المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَفِيه يَقُول الْعِمَاد الْكَاتِب من قصيدة أرسلها من الشَّام إِلَيْهِ: (بالجد - تاريخ ابن الوردي - جـ ٢

[ابن الوردي الجد، زين الدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(ذكر وُصُول ملكشاه إِلَى حلب)

- ‌ملك يُوسُف بن تاشفين غرناطة وانقراض دولة الصناهجة

- ‌ذكر ملك كربوغا الْموصل

- ‌ذكر ملك الفرنج بَيت الْمُقَدّس

- ‌ وَله كتاب تَقْوِيم الْأَبدَان وَغَيره، ووقف كتبه وَجعلهَا فِي مشْهد أبي حنيفَة

- ‌فِيهَا استولى سقمان القطبي التركي وَيُسمى سكمان على خلاط كَانَ مَمْلُوكا لإسماعيل صَاحب مَدِينَة مرند من أذربيجان، ولقب إِسْمَاعِيل قطب الدّين وَكَانَ من بنير سلجوق، وَلذَلِك قيل لسكمان القطبي، وَنَشَأ سكمان شهماً كَافِيا، وَكَانَت خلاط لبني مَرْوَان وظلموا واشتهر عدل

- ‌كَانَ القَاضِي أَبُو عبيد الله بن مَنْصُور عرف بِابْن صليحة قد استولى على جبلة وحاصره الفرنج فَأرْسل إِلَى طغتكين أتابك دقاق صَاحب دمشق يطْلب مِنْهُ من يتسلم مِنْهُ جبلة ويحفظها، فَأرْسل إِلَيْهَا طغتكين ابْنه تَاج الْملك بورى فتسلمها وأساء السِّيرَة، فكاتب أَهلهَا أَبَا عَليّ بن

- ‌أول عظمهم بعد السُّلْطَان ملكشاه، وملكوا قلاعاً مِنْهَا قلعة أَصْبَهَان مستجدة بناها ملكشاه، وَسبب بنائها أَن كَلْبا هرب مِنْهُ فِي الصَّيْد وَمَعَهُ رَسُول الرّوم فَصَعدَ الْكَلْب إِلَى

- ‌حَال طرابلس مَعَ الفرنج

- ‌ابْتِدَاء أَمر مُحَمَّد بن يومرت وَملك عبد الْمُؤمن

- ‌ بِخُرُوجِهِ، فاستفحل أمره وَقَامَ عبد الْمُؤمن بن عَليّ فِي عشرَة أنفس وَقَالُوا لَهُ: أَنْت الْمهْدي وَبَايَعُوهُ على ذَلِك، وتبعهم غَيرهم فَأرْسل ابْن تاشفين إِلَيْهِ جَيْشًا فَهَزَمَهُمْ فَأَقْبَلت الْقَبَائِل تبايعه، وَعظم أمره واستوطن جبلا عِنْد سمليك وَرَأى فِي جموعه قوما خافهم فَقَالَ: إِن

- ‌ذكر ملك زنكي حلب

- ‌قتل الإسماعيلية وَحصر الفرنج دمشق

- ‌خلع الراشد وَولَايَة المقتفي

- ‌فعل ملك الرّوم بِالشَّام

- ‌مقتل الراشد

- ‌ والقضيب أخذا من المسترشد وأعيدا إِلَى المقتفي.وفيهَا: ملك الإسماعيلية حصن مصياث بِالشَّام، تسلقوا على وَالِي بني منقذ وقتلوه وملكوه.وفيهَا: توفّي الْفَتْح بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن خاقَان قَتِيلا فِي فندق بمراكش، فَاضل فِي الْأَدَب، لَهُ قلائد العقبان

