفيه: والفجر من حين يطلع الفجر إلى أن ينفسح البصر.

رواه عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن زهير عن عبد الله بن هاشم، عن يزيد، أبو صدقة (2) توبة مولى أنس بن مالك.

= وأخرجه النسائي كذلك في كتابه الإغراب (273) برقم 201.

لطيفة: لهذا الكتاب أعني الإغراب من حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعد الثوري مما أغرب بعضهم على بعض قصة عجيبة وقعت لي، وهو أن الإمام ابن دقيق العيد ذكر في كتابه الإلمام (1/ 115) برقم 153 حديث ابن عباس مرفوعًا فيمن يأتي امرأته وهي حائض.

فقال الإمام لفظ رواية النسائي في (الأعراب) هكذا قرأها المحقق حسين إسماعيل الجمل وقال معلقًا في الحاشية برقم (3).

سقط من (ظ)، (م) والمثبت من الأصل، (هـ)، (ل)(د) ثم بقي سؤال وهو هل للنسائي كتاب اسمه الأعراب إن صح النقل.

قلت: صح النقل أيها المحقق وأخطأ الفهم وعمي البصر، وحملت نفسك ما لا يطيق حمله الجمل يا إسماعيل الجمل، ولا صلة للحافظ النسائي بالبداوة والأعراب، إذ تلك الصلة كانت للأصمعي مع البدو الأعراب حين أراد التوسع في معرفة لغات العرب، أما النسائي فكتابه موسوم بالإغراب، وقد أحسن النسائي صنعًا في تسميته حتى أغرب على أخينا المحقق، فجاءنا بتحقيق الأعراب. والحديث فيه (155) برقم 86.

(1)

انظر الإمام (4/ 40) وهو في كتاب الأسامي والكنى (1 / ل 245 / أ) كما أشار إلى ذلك الأخ سعد حميد.

(2)

قاله الحاكم في كتابه الأسامي والكنى كما ذكر ذلك الحافظ ابن دقيق العيد.

وأبو صدقة، روى عنه جماعة، ووثقه النسائي كما في تهذيب الكمال للمزي (12/ 59).

وقال الذهبي في الميزان (1/ 361) برقم 1349: ثقة روى عنه شعبة.

وحاول مغلطاي في إكماله (3/ 62) أن يغمز في هذا التوثيق فقال: =

ص: 342

وفي الباب مما لم يذكره الترمذي حديث عبد الله (1) بن عمرو: روى قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صليتم الفجر فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، ثم إذا صليتم الظهر فإنه وقت إلى أن يحضر العصر، ثم إذا صليتم العصر فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس، فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق، فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل.

رواه عن قتادة جماعة (2) منهم هشام، وهذا لفظه عند مسلم (3).

ورواه البيهقي (4) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وله طرق كثيرة.

وفيه حديث أبي برزة الأسلمي مخرج في الصحيحين (5) من حديث سيَّار بن سلامة؛ قال: دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي، فقال له أبي: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة؟ فقال: كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس، ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية -ونسيت ما قال في المغرب- وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي

وقال بعض المصنفين من المتأخرين قلت هو ثقة ويقصد بذلك الحافظ الذهبي.

ومع هذا التوثيق قال الحافظ في التقريب (183) برقم 817 مقبول.

وتعقبه مؤلفا تحرير التقريب (1/ 193) برقم 809: "لو قال صدوق لكان أقرب إلى الصواب، فهذا رجل روى عنه جمع من الثقات شعبة وأبو نعيم الفضل بن دكين ووكيع بن الجراح وغيرهم، ووثقه الذهبي في الميزان".

(1)

انظر الإمام (4/ 22 - 26).

(2)

انظر الإمام (4/ 22 - 26)(824).

(3)

في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 4026) برقم 612.

(4)

السنن الكبرى (1/ 369).

(5)

البخاري في صحيحه كتاب الأذان (2/ 499) برقم 771 باب القراءة في الفجر ومسلم في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 447) برقم 647.

ص: 343

تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه ويقرأ بالستين إلى المائة.

وفيه عند الحاكم (1) عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جارية، عن عمه مجمع بن جارية أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مواقيت الصلاة فقدم ثم أخر، وقال: بينهما وقت. رواه في مستدركه عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، ثنا الحسن بن علي بن يحيى البرني، ثنا أبو يعلى محمد بن الصلت، نا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن نمر، عن الزهري، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وعبيد الله هذا هو ابن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير العذري، وذكر أبو عمر (2) حديث ابن عباس المتقدم من طريق الثوري، عن ابن (3) أبي ربيعة المخزومي بسنده، وفي آخره: هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك، ثم قال (4): لا يوجد هذا اللفظ: ووقت الأنبياء قبلك، إلا في هذا الإسناد (5). وكانت إمامة جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي يلي ليلة الإسراء، وأول صلاة أديت كذلك الظهر على المشهور، وقيل الصبح (6).

ذكر ابن (7) أبي خيثمة: ثنا هدبة بن خالد، عن همام، عن قتادة، قال: فحدثنا الحسن أنه ذكر له: أنه لما كان عند صلاة الظهر نودي أن الصلاة جامعة،

(1) المستدرك (1/ 193)، وهو كذلك عند الدارقطني في السنن (1/ 260 - 261) برقم 16.

