المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ نبينا وعليه وسلم فارتاب في ذلك فأقدم على فتح الباب المذكور بعد أن نهي عن ذلك فوجد بابا عليه تأزير رخام أبيض، ووجد في ذلك تابوت رخام أبيض فوقه رخامة تبيضاء مربعة فرفعت الرخامة عن التابوت فإذا فيها بعض جمجمة فهرب الحاضرون هيبة لها، ثم رد - تاريخ ابن الوردي - جـ ٢

[ابن الوردي الجد، زين الدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(ذكر وُصُول ملكشاه إِلَى حلب)

- ‌ملك يُوسُف بن تاشفين غرناطة وانقراض دولة الصناهجة

- ‌ذكر ملك كربوغا الْموصل

- ‌ذكر ملك الفرنج بَيت الْمُقَدّس

- ‌ وَله كتاب تَقْوِيم الْأَبدَان وَغَيره، ووقف كتبه وَجعلهَا فِي مشْهد أبي حنيفَة

- ‌فِيهَا استولى سقمان القطبي التركي وَيُسمى سكمان على خلاط كَانَ مَمْلُوكا لإسماعيل صَاحب مَدِينَة مرند من أذربيجان، ولقب إِسْمَاعِيل قطب الدّين وَكَانَ من بنير سلجوق، وَلذَلِك قيل لسكمان القطبي، وَنَشَأ سكمان شهماً كَافِيا، وَكَانَت خلاط لبني مَرْوَان وظلموا واشتهر عدل

- ‌كَانَ القَاضِي أَبُو عبيد الله بن مَنْصُور عرف بِابْن صليحة قد استولى على جبلة وحاصره الفرنج فَأرْسل إِلَى طغتكين أتابك دقاق صَاحب دمشق يطْلب مِنْهُ من يتسلم مِنْهُ جبلة ويحفظها، فَأرْسل إِلَيْهَا طغتكين ابْنه تَاج الْملك بورى فتسلمها وأساء السِّيرَة، فكاتب أَهلهَا أَبَا عَليّ بن

- ‌أول عظمهم بعد السُّلْطَان ملكشاه، وملكوا قلاعاً مِنْهَا قلعة أَصْبَهَان مستجدة بناها ملكشاه، وَسبب بنائها أَن كَلْبا هرب مِنْهُ فِي الصَّيْد وَمَعَهُ رَسُول الرّوم فَصَعدَ الْكَلْب إِلَى

- ‌حَال طرابلس مَعَ الفرنج

- ‌ابْتِدَاء أَمر مُحَمَّد بن يومرت وَملك عبد الْمُؤمن

- ‌ بِخُرُوجِهِ، فاستفحل أمره وَقَامَ عبد الْمُؤمن بن عَليّ فِي عشرَة أنفس وَقَالُوا لَهُ: أَنْت الْمهْدي وَبَايَعُوهُ على ذَلِك، وتبعهم غَيرهم فَأرْسل ابْن تاشفين إِلَيْهِ جَيْشًا فَهَزَمَهُمْ فَأَقْبَلت الْقَبَائِل تبايعه، وَعظم أمره واستوطن جبلا عِنْد سمليك وَرَأى فِي جموعه قوما خافهم فَقَالَ: إِن

- ‌ذكر ملك زنكي حلب

- ‌قتل الإسماعيلية وَحصر الفرنج دمشق

- ‌خلع الراشد وَولَايَة المقتفي

- ‌فعل ملك الرّوم بِالشَّام

- ‌مقتل الراشد

- ‌ والقضيب أخذا من المسترشد وأعيدا إِلَى المقتفي.وفيهَا: ملك الإسماعيلية حصن مصياث بِالشَّام، تسلقوا على وَالِي بني منقذ وقتلوه وملكوه.وفيهَا: توفّي الْفَتْح بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن خاقَان قَتِيلا فِي فندق بمراكش، فَاضل فِي الْأَدَب، لَهُ قلائد العقبان

- ‌ظُهُور الْمُلُوك الغورية وانقراض دولة آل سبكتكين

- ‌أَخْبَار بني منقذ والزلازل

- ‌ذكر فتح المهدية

- ‌ذكر مسير سُلَيْمَان شاه إِلَى هَمدَان وَقَتله

- ‌ نَحْو خَمْسَة عشر ذِرَاعا.وجمال الدّين هَذَا هُوَ الَّذِي جدد مَسْجِد الْخيف بمنى، وَبنى الْحجر بِجَانِب الْكَعْبَة وزخرف الْكَعْبَة وبذل جملَة طائلة لصَاحب مَكَّة وللمقتفي حَتَّى مكنه من ذَلِك، وَبنى الْمَسْجِد الَّذِي على عَرَفَات وَعمل الدرج إِلَيْهِ وَعمل بِعَرَفَات مصانع المَاء، وَبنى سوراً

