المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تلخيص من تاريخ جلال الدين - تاريخ ابن الوردي - جـ ٢

[ابن الوردي الجد، زين الدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(ذكر وُصُول ملكشاه إِلَى حلب)

- ‌ملك يُوسُف بن تاشفين غرناطة وانقراض دولة الصناهجة

- ‌ذكر ملك كربوغا الْموصل

- ‌ذكر ملك الفرنج بَيت الْمُقَدّس

- ‌ وَله كتاب تَقْوِيم الْأَبدَان وَغَيره، ووقف كتبه وَجعلهَا فِي مشْهد أبي حنيفَة

- ‌فِيهَا استولى سقمان القطبي التركي وَيُسمى سكمان على خلاط كَانَ مَمْلُوكا لإسماعيل صَاحب مَدِينَة مرند من أذربيجان، ولقب إِسْمَاعِيل قطب الدّين وَكَانَ من بنير سلجوق، وَلذَلِك قيل لسكمان القطبي، وَنَشَأ سكمان شهماً كَافِيا، وَكَانَت خلاط لبني مَرْوَان وظلموا واشتهر عدل

- ‌كَانَ القَاضِي أَبُو عبيد الله بن مَنْصُور عرف بِابْن صليحة قد استولى على جبلة وحاصره الفرنج فَأرْسل إِلَى طغتكين أتابك دقاق صَاحب دمشق يطْلب مِنْهُ من يتسلم مِنْهُ جبلة ويحفظها، فَأرْسل إِلَيْهَا طغتكين ابْنه تَاج الْملك بورى فتسلمها وأساء السِّيرَة، فكاتب أَهلهَا أَبَا عَليّ بن

- ‌أول عظمهم بعد السُّلْطَان ملكشاه، وملكوا قلاعاً مِنْهَا قلعة أَصْبَهَان مستجدة بناها ملكشاه، وَسبب بنائها أَن كَلْبا هرب مِنْهُ فِي الصَّيْد وَمَعَهُ رَسُول الرّوم فَصَعدَ الْكَلْب إِلَى

- ‌حَال طرابلس مَعَ الفرنج

- ‌ابْتِدَاء أَمر مُحَمَّد بن يومرت وَملك عبد الْمُؤمن

- ‌ بِخُرُوجِهِ، فاستفحل أمره وَقَامَ عبد الْمُؤمن بن عَليّ فِي عشرَة أنفس وَقَالُوا لَهُ: أَنْت الْمهْدي وَبَايَعُوهُ على ذَلِك، وتبعهم غَيرهم فَأرْسل ابْن تاشفين إِلَيْهِ جَيْشًا فَهَزَمَهُمْ فَأَقْبَلت الْقَبَائِل تبايعه، وَعظم أمره واستوطن جبلا عِنْد سمليك وَرَأى فِي جموعه قوما خافهم فَقَالَ: إِن

- ‌ذكر ملك زنكي حلب

- ‌قتل الإسماعيلية وَحصر الفرنج دمشق

- ‌خلع الراشد وَولَايَة المقتفي

- ‌فعل ملك الرّوم بِالشَّام

- ‌مقتل الراشد

- ‌ والقضيب أخذا من المسترشد وأعيدا إِلَى المقتفي.وفيهَا: ملك الإسماعيلية حصن مصياث بِالشَّام، تسلقوا على وَالِي بني منقذ وقتلوه وملكوه.وفيهَا: توفّي الْفَتْح بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن خاقَان قَتِيلا فِي فندق بمراكش، فَاضل فِي الْأَدَب، لَهُ قلائد العقبان

- ‌ظُهُور الْمُلُوك الغورية وانقراض دولة آل سبكتكين

- ‌أَخْبَار بني منقذ والزلازل

- ‌ذكر فتح المهدية

- ‌ذكر مسير سُلَيْمَان شاه إِلَى هَمدَان وَقَتله

- ‌ نَحْو خَمْسَة عشر ذِرَاعا.وجمال الدّين هَذَا هُوَ الَّذِي جدد مَسْجِد الْخيف بمنى، وَبنى الْحجر بِجَانِب الْكَعْبَة وزخرف الْكَعْبَة وبذل جملَة طائلة لصَاحب مَكَّة وللمقتفي حَتَّى مكنه من ذَلِك، وَبنى الْمَسْجِد الَّذِي على عَرَفَات وَعمل الدرج إِلَيْهِ وَعمل بِعَرَفَات مصانع المَاء، وَبنى سوراً

- ‌ذكر ملك شيركوه مصر، وَقتل شاور وبتداء الدولة الأيوبية

- ‌شيركوه وَأَيوب

- ‌ذكر الْخطْبَة العباسية بِمصْر وانقراض الدولة العلوية

- ‌ملك توران شاه الْيمن

- ‌ملك صَلَاح الدّين دمشق وحمص وحماه

- ‌وقْعَة حطين

- ‌ وَحضر مَعَه فتوحاته، وَكَانَ يرجع إِلَى قَوْله تبركاُ بِصُحْبَتِهِ، وَدخل السُّلْطَان دمشق فِي رَمَضَان الْمُعظم، فأشير عَلَيْهِ بتفريق العساكر ليريحوا ويستريحوا، فَقَالَ: إِن الْعُمر قصير، وَالْأَجَل غير مَأْمُون، وَكَانَ لما سَار إِلَى الشمَال قد ترك على الكرك وَغَيرهَا من يحصرها وَأَخُوهُ

