الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
108 - باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء
حدثنا هناد، ثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الأرقم؛ قال (1): أقيصت الصلاة فأخذ بيد رجل فقدمه، وكان إمام قومه، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء".
قال: وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وثوبان وأبي أمامة.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن الأرقم حديث حسن صحيح، هكذا روى مالك بن أنس ويحيى بن سعيد وغير واحد من الحفاظ عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الأرقم.
وروى وهيب وغيره عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن رجل، عن عبد الله بن الأرقم.
وهو قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وبه يقول أحمد وإسحاق؛ قالا: لا يقوم إلى الصلاة وهو يجد شيئًا من الغائط والبول، وقالا: إن دخل في الصلاة فوجد شيئًا من ذلك فلا ينصرف ما لم يشغله.
وقال بعض أهل العلم: لا بأس أن يصلي وبه غائط أو بول ما لم يشغله ذلك عن الصلاة (2).
(1) القائل هو عروة بن الزبير، إذ هو الحاكي، لا عبد الله بن الأرقم المحكي عنه، يزيد ذلك وضوحًا رواية الموطأ (1/ 200) برقم 514 عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن الأرقم كان يؤم أصحابه
…
إلخ.
(2)
الجامع (1/ 262 - 264) برقم 142.
* الكلام عليه:
أخرجه النسائي (1) وابن ماجة (2).
وقيل إن عبد الله بن أرقم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا واحدًا وليس له في هذه الكتب سوى هذا الحديث (3).
وذكر الترمذي (4) رواية وهيب بزيادة رجل بين عروة وعبد الله بن الأرقم، وقال (5): هذا أشبه عندي، وفي هذا الكلام مع تصحيحه هذا الحديث نظر.
(1) السنن كتاب الإمامة (2/ 445) برقم 851 باب العذر في ترك الجماعة وفي الكبرى (1/ 448) برقم 927.
(2)
السنن كتاب الطهارة وسننها (1/ 202) برقم 616 باب ما جاء في النهي للحاقن أن يصلي.
ورواه كذلك أبو داود في سننه كتاب الطهارة (1/ 55 - 56) برقم 88 باب أيصلي الرجل وهو حاقن.
(3)
قال الحافظ المزي في تهذيب الكمال (14/ 302).
"روى له الأربعة حديثًا واحدًا، ويقال ليس له مسند غيره" والعبارة التي ذكرها المصنف هي للبزار، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (2/ 302).
(4)
علل الترمذي الكبير (1/ 200) وكذا الجامع (1/ 263).
(5)
قائل ذلك فيما يظهر هو البخاري لا الترمذي؛ وانظر التاريخ الكبير (5/ 32 - 33) برقم 56، والتاريخ الأوسط (1/ 161) برقم 225 و 226، ومما يؤكد ما ذكرت كون الترمذي حكم على الحديث بأنه حسن صحيح، والله أعلم.
وحكى كذلك أبو داود هذا الاختلاف في سننه (1/ 56) فقال وسيأتي: "روى وهيب بن خالد وشعيب بن إسحاق وأبو ضمرة هذا الحديث عن هئام بن عروة عن أبيه عن رجل حدثه عن عبد الله بن أرقم، والأكثر الذين رووه عن هام قالوا كما قال زهير".
وقال الحافظ أبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1582 - 1583) برقم 1562: "رواه أيوب السختياني وسفيان الثوري وشعبة ومحمد بن بشر وعبدة ومعمر وابن عيينة ومحمد بن إسحاق وابن جريج والحمادان وهمام وزهير وزائدة ومرجى بن رجاء وأبو معاوية وحفص وابن نمير وابن مسهر ووكيع وأبو أسامة وأبو ضمرة مثله (بدون واسطة). =
وأخرجه ابن (1) حبان في صحيحه من حديث مالك عن هشام، عن أبيه، أن عبد الله بن الأرقم وقال: قال أبو داود في سننه: روى حديث عبد الله بن الأرقم وهيب بن خالد وشعيب بن إسحاق وأبو ضمرة، عن هشام، عن أبيه، عن رجل حدثه، عن عبد الله بن الأرقم، وأكثر الذين رووه عن هشام قالوا كما قال زهير عن هشام، عن أبيه، عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله.
وقال أبو (2) عمر: اختلف فيه عن هشام؛ فرواه مالك كما ترى -يعني بغير ذكر واسطة بين عروة وعبد الله- وتابعه زهير بن معاوية وسفيان بن عيينة وحفص بن غياث ومحمد بن إسحاق وشجاع بن الوليد وحماد بن زيد ووكيع وأبو معاوية والمفضل بن فضالة ومحمد بن كناسة هم (3) رووه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الأرقم كما رواه مالك. ورواه وهيب بن خالد وأنس بن عياض وشعيب بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن رجل حدثه عن عبد الله بن الأرقم كما ذكرناه.