- ‌ذكر ملك شيركوه مصر، وَقتل شاور وبتداء الدولة الأيوبية

- ‌شيركوه وَأَيوب

- ‌ذكر الْخطْبَة العباسية بِمصْر وانقراض الدولة العلوية

- ‌ملك توران شاه الْيمن

- ‌ملك صَلَاح الدّين دمشق وحمص وحماه

- ‌وقْعَة حطين

- ‌ وَحضر مَعَه فتوحاته، وَكَانَ يرجع إِلَى قَوْله تبركاُ بِصُحْبَتِهِ، وَدخل السُّلْطَان دمشق فِي رَمَضَان الْمُعظم، فأشير عَلَيْهِ بتفريق العساكر ليريحوا ويستريحوا، فَقَالَ: إِن الْعُمر قصير، وَالْأَجَل غير مَأْمُون، وَكَانَ لما سَار إِلَى الشمَال قد ترك على الكرك وَغَيرهَا من يحصرها وَأَخُوهُ

- ‌حِصَار عكا

- ‌ذكر اسْتِيلَاء الفرنج على عكا

- ‌وَفَاة الْملك المظفر

- ‌عقد الْهُدْنَة مَعَ الفرنج

- ‌قتل طغرل بك وَملك خوارزم شاه الرّيّ

- ‌انتزاع دمشق من الْأَفْضَل

- ‌ رَبنَا آمنا بِمَا أنزلت وَاتَّبَعنَا الرَّسُول، أَيهَا النَّاس: إِنَّا لَا نقُول إِلَّا مَا صَحَّ عندنَا عَن رَسُول الله

- ‌ وَبكى وَبكى الكرامية، فثار النَّاس

- ‌ أَبُو بكر أَو عَليّ رضي الله عنهما؟ فَقَالَ: أفضلهما من كَانَت ابْنَته تَحْتَهُ فأرضى الطَّائِفَتَيْنِ وينتسب إِلَى مشرعة الْجَوْز من محَال بَغْدَاد وَالله أعلم.ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا خرب الظَّاهِر قلعة منبج خوفًا من انتزاعها مِنْهُ، وأقطعها عماد الدّين

- ‌الْحَوَادِث بِالْيمن

- ‌ذكر قتل شهَاب الدّين ملك الغورية

- ‌ذكر قصد ملك الرّوم حلب

- ‌ذكر وَفَاة الْملك الْعَادِل

- ‌ذكر اسْتِيلَاء الْملك النَّاصِر على حماه

- ‌اسْتِيلَاء الْملك المظفر غَازِي بن الْعَادِل على خلاط وميافارقين

- ‌مسير التتر إِلَى خوارزم شاه وهزيمته وَمَوته

- ‌عود دمياط إِلَى الْمُسلمين

- ‌حَادِثَة غَرِيبَة

- ‌عصيان المظفر غَازِي بن الْعَادِل على أَخِيه الْأَشْرَف

- ‌وَفَاة ملك الْمغرب وَمَا كَانَ بعده

- ‌ذكر ملك المظفر مَحْمُود بن الْمَنْصُور مُحَمَّد لحماه

- ‌كسرة جلال الدّين

- ‌تَلْخِيص من تَارِيخ جلال الدّين

- ‌اسْتِيلَاء الْعَزِيز بن الظَّاهِر على شيزر

- ‌ وَينْفق عَلَيْهِ الْأَمْوَال الجليلة.ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة: فِيهَا فِي الْمحرم توفّي شهَاب الدّين طغرل بك الأتابك بحلب.قلت: وَله أوقاف مبرورة وواقعته مَعَ الشَّيْخ نَبهَان بن غيار الحبريني العَبْد الصَّالح مَشْهُورَة، وَالله أعلم

- ‌ تصدق رجل من ديناره من درهمه من صَاع بره من صَاع تمره.وروى أَبُو زيد: أكلت خَبرا لَحْمًا تَمرا.قَالَ الشَّاعِر:(كَيفَ أَصبَحت كَيفَ أمسيت مِمَّا…يغْرس الود فِي فؤاد الْكَرِيم)وَأما بَيت أبي الطّيب فمصطبر ومقتحم مجروران قيل بِمن الْمقدرَة وَهُوَ بعيد

- ‌اسْتِيلَاء النَّاصِر صَاحب حلب على دمشق

- ‌ تعلق فِي أَسْتَار الْحُجْرَة الشَّرِيفَة وَقَالَ: اشْهَدُوا أَن هَذَا مقَامي من رَسُول الله

- ‌ وَكَانَت تضيء بِاللَّيْلِ من مَسَافَة بعيدَة جدا. ولعلها النَّار الَّتِي ذكرهَا رَسُول الله

- ‌ فمما نظم المشد سيف الدّين عمر بن قزل يُخَاطب بِهِ النَّبِي

- ‌ وَقع مِنْهُم فِي بعض اللَّيَالِي تَفْرِيط، فاشتعلت النَّار فِي الْمَسْجِد الشريف، واحترقت سقوفه وتألم النَّاس لذَلِك.قلت: وَكَانَ أصل هَذَا الْحَرِيق من مسرجة قيم، وَقلت فِي ذَلِك:(وَالنَّار أَيْضا من جنود نَبينَا…لم تأت إِلَّا بِالَّذِي يخْتَار)(متغلبون يزخرفون بسحتهم

- ‌ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة: فِيهَا قصد هولاكو ملك التتر بَغْدَاد، وملكها فِي الْعشْرين من الْمحرم، وَقتل الْخَلِيفَة المستعصم بِاللَّه وَسَببه أَن وَزِير الْخَلِيفَة مؤيد الدّين بن العلقمي، كَانَ رَافِضِيًّا وَأهل الكرخ روافض فَافْتتنَ السّنيَّة والشيعة بِبَغْدَاد كعادتهم فَأمر

