الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيهَا: فِي ربيع الآخر ورد مرسوم السُّلْطَان بِإِطْلَاق مكس الْغلَّة بالبلاد الشامية.
وَفِيه: عزل القَاضِي جمال الدّين إِبْرَاهِيم الْأَذْرَعِيّ عَن الحكم بِدِمَشْق، وَعرض على شَيخنَا برهَان الدّين بن الشَّيْخ تَاج الدّين الْفَزارِيّ فَامْتنعَ.
وفيهَا: فِي جُمَادَى الْآخِرَة بَاشر القَاضِي جلال الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْقزْوِينِي الحكم بِدِمَشْق.
وَفِيه: رسم السُّلْطَان لِلْأُمَرَاءِ والأجناد بِحَفر خليج من رَأس الخور إِلَى حَيْثُ يَنْتَهِي إِلَى سرياقوس بِسَبَب مَا أنشأه السُّلْطَان من الْبُسْتَان وَالْقصر بِالْمَكَانِ الْمَذْكُور وَأنْفق عَلَيْهِ مَا لَا يُحْصى.
وفيهَا: فِي أول رَجَب قدم الْملك شرف الدّين مُوسَى بن أبي بكر ملك التكرور لِلْحَجِّ وصحبته أَكثر من عشرَة آلَاف تكروري، ومملكته متسعة، قيل سعتها ثَلَاث سِنِين، وَتَحْت يَده أَرْبَعَة عشر ملكا، وَحضر بَين يَدي السُّلْطَان لتقبيل يَده فَأمر بتقبيل الأَرْض فَامْتنعَ فأكره عَليّ ذَلِك وَلم يُمكن من الْجُلُوس وَبعث إِلَى السُّلْطَان نَحوا من أَرْبَعِينَ ألف دِينَار وَإِلَى النَّاس عشرَة آلَاف دِينَار، وَلما خرج من عِنْد السُّلْطَان قدم لَهُ حصان أَشهب وخلع عَلَيْهِ خلعة سنية وهيأ لَهُ السُّلْطَان من الهجن والآلات لِلْحَجِّ أَشْيَاء كَثِيرَة، وَكَذَلِكَ نَائِب السلطنة وَأنزل بالقرافة الْكُبْرَى.
وفيهَا: فِي تَاسِع عشر شهر رَجَب توفّي قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الشَّافِعِي الخليلي قَاضِي حلب بهَا، وَدفن فِي الْمقَام وبنيت عَلَيْهِ بِمَالِه تربة بوقف أَمر بهَا السُّلْطَان لعدم الْوَارِث لَهُ.
كَانَ رحمه الله حسن السمت طَوِيل الصمت، عقله أَكثر من علمه، صافياً جاهه، مُسَددًا فِي حكمه، حج مرَارًا، ونظم فِي مدح النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
أشعاراً، وَمَا أرق قَوْله:
(لَا تسْأَل يَا حبيب قلبِي
…
مَا تمّ عَليّ فِي هواكا)
(الْعرض فقد صلوت عَنهُ
…
وَالنَّفس جَعلتهَا فداكا)
وَقَوله دو بَيت:
(يَا عصر شَبَابِي المفدي أَرَأَيْت
…
مَا أسْرع مَا بَعدت عني ونأيت)
(قد كنت مساعدي على كَيْت وَكَيْت
…
وَالْيَوْم
فَلَو أَبْصرت حَالي لبكيت)
سَأَلَهُ بعض الْجَمَاعَة عَن قَوْله: كَيْت وَكَيْت مَا هُوَ؟ فَقَالَ ضَاحِكا وَالله بالوالي مَا أقوله لَك، وَكَانَ ينشد من شعر وَالِده قَاضِي الْخَلِيل بَيْتَيْنِ بديعين هما:
(وعد الْغُصْن بِأَن يَحْكِي تثنيه فأخلف
…
وَأَرَادَ الْبَدْر أَن يَحْكِي سناه فتكلف)
وَسُئِلَ رحمه الله عَن كرامات الْأَوْلِيَاء من خرق العوائد كالمشي فِي الْهَوَاء وَمَا أشبه ذَلِك أَحَق هِيَ؟
فَأجَاب بِخَطِّهِ: كرامات الصَّالِحين حق أُؤْمِن بذلك من صميم قلبِي وأعتقده اعتقاداً جَازِمًا بِتَوْفِيق الله وهدايته وَهَذَا هُوَ مَذْهَب أهل السّنة وَعَلِيهِ جَمَاهِير الْأمة المكرمة سلفا وخلفاً، ومصنفات الْأَئِمَّة الْأَعْلَام الموثوق بنقلهم، المرجوع إِلَى قلولهم مشحونة بذلك، ودلائله من الْكتاب الْعَزِيز وَالسّنة النَّبَوِيَّة كَثِيرَة، وَمن لَهُ صُحْبَة مَعَ الْقَوْم يرى من عجائب أَحْوَالهم وغرائب أَقْوَالهم وأفعالهم بِحَسب استعداد مَا يثلج سويداء فُؤَاده.