قال: ورواه أيوب بن موسى عن هشام عن أبيه أنَّه سمعه من عبد الله بن الأرقم، ذكره عبد الرزاق وقال: أنا ابن جريج عن أيوب بن موسى، عن هشام بن عروة، عن عروة؛ قال: خرجنا في حج أو عمرة مع عبد الله بن الأرقم الزهري فأقام الصلاة، ثم قال: صلوا، وذهب لحاجته، فلما رجع قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
= ورواه وهيب وابن جريج وشعيب بن إسحاق فقالوا عن أبيه عن رجل عن عبد الله بن أرقم".
وذكر الحافظ مغلطاي أن الواسطة هو محمد بن عبد الله بن كناسة.
انظر إكمال تهذيب الكمال (7/ 238).
(1)
صحيح ابن حبان (5/ 427 الإحسان) برقم 2079 وليس فيه ما ذكره المصنف من النقل عن أبي داود، وأخشى أن يكون اختلط على المصنف النقل عن البيهقي كما في سننه الكبرى (3/ 72) فهو قائل العبارة، والله أعلم.
(2)
التمهيد (22/ 203 - 204).
(3)
في التمهيد كلهم.
"إذا أقيمت الصلاة وأراد أحدكم الغائط
…
" فهذا الإسناد يشهد بأن رواية مالك ومن تابعه في هذا الحديث متصلة، وابن جريج وأيوب بن موسى ثقتان حافظان (1).
وأما حديث عائشة فعند أبي (2) داود من طريق عبد الله بن محمد أخي القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال: كنا عند عائشة فجيء بطعامها فقام القاسم يصلي، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يصلي بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان".
وحديث عائشة هذا عند مسلم (3) وحديث أبي هريرة عند أبي (4) داود أيضًا من رواية أبي حي المؤذن عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حقِن حتَّى يتخفف
…
" الحديث.
وحديث ثوبان عند الترمذي (5) وحسنه، وسيأتي.
وذكر حديث يزيد بن شريح، عن أبي أمامة، وحديث يزيد بن شريح، عن أبي هريرة في ذلك، وقال: وكأن حديث يزيد بن شريح عن أبي حي المؤذن عن ثوبان في هذا أجود إسنادًا وأشهر (6).
(1) التمهيد (22/ 203 - 204).
(2)
السنن كتاب الطهارة وسننها (1/ 56) برقم 89 باب أيصلي الرجل وهو حاقن.
(3)
الصحيح كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1/ 393) برقم 560 باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الَّذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين.
(4)
السنن كتاب الطهارة (1/ 57) برقم 91 باب أيصلي الرجل وهو حاقن.
(5)
الجامع (2/ 189 - 190) برقم 357 باب ما جاء في كراهية أن يخص الإمام نفسه بالدعاء.
وهو كذلك عند أبي داود في سننه كتاب الطهارة (1/ 56) برقم 90.
(6)
الجامع (2/ 190).
واختلف العلماء فيمن صلى وهو حقِن (1):
فقال الشافعي وأبو حنيفة وعبيد الله بن الحسن: تكره صلاته وهي جائزة مع ذلك إن لم يترك شيئًا من فرضها.
وقال ابن القاسم عن مالك: إذا شغله ذلك فصلى كذلك فإني أحب أن يعيد في الوقت وبعده.
وقال الثوري: إذا خاف أن يسبقه البول قدم رجلًا وانصرف.
وقال الطحاوي: لا يختلفون أنَّه لو شغل قلبه بشيء من أمر الدنيا لم يستحب له الإعادة، كذلك إذا شغله البول (2).
قال أبو (3) عمر: قد أجمعوا أنَّه لو صلى بحضرة الطعام فأكمل صلاته ولم يترك من فرائضها شيئًا أن صلاته مجزئة عنه، فكذلك إذا صلى حاقنًا فأكمل صلاته، وفي هذا دليل على أن النهي عن الصلاة بحضرة الطعام من أجل خوف اشتغال بال المصلي بالطعام عن الصلاة وتركه إقامتها على حدودها فإذا أقامها على حدودها فقد خرج من المعنى الخوف عليه وأجزته لذلك صلاته، وذكر حديثي أبي هريرة وثوبان اللذين ذكرناهما، وقال: مثل هذا لا تقوم به حجة عند أهل العلم بالحديث، ولو صح كان معناه إذا كان حاقنًا جدًّا لم يتهيأ له إكمال صلاته على وجهها. وقد روي عن عمر بن الخطاب أنَّه قال: من استطاع منكم فلا يصلي وهو
(1) قال الإمام أبو بكر بن العربي في عارضة الأحوذي (1/ 191): اتفقت الأمة على أن المصلي ينبغي أن يدخل في الصلاة حاضر القلب خاشع الجسد، ولا يتم له حضور القلب إلا بحذف العوائق، قطع العلائق وتكلف الفكر والذكر".