(2)

التمهيد (8/ 26 - 27).

(3)

هو عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، وقد مر الحديث.

(4)

أي ابن عبد البر.

(5)

التمهيد (8/ 26 - 27).

(6)

انظر التمهيد (8/ 40).

(7)

في التمهيد (8/ 40 - 41) وقال -وهو من طريقة ابن عبد البر-: وإن كان مرسلًا فإنه حديث حسن مهذب.

ص: 344

ففزع الناس، فاجتمعوا إلى نبيهم فصلى بهم محمد الظهر أربع ركعات، يؤم جبريل محمدًا صلى الله عليه وسلم، ويؤم محمد الناس، يقتدي محمد صلى الله عليه وسلم بجبريل عليه السلام، ويقتدي الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم لا يسمعهم فيهن قراءة، ثم سلم جبريل على محمد، وسلم محمد على الناس، فلما سقطت الشمس نودي أن: الصلاة جامعة، ففزع الناس واجتمعوا إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم فصلى بهم العصر أربع ركعات لا يسمعهم فيهن قراءة وهن أخف، يؤم جبريل محمدًا ويؤم محمد صلى الله عليهما الناس، يقتدي محمد بجبريل عليهما السلام، ويقتدي الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم سلم جبريل على محمد عليهما السلام، وسلم محمد صلى الله عليه وسلم على الناس، فلما غابت الشمس نودي أن الصلاة جامعة ففزع الناس، واجتمعوا إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ثلاث ركعات، أسمعهم القراءة في الركعتين وسبح في الثالثة -يعني بها أنه قام ولم يظهر القراءة- يؤم جبريل محمدًا صلى الله عليه وسلم ويؤم محمد صلى الله عليه وسلم الناس يقتدي محمد بجبريل عليهما السلام، ويقتدي الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم سلم جبريل على محمد عليهما السلام، وسلم محمد صلى الله عليه وسلم على الناس، فلما بدت النجوم نودي أن الصلاة جامعة ففزع الناس إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم فصلى بهم أربع ركعات أسمعهم القراءة في الركعتين، وسبح في الأخريين يؤم جبريل محمدًا عليهما السلام ويؤم محمد الناس يقتدي محمد بجبريل ويقتدي الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم سلم جبريل على محمد عليهما السلام، وسلم محمد صلى الله عليه وسلم على الناس، ثم رقدوا لا يدرون أيزادون أم لا؟ حتى إذا طلع الفجر نودوا أن الصلاة جامعة، ففزع الناس واجتمعوا إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم، فصلى بهم ركعتين أسمعهم فيها القراءة، يؤم جبريل محمدًا صلى الله عليه وسلم ويؤم محمد صلى الله عليه وسلم الناس، يقتدي محمد بجبريل عليهما السلام ويقتدي الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم سلم جبريل صلى الله عليه وسلم على محمد وسلم محمد صلى الله عليه وسلم على الناس (1).

(1) التمهيد (8/ 40 - 41).

ص: 345

قال (1): وثنا أحمد بن محمد بن أيوب، ثنا إبراهيم، عن ابن إسحاق، عن عتبة بن مسلم، عن نافع بن جبير، وكان نافع كثير الرواية عن ابن عباس؛ قال: لما فرضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فصلى به الصبح حين يطلع الفجر

ثم ذكر الحديث.

قال أبو عمر (2): وذكره عبد الرزاق، عن ابن جريج؛ قال: قال نافع بن جبير وغيره لما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم من الليلة التي أسري به فيها لم يرعه إلا جبريل نزل صلى الله عليه وسلم حين زاغت الشمس، ولذلك سميت الأولى فأمر فصيح بأصحابه: الصلاة جامعة. فاجتمعوا فصلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي بالناس، وطوّل الركعتين الأوليين ثم قصر الباقيتين، وذكر نحو ما تقدم، وفيه: وطول الأوليين -يعني من المغرب- وقصر في الثالثة، وفي العشاء: فما ذهب ثلث الليل صلى وفيه: فطول وجهر وقصر في الثانيتين وفي صلاة الصبح بعد ذلك فجهر وطول ورفع صوته

الحديث.

ففي هذا المرسل والذي قبله أن (صلاة) جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم كانت مرة مرة، وما سبق في الروايات المرفوعة من أنها كانت مرتين مرتين أولى إذ هي زيادات من ثقات يجب قبولها والعمل بها.

وفيهما النداء للصلاة: بالصلاة جامعة، وذلك قبل الأذان.

وإنما كان الأذان بعد الهجرة بعام أو أزيد بقليل على ما سيأتي.

وفيها أن صلاة السفر مقصورة من صلاة الحضر، وسيأتي الخلاف في ذلك.

وفيها الجهر والإسرار في موضعهما من الصلاة وسيأتي.

وفيها: أن إطالة الأوليين من الظهر والعصر على الأخريين منهما.

(1) والقائل ابن أبي خيثمة ومن طريقه رواه ابن عبد البر في التمهيد (8/ 41 - 42).