- ‌حِصَار عكا

- ‌ذكر اسْتِيلَاء الفرنج على عكا

- ‌وَفَاة الْملك المظفر

- ‌عقد الْهُدْنَة مَعَ الفرنج

- ‌قتل طغرل بك وَملك خوارزم شاه الرّيّ

- ‌انتزاع دمشق من الْأَفْضَل

- ‌ رَبنَا آمنا بِمَا أنزلت وَاتَّبَعنَا الرَّسُول، أَيهَا النَّاس: إِنَّا لَا نقُول إِلَّا مَا صَحَّ عندنَا عَن رَسُول الله

- ‌ وَبكى وَبكى الكرامية، فثار النَّاس

- ‌ أَبُو بكر أَو عَليّ رضي الله عنهما؟ فَقَالَ: أفضلهما من كَانَت ابْنَته تَحْتَهُ فأرضى الطَّائِفَتَيْنِ وينتسب إِلَى مشرعة الْجَوْز من محَال بَغْدَاد وَالله أعلم.ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا خرب الظَّاهِر قلعة منبج خوفًا من انتزاعها مِنْهُ، وأقطعها عماد الدّين

- ‌الْحَوَادِث بِالْيمن

- ‌ذكر قتل شهَاب الدّين ملك الغورية

- ‌ذكر قصد ملك الرّوم حلب

- ‌ذكر وَفَاة الْملك الْعَادِل

- ‌ذكر اسْتِيلَاء الْملك النَّاصِر على حماه

- ‌اسْتِيلَاء الْملك المظفر غَازِي بن الْعَادِل على خلاط وميافارقين

- ‌مسير التتر إِلَى خوارزم شاه وهزيمته وَمَوته

- ‌عود دمياط إِلَى الْمُسلمين

- ‌حَادِثَة غَرِيبَة

- ‌عصيان المظفر غَازِي بن الْعَادِل على أَخِيه الْأَشْرَف

- ‌وَفَاة ملك الْمغرب وَمَا كَانَ بعده

- ‌ذكر ملك المظفر مَحْمُود بن الْمَنْصُور مُحَمَّد لحماه

- ‌كسرة جلال الدّين

- ‌تَلْخِيص من تَارِيخ جلال الدّين

- ‌اسْتِيلَاء الْعَزِيز بن الظَّاهِر على شيزر

- ‌ وَينْفق عَلَيْهِ الْأَمْوَال الجليلة.ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة: فِيهَا فِي الْمحرم توفّي شهَاب الدّين طغرل بك الأتابك بحلب.قلت: وَله أوقاف مبرورة وواقعته مَعَ الشَّيْخ نَبهَان بن غيار الحبريني العَبْد الصَّالح مَشْهُورَة، وَالله أعلم

- ‌ تصدق رجل من ديناره من درهمه من صَاع بره من صَاع تمره.وروى أَبُو زيد: أكلت خَبرا لَحْمًا تَمرا.قَالَ الشَّاعِر:(كَيفَ أَصبَحت كَيفَ أمسيت مِمَّا…يغْرس الود فِي فؤاد الْكَرِيم)وَأما بَيت أبي الطّيب فمصطبر ومقتحم مجروران قيل بِمن الْمقدرَة وَهُوَ بعيد

- ‌اسْتِيلَاء النَّاصِر صَاحب حلب على دمشق

- ‌ تعلق فِي أَسْتَار الْحُجْرَة الشَّرِيفَة وَقَالَ: اشْهَدُوا أَن هَذَا مقَامي من رَسُول الله

- ‌ وَكَانَت تضيء بِاللَّيْلِ من مَسَافَة بعيدَة جدا. ولعلها النَّار الَّتِي ذكرهَا رَسُول الله

- ‌ فمما نظم المشد سيف الدّين عمر بن قزل يُخَاطب بِهِ النَّبِي

- ‌ وَقع مِنْهُم فِي بعض اللَّيَالِي تَفْرِيط، فاشتعلت النَّار فِي الْمَسْجِد الشريف، واحترقت سقوفه وتألم النَّاس لذَلِك.قلت: وَكَانَ أصل هَذَا الْحَرِيق من مسرجة قيم، وَقلت فِي ذَلِك:(وَالنَّار أَيْضا من جنود نَبينَا…لم تأت إِلَّا بِالَّذِي يخْتَار)(متغلبون يزخرفون بسحتهم

- ‌ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة: فِيهَا قصد هولاكو ملك التتر بَغْدَاد، وملكها فِي الْعشْرين من الْمحرم، وَقتل الْخَلِيفَة المستعصم بِاللَّه وَسَببه أَن وَزِير الْخَلِيفَة مؤيد الدّين بن العلقمي، كَانَ رَافِضِيًّا وَأهل الكرخ روافض فَافْتتنَ السّنيَّة والشيعة بِبَغْدَاد كعادتهم فَأمر

