الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
89 - باب ما جاء في مصافحة الجنب
نا إسحاق بن منصور: نا يحيى بن سعيد القطان: نا حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي رافع، عن أبي هريرة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لقيه وهو جنب قال: فانبجست فاغتسلت ثم جئت فقال: "أين كنت؟ وأين ذهبت؟ " قلت: إنّي كنت جنبًا، قال:"إن المسلم لا ينجس".
قال: وفي الباب عن حذيفة.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، وقد رخّص غير واحد من أهل العلم في مصافحة الجنب، ولم يروا بعرق الجنب والحائض بأسًا، ومعنى قوله: فانبجست، يعني: أي تنحيت عنه (1).
* الكلام عليه:
أخرجه مسلم (2) من حديث حميد الطويل، عن أبي رافع، عن أبي هريرة وهو عنده منقطع بين حميد وأبي رافع بينهما بكر بن عبد الله المزني (3)، وكذا هو عند
(1) الجامع (1/ 207 - 208).
(2)
في صحيحه كتاب الحيض (1/ 282) برقم 371 باب الدليل على أن المسلم لا ينجس.
(3)
قال النووي في شرح مسلم (2/ 67 - 68):
"وأما قوله عن حميد عن أبي رافع فهكذا هو في صحيح مسلم في جميع النسخ. قال القاضي عياض قال الإمام أبو عبد الله المازري هذا الإسناد منقطع إنما يرويه حميد عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع هكذا أخرجه البخاري وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنده وهذا كلام القاضي عن المازري، ثم قال النووي ولا يقدح هذا في أصل متن الحديث فإن المتن ثابت على كل حال من رواية أبي هريرة ومن رواية حذيفة والله أعلم" اهـ.
قلت وانظر: المعلم للمازري (1/ 258) وكذا إكمال المعلم (2/ 226) والمصنف لابن أبي شيبة (1/ 173) في مجالسة الجنب.
وممن رواه بالواسطة: =
الترمذي كما أوردناه.
ورواه مسدّد، عن يحيى بن سعيد وبشر، عن حميد، عن بكر، عن أبي رافع، ذكره أبو داود (1) من حديث بشر: حدثني حميد قال: حدثني بكر: وذكره.
وذكره البخاري (2)، عن محمد بن المثنّى، عن يحيى بن سعيد، عن حميد قال: ثنا بكر بن عبد الله المزني، عن أبي رافع.
وذكره ابن (3) أبي شيبة من رواية إسماعيل بن عُلَيّة عن حميد، عن بكر، عن أبي رافع.
وذكره الحافظ أبو علي بن السكن من رواية عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، عن يحيى بن سعيد، عن حميد، عن بكر، عن أبي رافع (4).
وقيل (5) إنّما قصر به عن يحيى بن سعيد، زهير بن حرب أسقط منه بكرًا (6)، وكذا قال الجماعة بدخول بكر فيه.
رواه أبو (7) نعيم أيضًا في مستخرجه.
وقد اجتمع فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، وهم: حميد
= أبو داود في سننه كتاب الطهارة (1/ 156) برقم 231 باب في الجنب يصافح والنسائي في سننه كتاب الطهارة (1/ 159) برقم 269 باب مماسة الجنب ومجالسته وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة (1/ 178) برقم 534 باب مصافحة الجنب.
(1)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 156) برقم 231 باب في مصافحة الجنب وقد مضى.
(2)
في صحيحه كتاب الغسل (1/ 109) برقم 283 باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس.
(3)
المصنف (1/ 173) وقد مضى.
(4)
انظر الإمام (3/ 98).
(5)
في الإمام فقيل.
(6)
المصدر السابق.
(7)
المستخرج (1/ 406) برقم 817 ووقع فيه بكير بدل بكر وهو خطأ مطبعي.
وبكر المزني وأبو رافع، واسم أبي رافع هذا نفيع (1).
قال أبو (2) حاتم الرازي: ليس به بأس.
وأما حديث حذيفة فعند مسلم (3) في "صحيحه": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيه وهو جنب فحاد عنه فاغتسل، ثم جاء فقال: كنت جنبًا، قال:"إن المسلم لا ينجس".
ورواه النسائي (4) أيضًا من حديث جرير عن الشيباني، عن أبي بردة، عن حذيفة، ورواه ابن (5) ماجه بنحوه من حديث حذيفة.
يقال: يَنْجُسُ (6) -بضم الجيم وفتحها- لغتان، وفي ماضيه لغتان: نجِس -بكسرالجيم- ونجُس -بضمّها-.
وهذا (7) الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حيًّا وميّتًا، فأمّا الحيّ فطاهر بإجماع المسلمين، حتى الجنين إذا ألقته أمه وعليه رطوبة فرجها.
قال بعض أصحابنا: هو طاهر بإجماع المسلمين. قال: ولا يجيء فيه الخلاف المعروف في (8) رطوبة فرج المرأة ولا الخلاف المذكور في كتب أصحابنا في نجاسة طاهر بيض الدجاج ونحوه، فإن فيه وجهين بناءً على رطوبة الفرج.