(2)

التمهيد (8/ 42 - 43).

ص: 346

وفيها: أن الظهر أطول من العصر.

وفيها: أن أول صلاة أديت الظهر، كما في مرسل الحسن، أو الصبح كما في مرسل نافع من طريق ابن أبي خيثمة، وأن ذلك صبيحة ليلة الإسراء كما في خبر عبد الرزاق.

وكان الإسراء وفرض الصلوات الخمس قبل الهجرة بعام، وقيل كأن الإسراء بعد النبوة بخمسة أعوام، وقيل: كان قبل الهجرة بسنة ونصف، وقد ذكرت ذلك مستوعبًا في كتابي المسمى: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، فمن أراده فليقف عليه هناك.

واختلف في الصلاة كيف كانت أول ما فرضت؟ هل كانت ركعتين ركعتين ثم زيد في صلاة الحضر، أو كانت أربعًا ثم قصرت في السفر أو غير ذلك؟ على ما سنذكره في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

وأما الصلاة قبل الإسراء وفرض الصلاة فذكر الحربي (1): أن الصلاة قبل الإسراء كانت صلاة قبل غروب الشمس وصلاة قبل طلوعها، ويشهد لهذا القول قوله:{وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار} .

وقال أبو عمر (2): قال جماعة من أهل العلم: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن عليه صلاة مفروضة قبل الإسراء إلا ما كان أمر به من صلاة الليل على نحو قيام رمضان من غير توقيت ولا تحديد لركعات معلومات، ولا لوقت محصور، وكان صلى الله عليه وسلم يقوم أدنى من ثلثي الليل أو (3) نصفه أو (3) ثلثه وقامه معه المسلمون نحوًا من حول حتى

(1) التمهيد (8/ 34) بمعناه.

(2)

التمهيد (8/ 35 - 37).

(3)

وفي التمهيد وبدل أو.

ص: 347

شق عليهم ذلك، فأنزل الله عز وجل التوبة عنهم (1) والتخفيف في ذلك ونسخه وحطه (2) فضلًا منه ورحمة فلم يبق في الصلاة فريضة إلا الخمس.

ذكر وكيع عن مسعر، عن سماك الحنفي قال: سمعت ابن عباس يقول: لما أنزلت: {يا أيها المزمل} كانوا يقومون نحوًا من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل (3) آخرها، وكان بين آخرها وأولها حول.

وعن عائشة مثله بمعناه، وقالت: فجعل قيام الليل تطوعًا بعد فريضة.

وعن الحسن مثله قال: نزلت الرخصة بعد حول (4).

وأما صلاته عليه السلام إلى الكعبة فإن ابن جريج ذكر في تفسيره رواه عنه حجاج وغيره (5).

وذكره سنيد عن حجاج عن ابن جريج؛ قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم أول ما صلى إلى الكعبة، ثم صرف إلى بيت المقدس، فصلت الأنصار إلى بيت المقدس قبل قدومه عليه السلام بثلاث حجج، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومه ستة عشر شهرًا، ثم وجهه الله إلى الكعبة البيت الحرام هكذا قال ابن جريج، وهو أمر قد اختلف فيه (6)، وسنذكره في أبواب استقبال القبلة إن شاء الله تعالى.

وقد وقع في حديث الموطأ (7) أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يومًا، ومعناه (8)

(1) في التمهيد عليهم بدل عنهم.

(2)

في التمهيد وحطه بقوله: {علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر منه من القرآن} فنسخ آخر السورة أولها.

(3)

في التمهيد نزلت.

(4)

التمهيد (8/ 35 - 37).

(5)

التمهيد (8/ 53).

(6)

التمهيد (8/ 53).

(7)

الموطأ (1/ 33) برقم 1.

(8)

والنقل عن ابن عبد البر كما في التمهيد (8/ 56).

ص: 348

والله أعلم أنه أخرها حتى خرج الوقت المستحب المرغوب فيه، ولم يؤخرها حتى غربت الشمس.

وفي قوله: يومًا، ما يشعر بندور ذلك، وأنه لم يكن عادةً له، ولو كان ذلك يكثر منه لما قال: يومًا، وقد كانت ملوك بني أمية تؤخر الصلاة (1).

قال ابن (2) عبد البر: كان ذلك شأنهم قديمًا من زمن عثمان، وقد كان الوليد بن عقبة بن أبي معيط يؤخرها في زمان عثمان، وكان ابن مسعود ينكر ذلك عليه، ومن أجله حدث ابن مسعود بالحديث (3)، وهو قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها؟ " قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله؟ قال: "صل الصلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سبحة"(4).

ذكره أبو (5) داود وغيره من حديث عمرو بن ميمون الأودي عن ابن مسعود.

ذكر (6) عبد الرزاق عن معمر، عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن القاسم بن عبد الملك؛ قال: أخر الوليد بن عقبة الصلاة يومًا، فأمر ابن مسعود المؤذن فثوب بالصلاة، ثم تقدم بالصلاة فصلى الناس، فأرسل إليه الوليد: ما صنعت؟ أجاءك من أمير المؤمنين حدث أم ابتدعت؟ فقال ابن مسعود: كل ذلك لم يكن، ولكن أبى الله ورسوله أن ننتظرك لصلاتنا وأنت في حاجتك.