- ‌ظُهُور الْمُلُوك الغورية وانقراض دولة آل سبكتكين

- ‌أَخْبَار بني منقذ والزلازل

- ‌ذكر فتح المهدية

- ‌ذكر مسير سُلَيْمَان شاه إِلَى هَمدَان وَقَتله

- ‌ نَحْو خَمْسَة عشر ذِرَاعا.وجمال الدّين هَذَا هُوَ الَّذِي جدد مَسْجِد الْخيف بمنى، وَبنى الْحجر بِجَانِب الْكَعْبَة وزخرف الْكَعْبَة وبذل جملَة طائلة لصَاحب مَكَّة وللمقتفي حَتَّى مكنه من ذَلِك، وَبنى الْمَسْجِد الَّذِي على عَرَفَات وَعمل الدرج إِلَيْهِ وَعمل بِعَرَفَات مصانع المَاء، وَبنى سوراً

- ‌ذكر ملك شيركوه مصر، وَقتل شاور وبتداء الدولة الأيوبية

- ‌شيركوه وَأَيوب

- ‌ذكر الْخطْبَة العباسية بِمصْر وانقراض الدولة العلوية

- ‌ملك توران شاه الْيمن

- ‌ملك صَلَاح الدّين دمشق وحمص وحماه

- ‌وقْعَة حطين

- ‌ وَحضر مَعَه فتوحاته، وَكَانَ يرجع إِلَى قَوْله تبركاُ بِصُحْبَتِهِ، وَدخل السُّلْطَان دمشق فِي رَمَضَان الْمُعظم، فأشير عَلَيْهِ بتفريق العساكر ليريحوا ويستريحوا، فَقَالَ: إِن الْعُمر قصير، وَالْأَجَل غير مَأْمُون، وَكَانَ لما سَار إِلَى الشمَال قد ترك على الكرك وَغَيرهَا من يحصرها وَأَخُوهُ

- ‌حِصَار عكا

- ‌ذكر اسْتِيلَاء الفرنج على عكا

- ‌وَفَاة الْملك المظفر

- ‌عقد الْهُدْنَة مَعَ الفرنج

- ‌قتل طغرل بك وَملك خوارزم شاه الرّيّ

- ‌انتزاع دمشق من الْأَفْضَل

- ‌ رَبنَا آمنا بِمَا أنزلت وَاتَّبَعنَا الرَّسُول، أَيهَا النَّاس: إِنَّا لَا نقُول إِلَّا مَا صَحَّ عندنَا عَن رَسُول الله

- ‌ وَبكى وَبكى الكرامية، فثار النَّاس

- ‌ أَبُو بكر أَو عَليّ رضي الله عنهما؟ فَقَالَ: أفضلهما من كَانَت ابْنَته تَحْتَهُ فأرضى الطَّائِفَتَيْنِ وينتسب إِلَى مشرعة الْجَوْز من محَال بَغْدَاد وَالله أعلم.ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا خرب الظَّاهِر قلعة منبج خوفًا من انتزاعها مِنْهُ، وأقطعها عماد الدّين

- ‌الْحَوَادِث بِالْيمن

- ‌ذكر قتل شهَاب الدّين ملك الغورية

- ‌ذكر قصد ملك الرّوم حلب

- ‌ذكر وَفَاة الْملك الْعَادِل

- ‌ذكر اسْتِيلَاء الْملك النَّاصِر على حماه

- ‌اسْتِيلَاء الْملك المظفر غَازِي بن الْعَادِل على خلاط وميافارقين

- ‌مسير التتر إِلَى خوارزم شاه وهزيمته وَمَوته

- ‌عود دمياط إِلَى الْمُسلمين

- ‌حَادِثَة غَرِيبَة

- ‌عصيان المظفر غَازِي بن الْعَادِل على أَخِيه الْأَشْرَف

- ‌وَفَاة ملك الْمغرب وَمَا كَانَ بعده

- ‌ذكر ملك المظفر مَحْمُود بن الْمَنْصُور مُحَمَّد لحماه

- ‌كسرة جلال الدّين

- ‌تَلْخِيص من تَارِيخ جلال الدّين

- ‌اسْتِيلَاء الْعَزِيز بن الظَّاهِر على شيزر

- ‌ وَينْفق عَلَيْهِ الْأَمْوَال الجليلة.ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة: فِيهَا فِي الْمحرم توفّي شهَاب الدّين طغرل بك الأتابك بحلب.قلت: وَله أوقاف مبرورة وواقعته مَعَ الشَّيْخ نَبهَان بن غيار الحبريني العَبْد الصَّالح مَشْهُورَة، وَالله أعلم