(2)
التمهيد (22/ 205).
(3)
التمهيد (22/ 205 - 207).
مؤجج (1) من خلاء أو بول.
وروي عنه أنَّه قال: لا يدافعن أحدكم الخبث في الصلاة.
وروى ابن المبارك عن هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لأن أصلي وهو في ناحية ثوبي أحب إلي من أن أصلي وأنا أدافعه.
وجاءت فيه رخصة عن إبراهيم النخعي وطاوس اليماني.
قال أبو (2) عمر: الَّذي نقول فيه (3) أنَّه لا ينبغي لأحد أن يفعله، فإن فعله وسلمت له صلاته أجزأت عنه صلاته وبئس ما صنع.
وقد اختلف العلماء في تعليل هذه الكراهة:
فمنهم من علله بالشغل المؤدي إلى شرود القلب وإسقاط الخشوع، وقال الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل: العلة فيه انتقال الحديث، وعنده أن انتقال الحديث يوجب الوضوء، وانتقال المني يوجب الغسل وإن لم يظهرا.
وتعلق أحمد بأن الشهوة حصلت بانتقال المني وإن لم ينزل (4) فكان كالتقاء الختانين، وبأن انتقال الحديث سبب لخروجه فلا يكون أقل من مس الذكر (5)، فإن كان محتاجًا بدأ بالعشاء للحديث.
وإن لم يكن محتاجًا بدأ بالصلاة للمعنى الَّذي ذكرناه، هذا في صلاة الجماعة، أما إن كان وحده بدأ بأكله على كل حال (.....) إلا أن يرغب في الفضل فيبدأ بالصلاة، إلا أن يكون محتاجًا (
…
). ويلحق بمدافعة الأخبثين
(1) في التمهيد موجع.
(2)
التمهيد (22/ 207).
(3)
في التمهيد به بدل فيه.
(4)
في عارضة الأحوذي يظهر بدل ينزل وعنه ينقل المصنف.
(5)
عارضة الأحوذي (1/ 191).
والصلاة بحضرة الطعام عند أصحابنا (1) ما في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع، وهذه الكراهة عند جمهور أصحابنا وغيرهم، إذا صلى كذلك وفي الوقت سعة، فإن (2) ضاق بحيث لو أكل أو تطهر خرج وقت الصلاة صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت ولا يجوز تأخيرها. وحكى أبو سعيد (3) المتولي وجهًا لبعض الأصحاب أنَّه لا يصلي بحاله بل يأكل ويتوضأ وإن خرج الوقت لأن مقصود الصلاة الخشوع وإذا صلى على حاله وفي الوقت سعة فقد ارتكب المكروه وصلاته صحيحة عندنا وعند الجمهور، لكن يستحب إعادتها ولا يجب.
ونقل (4) عن أهل الظاهر أنها باطلة.
وفي قوله: "ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء" ما كان عليه السلام من مجانبة الفحش والبعد عن دناءة القول، وكذلك كانت العرب تكنوا عن موضع الحاجة بالخلاء والغائط والمذهب والمخرج (5) والكنيف والحش والمرحاض والمرفق للفرار عن التصريح بما يستقبح من ذكر ذلك بخاص اسمه (6).
* * *
(1) شرح النووي على صحيح مسلم وعنه ينقل المصنف (5/ 46).
(2)
عند النووي فإذا ضاق.
(3)
عند النووي أبو سعد وهو الصواب، وكذلك تحرف في طبقات الإسنوي وابن هداية الله وكشف الظنون إلى سعيد، شيخ الشافعية عبد الرحمن بن مأمون بن علي النيسابوري المتولي.
توفي ببغداد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
انظر السير (18/ 585 - 586) برقم 306.
(4)
أي القاضي عياض كما في شرح صحيح مسلم (5/ 46)، وانظر إكمال العلم (2/ 494).
(5)
عند السندي: الخروج.
(6)
التمهيد (22/ 207 - 208).