الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسمر بعدها
حدثنا أحمد بن منيع؛ قال أحمد وثنا عباد بن عباد وإسماعيل بن علية جميعًا، عن عوف، عن سيار بن سلامة، عن أبي برزة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.
قال: وفي الباب عن عائشة وعبد الله بن مسعود وأنس.
قال أبو عيسى: حديث أبي برزة حديث حسن صحيح، وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء، ورخص في ذلك بعضهم.
وقال عبد الله بن المبارك: أكثر الأحاديث على الكراهية، ورخص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء في رمضان.
* الكلام عليه:
حديث أبي برزة هذا قطعة من حديث تقدم ذكره في باب الإسفار بالفجر، وهناك حصل الكلام عليه.
وأما حديث عائشة: فروى ابن حبان من حديث هشام بن عروة، عن أبيه؛ قال: سمعته عائشة وأنا أتكلم بعد العشاء الآخرة، فقالت: يا عري، ألا تريح كاتبك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ينام قبلها ولا يتحدث بعدها. أخرجه عن الحسن بن سفيان، عن حميد بن مسعدة، عن جعفر بن سليمان عنه.
وحديث ابن مسعود: قال: حد (1) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السمر بعد العشاء. رواه ابن ماجه.
وعن جبير عن رجل من قومه، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا
(1) كذا في الأصل، وصوابها: جدب لنا.
سمر بعد الصلاة -يعني العشاء الآخرة- إلا لأحد رجلين: مصل أو مسافر". رواه الإمام أحمد.
وذكر الحافظ ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي رحمه الله في كتابه في "الأحكام" حديثًا بسنده أظنه من "فوائد سمويه" إسماعيل بن عبد الله؛ قال: نا عبد الله بن الزبير، نا ابن وهب، عن معاوية، عن أبي عبد الله الأنصاري، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا سمر إلا لثلاثة: مصل أو مسافر أو عروس".
وحديث أنس (1): .............
وفي الباب مما لم يذكره عن ابن عباس:
روى القاضي أبو الطاهر الذهلي في الثالث والعشرين من "فوائده" من حديث مجاهد عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النوم قبلها والحديث بعدها. رواه عن محمد بن عبدوس، عن حجاج بن يوسف وإبراهيم بن سعد، عن أبي أحمد الزبيري.
وكراهة النوم قبلها لئلا يذهب بصاحبه ويستغرق النوم فتفوته أو يفوته فضل وقتها المستحب، ويترخص في ذلك الناس فيناموا عن إقامة جماعتها. وقد كرهه جماعة وأغلظوا فيه منهم ابن عمر وعمر وابن عباس، وإليه ذهب مالك، ورخص فيه بعضهم منهم علي وأبو موسى، وهو مذهب الكوفيين، وشرط بعضهم أن يجعل معه من يوقظه لصلاتها، وروي عن ابن عمر مثله، وإليه ذهب الطحاوي.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله: إن ذلك جائز إن علم من نفسه اليقظة قبل خروج الوقت بعادة أو يكون معه من يوقظه لحديث عبد الله بن عمر
(1) بياض في الأصول.
الصحيح: شغل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها ليلة حتى رقدنا في المسجد واستيقظنا. انتهى.
وما أرى هذا من هذا الباب ولا نعاسهم في المسجد وهم في انتظار الصلاة من النوم المنهي عنه وإنما هو من السِّنة التي هي مبادئ النوم كما قال (1):
وسنان أقصده النعاس فرنقت
…
في جفنه سنة وليس بنائم
وقال القاضي عياض في الكلام على حديث ابن عمر هذا:
قوله: "رقدتم، استيقظ"؛ معناه -والله أعلم-: نوم الجالس المحتبي وخطرات السنات لا نوم الاستغراق بدليل أنه لم يرو أنهم توضؤوا، وقد احتج بهذا الحديث ومثله من لم ير النوم حدثًا في نفسه يوجب وضوءًا، وكذلك قال غيره في الكلام على هذا الحديث.
وأما الحديث بعدها فيأتي في الباب بعد هذا إن شاء الله تعالى.
* * *
(1) هو لعدي بن الرقاع العاملي، من بحد الكامل.