المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌6 - باب ما جاء في تعجيل العصر - النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي - جـ ٣

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌84 - باب ما جاء في المذي يصيب الثوب

- ‌85 - باب ما جاء في المني يصيب الثوب

- ‌86 - باب غسل المني من الثوب

- ‌87 - باب ما جاء في الجنب ينام قبل أن يغتسل

- ‌88 - باب ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام

- ‌89 - باب ما جاء في مصافحة الجنب

- ‌90 - باب ما جاء في المرأة ترى مثل ما يرى الرجل في المنام

- ‌91 - باب ما جاء في الرجل يستدفئ بالمرأة بعد الغسل

- ‌92 - باب ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء

- ‌93 - باب في المستحاضة

- ‌94 - باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكلّ صلاة

- ‌95 - باب ما جاء في المستحاضة أنّها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد

- ‌96 - باب ما جاء في المستحاضة أنها تغتسل عند كل صلاة

- ‌97 - باب ما جاء في الحائض أنها لا تقضي الصَّلاة

- ‌98 - باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن

- ‌99 - باب ما جاء في مباشرة الحائض

- ‌100 - باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها

- ‌101 - باب ما جاء في الحائض تناول الشيء من المسجد

- ‌102 - باب ما جاء في كراهية إتيان الحائض

- ‌103 - باب ما جاء في الكفارة في ذلك

- ‌104 - باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب

- ‌105 - باب ما جاء في كم تمكث النفساء

- ‌106 - باب ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد

- ‌107 - باب ما جاء في الجنب إذا أراد أن يعود توضأ

- ‌108 - باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء

- ‌109 - باب ما جاء في الوضوء من الموطئ

- ‌110 - باب ما جاء في التيمم

- ‌111 - باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبًا

- ‌112 - باب ما جاء في البول يصيب الأرض

- ‌2 - كتاب الصلاة

- ‌1 - باب ما جاء في مواقيت الصلاة

- ‌4 - باب ما جاء في التعجيل بالظهر

- ‌5 - باب ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر

- ‌6 - باب ما جاء في تعجيل العصر

- ‌7 - باب ما جاء في تأخير صلاة العصر

- ‌8 - باب ما جاء في وقت المغرب

- ‌9 - باب ما جاء في وقت صلاة العشاء الآخرة

- ‌10 - باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الآخرة

- ‌11 - باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسمر بعدها

- ‌12 - باب ما جاء في الرخصة في السمر بعد العشاء

- ‌13 - باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل

- ‌17 - باب ما جاء في الرجل ينسى الصلاة

- ‌18 - باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ

- ‌19 - باب ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر وقد قيل إنها الظهر

- ‌20 - باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر

- ‌21 - باب ما جاء في الصلاة بعد العصر

- ‌22 - باب ما جاء في الصلاة قبل الغرب

- ‌23 - باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس

الفصل: ‌6 - باب ما جاء في تعجيل العصر

‌6 - باب ما جاء في تعجيل العصر

ثنا قتيبة، ثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء من حجرتها.

قال: وفي الباب عن أنس وأبي أروى وجابر ورافع بن خديج.

قال: ويروى عن رافع أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر ولا يصح.

قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر وعبد الله بن مسعود وعائشة وأنس وغير واحد من التابعين التعجيل بصلاة العصر، وكرهوا تأخيرها، وبه يقول عبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق.

حدثنا علي بن حجر، نا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن: أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر وداره بجنب المسجد فقال: قوموا فصلوا العصر، فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعًا لا يذكر الله فيها إلا قليلًا".

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

* الكلام عليه:

حديث عائشة أخرجوه جميعًا.

وحديث أنس بن مالك أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي، وأخرج البخاري ومسلم من حديث مالك عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضي الله عنهم قال:

ص: 385

كنا نصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيهم والشمس مرتفعة.

وروى عبد الله بن المبارك، عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف؛ قال: سمعت أبا أمامة بن سهل يقول: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلي العصر، فقلت: يا عم! ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال: العصر، وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كنا نصلي معه. أخرجه مسلم من هذا الوجه، وأخرجه النسائي، وعند مسلم أيضًا من طريق عمرو بن الحارث إلى أنس بن مالك قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، فلما انصرف أتاه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله! إنا نريد أن ننحر جزورًا لنا ونحب أن تحضرها، قال:"نعم"، فانطلق وانطلقنا فوجدنا الجزور لم ينحر، فنحرت ثم قطعت ثم طبخ منها، ثم أكلنا قبل مغيب الشمس.