(1) انظر ترجمته في: الجرح والتعديل (8/ 488) برقم 2542 وتهذيب الكمال (30/ 14) برقم 6467 وتهذيب التهذيب (4/ 240).
(2)
الجرح والتعديل (8/ 489) برقم 2242.
(3)
في صحيحه كتاب الحيض (1/ 282) برقم 372 باب الدليل على أن المسلم لا ينجس.
(4)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 158) برقم 267 باب مماسة الجنب ومجالسته. بسياق أتم.
(5)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 178) برقم 535 باب مصافحة الجنب.
(6)
انظر إكمال المعلم (2/ 226) وشرح النووي على مسلم (2/ 67).
(7)
هذا كلام النووي بالحرف الواحد في شرحه على صحيح مسلم (2/ 66).
(8)
زاد النووي نجاسة.
هذا حكم المسلم الحيّ، وأما الميت ففيه خلاف بين العلماء (1)، وللشافعي فيه قولان، الصحيح منهما أنه طاهر، ولهذا غُسِّل، ولقوله عليه السلام:"إن المؤمن لا ينجس".
وذكر البخاري (2) في "صحيحه": عن ابن عباس تعليقًا: المسلم لا ينجس حيًّا ولا ميّتًا. ووصله (3) الحاكم (4) في المستدرك، فقال: أخبرني إبراهيم بن عصمة (5) بن إبراهيم العدل، ثنا أبو مسلم المسيب بن زهير البغدادي، ثنا أبو بكر وعثمان: ابنا أبي شيبة قالا: نا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنجسوا موتاكم، فإن المؤمن (6) ليس ينجس حيًّا ولا ميتًا".
قال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه (7).
هذا حكم المسلم، وأما الكافر فحكمه في الطهارة والنجاسة حكم المسلم
(1) عند النووي للعلماء.
(2)
في صحيحه كتاب الجنائز (1/ 387) ووصله سعيد بن منصور في السنن وابن أبي شيبة في المصنف والدارقطني في السنن. انظر"تغليق التعليق"(2/ 461 - 461).
(3)
قوله ووصله الحاكم مما زاد ابن سيد الناس على كلام النووي.
(4)
المستدرك (1/ 385).
(5)
في المستدرك ابن عاصم.
(6)
في المستدرك المسلم.
(7)
وأقره الذهبي.
قلت: وقال الضياء في الأحكام: إسناده عندي على شرط الصحيح. قاله الحافظ في "تغليق التعليق"(2/ 461)، قال الحافظ رحمه الله:"والذي يتبادر إلى ذهني أن الموقوف أصح" ثم ذكر من رواه موقوفًا كما في تغليق التعليق.
قلت: وانظر "الضعيفة"(6304، 13/ 667)، ومختصر البخاري (1/ 368) و"فتح الباري"(3/ 127).
عندنا (1)، وإليه ذهب الجمهور (2)، وخالف في ذلك أحمد (3).
وأما قول الله تعالى: {إنما المشركون نجس} ، فالمراد نجاسة الاعتقاد وللاستقذار، وليس المراد أنّ أعضاءهم نجسة كنجاسة البول والغائط ونحوهما.
فإذا ثبت طهارة الآدمي مسلمًا كان أو كافرًا، فعرف ولعابه ودمعه (4)؛ كل ذلك منه طاهر سواءً المحدث والجنب والحائض والنفساء في ذلك كله، وكذلك الصبيان أبدانهم وثيابهم ولعابهم محمولة على الطهارة حتى تتيقن النجاسة، فيجوز الصلاة في ثيابهم والأكل معهم من المائع إذا غمسوا أيديهم فيه، ودلائل هذا كله من السنة والإجماع مشهورة، وفيه استحباب احترام أهل الفضل (5)؛ فإن جليسهم ومصاحبهم يكون على أكمل الهيئات، ومن ذلك (6) استحبابهم للمصلي أن يكون على أحسن حالاته وأجمل هيئاته (6)، وكذلك استحبوا لطالب العلم أن يكون في حال طلبه للعلم وحمله إياه عن أشياخه بين أيديهم في هيئة حسنة من إزالة الشعور المأمور بإزالتها، وقصّ الأظفار وإزالة الرائحة المكروهة وغير ذلك، فإن ذلك من إجلال العلم والعلماء.
وفيه أن العالم إذا رأى من تابعه أمرًا يخاف عليه فيه خلاف الصواب سأله عنه، وبدأه بقول الصواب فيه (7).
(1) في شرح النووي على مسلم هذا مذهبنا بدل عندنا.
(2)
عند النووي هذا مذهبنا ومذهب الجماهير من السلف والخلف.
(3)
قوله وخالف في ذلك أحمد ليست عند النووي.
(4)
وعبارة النووي: "فإذا ثبتت طهارة الآدمي مسلمًا كان أو كافرًا فعرقه ولعابه ودمعه طاهرات سواء كان محدثًا أو جنبًا أو حائضًا أو نفساء وهذا كله بإجماع المسلمين".
(5)
زاد النووي وأن يوقر جليسهم.
(6)
هذا من زيادات ابن سيد الناس على النووي.
(7)
شرح النووي على مسلم (2/ 66).