- ‌قصد هولاكو الشَّام

- ‌سلطنة الْحلَبِي بِدِمَشْق

- ‌قبض الْملك السعيد وعود التتر

- ‌ ففرغ فِي أَربع سِنِين وَالله أعلم.وفيهَا: فِي تَاسِع عشر ربيع الآخر هلك هولاكو بن طلو بن جنكيزخان وَترك خَمْسَة عشر ابْنا.وَملك بعده ابْنه أبغاً الْبِلَاد الَّتِي كَانَت بيد أَبِيه وَهِي أقليم خُرَاسَان وكرسيه نيسابور وإقليم عراق الْعَجم وتعرف بِبِلَاد الْجَبَل وكرسيه

- ‌ وأماننا لأخينا السُّلْطَان الْملك المظفر شمس الدّين يُوسُف بن عمر صَاحب الْيمن إننا رَاعُونَ لَهُ ولأولاده، مسالمون من سالمهم، معادون من عاداهم وَنَحْو ذَلِك، وَأرْسل إِلَيْهِ هَدِيَّة من أسلاب التتر وخيلهم.وفيهَا: مَاتَ منكوتمر بن هولاكو بن طلو بن جنكيزخان بِجَزِيرَة

- ‌فتح حموص وَغَيرهَا

- ‌ذكر المتجددات بعد الكسرة

- ‌قدوم قبجق إِلَى حماه

- ‌ثمَّ دخلت سنة خمس وَسَبْعمائة: فِي الْمحرم مِنْهَا أرسل قرا سنقر نَائِب حلب مَعَ مَمْلُوكه قشتمر عسكراً إِلَى سيس.وَكَانَ قشتمر ضَعِيف الْعقل مشتغلاً بِالْخمرِ فاستهان بالعدو فَجمع صَاحب سيس سنباط من الأرمن والفرنج والتتر ووصلوا إِلَى غَزَّة وقاتلوهم قرب إِيَاس فَانْهَزَمَ

- ‌ ألْقى الله فِي قُلُوبهم الرعب وَهَزَمَهُمْ.قلت:(مَا ذكرُوا الْمُصْطَفى بِسوء…إِلَّا وسيق البلا إِلَيْهِم)(فحبه رَحْمَة علينا…وسبه نقمة عَلَيْهِم)وقاسى الْعَسْكَر فِي هدم الأبراج مشقة فَإِنَّهَا كَانَت مكلبة بحديد ورصاص وَعرض السُّور ذِرَاعا بالنجاري، ونقبت

- ‌ أشعاراً، وَمَا أرق قَوْله:(لَا تسْأَل يَا حبيب قلبِي…مَا تمّ عَليّ فِي هواكا)(الْعرض فقد صلوت عَنهُ…وَالنَّفس جَعلتهَا فداكا)وَقَوله دو بَيت:(يَا عصر شَبَابِي المفدي أَرَأَيْت…مَا أسْرع مَا بَعدت عني ونأيت)(قد كنت مساعدي على كَيْت وَكَيْت…وَالْيَوْم

- ‌ فجَاء نقيب الحكم بدر الدّين مُحَمَّد بن نجم الدّين إِسْحَاق وأزاح الْعَقْرَب عَن كم النَّبِي

- ‌ لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد مَعَ اعترافه بِأَن الزِّيَارَة بِلَا شدّ رَحل قربَة فشنعوا عَلَيْهِ بهَا، وَكتب فِيهَا جمَاعَة بِأَنَّهُ يلْزم من مَنعه شَائِبَة تنقيص للنبوة فيكفر بذلك.وَأفْتى عدَّة بِأَنَّهُ مُخطئ بذلك خطأ الْمُجْتَهدين المغفور لَهُم وَوَافَقَهُ جمَاعَة وَكَبرت الْقَضِيَّة

- ‌ أَمر بقتل الْكلاب مرّة، ثمَّ صَحَّ أَنه نهى عَن قَتلهَا، قَالَ: وَاسْتقر الشَّرْع عَلَيْهِ على التَّفْصِيل الْمَعْرُوف فَأمر بقتل الْأسود إِلَيْهِم، وَكَانَ هَذَا فِي الإبتداء وَهُوَ الْآن مَنْسُوخ، هَذَا كَلَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَلَا مزِيد على تَحْقِيقه وَالله أعلم

- ‌ رد عليه السلام من الْحُجْرَة وَقَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام يَا مهنا، ثمَّ عَاد إِلَى الفوعة وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة

- ‌ نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم فارتاب فِي ذَلِك فأقدم على فتح الْبَاب الْمَذْكُور بعد أَن نهي عَن ذَلِك فَوجدَ بَابا عَلَيْهِ تأزير رُخَام أَبيض، وَوجد فِي ذَلِك تَابُوت رُخَام أَبيض فَوْقه رخامة تبيضاء مربعة فَرفعت الرخامة عَن التابوت فَإِذا فِيهَا بعض جمجمة فهرب الْحَاضِرُونَ هَيْبَة لَهَا، ثمَّ رد