وَلَقَد من الله عَليّ بِصُحْبَة بَعضهم فعاينت من الكرامات فِي أَقْوَاله وأفعاله شَيْئا كثيرا مَعَ فرط قصوري وبعدي عَن هَذَا الْمقَام، فيا خيبة مُنكر ذَلِك وَيَا بعده عَن أقصد المسالك، وأنى يرى ضوء الشَّمْس فَاقِد الْبَصَر أَو يُشَاهد الْأَعْشَى نور الْقَمَر فَمَا فِي صَلَاح مُنكر ذَلِك مطمع، فليصور نَفسه بَين يَدَيْهِ وليكبر عَلَيْهَا أَربع، كتبه عبد الله بن مُحَمَّد الشَّافِعِي.
وفيهَا: فِي شعْبَان وَفِي النّيل ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا وَتِسْعَة عشر إصبعاً وغرقت الأقصاب والسواقي وانهدم من الْبَسَاتِين والدور كثير وَوصل كتاب الشَّيْخ أبي بكر الرحي أَن للديار المصرية مائَة وَثَلَاثِينَ سنة وَمَا بلغ النّيل الْحَد الَّذِي بلغ هَذِه السّنة وَأَنه ثَبت على الْبِلَاد ثَلَاثَة أشهر وَنصفا.
وَفِيه: استناب القَاضِي جلال الدّين الْقزْوِينِي فِي الحكم عِنْد بِدِمَشْق الْعَلامَة جمال الدّين يُوسُف بن جملَة وفخر الدّين مُحَمَّد بن عَليّ الْمصْرِيّ.
وَفِيه: وصل الْبَرِيد إِلَى دمشق بتقليد كَمَال الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن الزملكاني بِقَضَاء الْقُضَاة بحلب وأعمالها فَامْتنعَ وَسَأَلَ نَائِب السُّلْطَان الْمُرَاجَعَة فِي أمره فَأجَاب سُؤَاله فَعَاد الْجَواب بإمضاء الْولَايَة وامتثال مرسوم السُّلْطَان فتجهز إِلَى حلب مكرماً، وَوصل إِلَى حلب فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ الْخَامِس وَالْعِشْرين من شَوَّال من السّنة الْمَذْكُورَة، ثمَّ عمل درساً بِالْمَدْرَسَةِ السُّلْطَانِيَّة الَّتِي تَحت القلعة فأجاد وَأفَاد بِمَا لم يسمع بِمثلِهِ، ومدح يَوْمئِذٍ بمدائح، وعظمه الحلبيون وهابوه وأحبوه فِي أول أمره ثمَّ تغير ذَلِك.
قلت:
(طَالب الدُّنْيَا معنى
…
باعوجاج واستقامة)
(أمرنَا فِيهَا عَجِيب
…
نسْأَل الله السَّلامَة)
وفيهَا: فِي شَوَّال توفّي الشَّيْخ شرف الدّين مُحَمَّد بن زين الدّين أَحْمد بن المنجا الْحَنْبَلِيّ الْمَذْهَب الدِّمَشْقِي المنشأ المعري الأَصْل أفتى ودرس وَصَحب ابْن تَيْمِية زَمَانا وَأقَام بِمصْر لما حبس ابْن تَيْمِية وَعَاد مَعَه.
وَفِيه: وصل كريم الدّين الصَّغِير إِلَى دمشق على نظر الدَّوَاوِين عوضا عَن الصاحب شمس الدّين غبريال. وَفِيه: توفّي كريم الدّين هبة الله المتشرف بِالْإِسْلَامِ بأسوان وجد مشنوقاً بعمامته.
وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة وصلت هَدَايَا عَظِيمَة وتحف إِلَى السُّلْطَان من ملك التتر.