- ‌ تصدق رجل من ديناره من درهمه من صَاع بره من صَاع تمره.وروى أَبُو زيد: أكلت خَبرا لَحْمًا تَمرا.قَالَ الشَّاعِر:(كَيفَ أَصبَحت كَيفَ أمسيت مِمَّا…يغْرس الود فِي فؤاد الْكَرِيم)وَأما بَيت أبي الطّيب فمصطبر ومقتحم مجروران قيل بِمن الْمقدرَة وَهُوَ بعيد

- ‌اسْتِيلَاء النَّاصِر صَاحب حلب على دمشق

- ‌ تعلق فِي أَسْتَار الْحُجْرَة الشَّرِيفَة وَقَالَ: اشْهَدُوا أَن هَذَا مقَامي من رَسُول الله

- ‌ وَكَانَت تضيء بِاللَّيْلِ من مَسَافَة بعيدَة جدا. ولعلها النَّار الَّتِي ذكرهَا رَسُول الله

- ‌ فمما نظم المشد سيف الدّين عمر بن قزل يُخَاطب بِهِ النَّبِي

- ‌ وَقع مِنْهُم فِي بعض اللَّيَالِي تَفْرِيط، فاشتعلت النَّار فِي الْمَسْجِد الشريف، واحترقت سقوفه وتألم النَّاس لذَلِك.قلت: وَكَانَ أصل هَذَا الْحَرِيق من مسرجة قيم، وَقلت فِي ذَلِك:(وَالنَّار أَيْضا من جنود نَبينَا…لم تأت إِلَّا بِالَّذِي يخْتَار)(متغلبون يزخرفون بسحتهم

- ‌ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة: فِيهَا قصد هولاكو ملك التتر بَغْدَاد، وملكها فِي الْعشْرين من الْمحرم، وَقتل الْخَلِيفَة المستعصم بِاللَّه وَسَببه أَن وَزِير الْخَلِيفَة مؤيد الدّين بن العلقمي، كَانَ رَافِضِيًّا وَأهل الكرخ روافض فَافْتتنَ السّنيَّة والشيعة بِبَغْدَاد كعادتهم فَأمر

- ‌قصد هولاكو الشَّام

- ‌سلطنة الْحلَبِي بِدِمَشْق

- ‌قبض الْملك السعيد وعود التتر

- ‌ ففرغ فِي أَربع سِنِين وَالله أعلم.وفيهَا: فِي تَاسِع عشر ربيع الآخر هلك هولاكو بن طلو بن جنكيزخان وَترك خَمْسَة عشر ابْنا.وَملك بعده ابْنه أبغاً الْبِلَاد الَّتِي كَانَت بيد أَبِيه وَهِي أقليم خُرَاسَان وكرسيه نيسابور وإقليم عراق الْعَجم وتعرف بِبِلَاد الْجَبَل وكرسيه

- ‌ وأماننا لأخينا السُّلْطَان الْملك المظفر شمس الدّين يُوسُف بن عمر صَاحب الْيمن إننا رَاعُونَ لَهُ ولأولاده، مسالمون من سالمهم، معادون من عاداهم وَنَحْو ذَلِك، وَأرْسل إِلَيْهِ هَدِيَّة من أسلاب التتر وخيلهم.وفيهَا: مَاتَ منكوتمر بن هولاكو بن طلو بن جنكيزخان بِجَزِيرَة