وروى محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أنس بن مالك؛ قال: سمعته يقول: ما كان أحدًا أشد تعجيلًا لصلاة العصر من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان أبعد رجلين من الأنصار دارًا من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبو لبابة بن عبد المنذر، أخو بني عمرو بن عوف وأبو عبس بن جبر أخو بني حارثة دار أبي لبابة بقباء ودار أبي عبس في بني حارثة ثم إن كانا ليصليان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يأتيان قومهما وما صلوهما لتبكير رسول الله صلى الله عليه وسلم بها.

وعند النسائي من حديث منصور عن ربعي بن حراش، عن أبي الأبيض، عن أنس بن مالك؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا العصر والشمس بيضاء محلقة.

ومحلقة: بالحاء المهملة والقاف؛ مرتفعة.

وأما حديث أبي أروى فروى البغوي في معجمه: نا أبو خيثمة، ثنا أحمد بن

ص: 386

إسحاق، نا وهيب، ثنا أبو واقد، ثنا أبو أروى؛ قال: كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر بالمدينة ثم آتي الشجر -يعني ذا الحليفة- قبل أن تغيب الشمس.

قال البغوي: حدثني أحمد بن زهير؛ قال: سئل يحيى بن معين عن حديث أبي أروى فكتب فوق أبي واقد ضعيف.

وقال يحيى: واسم أبي واقد: صالح بن محمد بن زائدة.

وأما حديث جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت، والعشاء أحيانًا يؤخرها وأحيانًا يعجل، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر، والصبح كانوا -أو قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس. فعند البخاري ومسلم.

وأما حديث رافع بن خديج فعندهما أيضًا قال: كنا نصلي العصر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ننحر الجزور فتقسم عشر قسم ثم تطبخ فنأكل لحمًا نضيجًا قبل مغيب الشمس.

وروى مالك عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري أن صل العصر والشمس بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب ثلاثة فراسخ، وأن صلِّ العشاء ما بينك وبين ثلث الليل فإن أخرت فإلى شطر الليل ولا تكن من الغافلين.

قوله: صلى العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها.

قوله: لم يظهر الفيء أي لم يعلو السطح، وقيل: معنى يظهر يزول عنها فمن الظهور يستعمل فيهما: فمن الأول قوله تعالى: {ومعارج عليها يظهرون} ، ومن الحديث:"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق"؛ أي: عالين عليه، ومنه قوله النابغة:

ص: 387

بلغنا السماء مجدنا وحدودنا

وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

أي: علوًا، ومن الزوال قول الشاعر:

وعيّرها الواشون أني أحبها

وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

وكله راجع إلى معنى واحد، والحجرة: الدار وكل ما حجر وأحيط به بالبناء فهو حجرة.

ومعناه التبكير بالعصر في أول وقتها، وهو حين يصير ظل كل شيء مثله، وكانت الحجرة ضيقة العرصة قصيرة الجدار بحيث يكون طول جدارها أقل من مسافة العرصة بشيء يسير، فإذا صار ظل الجدار مثله دخل وقت العصر وتكون العصر بعد في أواخر العرصة لم يرتفع الفيء في الجدار الشرقي.

وقد روي الحديث بألفاظ كثيرة يرجع كلها إلى هذا المعنى.

وحديث العلاء بن عبد الرحمن قد وقع في صحيح مسلم ولفظه: أنه دخل على أنس بن مالك في داره حين انصرف من الظهر وداره بجنب المسجد، فما دخلنا عليه قال: أصليتم العصر؟ فقلنا له: إنما انصرفنا الساعة من الظهر. قال: فصلوا العصر. فقمنا فصلينا، وذكر نحو ما تقدم.

وهذا أيضًا صريح في فضل التبكير بصلاة العصر في أول وقتها كما ذكرناه، وإنما أخرها عمر بن عبد العزيز على عادة الأمراء قبله، قبل أن تبلغه السنة في تقديمها، فلما بلغته صار إلى التقديم، ويحتمل أنه أخرها لعذر عرض له، والظاهر الأول، وهذا في زمن نيابته لا في خلافته، لأن أنسًا توفي قبل خلافة عمر بن عبد العزيز بسنتين.

وقوله صلى الله عليه وسلم: تلك صلاة المنافق، صريح في ذم تأخير صلاة العصر لغير عذر،

ص: 388

لقوله: يجلس يرقب الشمس.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "بين قرني شيطان"؛ اختلف فيه: هل هو على حقيقته وظاهره، والمراد أنه يحاذيها بقرنيه عند غروبها، وكذا عند طلوعها لأن الكفار يسجدون لها حينئذٍ فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له، وقيل: هو على المجاز، والمراد بقرنه وقرنيه علوه وارتفاعه وسلطانه، وغلبة أعوانه وسجود مطيعيه من الكفار للشمس.