- ‌ فِيمَن صَامَ الدَّهْر لَا صَامَ وَلَا أفطر على أَنه دُعَاء عَلَيْهِ وَفِي حق من نذور وَلم يتَضَرَّر خَمْسَة أَقْوَال الْوُجُوب وَهُوَ إختيار أَكثر الأصاحب وَالْإِبَاحَة وَالْكَرَاهَة وَالتَّحْرِيم وَفِي حق من يتَضَرَّر بِأَن تفوته السّنَن أَو الِاجْتِمَاع بالأهل ثَلَاثَة أَقْوَال التَّحْرِيم وَالْكَرَاهَة وَالْإِبَاحَة وَلَا يَجِيء

- ‌ مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر رضي الله عنهم عَن نَبينَا سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب

- ‌ وَفِيه: ورد الْخَبَر إِلَى حلب أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين عَليّ بن السُّبْكِيّ تولى قَضَاء الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة بِدِمَشْق المحروسة بعد أَن حدث الْخَطِيب بدر الدّين مُحَمَّد بن القَاضِي جلال الدّين نَفسه بذلك وَجزم بِهِ وَقبل الهناء فَقَالَ فِيهِ بعض أهل دمشق:(قد سبك السُّبْكِيّ قلب الْخَطِيب

- ‌وفيهَا: فِي الْعشْرين من شهر رَجَب توفّي بجبرين الشَّيْخ مُحَمَّد بن الشَّيْخ نَبهَان كَانَ لَهُ الْقبُول التَّام عِنْد الْخَاص وَالْعَام، وناهيك أَن طشتمر حمص أَخْضَر على قُوَّة نَفسه وشممه وقف على زاويته بجبرين حِصَّة من قَرْيَة حريثان لَهَا مغل جيد وَبِالْجُمْلَةِ فَكَأَنَّمَا مَاتَت بِمَوْتِهِ مَكَارِم

- ‌ حسن الخظ، وَله نظم، كَانَ كَاتبا ثمَّ صَار داوندار قبجق بحماه ثمَّ شاد الدَّوَاوِين بحلب ثمَّ حاجباً بهَا ثمَّ دواتدار الْملك النَّاصِر ثمَّ نَائِبا بالإسكندرية ثمَّ أَمِيرا بحلب وشاد المَال وَالْوَقْف ثمَّ أَمِيرا بطرابلس رَحمَه الله تَعَالَى.وفيهَا: فِي شعْبَان بلغنَا وَفَاة الشَّيْخ

- ‌ فَمن أعدى الأول استرسل ثعبانه وانساب " وَسمي طاعون الْأَنْسَاب وَهُوَ سادس طاعون وَقع فِي الْإِسْلَام، وَعِنْدِي أَنه الموتان الَّذِي أنذر بِهِ نَبينَا عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ وَكَانَ:(أعوذ بِاللَّه رَبِّي من شَرّ طاعون النّسَب…باروده المستعلي قد طَار فِي الأقطار)

الفصل: ‌تلخيص من تاريخ جلال الدين

ثمَّ إِن الأمجد حبس مَمْلُوكا لَهُ فِي مرقد عِنْده بهَا وَلعب بالنرد قُدَّام المرقد فَفتح الْمَمْلُوك الْبَاب وَضرب أستاذه بِسيف فَقتله ثمَّ ألْقى نَفسه من سطحها فَمَاتَ، وَدفن الأمجد بمدرسة وَالِده عَليّ الشّرف ملك بعلبك تِسْعَة وَأَرْبَعين سنة، والأمجد أشعر بني أَيُّوب وشعره مَشْهُور.

وفيهَا: بعد طول المحاصرة هجم جلال الدّين خلاط بِالسَّيْفِ، وَفعل أَفعَال التتر قتلا واسترقاقاً ونهباً، ثمَّ قبض على نائبها أيبك، وَقتل حَسْبَمَا تقدم.

‌كسرة جلال الدّين

وَبعد كائنة خلاط اتّفق كيقباد بن كينحسرو صَاحب الرّوم والأشرف بن الْعَادِل واجتمعا بسيواس وَسَار إِلَى جِهَة خلاط والتقى الْجَمْعَانِ فِي التَّاسِع وَالْعِشْرين من رَمَضَان مِنْهَا فَانْهَزَمَ جلال الدّين والخوارزمية وَهلك غالبهم قتلا وتردياً من جبال فِي طريقهم.

وقويت التتر بعْدهَا على جلال الدّين، وارتجع الْأَشْرَف خلاط خراباً، ثمَّ تحالف الْأَشْرَف وكيقباد وتصالحا على مَا بأيديهما.

وفيهَا: استولى الْملك المظفر غَازِي بن الْعَادِل على ارزن من ديار بكر غير ارزن الرّوم من صَاحبهَا حسام الدّين من بَيت قديم فِي الْملك يعْرفُونَ بِبَيْت الأحدب، وَهِي لَهُم من أَيَّام ملكشاه السلجوقي وعوضه بحاني.