- ‌فتح حموص وَغَيرهَا

- ‌ذكر المتجددات بعد الكسرة

- ‌قدوم قبجق إِلَى حماه

- ‌ثمَّ دخلت سنة خمس وَسَبْعمائة: فِي الْمحرم مِنْهَا أرسل قرا سنقر نَائِب حلب مَعَ مَمْلُوكه قشتمر عسكراً إِلَى سيس.وَكَانَ قشتمر ضَعِيف الْعقل مشتغلاً بِالْخمرِ فاستهان بالعدو فَجمع صَاحب سيس سنباط من الأرمن والفرنج والتتر ووصلوا إِلَى غَزَّة وقاتلوهم قرب إِيَاس فَانْهَزَمَ

- ‌ ألْقى الله فِي قُلُوبهم الرعب وَهَزَمَهُمْ.قلت:(مَا ذكرُوا الْمُصْطَفى بِسوء…إِلَّا وسيق البلا إِلَيْهِم)(فحبه رَحْمَة علينا…وسبه نقمة عَلَيْهِم)وقاسى الْعَسْكَر فِي هدم الأبراج مشقة فَإِنَّهَا كَانَت مكلبة بحديد ورصاص وَعرض السُّور ذِرَاعا بالنجاري، ونقبت

- ‌ أشعاراً، وَمَا أرق قَوْله:(لَا تسْأَل يَا حبيب قلبِي…مَا تمّ عَليّ فِي هواكا)(الْعرض فقد صلوت عَنهُ…وَالنَّفس جَعلتهَا فداكا)وَقَوله دو بَيت:(يَا عصر شَبَابِي المفدي أَرَأَيْت…مَا أسْرع مَا بَعدت عني ونأيت)(قد كنت مساعدي على كَيْت وَكَيْت…وَالْيَوْم

- ‌ فجَاء نقيب الحكم بدر الدّين مُحَمَّد بن نجم الدّين إِسْحَاق وأزاح الْعَقْرَب عَن كم النَّبِي

- ‌ لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد مَعَ اعترافه بِأَن الزِّيَارَة بِلَا شدّ رَحل قربَة فشنعوا عَلَيْهِ بهَا، وَكتب فِيهَا جمَاعَة بِأَنَّهُ يلْزم من مَنعه شَائِبَة تنقيص للنبوة فيكفر بذلك.وَأفْتى عدَّة بِأَنَّهُ مُخطئ بذلك خطأ الْمُجْتَهدين المغفور لَهُم وَوَافَقَهُ جمَاعَة وَكَبرت الْقَضِيَّة

- ‌ أَمر بقتل الْكلاب مرّة، ثمَّ صَحَّ أَنه نهى عَن قَتلهَا، قَالَ: وَاسْتقر الشَّرْع عَلَيْهِ على التَّفْصِيل الْمَعْرُوف فَأمر بقتل الْأسود إِلَيْهِم، وَكَانَ هَذَا فِي الإبتداء وَهُوَ الْآن مَنْسُوخ، هَذَا كَلَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَلَا مزِيد على تَحْقِيقه وَالله أعلم

- ‌ رد عليه السلام من الْحُجْرَة وَقَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام يَا مهنا، ثمَّ عَاد إِلَى الفوعة وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة

- ‌ نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم فارتاب فِي ذَلِك فأقدم على فتح الْبَاب الْمَذْكُور بعد أَن نهي عَن ذَلِك فَوجدَ بَابا عَلَيْهِ تأزير رُخَام أَبيض، وَوجد فِي ذَلِك تَابُوت رُخَام أَبيض فَوْقه رخامة تبيضاء مربعة فَرفعت الرخامة عَن التابوت فَإِذا فِيهَا بعض جمجمة فهرب الْحَاضِرُونَ هَيْبَة لَهَا، ثمَّ رد