وذكر معمر أيضًا عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، عن القاسم بن

(1) التمهيد (8/ 56) بتصرف يسير.

(2)

التمهيد (8/ 56).

(3)

زاد في التمهيد في ذلك.

(4)

وليس الحديث موجودًا في المطبوع من كتاب التمهيد.

(5)

السنن كتاب الصلاة (1/ 215 - 216) برقم 432 باب إذا أخر الصلاة عن الوقت.

(6)

قاله ابن عبد البر كما في التمهيد (8/ 57 - 58).

ص: 349

عبد الرحمن، عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: كيف بك يا أبا عبد الرحمن إذا كان عليك أمراء يطفئون السنة ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها؟ قال: فكيف تأمرني يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يسألني ابن أم عبد كيف يفعل! لا طاعة لمخلوق في معصية الله".

فإن ظن ظانٌّ أن في هذا الخبر (1) أنهم كانوا يؤخرونها حتى يخرج الوقت كله، ولهذا استحقوا اسم العصيان لله، قيل له: يحتمل أن يكون قوله خرج على جملة طاعة الله وعصيانه في سائر الأمور، وعلى أنه لا يؤمن على من كان شأنه تأخيرها أبدًا أن يفوته الوقت (2).

روى معمر عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود؛ قال: إنكم في زمان قليل خطباؤه، كثير علماؤه يطيلون الصلاة ويقصرون الخطبة، وإنه سيأتي عليكم زمان كثير خطباؤه قليل علماؤه يطيلون الخطبة ويؤخرون الصلاة حتى يقال: هذا شرق الموتى، قلت (3): وما شرق الموتى؟ قال: إذا اصفرت الشمس جدًّا فمن أدرك (4) فليصل الصلاة لوقتها، وإن (5) احتبس فليصل معهم وليجعل صلاته وحده الفريضة، وصلاته معهم تطوعًا.

ومما يدل على ذلك أن الفقهاء في ذلك الزمان كانوا يصلون معهم ويأمرون بذلك.

ذكر ابن جريج عن عطاء قال: أخر الوليد مرة الجمعة حتى أمسى، قال:

(1) زاد في التمهيد دليلًا على.

(2)

التمهيد (8/ 57 - 58).

(3)

وفي المطبوع من التمهيد قال له.

(4)

زاد في المطبوع ذلك.

(5)

في التمهيد فإن بدل وإن.

ص: 350

فصليت الظهر قبل أن أجلس، ثم صليت العصر وأنا جالس وهو يخطب. قال: أضع يدي على ركبتي وأومئ برأسي.

وعن الثوري، عن محمد بن إسماعيل، قال: رأيت سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح -وأخر الوليد بن عبد الملك الصلاة- فرأيتهما يومئان إيماءً وهما قاعدان.

وعن الثوري، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق وأبي عبيدة أنهما كانا يصليان الظهر إذا حانت الظهر ويصليان العصر إذا حانت العصر، صليا العصر في المسجد مكانهما، وكان ابن زياد يؤخر الظهر والعصر.

وعن إسرائيل عن عامر بن شقيق، عن شقيق؛ قال: كان يأمرنا أن نصلي الجمعة في بيوتنا ثم نأتي المسجد، وذلك أن الحجاج كان يؤخر الصلاة (1).

وذكر سنيد ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح أبي الضحى؛ قال: رأيت مسروقًا وأبا عبيدة بن عبد الله مع بعض الأمراء وأخر الوقت فأومأ في وقت الصلاة ثم جلسا حتى صليا معه تلك الصلاة، قال: رأيتهما فعلا ذلك مرارًا.

قال (2): ثنا أبو معاوية عن محمد بن إسماعيل؛ قال: رأيت سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح -وأخر الوليد بن عبد الملك الصلاة عن وقتها- فرأيتهما يومئان في وقت الصلاة، ثم جلسا حتى صليا معه.

وروى محمد بن الصباح الدولابي؛ قال: ثنا جرير عن أبي فروة عروة بن الحارث الهمداني عن أبي إياس؛ قال: تذاكرنا الجمعة، واجتمع قراء الكوفة أن يدعوا الصلاة مع الحجاج لأنه كان يؤخرها حتى تكاد تغيب الشمس فتذاكروا ذلك وهموا أن يجمعوا عليه، فقال شاب منهم: ما أرى ما تفعلون شيئًا، ما للحجاج

(1) التمهيد (8/ 59 - 61) بتصرف يسير.

(2)

والقائل سنيد كما في التمهيد (8/ 61).

ص: 351

تصلون، إنما تصلون لله عز وجل فاجتمع رأيهم على أن يصلوا معه (1).

قال أبو (2) عمر: إنما صلّى من صلّى إيماءً وقاعدًا لخوف خروج الوقت وللخوف على نفسه من القتل والضرب، والله أعلم، ومن كان شأنه التأخير لم يؤمن عليه فوات الوقت وخروجه عصمنا الله تعالى.