وفيهَا: جمع الفرنج من حصن الأكراد وقصدوا حماه فكسرهم المظفر صَاحبهَا عِنْد قَرْيَة أفيون بَين حماه وبارين وَعَاد المظفر مظفراً.

وفيهَا: ولد الْملك النَّاصِر يُوسُف بن الْملك الْعَزِيز صَاحب حلب.

ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة: فِيهَا عَادَتْ التتر فسفكت فِي بِلَاد الْإِسْلَام وَخَربَتْ مَعَ ضعف جلال الدّين لسوء سيرته، وَلم يتْرك لَهُ من مُلُوك الْأَطْرَاف صديقا، وَفَسَد عقله بِمَوْت مَمْلُوك يُحِبهُ، واستصحب الْمَمْلُوك مَيتا وَكَانَ يُرْسل لَهُ الطَّعَام وَلَا يتجاسر أحد أَن يتَكَلَّم لَهُ بِمَوْتِهِ، فَخرج بعض الْأُمَرَاء عَن طَاعَته فضعف أمره لذَلِك، ولكسرته من الْملك الْأَشْرَف، فتمكنت التتر من الْبِلَاد واستولوا على مراغة ثَانِيًا.

فَسَار جلال الدّين يُرِيد الْخَلِيفَة وملوك الْأَطْرَاف ليعضدوه على التتر ويخوفهم عَاقِبَة أَمرهم، فَلم يشْعر وَهُوَ بِالْقربِ من آمد إِلَّا وَقد كبسوه لَيْلًا وخالطوا مخيمه فهرب جلال الدّين وَقتل كَمَا سَيَأْتِي، فتمكنت التتر وَسَاقُوا حَتَّى وصلوا فِي هَذِه السّنة إِلَى الْفُرَات، واضطرب الشَّام، وشنوا الغارات فِي ديار بكر قتلا وتخريباً.

‌تَلْخِيص من تَارِيخ جلال الدّين

لشهاب الدّين مُحَمَّد المنشي النسوي، وَكَانَ النسوي مَعَ جلال الدّين إِلَى أَن كبسه التتر وَذَلِكَ أَن خوارزم شاه مُحَمَّد بن تكش اتَّسع ملكه وَقسم الْبِلَاد بَين أَوْلَاده الْأَرْبَعَة،

ص: 150

أكبرهم جلال الدّين منكبري ملكه غزنة وباميان والغور وبست وبكيا باد وزوز ميرداور وَمَا يَليهَا من الْهِنْد.

وَملك قطب الدّين أزلاغ شاه خوارزم وخراسان ومازندران وَجعله ولي عَهده، ثمَّ عَزله عَن ولَايَة الْعَهْد وفوضها إِلَى جلال الدّين.

وَملك غياث الدّين تيرشاه كرمان وكيش ومكران، وَملك ركن الدّين غورشاه تختي الْعرَاق.

وَكَانَ أحْسنهم خلقا وخلقاً، قَتله التتر بعد موت أَبِيه، وَضرب لكل مِنْهُم النوب الْخمس فِي أَوْقَات الصَّلَاة على عَادَة السلجوقية.

وَانْفَرَدَ الشَّيْخ بنوبة ذِي القرنين تضرب وَقت طُلُوع الشَّمْس وغروبها، وَكَانَت سبعا وَعشْرين دبدابة من الذَّهَب مرصعة بأنواع الْجَوَاهِر وَكَذَلِكَ بَاقِي آلَات النوبتية، وَجعل سَبْعَة وَعشْرين ملكا يضربونها فِي أول يَوْم فرغت من أكَابِر الْمُلُوك أَوْلَاد السلاطين مِنْهُم ابْن طغرل بك وأرسلان السلجوقي وَأَوْلَاد غياث الدّين صَاحب الْغَوْر وَالْملك عَلَاء الدّين صَاحب باميان وَالْملك تَاج الدّين صَاحب بَلخ وَابْنه الْملك الْأَعْظَم صَاحب ترمذ، وَالْملك سنجر صَاحب بخارا وأشباههم، وَأم خوارزم شاه مُحَمَّد ترْكَان خاتون من قَبيلَة بياروت من فروع تمك بنت ملك مِنْهُم تزَوجهَا تكش بن أرسلان بن أتسز بن مُحَمَّد بن أنوش تكين غرشه فَلَمَّا صَار الْملك إِلَى وَلَده مُحَمَّد بن تكش قدم إِلَى والدته ترْكَان خاتون قبائل تمك من التّرْك فَعظم شَأْن ابْنهَا السُّلْطَان مُحَمَّد بهم، وتحكمت هِيَ بسببهم، فلهَا فِي كل إقليم نَاحيَة جليلة.