- ‌قصد هولاكو الشَّام

- ‌سلطنة الْحلَبِي بِدِمَشْق

- ‌قبض الْملك السعيد وعود التتر

- ‌ ففرغ فِي أَربع سِنِين وَالله أعلم.وفيهَا: فِي تَاسِع عشر ربيع الآخر هلك هولاكو بن طلو بن جنكيزخان وَترك خَمْسَة عشر ابْنا.وَملك بعده ابْنه أبغاً الْبِلَاد الَّتِي كَانَت بيد أَبِيه وَهِي أقليم خُرَاسَان وكرسيه نيسابور وإقليم عراق الْعَجم وتعرف بِبِلَاد الْجَبَل وكرسيه

- ‌ وأماننا لأخينا السُّلْطَان الْملك المظفر شمس الدّين يُوسُف بن عمر صَاحب الْيمن إننا رَاعُونَ لَهُ ولأولاده، مسالمون من سالمهم، معادون من عاداهم وَنَحْو ذَلِك، وَأرْسل إِلَيْهِ هَدِيَّة من أسلاب التتر وخيلهم.وفيهَا: مَاتَ منكوتمر بن هولاكو بن طلو بن جنكيزخان بِجَزِيرَة

- ‌فتح حموص وَغَيرهَا

- ‌ذكر المتجددات بعد الكسرة

- ‌قدوم قبجق إِلَى حماه

- ‌ثمَّ دخلت سنة خمس وَسَبْعمائة: فِي الْمحرم مِنْهَا أرسل قرا سنقر نَائِب حلب مَعَ مَمْلُوكه قشتمر عسكراً إِلَى سيس.وَكَانَ قشتمر ضَعِيف الْعقل مشتغلاً بِالْخمرِ فاستهان بالعدو فَجمع صَاحب سيس سنباط من الأرمن والفرنج والتتر ووصلوا إِلَى غَزَّة وقاتلوهم قرب إِيَاس فَانْهَزَمَ

- ‌ ألْقى الله فِي قُلُوبهم الرعب وَهَزَمَهُمْ.قلت:(مَا ذكرُوا الْمُصْطَفى بِسوء…إِلَّا وسيق البلا إِلَيْهِم)(فحبه رَحْمَة علينا…وسبه نقمة عَلَيْهِم)وقاسى الْعَسْكَر فِي هدم الأبراج مشقة فَإِنَّهَا كَانَت مكلبة بحديد ورصاص وَعرض السُّور ذِرَاعا بالنجاري، ونقبت

- ‌ أشعاراً، وَمَا أرق قَوْله:(لَا تسْأَل يَا حبيب قلبِي…مَا تمّ عَليّ فِي هواكا)(الْعرض فقد صلوت عَنهُ…وَالنَّفس جَعلتهَا فداكا)وَقَوله دو بَيت:(يَا عصر شَبَابِي المفدي أَرَأَيْت…مَا أسْرع مَا بَعدت عني ونأيت)(قد كنت مساعدي على كَيْت وَكَيْت…وَالْيَوْم

- ‌ فجَاء نقيب الحكم بدر الدّين مُحَمَّد بن نجم الدّين إِسْحَاق وأزاح الْعَقْرَب عَن كم النَّبِي

- ‌ لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد مَعَ اعترافه بِأَن الزِّيَارَة بِلَا شدّ رَحل قربَة فشنعوا عَلَيْهِ بهَا، وَكتب فِيهَا جمَاعَة بِأَنَّهُ يلْزم من مَنعه شَائِبَة تنقيص للنبوة فيكفر بذلك.وَأفْتى عدَّة بِأَنَّهُ مُخطئ بذلك خطأ الْمُجْتَهدين المغفور لَهُم وَوَافَقَهُ جمَاعَة وَكَبرت الْقَضِيَّة

- ‌ أَمر بقتل الْكلاب مرّة، ثمَّ صَحَّ أَنه نهى عَن قَتلهَا، قَالَ: وَاسْتقر الشَّرْع عَلَيْهِ على التَّفْصِيل الْمَعْرُوف فَأمر بقتل الْأسود إِلَيْهِم، وَكَانَ هَذَا فِي الإبتداء وَهُوَ الْآن مَنْسُوخ، هَذَا كَلَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَلَا مزِيد على تَحْقِيقه وَالله أعلم

- ‌ رد عليه السلام من الْحُجْرَة وَقَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام يَا مهنا، ثمَّ عَاد إِلَى الفوعة وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة

- ‌ نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم فارتاب فِي ذَلِك فأقدم على فتح الْبَاب الْمَذْكُور بعد أَن نهي عَن ذَلِك فَوجدَ بَابا عَلَيْهِ تأزير رُخَام أَبيض، وَوجد فِي ذَلِك تَابُوت رُخَام أَبيض فَوْقه رخامة تبيضاء مربعة فَرفعت الرخامة عَن التابوت فَإِذا فِيهَا بعض جمجمة فهرب الْحَاضِرُونَ هَيْبَة لَهَا، ثمَّ رد