وروينا من طريق الطبراني (3)، نا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبرني عاصم بن عبيد الله بن عاصم، أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ستكون أمراء من بعدي يصلون الصلاة لوقتها ويؤخرونها عن وقتها فصلوا معهم، فإن صلوها لوقتها وصليتموها معهم فلكم ولهم، وإن أخروها عن وقتها فصلوها معهم فلكم وعليهم".

وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية، ومن نكث العهد فمات ناكثًا للعهد جاء يوم القيامة لا حجة له"(4).

وقرأت على أبي عبد الله محمد بن علي بن ساعد الحلبي أخبركم ابن كامل قراءة عليه وأنتم تسمعون فأقر به قال: أنا الشيخان أبو عبد الله بن أبي زيد وأبو جعفر محمد بن إسماعيل الطرسوسي؛ قالا: أنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، أنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن فاذشاه، أنا أبو القاسم الطبراني (5)، ثنا أبو مسلم الكشي والعباس بن الفضل الأسقاطي (6) وأبو خليفة الفضل بن الحباب ومحمد بن يعقوب

(1) التمهيد (8/ 61 - 62).

(2)

التمهيد (8/ 62).

(3)

انظر مجمع الزوائد (1/ 324). وعاصم بن عبيد الله ضعيف.

(4)

انظر مجمع الزوائد (1/ 324).

(5)

المعجم الكبير (18/ 375) برقم 959.

(6)

كذا وقع في الأصل المخطوط بالقاف وهو خطأ وصوابه الأسفاطي، وفي اللباب (1/ 54): "قلت فاته (أي السمعاني) الأسفاطي بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وفتح الفاء وبعد الألف الساكنة =

ص: 352

ابن سورة البغدادي؛ قالوا: ثنا أبو الوليد الطيالسي، ثنا أبو هشام (1) عمار بن عمارة صاحب الزعفراني حدثني صالح بن عبيد، عن قبيصة بن وقاص؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون عليكم أمراء من بعدي يؤخرون الصلاة فهي لكم وهي عليهم فصلوا معهم ما صلوا بكم القبلة".

وقد روي فيه أيضًا عن عبادة بن الصامت وابن مسعود ومعاذ بن جبل وغيرهم (2).

وأحاديث الباب دالة أن أوقات الصلاة من فرائضها وأنها لا تجزئ قبل وقتها (3).

قال أبو (4) عمر: وهذا لا خلاف فيه بين العلماء إلا ما روي (5) عن أبي موسى الأشعري وعن بعض التابعين، وقد أجمع العلماء على خلافه فلم أر لذكره وجهًا لأنه لا يصح عنهم، وقد صح عن أبي موسى خلافه مما وافق الجماعة فصار إجماعًا (6) صحيحًا (7).

= طاء مهملة، هذه النسبة إلى بيع الأسفاط وعملها".

ولم يترجم له الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله في بلغة القاصي مع أنه على شرطه كما ذكر ذلك في مقدمة كتابه (ص 5).

(1)

كذا وقع في الأصل أبو هشام عمارة بن عمار! والصواب ما أثبتناه، ففي المطبوع من معجم الطبراني الكبير أبو هاشم وهو الصواب، وعلى الجادة عند أبي داود في سننه كتاب الصلاة (1/ 217) برقم 434 باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت.

وعمارة بن عامر خطأ صحح من التقريب.

(2)

انظر مجمع الزوائد (1/ 324 - 325).

(3)

قاله ابن عبد البر كما في التمهيد (8/ 69 - 70).

(4)

التمهيد (8/ 70).

(5)

في المطبوع من التمهيد إلا شيئًا روي عن أبي موسى الأشعري.

(6)

في المطبوع من التمهيد فصار اتفاقًا صحيحًا.

(7)

انتهى النقل عن ابن عبد البر في التمهيد.

ص: 353

والوقت أول فرائض الصلاة لأنه لا يلزم الوضوء لها إلا بعد دخول وقتها، والمتوضئ قبل الوقت متبرع مبادر إلى فضل ومتأهب لفرض، ومن الدليل على أن الأوقات من فرائض الصلاة مع ما ذكرناه من الأحاديث والإجماع قول الله تعالى:{أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا} . قال مالك رحمه الله: أوقات الصلوات في كتاب الله تعالى قوله تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} ؛ يعني: الظهر والعصر، {إلى غسق الليل}؛ يعني: المغرب والعشاء، و"قرآن الفجر"؛ يعني: صلاة الفجر.

وقد قال ذلك قبله جملة من العلماء بتأويل القرآن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم.

وقوله: "حتى كان الفيء مثل الشراك": أما الظل والفيء فقال ابن قتيبة: يتوهم الناس أن الظل والفيء بمعنى، وليس كذلك بل الظل يكون غدوة وعشية ومن أول النهار إلى آخره، ومعنى الظل الستر، ومنه قولهم: أنا في ظلك، وظل الليل سواده لأنه يستر كل شيء، وظل الشيء ما يستر به من الشخوص من مسقطها وأما الفيء فلا يكون إلا بعد الزوال، ولا يقال لما قبل الزوال فيء، وإنما قيل لما بعد الزوال فيء لأنه ظل فاء من جانب إلى جانب أي رجع، والفيء الرجوع (1).