- ‌ فِيمَن صَامَ الدَّهْر لَا صَامَ وَلَا أفطر على أَنه دُعَاء عَلَيْهِ وَفِي حق من نذور وَلم يتَضَرَّر خَمْسَة أَقْوَال الْوُجُوب وَهُوَ إختيار أَكثر الأصاحب وَالْإِبَاحَة وَالْكَرَاهَة وَالتَّحْرِيم وَفِي حق من يتَضَرَّر بِأَن تفوته السّنَن أَو الِاجْتِمَاع بالأهل ثَلَاثَة أَقْوَال التَّحْرِيم وَالْكَرَاهَة وَالْإِبَاحَة وَلَا يَجِيء

- ‌ مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر رضي الله عنهم عَن نَبينَا سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب

- ‌ وَفِيه: ورد الْخَبَر إِلَى حلب أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين عَليّ بن السُّبْكِيّ تولى قَضَاء الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة بِدِمَشْق المحروسة بعد أَن حدث الْخَطِيب بدر الدّين مُحَمَّد بن القَاضِي جلال الدّين نَفسه بذلك وَجزم بِهِ وَقبل الهناء فَقَالَ فِيهِ بعض أهل دمشق:(قد سبك السُّبْكِيّ قلب الْخَطِيب

- ‌وفيهَا: فِي الْعشْرين من شهر رَجَب توفّي بجبرين الشَّيْخ مُحَمَّد بن الشَّيْخ نَبهَان كَانَ لَهُ الْقبُول التَّام عِنْد الْخَاص وَالْعَام، وناهيك أَن طشتمر حمص أَخْضَر على قُوَّة نَفسه وشممه وقف على زاويته بجبرين حِصَّة من قَرْيَة حريثان لَهَا مغل جيد وَبِالْجُمْلَةِ فَكَأَنَّمَا مَاتَت بِمَوْتِهِ مَكَارِم

- ‌ حسن الخظ، وَله نظم، كَانَ كَاتبا ثمَّ صَار داوندار قبجق بحماه ثمَّ شاد الدَّوَاوِين بحلب ثمَّ حاجباً بهَا ثمَّ دواتدار الْملك النَّاصِر ثمَّ نَائِبا بالإسكندرية ثمَّ أَمِيرا بحلب وشاد المَال وَالْوَقْف ثمَّ أَمِيرا بطرابلس رَحمَه الله تَعَالَى.وفيهَا: فِي شعْبَان بلغنَا وَفَاة الشَّيْخ

- ‌ فَمن أعدى الأول استرسل ثعبانه وانساب " وَسمي طاعون الْأَنْسَاب وَهُوَ سادس طاعون وَقع فِي الْإِسْلَام، وَعِنْدِي أَنه الموتان الَّذِي أنذر بِهِ نَبينَا عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ وَكَانَ:(أعوذ بِاللَّه رَبِّي من شَرّ طاعون النّسَب…باروده المستعلي قد طَار فِي الأقطار)

الفصل: وَفِيه يَقُول الْعِمَاد الْكَاتِب من قصيدة أرسلها من الشَّام إِلَيْهِ: (بالجد

وَفِيه يَقُول الْعِمَاد الْكَاتِب من قصيدة أرسلها من الشَّام إِلَيْهِ:

(بالجد أدْركْت مَا أدْركْت لَا اللّعب

كم رَاحَة جنيت من دوحة التَّعَب)

(يَا شيركوه بن شاذي الْملك دَعْوَة من

نَادَى فَعرف خير ابْن بِخَير أَب)

(تمل من ملك مصر رُتْبَة قصرت

عَنْهَا الْمُلُوك فطالت سَائِر الرتب)

وَفِي شيركوه وَقتل شاور يَقُول عرقلة الدِّمَشْقِي:

(لقد فَازَ بِالْملكِ الْعَقِيم خَليفَة

لَهُ شيركوه العاضدي وَزِير)

(هُوَ الْأسد الضاري الَّذِي جلّ خطبه

وشاور كلب للرِّجَال عقور)

(طَغى وبغى حَتَّى لقد قَالَ صَحبه

على مثلهَا كَانَ العنيز يَدُور)

(فَلَا رحم الرَّحْمَن تربة قَبره

وَلَا زَالَ فِيهَا مُنكر وَنَكِير)

وَأما الْكَامِل بن شاور فَلَمَّا قتل أَبوهُ دخل الْقصر فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ وَلما بلغ شيركوه الأمنية أَتَتْهُ الْمنية فَتوفي يَوْم السبت الثَّانِي وَالْعِشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة مِنْهَا، فولايته شَهْرَان وَخَمْسَة أَيَّام.