- ‌ فِيمَن صَامَ الدَّهْر لَا صَامَ وَلَا أفطر على أَنه دُعَاء عَلَيْهِ وَفِي حق من نذور وَلم يتَضَرَّر خَمْسَة أَقْوَال الْوُجُوب وَهُوَ إختيار أَكثر الأصاحب وَالْإِبَاحَة وَالْكَرَاهَة وَالتَّحْرِيم وَفِي حق من يتَضَرَّر بِأَن تفوته السّنَن أَو الِاجْتِمَاع بالأهل ثَلَاثَة أَقْوَال التَّحْرِيم وَالْكَرَاهَة وَالْإِبَاحَة وَلَا يَجِيء

- ‌ مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر رضي الله عنهم عَن نَبينَا سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب

- ‌ وَفِيه: ورد الْخَبَر إِلَى حلب أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين عَليّ بن السُّبْكِيّ تولى قَضَاء الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة بِدِمَشْق المحروسة بعد أَن حدث الْخَطِيب بدر الدّين مُحَمَّد بن القَاضِي جلال الدّين نَفسه بذلك وَجزم بِهِ وَقبل الهناء فَقَالَ فِيهِ بعض أهل دمشق:(قد سبك السُّبْكِيّ قلب الْخَطِيب

- ‌وفيهَا: فِي الْعشْرين من شهر رَجَب توفّي بجبرين الشَّيْخ مُحَمَّد بن الشَّيْخ نَبهَان كَانَ لَهُ الْقبُول التَّام عِنْد الْخَاص وَالْعَام، وناهيك أَن طشتمر حمص أَخْضَر على قُوَّة نَفسه وشممه وقف على زاويته بجبرين حِصَّة من قَرْيَة حريثان لَهَا مغل جيد وَبِالْجُمْلَةِ فَكَأَنَّمَا مَاتَت بِمَوْتِهِ مَكَارِم

- ‌ حسن الخظ، وَله نظم، كَانَ كَاتبا ثمَّ صَار داوندار قبجق بحماه ثمَّ شاد الدَّوَاوِين بحلب ثمَّ حاجباً بهَا ثمَّ دواتدار الْملك النَّاصِر ثمَّ نَائِبا بالإسكندرية ثمَّ أَمِيرا بحلب وشاد المَال وَالْوَقْف ثمَّ أَمِيرا بطرابلس رَحمَه الله تَعَالَى.وفيهَا: فِي شعْبَان بلغنَا وَفَاة الشَّيْخ

- ‌ فَمن أعدى الأول استرسل ثعبانه وانساب " وَسمي طاعون الْأَنْسَاب وَهُوَ سادس طاعون وَقع فِي الْإِسْلَام، وَعِنْدِي أَنه الموتان الَّذِي أنذر بِهِ نَبينَا عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ وَكَانَ:(أعوذ بِاللَّه رَبِّي من شَرّ طاعون النّسَب…باروده المستعلي قد طَار فِي الأقطار)

الفصل: ‌ نبينا وعليه وسلم فارتاب في ذلك فأقدم على فتح الباب المذكور بعد أن نهي عن ذلك فوجد بابا عليه تأزير رخام أبيض، ووجد في ذلك تابوت رخام أبيض فوقه رخامة تبيضاء مربعة فرفعت الرخامة عن التابوت فإذا فيها بعض جمجمة فهرب الحاضرون هيبة لها، ثم رد

القَاضِي الشَّافِعِي وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ بحلب مدرسيها، وَذَلِكَ عِنْد عوده من بلد سيس صُحْبَة الْعَسْكَر متصرفاً إِلَى منزله بطرابلس.

قلت: وَلَقَد كَانَت الدَّار الْمَذْكُورَة باكية لعدم بني العديم فَصَارَت راضية بِالْحَدِيثِ عَن الْقَدِيم نزع الله عَنْهَا لِبَاس الْبَأْس ولحزن وعوضها بحلة يُوسُف عَن شقة الْكَفَن فكمل رخامها وذهبها وَجعل ثمال الْيَتَامَى عصمَة للأرامل مكتبها وكملها بالفروع الموصلة وَالْأُصُول المفرغة وجمله بالمرابع المذهبة والمذاهب الْأَرْبَعَة وَبِالْجُمْلَةِ فقد كتبهَا صَلَاح الدُّنْيَا فِي ديوَان صَلَاح الدّين إِلَى يَوْم الْعرض وتلا لِسَان حسنها اليوسفي، وَكَذَلِكَ مكنا ليوسف فِي الأَرْض، وَلما وقف الْأَمِير صَلَاح الدّين الْمَذْكُور على هَذِه التَّرْجَمَة تهلل وَجهه، وَقَالَ: مَا مَعْنَاهُ يَا ليتك زدتنا من هَذَا.

وفيهَا: توفّي الشَّيْخ الْكَبِير الشهير المتزهد مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمجد المرشدي بقريته من عمل مصر لَهُ أَحْوَال وَطَعَام يتَجَاوَز الْوَصْف وَيُقَال أَنه كَانَ مخدوماً قيل أَنه انفق فِي ثَلَاث لَيَال مَا يُسَاوِي خَمْسَة وَعشْرين ألفا رَحمَه الله تَعَالَى ونفعنا بِهِ.

ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة: فِيهَا فِي الْمحرم توفّي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مجد الدّين مُحَمَّد بن قرناص دخل بِلَاد سيس لكشف الفتوحات الجهانية فَتوفي هُنَاكَ رَحمَه الله تَعَالَى وَدفن بتربة هُنَاكَ للْمُسلمين.

وفيهَا: فِي صفر توفّي بدر الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الدقاق الدِّمَشْقِي نَاظر الْوَقْف بحلب.

وَفِي أَيَّام نظره فتح الْبَاب المسدود الَّذِي بالجامع بحلب شَرق الْمِحْرَاب الْكَبِير لِأَنَّهُ سمع أَن بِالْمَكَانِ الْمَذْكُور رأٍس زَكَرِيَّا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -‌

‌ نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم فارتاب فِي ذَلِك فأقدم على فتح الْبَاب الْمَذْكُور بعد أَن نهي عَن ذَلِك فَوجدَ بَابا عَلَيْهِ تأزير رُخَام أَبيض، وَوجد فِي ذَلِك تَابُوت رُخَام أَبيض فَوْقه رخامة تبيضاء مربعة فَرفعت الرخامة عَن التابوت فَإِذا فِيهَا بعض جمجمة فهرب الْحَاضِرُونَ هَيْبَة لَهَا، ثمَّ رد

التابوت وَعَلِيهِ غطاؤه إِلَى مَوْضِعه وسد عَلَيْهِ الْبَاب وَوضعت خزانَة الْمُصحف الْعَزِيز على الْبَاب، وَمَا أنجح النَّاظر الْمَذْكُور بعد هَذِه الْحَرَكَة وابتلي بالصرع إِلَى أَن عض لِسَانه فَقَطعه وَمَات، نسْأَل الله أَن يلهمنا حسن الْأَدَب.

وفيهَا: فِي أَوَاخِر ربيع الأول قدم إِلَى حلب الْعَلامَة القَاضِي فَخر الدّين مُحَمَّد بن عَليّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن كَاتب قطلوبك واحتفل بِهِ الحلبيون وَحصل لنا فِي الْبَحْث مَعَه فَوَائِد مِنْهَا قَوْلهم إِذا طلب الشَّافِعِي من القَاضِي الْحَنَفِيّ شُفْعَة الْجَار لم يمْنَع على الصَّحِيح لِأَن حكم الْحَاكِم يرفع الْخلاف قَالَ وَهَذَا مُشكل فَإِن حم الْحَاكِم ينفذ ظَاهرا بِدَلِيل قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -: " فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من نَار " وَأما كَون القَاضِي لَا ينْقض هَذَا الحكم فَتلك سياسة حكمِيَّة.

ص: 305

وَمِنْهَا قَوْلهم يقْضِي الشَّافِعِي الصَّلَاة إِذا اقْتدى بالحنفي علم أَنه ترك وَاجِبا كالبسملة يَعْنِي على الصَّحِيح وَلَا يقْضِي الْمُقْتَدِي بحنفي افتصد وَلم يتَوَضَّأ قَالَ: وَهَذَا مُشكل فَإِن الْحَنَفِيّ إِذا افتصد وَلم يتَوَضَّأ وَصلى فَهُوَ متلاعب على اعْتِقَاده فَيَنْبَغِي أَن يقْضِي الشَّافِعِي الْمُقْتَدِي بِهِ وَإِذا ترك الْبَسْمَلَة فَصلَاته صَحِيحَة عِنْده فَيَنْبَغِي أَن لَا يقْضِي الشَّافِعِي الْمُقْتَدِي بِهِ وَفِيه نظر.

وَمِنْهَا قَوْلهم فِي الصَدَاق أَن قيمَة النّصْف غير نصف الْقيمَة هَذَا مَعْرُوف وَلكنه قَالَ قَول الرَّافِعِيّ وَغَيره أَن الزَّوْج فِي مسَائِل التشطير يغمها نصف الْقيمَة النّصْف مُشكل.

وَكَانُوا بِدِمَشْق لَا يساعدونني على استشكاله حَتَّى رَأَيْته لإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَذَلِكَ لِأَن الْقيمَة خلف لما تلف وَإِنَّمَا يسْتَحق نصف الصَدَاق فليغرمها قيمَة النّصْف لَا نصف الْقيمَة.

وَمِنْهَا: أَنه ذكر أَن الشَّيْخ صدر الدّين لما قدم من مصر قَالَ: لقد سَأَلَني ابْن دَقِيق الْعِيد عَن مَسْأَلَة أسهرته لَيْلَتَيْنِ وَصورتهَا رجل قَالَ لزوجته: إِن طننت بِي كَذَا فَأَنت طَالِق، فظنت بِهِ ذَلِك قَالُوا: تطلق، وَمَعْلُوم أَن الظني لَا ينْتج قَطْعِيا فَكيف أنتج هُنَا الْقطعِي؟ قَالَ الْعَلامَة فَخر الدّين: وَكنت يَوْمئِذٍ صَبيا فَقلت لَيْسَ هَذَا من ذَلِك فَإِن الْمَعْنى إِن حصل لَك الظَّن بِكَذَا فَأَنت طَالِق والحصول قَطْعِيّ فينتج قَطْعِيا، فَقَالَ صدر الدّين بِهَذَا أَجَبْته.