وقال ابن سيده: الفيء ما كان شمسًا فنسخه الظل، والجمع أفياء وفيوء، وفاء الفيء فيئًا تحول، وتفيأ فيه تظلل، وتفيأت الشجرة وفاءت كثر فيؤها، والمفيؤة: موضع الفيء جاءت على الأصل وحكى الفارسي عن ثعلب المفيئة فيها، والمفيوء المعتوه لزمه هذا الاسم من طول لزومه الظل، وفيأت المرأة شعرها الريح مرة هنا ومرة هنا. تفيء الزرع والشجر تحركهما.

(1)"أدب الكاتب".

ص: 354

وفي الحديث: "مثل المؤمن كخامة الزرع تفيئها الريح مرة هنا ومرة هنا".

وقال نافع بن لقيط الفقعسي (1):

فلئن بليت فقد عمرت كأنني

غصن تفيئه الرياح رطيب

ثم قال: والفيء: الغنيمة، والفيء: القطعة من الطين.

والشراك: سير النعل، والجمع شرك، وأشرك النعل وشركها جعل لها شراكًا.

فقوله: حتى (2) كان الفيء مثل الشراك عبارة عن قصر الظل ذلك الوقت.

قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله: أجمعت الأمة على أن للصلاة وقتين: وقت سعة وسلامة، ووقت ضيق ومعذرة، فأما وقت الضيق والمعذرة فيأتي إن شاء الله تعالى، وأما وقت السلامة والسعة فهو المبين في هذه الأحاديث. انتهى.

والاعتراض عليه من وجوه:

الأول: دعواه الإجماع على أن للصلوات وقتين تخرج عنه صلاة المغرب، ففيها من الخلاف بين العلماء في الوقت والوقتين ما سنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

الثاني: قوله: إن المذكور في هذه الأحاديث هو وقت السلامة والسعة ممنوع، بل أن المذكور في هذه الأحاديث أول وقت كل صلاة وآخره، وذلك هو المعبر عنه بالوقتين زيادة على ما في الأحاديث التي لم يذكر فيها إلا الوقت الواحد، فإن أراد بوقت السعة والسلامة أول الوقت وما كان متصلًا به، وبوقت الضيق والمعذرة ما تأخر

(1) عزاه له في "التذكرة الحمدونية"، وابن أبي عون المنجم في "التشبيهات"، وابن داود الأصفهاني في "الزهرة".

والبيت من "الكامل".

وسماه الزجاجي في "أخباره وأماليه" عن الأخفش عن ثعلب: نويفع بن نفيع.

(2)

عند السندي: حين.

ص: 355

عن ذلك إلى آخر الوقت، فدعوى الإجماع في ذلك لولا الغرب ممكن على خلاف في التفصيل يتعلق ببعض الأول وبعض

يأتي في موضعه، وإن أراد بوقت الضيق والمعذرة ما يلزم الكافر إذا أسلم والمجنون إذا أفاق والحائض إذا طهرت من الصلوات عند من يرى الاشتراك بين وقتي الظهر والعصر ووقتي المغرب والعشاء أو من لا يراه وكذلك حكم المدرك من الوقت ما يؤدي فيه بعض الصلاة.

فالخلاف في تلك المسائل مشهور لا يحسن معه دعوى إجماع الأمة بوجه.

الثالث: نقله الإجماع في تسويته في الصلوات الخمس بين كونها كلها ذات وقتين ليس على إطلاقه، بل ما فيها ما لا وقت له إلا واحدًا عند بعضهم كما أشرنا إليه في المغرب، وما فيها ما له أكثر من وقتين كما نذكره في العصر.

قد تضمنت هذه الأحاديث في أوقات الصلاة وقتين [وقتين] للصلوات زيادة

على ما في الأحاديث التي لم يذكر فيها إلا الوقت الواحد فأحد الوقتين أول الوقت

وما قاربه (1) متصلًا به، والثاني: ما تأخر عن ذلك إلى آخر الوقت إلا المغرب فقد

اختلف فيها، هل وقتها واحد أو هي ذات وقتين أيضًا؟

ومن هذه الأحاديث أخذ من لم يجعل لها إلا وقتًا واحدًا كما سيأتي.

وهذا التقسيم كله وفي وقت السعة والرفاهية لا في مطلق الوقت [لما دل عليه الحديث من امتداد وقت كل صلاة إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى، وما في معناه، مما يأتي في الأبواب بعد هذا إلا الصبح، فلا بد من الجمع بينهما، وأن تكون الثانية ناسخة لانحصار الوقت فيما جاء في إمامة جبريل، وإذا تردد الأمر بينهما فالجمع أولى من النسخ

(2) فطريقه أن يحمل ما في حديث جبريل كله على وقت

(1) عن السندي: قارنه.

(2)

كلمات غير واضحة، ولعلها وإن قرر ذلك.

ص: 356

الاختيار أوله وآخره، وما في غيره من الزيادة على ذلك على وقت الجواز] (1) فقد قال العلماء، وهذه عبارة الشافعي رحمه الله تعالى من بينهم: والوقت وقتان؛ وقت مقام ورفاهية، ووقت عذر وضرورة، فقسم أوقات الصلاة قسمين: قسم جعله للمقيمين والمرفهين، وقسم جعله للمعذورين والمضطرين.