وقال الخطابي: هو تمثيل، ومعناه أن تأخيرها بتزيين الشيطان ومدافعته لهم عن تعجيلها كمدافعة ذوات القرون لما تدفعه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "فنقرها أربعًا لا يذكر الله فيها إلا قليلًا"؛ تصريح بذم من صلى مسرعًا بحيث لا يكمل الخشوع والطمأنينة والأذكار، والمراد بالنقر: سرعة الحركات كنقر الطائر.

قال الشاعر:

لا أذوق النوم إلا غرارًا

مثل حسو الطير ماء الثماد

وفي حديث مالك، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيهم والشمس مرتفعة، لم يختلف الرواة عن مالك أنه قال فيه: إلى قباء، ولم يتابعه على ذلك أحد من أصحاب ابن شهاب، وسائر أصحاب ابن شهاب يقولون فيه: ثم يذهب الذاهب إلى العوالي، وهو الصواب عند أهل الحديث، والمعنى في ذلك متقارب، والعوالي مختلفة المسافة فأقربها إلى المدينة ميلان وثلاثة، وأبعدها ثمانية، وأما قبا فيمد ويقصر، ويصرف ولا يصرف، ويذكر ويؤنث، والأفصح فيه الصرف والتذكير والمد، وهو على نحو ثلاثة أميال من المدينة.

ص: 389

قوله: "والشمس مرتفعة حية".

قال الخطابي: حياتها صفاء لونها قبل أن تصفر أو تتغير، وهو مثل قوله: بيضاء نقية.

وقال هو أيضًا وغيره: حياتها وجود حرّها، وكذلك قوله:"كنا نصلي العصر ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف فيجدهم يصلون العصر"، منازل بني عمرو بن عوف على ميلين من المدينة، وكانت صلاة بني عمرو بن عوف في وسط الوقت، ولولا هذا لم يكن فيه حجة، ولعل تأخير بني عمرو بن عوف لكونهم كانوا أهل أعمال في حرثهم وزرعهم، فإذا فرغوا من أعمالهم تأهبوا للصلاة بالطهارة وغيرها، ثم اجتمعوا لها فتباح صلاتهم بسبب ذلك الوقت.

وقول أنس: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فلما انصرف أتاه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله! إنا نريد أن ننحر جزورًا. بنو سلمة بكسر اللام.

فيه إجابة الدعوة، وأن الدعوة إلى الطعام مستحبة في كل وقت سواء أول النهار وآخره.

وفي هذه الأحاديث كلها دليل لمذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور أو وقت العصر يدخل إذا صار ظل كل شيء مثله وزاد أدنى زيادة، والمراد بتلك الزيادة هو ما كان عليه بعد الزوال مما أظهره لأعين الناس خلافًا لأبي حنيفة.

وهذه الأحاديث حجة للجماعة عليه مع حديث ابن عباس في بيان المواقيت وحديث جابر وغير ذلك.

وفيها استحباب تعجيل الصلاة في أول وقتها وفيها سعة الوقت، فإن الذاهب من المدينة إلى قباء يجدهم يصلون مع بعد المسافة كما ذكرنا، ولا خلاف في أوائل

ص: 390

أوقات الصلوات على ما تقرر عن جماعة المسلمين إلا في أول وقت العصر والعشاء الآخرة، فأبو حنيفة يقول: إن أول وقتها بعد القامتين بعد طرح ظل الزوال، وخالفه الناس وأصحابه.

وكذلك خالف في أول وقت العشاء الآخرة مع اتفاقهم أنها بعد مغيب الشفق، لكن اختلفوا في الشفق فجمهورهم على أنه الحمرة، وأبو حنيفة والمزني يقولان: هو البياض.

وإنما الاختلاف في آخر الأوقات.

وأما قولهم في أول وقت العصر: وزاد أدنى زيادة يعني على المثل، فكذا نص عليه الشافعي في مختصر المزني وكثير من أصحابه بعده.

وقال صاحب الذخائر: اختلف أصحابنا في هذه الزيادة على ثلاثة أوجه:

أحدها: أنها لبيان انتهاء الظل إلى المثل، وإلا فالوقت قد دخل قبل حصول الزيادة بمجرد حصول الميل، فعلى هذا تكون الزيادة وقت العصر.

والثاني: أنها من وقت الظهر، وإنما يدخل العصر عقيبها، قال: وهذا ظاهر كلام الشافعي والعراقيين وعليه كثير من الأصحاب.

والثالث: أنها ليست وقت الظهر ولا من وقت العصر؛ بل هي فاصل بين الوقتين. قال النووي: وهذا الثالث ليس بشيء لقوله صلى الله عليه وسلم: "وقت الظهر ما لم يحضر العصر" فدل على أنه لا فاصل بينهما، والأصح أنها من وقت العصر، وبه قطع القاضي حسين وآخرون. ونقل الشافعي الاتفاق عليه. اهـ.

* * *

ص: 391