‌شيركوه وَأَيوب

ابْنا شاذي من بلد دوين من الأكراد الروادية قصدا الْعرَاق وخدما بهروز شحنة السلجوقية بِبَغْدَاد.

وَكَانَ أَيُّوب أكبر من شيركوه فَجعله بهروز مستحفظاً على قلعة تكريت وَلما كسر عَسْكَر الْخَلِيفَة زنكي وَمر على تكريت خدماه، ثمَّ قتل شيركوه إنْسَانا بتكريت فأخرجهما بهروز من تكريت فلحقا بزنكي فأقطعهما إقطاعات جليلة ثمَّ جعل أَيُّوب مستحفظاً لقلعة بعلبك لما فتحهَا، وَلما حاصره عَسْكَر دمشق بعد موت زنكي سلمهَا إِلَيْهِم على إقطاع كثير شرطوه لَهُ، وَبَقِي أَيُّوب من أكبر أُمَرَاء دمشق وَبَقِي شيركوه بعد زنكي مَعَ نور الدّين، وأقطعه حمص والرحبة وَقدمه على الْعَسْكَر لشجاعته.

وَلما أَرَادَ نور الدّين ملك دمشق أَمر شيركوه فكاتب أَخَاهُ أَيُّوب فساعد على ذَلِك، وبقيا مَعَ نور الدّين إِلَى أَن أرسل شيركوه إِلَى مصر مرّة بعد أُخْرَى حَتَّى ملكهَا.

وَلما توفّي شيركوه طلب جمَاعَة من الْأُمَرَاء النورية التَّقَدُّم على الْعَسْكَر، وَولَايَة الوزارة العاضدية مِنْهُم عز الدولة الياروقي، وقطب الدّين نيال بن حسان المنبجي، وَسيف الدّين عَليّ بن أَحْمد المشطوب الهكاري، وشهاب الدّين مَحْمُود الحارمي خَال صَلَاح الدّين فأحضر العاضد صَلَاح الدّين وولاه الوزارة، ولقبه بِالْملكِ النَّاصِر فَلم يطعه المذكورون.

وَكَانَ مَعَ صَلَاح الدّين الْفَقِيه عِيسَى الهكاري فاستمال إِلَى صَلَاح الدّين المشطوب والحارمي، وَقَالَ للحارمي: هَذَا ابْن أختك وَملكه لَك، وَكَذَا فعل بالباقين فمالوا إِلَيْهِ إِلَّا

ص: 74

الياروقي قَالَ: أَنا لَا أخدم يُوسُف وَعَاد إِلَى نور الدّين بِالشَّام وَثَبت قدم صَلَاح الدّين على أَنه نَائِب نور الدّين.

وَكَانَ نور الدّين يُكَاتب صَلَاح الدّين بالأمير الأسفهسلار وعلامته على رَأس الْكتاب تَعَظُّمًا عَن أَن يكْتب اسْمه.

وَكَانَ لَا يفرده بِكِتَاب بل إِلَى الْأَمِير صَلَاح الدّين وكافة الْأُمَرَاء بالديار المصرية يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا.

ثمَّ أرسل صَلَاح الدّين يطْلب من نور الدّين أَبَاهُ أَيُّوب وَأَهله فأرسلهم فَأَعْطَاهُمْ بِمصْر الإقطاعات وَتمكن من الْبِلَاد وَضعف أَمر العاضد وهجر صَلَاح الدّين الشّرْب وَاللَّهْو، وتقمص الْجد.