قال الماوردي: فاختلف أصحابنا في المقيمين المرفهين، هل هم صنف واحد؟ وفي المعذورين المضطرين أيضًا، هل هم صنف واحد؟

فكان أبو علي بن خيران يذهب إلى أن أول وقت هو أول وقت للمقيمين الذين لا يترفهون، ووقت الرفاهية هو آخر الوقت للمقيمين المرفهين بتأخر الصلاة إلى آخر الوقت، وأن المعذورين هم المسافرون والممطورون في تأخير الصلوات للجمع، وأن المضطرين هم ما ذكره الشافعي من الجنون إذا أفاق والحائض إذا طهرت، والصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، فجعل كل واحد من القسمين منوّعًا نوعين.

وقال أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة وجمهور أصحابنا أن المقيمين المرفهين صنف واحد، والمعذورين المضطرين صنف واحد، وهم الذين يلزمهم فرض الصلاة في آخر الوقت كالحائض إذا طهرت، والمجنون إذا أفاق والصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، ولم يرد بالمعذور المسافر والممطور لأن وقت الجمع وقت لصلاتي الجمع.

[ثم وقت الاختيار المشار إليه ينقسم إلى قسمين (2) ........... ، منه كما يأتي في باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل، على ما في ذلك من الخلاف بين العلماء، وإذا ثبت أن أول الوقت أفضل ففيه أن الإتيان بالمفضول مع القدرة على الأفضل احتمالًا لترك الفضل في أول الوقت بصلاته في اليوم الثاني في آخره لما

(1) زيادة من نسخة السندي.

(2)

بياض قدر سطرين أو أقل.

ص: 357

دعت إليه مصلحة التعليم وبيان الجواز].

ووقع في حديث أبي مسعود الذي أوردناه من طريق مالك قول جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم حين صلى به: "بهذا أمرت". وروينا بفتح التاء من "أمرت" وبضمها، وكلا الوجهين ظاهر، فعلى رواية الضم، نقول: هل كان جبريل عليه السلام مأمورًا بتلك الصلوات التي صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعليم فعلًا وتعليمًا، أو كان مأمورًا بالتعليم فقط؟ فإن قلنا: إنه كان مأمورًا بهما أو بالتعليم فقط، فهل كان مأمورًا بالتعليم فعلًا وقولًا أو جمعًا بينهما لما يتضمنه لفظة "هذا" من مجموع ما وقع من الفعل والتعليم، لا يصح أن يقال: كان مأمورًا بالتبليغ فعلًا أو قولًا وفعلًا، فعلى كلا التقديرين تكون تلك الصلاة عليه فريضة أو يكون مخيرًا بين التبليغ بالفعل أو القول فتكون الصلاة في حقه نفلًا، فينبني عليه جواز اقتداء المفترض بالمتنفل.

وقد اختلف الناس في ذلك فعندنا يجوز للمفترض أن يقتدي بالمتنفل وبالعكس خلافًا لأبي حنيفة ومالك، وذكر ابن شاس في شؤون القدوة

لا ينزل جنس صلاة الإمام عن جنس صلاة المأموم كمتنفل يؤم مفترضًا، وبه قال أحمد في أصح الروايتين عنه، وليس هذا موضع كلام في هذه المسألة، والترجيح بين هذه المسالك.

وفيه جواز الصلاة للتعليم، كما سبق في الوضوء (1).

عن شعبة، عن داود البصري، وقد قيل إنه ابن أبي هند وقد أعله أبو محمد عبد الحق وقبله أبو عمر بن عبد البر بما لا يجدي.

(1) يوجد هنا سقط في المادة وهو يحتوي بسياقه على:

2 -

باب ما جاء في التغليس بالفجر

3 -

باب ما جاء في الإسفار بالفجر

ص: 358

وأما حديث أبي برزة فمخرج في الصحيحين من حديث سيار بن سلامة قال: دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي فقال له أبي: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة؟ فقال: "كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس ويصلي العصر، ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية -ونسيت ما قال في المغرب- وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه ويقرأ بالستين إلى المئة".

وحديث بلال رواه البزار ومحمد بن هارون الروياني من طريق أيوب بن سيار عن ابن المنكدر، عن جابر، عن أبي بكر، عن بلال؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسفروا بالصبح فإنه أعظم للأجر".

ذكر الخلال عن مهنا قال: سألت أحمد ويحيى عن هذا الحديث فقالا: لا يصح. قال أحمد: أيوب ليس بثقة. وقال يحيى: ليس بشيء. وقال نصر عن يحيى: هو كذاب.

والإسفار: التبيين، والسفر مأخوذ من سفر إذا تبين وانكشف، ومن ذلك قول العرب: أسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفت عنه، والمراد به هنا إذا انكشف واتضح لئلا يظل المصلي في شك من دخول الوقت.

واختلف الفقهاء في الأفضل من وقت صلاة الصبح، فذهب الكوفيون: أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي وأكثر العراقيين إلى أن الإسفار بها أفضل من التغليس في الأزمنة كلها الشتاء والصيف، واحتجوا بحديث رافع بن خديج الذي ذكرناه وما في معناه، وذكروا عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما كانا يسفران بالصبح جدًّا.