وَمِنْهَا: قَوْلهم إِذا ادّعى على امْرَأَة فِي حبالة رجل أَنَّهَا زَوجته فَقَالَت: " طلقتني تجْعَل زَوجته وَيحلف أَنه لم يُطلق رآى فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَا يرَاهُ شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين بن الْبَارِزِيّ وَهُوَ أَن المُرَاد بذلك امْرَأَة مُبْهمَة الْحَال.

وَمِنْهَا: إِنَّمَا انْعَقَد السّلم بِجَمِيعِ أَلْفَاظ البيع وَلم ينْعَقد البيع بِلَفْظ السّلم لِأَن البيع يَشْمَل بيع الْأَعْيَان وَبيع مَا فِي الذِّمَّة، فَصدق البيع عَلَيْهِمَا صدق الْحَيَوَان على الْإِنْسَان وَالْفرس، فَإِذا الْحَيَوَان جنس لهذين النَّوْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ البيع جنس لهذين النَّوْعَيْنِ بِخِلَاف السّلم فَإِنَّهُ بيع مَا فِي الذِّمَّة فَلَا يصدق على بيع الْعين كالنوع لَا يصدق على الْجِنْس وَلذَلِك تسمعهم يَقُولُونَ الْجِنْس يصدق على النَّوْع وَلَا عكس.

وَمِنْهَا: قَوْلهم يسْجد للسَّهْو بِنَقْل ركن ذكري إِن أُرِيد بِهِ أَنه ترك الْفَاتِحَة مثلا فِي الْقيام وَقرأَهَا فِي التَّشَهُّد سَهوا فَهَذَا يطْرَح غير المنظوم وَإِن فعل ذَلِك عمدا بطلت صلَاته وَإِن أُرِيد غير ذَلِك فَمَا صورته؟

فَأجَاب: إِن صُورَة الْمَسْأَلَة أَن يقْرَأ الْفَاتِحَة فِي الْقيام ثمَّ يَقْرَأها فِي التَّشَهُّد مثلا فَوَافَقَ ذَلِك جَوَابنَا فِيهَا.

وَمِنْهَا: أَنهم قَالُوا خمس رَضعَات تحرم بِشَرْط كَون اللَّبن المحلوب فِي خمس مَرَّات على الصَّحِيح، ثمَّ ذكرُوا قَطْرَة اللَّبن تقع فِي الْحبّ وَهَذَا تنَاقض فَقَالَ لَا تنَاقض فَالْمُرَاد بقطرة اللَّبن فِي الْحبّ إِذا وَقعت تَتِمَّة لما قبلهَا وَهَذَا حسن مُهِمّ فَإِن شَيخنَا لفراره من مثل ذَلِك شَرط أَن يكون اللَّبن المغلوب بِمَا شيب بِهِ قدرا يُمكن أَن يسْقِي مِنْهُ خمس دفعات لَو

ص: 306

انْفَرد عَن الخليط، وَلَا شكّ أَن هَذَا قَول ضَعِيف وَالصَّحِيح عِنْد الرَّافِعِيّ إِن هَذَا لَا يشْتَرط والناقض ينْدَفع بِمَا تقدم من جَوَاب الْعَلامَة فَخر الدّين.

وفيهَا: وَأَظنهُ فِي ربيع الآخر ورد الْخَبَر إِلَى حلب بِأَن نَائِب الشَّام تنكز قبض على علم الدّين كَاتب السِّرّ القبطي الأَصْل بِدِمَشْق، وَولى مَوْضِعه القَاضِي شهَاب الدّين يحيى بن القَاضِي عماد الدّين إِسْمَاعِيل بن القيسراني الخالدي وعذب النَّائِب الْعلم الْمَذْكُور وعاقبه وصادره وَبَينه وَبَين الْعَلامَة فَخر الدّين الْمصْرِيّ قرَابَة فَلحقه شؤمه ولفحه سمومه وسافر من حلب خَائفًا من نَائِب الشَّام فَلَمَّا وصل دمشق رسم عَلَيْهِ مُدَّة وعزل عَن مدارسه وجهاته ثمَّ فك الترسيم عَنهُ وَبعد موت تنكز عَادَتْ إِلَيْهِ جهاته وَحسنت حَاله وَللَّه الْحَمد.

وفيهَا: فِي رَجَب ورد الْخَبَر بوفاة القَاضِي شهَاب الدّين مُحَمَّد بن الْمجد عبد الله قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي بِدِمَشْق صدمت بغلته بِهِ حَائِطا فَمَاتَ بعد أَيَّام وَخلق النَّاس مَوضِع الصدمة من ذَلِك الْحَائِط بالخلوق وَمن لطف الله بِهِ أَن السُّلْطَان عَزله بِمصْر يَوْم مَوته بِدِمَشْق، وعزل القَاضِي جلال الدّين مُحَمَّد الْقزْوِينِي عَن قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِمصْر وَنَقله إِلَى الْقَضَاء بِالشَّام مَوضِع ابْن الْمجد ورسم بمصادرة ابْن الْمجد فَلَمَّا مَاتَ صودر أَهله وَكَانَ ابْن الْمجد فِيهِ خير وَشر ودهاء ومروءة.