قَالَ ابْن الْأَثِير: رَأَيْت كثيرا مِمَّن ابْتَدَأَ الْملك يتنقل الْملك إِلَى غير عقبه، تغلب مُعَاوِيَة وَملك فانتقل إِلَى بني مَرْوَان بعده وَملك السفاح فانتقل إِلَى عقب أَخِيه الْمَنْصُور وَملك نصر بن أَحْمد الساماني فانتقل إِلَى أَخِيه إِسْمَاعِيل وعقبه، ثمَّ ملك عماد الدولة بن بويه فانتقل إِلَى عقب أَخِيه ركن الدولة.

ثمَّ ملك طغرل بك السلجوقي فانتقل إِلَى عقب أَخِيه دَاوُد، ثمَّ ملك شيركوه فانتقل إِلَى ابْن أَخِيه، ثمَّ لم يبْق فِي عقب صَلَاح الدّين بل انْتقل إِلَى أَخِيه الْعَادِل وعقبه، وَلم يبْق لأَوْلَاد صَلَاح الدّين غير حلب وَسبب ذَلِك كَثْرَة قتل من يتَوَلَّى أَولا، وَأَخذه الْملك وعيون أَهله وَقُلُوبهمْ مُتَعَلقَة بِهِ فَيحرم عقبه، ثمَّ أَن صَلَاح الدّين قتل مؤتمن الْخلَافَة، وَكَانَ مقدم السودَان حفاظ الْقصر فَجرى بَينه وَبينهمْ بَين القصرين وقْعَة عَظِيمَة انهزم فِيهَا السودَان وتبعهم صَلَاح الدّين فأجلاهم قتلا وتشريداً، وَحكم على الْقصر وَأقَام فِيهِ بهاء الدّين قُرَّة قوش الْأَسدي الْخصي الْأَبْيَض وَبَقِي لَا يجْرِي فِي الْقصر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا بِأَمْر صَلَاح الدّين.

وفيهَا: كسر إيلدكز إينانج صَاحب الرّيّ، وأطمع إيلدكز غلْمَان إينانج فِي الإقطاعات إِن قَتَلُوهُ فَقَتَلُوهُ فَلم يَفِ لَهُم وَلحق بَعضهم وَهُوَ الْقَائِل بخوارزم شاه فصلبه لخيانته أستاذه.

وفيهَا: توفّي الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الفارقي أحد الزهاد ذَوي الكرامات الْمُتَكَلِّمين على الخواطر وَكَلَامه مَجْمُوع مَشْهُور.

وفيهَا: توفّي ياروق أرسلان مقدم كَبِير تركماني عَظِيم الْخلقَة سكن بِظَاهِر حلب وعمائر أَتْبَاعه بِظَاهِر قونق يعرف بالياروقية.

قلت وفيهَا: توفّي الشَّيْخ أَبُو عمر وَعُثْمَان بن مَرْزُوق بن حميد بن سَلامَة الْقرشِي الْحَنْبَلِيّ بِمصْر، وَدفن بالقرافة شَرْقي قبر الشَّافِعِي وقبره مَعْرُوف أفتى بِمصْر، ودرس وناظر وَخرج وأملى وقصده الطّلبَة.

وَله كرامات ظَاهِرَة، وَمن كَلَامه الطَّرِيق إِلَى معرفَة الله تَعَالَى وَصِفَاته الْفِكر وَالِاعْتِبَار