ص: 359

وإلى الإسفار ذهب طاوس وإبراهيم وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز، وذكر ابن أبي خيثمة عن ابن مهدي عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير قال: صلى بنا معاوية بغلس، فقال أبو الدرداء: أسفروا بهذه الصلاة فإن أفقه لكم.

وكان مالك والليث بن سعد والأوزاعي والشافعي يذهبون إلى أن التغليس بها أفضل، وهو قول أحمد بن حنبل وأبي ثور وداود بن علي وأبي جعفر الطبري، وهو المروي عن عمر وعثمان وابن الزبير وأنس وأبي موسى وأبي هريرة. ومن حجة من قال بالتغليس حديث عائشة في الباب قبل هذا. وذكروا عن أبي بكر وعمر أنهما كانا يغلسان، وأنه لما قتل عمر أسفر بها عثمان، وحديث جابر الذي ذكرته آنفًا أنه عليه السلام كان يصلي الصبح بغلس.

وعن قتادة عن أنس قال: تسحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فصلى، قلت لأنس: كم كان بين فراغهما من سجودهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.

رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ البخاري.

وعند البخاري أيضًا عن سهل بن سعد قال: كنت أتسحر في أهلي ثم يكون سرعة بي أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر. رواه أبو داود بإسناد حسن، وقال الخطابي: هو صحيح الإسناد.

وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح مرة

ص: 360

بغلس ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر. رواه أبو داود بإسناد حسن، وقال الخطابي: هو صحيح الإسناد.

وعن مغيث بن سمي؛ قال: صليت مع ابن الزبير صلاة الفجر فصلى بغلس، فلما سلم قلت لابن عمر: ما هذه الصلاة؟ وهو إلى جانبي، فقال: هذه صلاتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما قتل عمر أسفر بها عثمان.

ذكر الترمذي في العلل أن البخاري قال: هذا حديث حسن.

وعن جابر أنه عليه السلام كان يصليها بغلس. مخرج في الصحيحين.

وروى الطبراني عن الدبري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة: كن نساء يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فينصرفن متلفعات في مروطهن ما يعرفن من الغلس.

وعنده من حديث

بن خالد، قال: حدثنا ضرغامة بن كليبة بن حرملة، حدثني أبي عن جدي، قال: انطلقت في وفد الحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا صلاة الصبح، فلما سلم جعلت أنظر إلى وجه الذي إلى جنبي فما أكاد أعرفه من الغلس. الحديث.

وأخرجه الطحاوي.

وأخرج البغوي قطعة منه ليس فيه ذكر التغليس بالصبح.

وقد أجاب القائلون بالتغليس عن أحاديث الإسفار بأجوبة منها ما تقدم أن الإسفار التبين والتحقق فليس المراد إلا تبين الفجر وتحقق طلوعه، وذلك

، أولى ............ يتضح الفجر، فلا يشك أنه طلع الفجر. وقيل يحتمل أن

ص: 361

يكون الأمر بالإسفار في الليالي المقمرة فإنه لا يتحقق فيها الفجر إلا بالاستظهار في الإسفار، وذكر الخطابي أنه يحتمل أنهم لما أمروا بالتعجيل صلوا بين الفجر الأول والثاني طلبًا للثواب، فقيل لهم: صلوا بعد الفجر الثاني وأصبحوا بها فإنها أعظم لأجركم.

فإن قيل: لو صلوا قبل لم يكن فيها أجر، فالجواب أنهم يؤجرون على نيتهم وإن لم تصح صلاتهم لقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر".

وقال أبو جعفر الطحاوي: إنما تتفق معاني آثار هذا الباب بأن يكون دخوله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح مغلسًا ثم يطيل القراءة حتى ينصرف عنها مسفرًا. وهذا خلاف قول عائشة لأنها حكت أن انصراف النساء كن وهن لا يعرفن من الغلس، ولو قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسور الطوال ما انصرف الناس إلا وهم تجد أسفروا ودخلوا في الإسفار جدًّا، ألا ترى إلى أبي بكر رضي الله عنه حين قرأ البقرة في ركعتي صلاة الصبح، فقيل له: كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين. رواه ابن عيينة وغيره عن ابن شهاب عن أنس: أنه صلى خلف أبي بكر

فذكره. وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج؛ قال: قلت لعطاء: أيّ حين أحب إليك أن أصلى الصبح إمامًا وخلوًا؟ قال: حين ينفجر الفجر الآخر، ثم تطول في القراءة والركوع والسجود حتى ينصرف منها وقد ينبلج النهار وتتام الناس.

قال: ولقد بلغني أن عمر بن الخطاب كان يصليها حين ينفجر الفجر الآخر وكان يقرأ في إحدى الركعتين سورة يوسف.

وروى الطحاوي من حديث وهب بن جرير عن شعبة، عن عبد الله بن ميسرة، عن زيد بن وهب؛ قال: صلى بنا عمر صلاة الصبح فقرأ ببني إسرائيل والكهف حتى جعلت أنظر إلى جدار المسجد هل طلعت الشمس.

ص: 362