وَكَانَ لَهَا رَأْي وهيبة، تنتصف للمظلوم، جسورة على الْقَتْل يقدم من توقيعها وتوقيع ابْنهَا أحدثهما تَارِيخا وطغرى تواقيعها (عصمَة الدُّنْيَا وَالدّين الغ ترْكَان ملكة نسَاء الْعَالمين) وعلامتها اعتصمت بِاللَّه وَحده تجودها بقلم غليظ، ثمَّ لما هرب خوارزم شاه مُحَمَّد من التتر بِمَا وَرَاء النَّهر عبر جيحون، ثمَّ سَار إِلَى خُرَاسَان والتتر تتبعه، وَوصل إِلَى عراق الْعَجم، وَنزل عِنْد بسطَام وأحضر عشرَة صناديق جَوَاهِر، وَقَالَ عَن صندوقين مِنْهَا إِن بهما جَوَاهِر تَسَاوِي خراج الأَرْض بجملتها، وَحملهَا إِلَى قلعة أردهن هِيَ أحصن قلاع الأَرْض، وَأخذ خطّ النَّائِب بهَا بوصولها مختومة، فَلَمَّا استولى جنكيز خَان على تِلْكَ الْبِلَاد حملت إِلَيْهِ الصناديق بختومها.

ثمَّ إِن التتر أدركوا مُحَمَّدًا الْمَذْكُور فَركب فِي الْمركب ولحقه التتر ورموه بالنشاب ونجى مِنْهُم.

وَقد حصل لَهُ مرض ذَات الْجنب وَأقَام بِجَزِيرَة فِي الْبَحْر طريداً فريداً لَا يملك طارفاً وَلَا تليداً.

قلت:

(وَفَارق الْمِسْكِين أوطانه

وَملكه ممتحناً بِالْمرضِ)

ص: 151

(وَكم حوى من جَوْهَر مثمن

فَمَا فدا الْجَوْهَر هَذَا الْعرض)

وَالله أعلم.

وَصَارَ مَرضه يزْدَاد، وَكَانَ فِي أهل مَا زندان أَن أُنَاسًا يَتَقَرَّبُون إِلَيْهِ بِمَا يشتهيه فاشتهى عِنْده فرسا يرْعَى حول خيمة صَغِيرَة قد ضربت لَهُ فأهدى إِلَيْهِ فرس أصفر.

وَكَانَ لَهُ ثَلَاثُونَ ألف جشار من الْخَيل، وَصَارَ إِذا أهْدى إِلَيْهِ أحد شَيْئا وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فِي الجزيرة يُطلق لَهُ شَيْئا، وَلم يكن مَعَه من يكْتب التواقيع فَيكْتب ذَلِك الْمهْدي توقيعه بِنَفسِهِ، وَيُعْطِي مثل السكين والمنديل عَلامَة بِإِطْلَاق الْبِلَاد وَالْأَمْوَال.

فَلَمَّا تولى ابْنه جلال الدّين أمضى ذَلِك كُله، ثمَّ مَاتَ السطان مُحَمَّد بالجزيرة على تِلْكَ الْحَالة فَغسله شمس الدّين مَحْمُود بن بَلَاغ الجاوش ومقرب الدّين مقدم الفراشين وكفن فِي قَمِيصه لعدم كفن وَدفن بالجزيرة سنة سبع عشرَة وسِتمِائَة بعد أَن كَانَ بَابه مزدحم مُلُوك الأَرْض، وَكَانَت حَاشِيَته ملوكاً طستداره وركبداره وسلحداره وجنداره وَغَيرهم وَفِي أعلامهم عَلَامَات وظائفهم.

وَكَانَ سماطه مُعظما مفخماً، وَتفرد فِي الحشمة عَن الْمُلُوك بأَشْيَاء لَا يُشَارك فِيهَا، ثمَّ سَار جلال الدّين بعد موت أَبِيه السُّلْطَان مُحَمَّد من الجزيرة إِلَى خوارزم ثمَّ هرب من التتر وَلحق بغزنة وَجرى بَينه وَبَين التتر من الْقِتَال مَا تقدم ذكره، وَسَار إِلَيْهِ جنكيز خَان فهرب جلال الدّين من غزنة إِلَى الْهِنْد فَلحقه جنكيز خَان على مَاء السَّنَد وتصافا صَبِيحَة الْأَرْبَعَاء لثمان خلون من شَوَّال سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة، وَنصر جلال الدّين أَولا، ثمَّ كسر وَحَال بَينهمَا اللَّيْل، وَولى جلال الدّين مُنْهَزِمًا، وَأسر ابْنه وَهُوَ ابْن سبع سِنِين، وَقتل بَين يَدي جنكيزخان صبرا، وَلما عَاد جلال الدّين إِلَى حافة مَاء السَّنَد كسيراً رآى والدته وَأم ابْنه وَحرمه يصحن بِاللَّه عَلَيْك اقتلنا وخلصنا من الْأسر فَأمر بِهن فغرقن وَهَذِه من عجائب البلايا ونوادر الرزايا.

قلت:

(من ملك الدُّنْيَا ودانت لَهُ

فالجهل كل الْجَهْل أَن يحسدا)

(بقد مَا ترفع أَصْحَابهَا

تحطهم فَالرَّأْي قرب المدا)

(ويلي على المغري بعليائها

سيضحك الْيَوْم ويبكي غَدا)

(تعطيه كالمشفق لَكِنَّهَا

تبطش فِي الْأَخْذ كبطش العدا)

(مُبْتَدأ حُلْو لمن ذاقه

وَلَكِن انْظُر خبر المبتدا)

(غدارة خوانة أَهلهَا

مَا زهد الزهاد فِيهَا سدى)

وَالله أعلم.