قلت:

(لَا ييأس مخلط

من رحمه الله الْعَفو)

(دَلِيل هَذَا قَوْله

وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا)

وَولي بعد جلال الدّين قَضَاء الديار المصرية قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز ابْن قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين مُحَمَّد بن جمَاعَة وَأحسن السِّيرَة وعزل القَاضِي برهَان الدّين بن عبد الْحق أَيْضا عَن قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالديار المصرية وَولى مَكَانَهُ القَاضِي حسام الدّين الغوري قَاضِي الْقُضَاة بِبَغْدَاد كَانَ الْوَافِد إِلَى مصر عقيب الْفِتَن الكائنة بالمشرق لمَوْت أبي سعيد.

وفيهَا: فِي رَجَب أَيْضا بَاشر القَاضِي بهاء الدّين حسن بن القَاضِي جمال الدّين سلمَان بن رَيَّان مَكَان وَالِده نظر الجيوش بحلب فِي حَيَاة وَالِده وبسعيه لَهُ.

وفيهَا: فِي رَجَب مَاتَ بحلب فَاضل الْحَنَفِيَّة بهَا الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد ابْن الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بن دَاوُد ولى قَضَاء عزاز ثمَّ نِيَابَة الْقَضَاء بحلب مُدَّة ثمَّ انْقَطع إِلَى الْعلم وَله مصنفات وَولي إبنه دَاوُد جهاته.

وفيهَا: فِي رَمَضَان توفّي القَاضِي مُحي الدّين يحيى بن فضل الله كَاتب السِّرّ بِمصْر وَقد ناف على التسعين وَله نظم ونثر.

وفيهَا: أخرج الْخَلِيفَة أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان المستكفي بِاللَّه من مَكَانَهُ بِمصْر عنفاً إِلَى قوص، وَقلت فِي ذَلِك مضمناً من القصيدة الْمَشْهُورَة لأبي الْعَلَاء بَيْتا وَبَعض بَيت:

(أخرجوكم إِلَى الصَّعِيد لعذر

غير مجد فِي ملتي واعتقادي)

ص: 307

(لَا يغيركم الصَّعِيد وَكُونُوا

فِي مثل السيوف فِي الأغماد)

وفيهَا: فِي رَمَضَان أَيْضا ورد الْخَبَر إِلَى حلب بوفاة الْعَلامَة زين الدّين مُحَمَّد بن أخي الشَّيْخ صدر الدّين بن الْوَكِيل الْمَعْرُوف بِابْن المرحل من أكَابِر الْفُقَهَاء المفننين المدرسين الْأَعْيَان المتأهلين للْقَضَاء بِدِمَشْق.

(أدينه تندب أم سمته

أم عقله الوافر أم علمه)

(فاق على الأقران فِي جده

فَمن رَآهُ خَاله عَمه)

وَتَوَلَّى تدريس الشامية البرانية مَكَانَهُ القَاضِي جمال الدّين يُوسُف بن جملَة فَمَاتَ ابْن جملَة قيل أَنه مَا ألْقى فِيهَا إِلَّا درساً أَو درسين لاشتغاله بِالْمرضِ، وولاها بعده القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن النَّقِيب بعد أَن نزل عَن العادلية.

وفيهَا: فِي ثَالِث شَوَّال ورد الْخَبَر بوفاة الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام زين الدّين مُحَمَّد بن الْكِنَانِي علم الشَّافِعِيَّة بِمصْر وَصلى عَلَيْهِ بحلب صَلَاة الْغَائِب، كَانَ مقدما فِي الْفِقْه وَالْأُصُول مُعظما فِي المحافل متضلعاً من الْمَنْقُول وَلَوْلَا إنجذابه عَن عُلَمَاء عصره وتيهه على فضلاء دهره لبكي على فَقده أعلامهم وَكسرت لَهُ محابرهم وأقلامهم وَلَكِن طول لِسَانه عَلَيْهِم هون فَقده لديهم.

(قلت: فجعت بكثبانها مصر

فبمثله لَا يسمح الدَّهْر)

(يَا زين مذْهبه كفى أسفا

أَن الصُّدُور بموتك انسروا)

(مَا كَانَ من بَأْس لَو أَنَّك

بالعلماء برأيها الْبَحْر)

وفيهَا: فِي شَوَّال أَيْضا رسم ملك الْأُمَرَاء بحلب الطنبغا بتوسيع الطّرق الَّتِي فِي الْأَسْوَاق إقتداء بنائب الشَّام تنكز فِيمَا فعله فِي أسواق دمشق كَمَا مر، ولعمري قد توقعت عَزله عَن حلب لما فعل ذَلِك فَقلت حِينَئِذٍ:

(رأى حَلبًا بَلَدا داثراً

فَزَاد لإصلاحها وحرصه)

(وقاد الجيوش لفتح الْبِلَاد

ودق لقهر العدى فحصه)

(وَمَا بعد هَذَا سوى عَزله

إِذا تمّ أَمر بدى نَقصه)

وفيهَا: فِي عَاشر شَوَّال ورد الْخَبَر بوفاة الْفَاضِل الْمُفْتِي الشَّيْخ بدر الدّين مُحَمَّد بن قَاضِي بارين الشَّافِعِي بحماه.