ص: 75

بِحكمِهِ وآياته، وَلَا سَبِيل للألباب إِلَى معرفَة كنه ذَاته وَلَو تناهت الحكم الإلهية فِي حد الْعُقُول، أَو انحصرت الْقُدْرَة الربانية فِي دَرك الْعُلُوم لَكَانَ ذَلِك تقصيراً فِي الْحِكْمَة ونقصاً فِي الْقُدْرَة وَلَكِن احْتَجَبت أسرار الْأَزَل عَن الْعُقُول كَمَا استنرت سبحات الْجلَال عَن الْأَبْصَار، فقد رَجَعَ معنى الْوَصْف فِي الْوَصْف، وعمى الْفَهم عَن الدَّرك، وَدَار الْملك فِي الْملك، وانْتهى الْمَخْلُوق إِلَى مثله وَأسْندَ الطّلب إِلَى شكله، وخشعت الْأَصْوَات للرحمن، فَلَا تسمع إِلَّا همسا، فَجَمِيع الْمَخْلُوقَات من الذّرة إِلَى الْعَرْش سبل مُتَّصِلَة إِلَى مَعْرفَته، وحجج بَالِغَة على أزليته، والكون جَمِيعه ألسن ناطقة بوحدانيته، وَالْعلم كُله كتاب يقْرَأ حُرُوف أشخاصه المتبصرون على قدر بصائرهم.

قيل: أَنه كَانَ من أوتاد مصر، وَزَاد النّيل سنة زِيَادَة عَظِيمَة وَخيف الْغَرق فاستغاث النَّاس بِهِ فَأتى إِلَى شاطئ النّيل وَتَوَضَّأ مِنْهُ فنقص فِي الْحَال نَحْو ذراعين وَنزل حَتَّى زرع النَّاس فِي الْيَوْم الثَّانِي، وَلم يطلع النّيل سنة وغلا السّعر وَفَاتَ أَكثر وَقت الزَّرْع وَخيف الْهَلَاك فَتَوَضَّأ فِي شاطئ النّيل بإبريق كَانَ مَعَ خادمه فَزَاد النّيل فِي ذَلِك الْيَوْم، وَتَتَابَعَتْ زِيَادَته حَتَّى انْتهى إِلَى حَده وبورك فِي زرع تِلْكَ السّنة ببركة الشَّيْخ.

وَكَانَ يطوى لَهُ الْبعيد، وكراماته مَجْمُوعَة وَالله أعلم.

ثمَّ دخلت سنة خمس وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة: فِيهَا حصر الفرنج دمياط، وَكَانَت مشحونة بِالرِّجَالِ والذخائر من جِهَة صَلَاح الدّين خمسين يَوْمًا، وأغار نور الدّين على بِلَادهمْ فرحلوا وَمَا ظفروا بهَا، قَالَ صَلَاح الدّين: مَا رَأَيْت أكْرم من العاضد أرسل إِلَيّ مُدَّة مقَام الفرنج على دمياط ألف ألف دِينَار مصرية سوى الثِّيَاب وَغَيرهَا.

وفيهَا: حاصر نور الدّين الكرك ثمَّ رَحل عَنْهَا.

وفيهَا: زلزل الشَّام عَظِيما فاشتغل كل من الْمُسلمين والفرنج بعمارة مَا خرب عَن الْحَرْب.

وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة مَاتَ قطب الدّين مودود بن زنكي صَاحب الْموصل بالحمى المحرقة وعمره أَرْبَعُونَ تَقْرِيبًا، وَملكه إِحْدَى وَعِشْرُونَ سنة وَخَمْسَة أشهر وَنصف.

وَكَانَ حسن السِّيرَة، وَصرف أَرْبَاب الدولة الْملك عَن ابْنه عماد الدّين زنكي بن مودود إِلَى سيف الدّين غَازِي بن مودود وَهُوَ الْأَصْغَر فَسَار زنكي إِلَى عَمه نور الدّين مستنصراً بِهِ.

وفيهَا: توفّي طغرل بك بن قاروت بك صَاحب كرمان، وَملك بعده ابْنه بهْرَام شاه ونزعه أَخُوهُ أرسلان شاه فاتفق موت أرسلان شاه.

وفيهَا: توفّي مجد الدّين أَبُو بكر بن الداية رَضِيع نور الدّين مقطع حلب وحارم وقلعة جعبر فَأقر نور الدّين أَخَاهُ عليا على ذَلِك.

ص: 76