ثمَّ أَن جلال الدّين وَعَسْكَره اقتحموا ذَلِك النَّهر الْعَظِيم فنجى مِنْهُم إِلَى ذَلِك الْبر نَحْو أَرْبَعَة آلَاف رجل حُفَاة عُرَاة، وَرمى الموج جلال الدّين مَعَ ثَلَاثَة من خواصه إِلَى مَوضِع

ص: 152

بعيد، ولقوه بعد ثَلَاثَة أَيَّام فاعتدوا مقدمه عيداً وظنوا أَنهم أنشأوا خلقا جَدِيدا.

ثمَّ جرى بَين جلال الدّين وَبَين أهل تِلْكَ الْبِلَاد وقائع انتصر هُوَ فِيهَا، وَوصل إِلَى لهاوور من الْهِنْد، وَلما عزم على الْعود إِلَى جِهَة الْعرَاق استناب بهلوان أزبك على مَا يملكهُ من بِلَاد الْهِنْد، واستناب مَعَه حسن فرات، ولقبه وفا ملك وَفِي سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة طردوفاً ملك بهلوان أزبك، وَاسْتولى على بِلَاده وَوصل جلال الدّين إِلَى كرمان سنة إِحْدَى وَعشْرين وسِتمِائَة وقاسى وَهُوَ وَعَسْكَره فِي البراري القاطعة بَين كرمان والهند شَدَائِد، وَوصل مَعَه أَرْبَعَة آلَاف رجل بَعضهم ركاب أبقار وَبَعْضهمْ ركاب حمير.

ثمَّ سَار جلال الدّين إِلَى خوزستان وَاسْتولى عَلَيْهَا ثمَّ على أذربيجان ثمَّ على كنجة وَسَائِر بِلَاد أران، ثمَّ نقل أَبَاهُ من الجزيرة إِلَى قلعة أردهن وَدَفنه بهَا، وَلما استولى التتر على هَذِه القلعة نبشوه وأحرقوه وَهَذَا فعلهم فِي كل ملك عرفُوا قَبره فَإِنَّهُم أحرقوا عِظَام مَحْمُود بن سبكتكين بغزنة.

ثمَّ ذكر اسْتِيلَاء جلال الدّين على خلاط وَغَيره ذَلِك، ثمَّ ذكر نُزُوله على جسر قرب آمد وإرساله يستنجد الْأَشْرَف بن الْعَادِل فَلم ينجده وعزم جلال الدّين على الْمسير إِلَى أَصْبَهَان، ثمَّ انثنى عزمه، وَبَات بمنزله، وَشرب تِلْكَ اللَّيْلَة، وسكر سكرا اصحاه مِنْهُ النَّدَم، وأوجد لَهُ الْعَدَم وأحاط التتر بِهِ وبعسكره مصبحين.

(فمساهم وبسطهم حَرِير

وصبحهم وبسطهم تُرَاب)

(وَمن فِي كَفه مِنْهُم قناة

كمن فِي كَفه مِنْهُم خضاب)

وأحاطت التتر بخركاه جلال الدّين وَهُوَ نَائِم سَكرَان فَحمل أزخان وكشف التتر عَن الخركاه وَدخل بعض الْخَواص وَأخذ بيد جلال الدّين وَأخرجه وَعَلِيهِ طاقية بَيْضَاء فأركبه الْفرس وسَاق أزخان مَعَ جلال الدّين، وَتَبعهُ التتر فَقَالَ جلال الدّين لأزخان: انْفَرد عني بِحَيْثُ يشْتَغل التتر بتتبع سوادك، وَكَانَ ذَلِك خطأ مِنْهُ فَإِن أزخان تبعه نَحْو أَرْبَعَة آلَاف من الْعَسْكَر وقصدوا أَصْبَهَان وَاسْتولى عَلَيْهَا مُدَّة، وَلما انْفَرد جلال الدّين عَن أزخان سَار إِلَى باشورة آمد فَمَا مكنوه من الدُّخُول فَسَار إِلَى قَرْيَة من قرى ميافارقين طَالبا شهَاب الدّين بن الْملك الْعَادِل صَاحب ميافارقين.

ثمَّ لحقه التتر فِي تِلْكَ الْقرْيَة فهرب جلال الدّين إِلَى جبل هُنَاكَ أكراد يتخطفون النَّاس فَأَخَذُوهُ وشلحوه وَأَرَادُوا قَتله فَقَالَ جلال الدّين لأَحَدهم: إِنِّي أَنا السُّلْطَان فاستبقني أجعلك ملكا، فَجعله الْكرْدِي عِنْد امْرَأَته وَمضى إِلَى الْجَبَل، فَحَضَرَ كردِي مَعَه حَرْبَة، وَقَالَ للْمَرْأَة: لم لَا تقتلون هَذَا الْخَوَارِزْمِيّ؟ فَقَالَت الْمَرْأَة: قد أَمنه زَوجي، فَقَالَ الْكرْدِي إِنَّه السُّلْطَان، وَقد قتل لي أَخا بخلاط خيرا مِنْهُ، وضربه بالحربة فَقتله.