كَانَ عَارِفًا بالحاوي الصَّغِير وَيعرف نَحوا وأصولاً وَعِنْده ديانَة وتقشف وبيني وَبَينه صُحْبَة قديمَة فِي الِاشْتِغَال على شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين بن الْبَارِزِيّ وسافر مرّة إِلَى الْيمن رحمه الله ونفعنا ببركته (قلت) :

(فَجمعت حماة ببدرها بل صدرها

بل بحرها بل حبرها الغواص)

(الله أكبر كَيفَ حَال مَدِينَة

مَاتَ الْمُطِيع بهَا وَيبقى العَاصِي)

ص: 308

وَفِيه: ولى قَضَاء الْحَنَفِيَّة بحماه جمال الدّين عبد الله بن القَاضِي نجم الدّين عمر بن العديم شَابًّا أَمر بعد عزل القَاضِي تَقِيّ الدّين بن الْحَكِيم فَإِن صَاحب حماه آثر أَن لَا يَنْقَطِع هَذَا الْأَمر من هَذَا الْبَيْت بحماه لما حصل لأهل حماه من التأسف على وَالِده القَاضِي نجم الدّين وفضائله وعفته وَحسن سيرته رَحمَه الله تَعَالَى وجهز قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين عمر بن العديم صاحبنا شهَاب الدّين أَحْمد بن المُهَاجر إِلَى حماه نَائِبا عَن القَاضِي جمال الدّين الْمَذْكُور إِلَى حِين يسْتَقلّ بِالْأَحْكَامِ وخلع صَاحب حماه عَلَيْهِمَا فِي يَوْم وَاحِد.

وَفِيه: ورد الْخَبَر أَن الْأَمِير سيف الدّين أَبَا بكر النابيري قدم من الديار المصرية على ولَايَة بر دمشق.

وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة توفّي بِدِمَشْق الْعَلامَة القَاضِي جمال الدّين يُوسُف بن جملَة الشَّافِعِي معزولا عَن الحكم من سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة، كَانَ جم الْفَضَائِل غزير الْمَادَّة صَحِيح الإعتقاد عِنْده صداقة فِي الْأَحْكَام وَتَقْدِيم للمستحقين وَكَانَ قد عطف عَلَيْهِ النَّائِب وولاه تدريس مدارس بِدِمَشْق.

قلت:

(بَكت الْمجَالِس والمدارس جملَة

لَك يَا ابْن جملَة حِين فاجأك الردى)

(فاصعد إِلَى درج العلى واسعد فَمن

خدم الْعُلُوم جَزَاؤُهُ أَن يصعدا)

وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة توفّي شَيْخي المحسن إِلَيّ ومعلمي المتفضل على قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن قاضى الْقُضَاة نجم الدّين أبي مُحَمَّد عبد الرَّحِيم بن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أبي الطَّاهِر إِبْرَاهِيم بن هبة الله بن الْمُسلم ابْن هبة الله بن حسان بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن أَحْمد بالبارزي الْجُهَنِيّ الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي علم الْأَئِمَّة وعلامة الْأمة تعين عَلَيْهِ الْقَضَاء بحماه فَقبله، وتورع لذَلِك عَن مَعْلُوم الحكم من بَيت المَال فَمَا أكله بل فرش خَدّه لخدمة النَّاس وَوَضعه وَلم يتَّخذ عمره درة وَلَا مهما زاولا مقرعة وَلَا عزّر أحد بِضَرْب وَلَا إخراق وَلَا أسقط شَاهدا على الْإِطْلَاق، هَذَا مَعَ نُفُوذ أَحْكَامه وَقبُول كَلَامه والمهابة الوافرة وَالْجَلالَة الظَّاهِرَة وَالْوَجْه الْبَهِي الْأَبْيَض المشرب بحمرة واللحية الْحَسَنَة الَّتِي تملأ صَدره والقامة التَّامَّة والمكارم الْعَامَّة والمحبة الْعَظِيمَة للصالحين والتواضع الزَّائِد للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، أفنى شبيبته فِي الْمُجَاهِد والتقشف والأوراد، وَأنْفق كهولته فِي تَحْقِيق الْعُلُوم والإرشاد، وَقضى شيخوخته فِي تضنيف الْكتب الْجِيَاد وخطب مَرَّات لقَضَاء الديار المصرية فَأبى وقنع بمصره، وَاجْتمعَ لَهُ من الْكتب مَا لم يجْتَمع لأهل عصره، كف بَصَره فِي آخر عمره فولى ابْن ابْنه مَكَانَهُ، وتفرغ للعلوم والتصوف والديانة وَصَارَ كلما علت سنه لطف فكره وجاد ذهنه وشدت الرّحال إِلَيْهِ وَصَارَ الْمعول فِي الْفَتَاوَى عَلَيْهِ واشتهرت مصنفاته فِي حَيَاته بِخِلَاف الْعَادة، ورزق فِي تصانيفه وتآليفه السَّعَادَة.

ص: 309