وَكَانَ أسمر قَصِيرا تركي الشارة والعبارة وَيتَكَلَّم أَيْضا بِالْفَارِسِيَّةِ، كَاتب الْخَلِيفَة بِمَا كَاتبه أَبوهُ، فَكَانَ يكْتب خادمه المطواع منكرتي وكاتبه بعد أَخذ خلاط بِعَبْدِهِ، وَكَانَ يُخَاطب

ص: 153

بخداوند عَالم، أَي صَاحب الْعَالم، ومقتله منتصف شَوَّال سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة.

وفيهَا: انْتهى التَّارِيخ الْكَامِل لعز الدّين عَليّ بن الْأَثِير الْمُؤلف من هبوط آدم توفّي عز الدّين سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بالموصل مُنْقَطِعًا فِي بَيته للتوفر على الْعلم، ومولده بِجَزِيرَة ابْن عمر ونسبت الجزيرة إِلَى عبد الْعَزِيز بن عمر من أهل برقعيد من أَعمال الْموصل لِأَنَّهُ بنى مدينتها.

وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة توفّي بِالْقَاهِرَةِ أَبُو الْحسن يحيى بن معطي بن عبد النُّور الزواوي الْحَنَفِيّ النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ، سكن دمشق طَويلا، وَله الألفية والفصول وَغَيرهمَا، ومولده سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة، ونسبته إِلَى زواوة قَبيلَة بِظَاهِر بجاية من أَعمال إفريقية.

قلت: ألفيته الْمَذْكُورَة كَمَا قلت فِي ديباجة شرحها الَّذِي سميته ضوء الدرة شاهدة لناظمها بِإِصَابَة الصَّوَاب والتفنن فِي الْآدَاب، حَتَّى كَانَ سِيبَوَيْهٍ ذَا الْأَعْرَاب قَالَ لَهُ: يَا يحيى خُذ الْكتاب، وَرَأَيْت الشُّرَّاح يخطؤنه فِي قَوْله فِي آخرهَا.

(وفْق مُرَاد الْمُنْتَهى والمنشأة

فِي الْخمس وَالتسْعين والخمسمائة)

وَهَذَا لَا يجوز لإضافة الْمعرفَة إِلَى النكرَة ثمَّ وجد فِي نُسْخَة قُرِئت عَلَيْهِ وَالْخمس الْمِائَة، وَهَذَا صَوَاب وَلما حج وعاين الْكَعْبَة أنْشد:

(وَلما تبدى لي من السجف جَانب

ومقلة ليلى من وَرَاء نقابها)

(بعثت رَسُول الدمع بيني وَبَينهَا

لتأذن فِي قربي وتقبيل بَابهَا)

(فَمَا أَذِنت إِلَّا بإيماض برقها

وَلَا سمحت إِلَّا بلثم ترابها)

وَالله أعلم.

ثمَّ دخلت سنة تسع وَعشْرين وسِتمِائَة: والكامل والأشرف بِمصْر، والمظفر بحماه، والعزيز مُحَمَّد بن الظَّاهِر غَازِي بحلب، والتتر قد ملكوا الْعَجم كُله والخليفة الْمُسْتَنْصر بالعراق.

ثمَّ اجْتمع مَعَ الْكَامِل مُلُوك أهل بَيته فِي جمع عَظِيم وَسَار حصر آمد وتسلمها من الْملك المسعود بن الصَّالح مَحْمُود بن مُحَمَّد بن قرا أرسلان بن سقمان بن أرتق لسوء سيرته وتعرضه إِلَى حَرِيم النَّاس وَمُحَمّد بن قرا أرسلان هُوَ الَّذِي ملكه صَلَاح الدّين آمد بعد نَزعهَا من ابْن بيسان، وتسلم الْكَامِل أَيْضا من المسعود حُصَيْن كيفا وَهِي غَايَة فِي الحصانة، واقطع المسعود بِمصْر إقطاعاً جَلِيلًا، وَأحسن إِلَيْهِ ثمَّ بَدَت مِنْهُ أُمُور اعتقله الْكَامِل بِسَبَبِهَا.

وَلما مَاتَ الْكَامِل خرج من الاعتقال، ثمَّ اتَّصل بالتتر فَقَتَلُوهُ وَجعل الْكَامِل فِي مملكة آمد ابْنه الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب وَمَعَهُ شمس الدّين صَوَاب العادلي وَلما خرج الْكَامِل من مصر خرجت مَعَه ابنتاه فَاطِمَة خاتون زوج الْعَزِيز صَاحب حلب، وغازية خاتون زوج المظفر صَاحب حماه وحلب كل وَاحِدَة إِلَى بَعْلهَا.

وفيهَا: ظنا توفّي عَليّ بن رَسُول وَاسْتقر مَكَانَهُ ابْنه عمر.

ص: 154