وفيهَا: ناول جوبان نَائِب السلطنة عَن أبي سعيد الْأَمِير مُحَمَّد حُسَيْنًا قدحاً ليشربه فَلَمَّا صَار فِي يَده وجده خمرًا فَامْتنعَ من شربه، فَقَالَ جوبان: إِن لم تشربه تُؤدِّي ثَلَاثِينَ تومانا من الذَّهَب، فَقَالَ: أَنا أؤدي ذَلِك فرسم عَلَيْهِ بالمبلغ فَمضى إِلَى الْأَمِير يُلَبِّي وَهُوَ ذُو مَال طائل فعامله على ذَلِك بِرِبْح عشرَة تومانات وَكتب عَلَيْهِ حجَّة فَلَمَّا علم جوبان ذَلِك أحضر مُحَمَّدًا حُسَيْنًا وَقَالَ: تغرم أَرْبَعِينَ توماناً من الذَّهَب وَلَا تشرب قدح خمر قَالَ: نعم فأعجبه ذَلِك وخلع عَلَيْهِ ملبوسه جَمِيعه ومزق الْحجَّة وقربه.
قلت:
(فَازَ حُسَيْنًا بالثنا والهنا
…
بصبره عَن قدح الْخمر)
(بلَى فَعُوفِيَ وَاتَّقَى فارتقى
…
وَهَذِه عَاقِبَة الصَّبْر)
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة توفّي الشَّيْخ الإِمَام بَقِيَّة السّلف عَلَاء الدّين بن الْمُوفق إِبْرَاهِيم بن دَاوُد بن الْعَطَّار بدار الحَدِيث النورية بِدِمَشْق، تفقه على الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ وخدمه وَعرف بِصُحْبَتِهِ، ثمَّ أَنه مرض بالفالج حَتَّى مَاتَ رحمه الله.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة: فِي جُمَادَى الأولى مِنْهَا وَقع بِالْقَاهِرَةِ مطر كثير قل أَن يَقع مثله، وَجَاء سيل إِلَى النّيل فَتغير وَزَاد أَربع أَصَابِع.
وَفِيه: وَقع الْغَرق بِبَغْدَاد ودام أَرْبَعَة أَيَّام وَزَاد الشط عَظِيما وغرق دائر الْبَلَد وَمنع النَّاس من الْخُرُوج من الْبَلَد وانحصروا وَلم يبْق حَاكم وَلَا قَاض وَلَا كَبِير وَلَا صَغِير إِلَّا نقل التُّرَاب وساعد فِي عمل السكور لمنع المَاء عَن الْبَلَد وَبقيت بَغْدَاد كلهَا جَزِيرَة فِي وسط المَاء وَدخل المَاء إِلَى الخَنْدَق وغرق كل شَيْء حول الْبَلَد وَخَربَتْ أَمَاكِن كَثِيرَة وَجَمِيع الترب والبساتين والدكاكين والمصلى وَوَقعت مدرسة الجعفرية ومدرسة عبيد الله وغرقت خزانَة الْكتب الَّتِي بهَا وَكَانَت تَسَاوِي أَكثر من عشرَة آلَاف دِينَار، وَصَارَ الرجل إِذا وقف على سور الْبَلَد لَا يرى مد الْبَصَر إِلَّا سَمَاء وَمَاء وغرق خلق وَاشْتَدَّ الْخطب وَامْتنع النّوم من الضجات وَخَوف الْغَرق، وَدَار النَّاس فِي الْأَسْوَاق مكشفة رؤوسهم وعمائهم فِي رقابهم والربعة الشَّرِيفَة على رؤوسهم وهم يَتلون ويستغيثون ويودع بَعضهم بَعْضًا خَائِفين وجلين أَن يخرق المَاء من الخَنْدَق مِقْدَار خرم إبرة فيهلكون، وغلت الأسعار لذَلِك أَيَّامًا.
وَمن الْعجب أَن مَقْبرَة الإِمَام أَحْمد تهدمت قبورها وَلم يتَغَيَّر قبر الإِمَام أَحْمد وَسلم من الْغَرق واشتهر ذَلِك واستفاض.
ثمَّ ورد كتاب أَن المَاء حمل خشباً عَظِيما وزنت مِنْهُ خَشَبَة فَكَانَت سِتّمائَة رَطْل بالبغدادي، وَجَاء على الْخشب حيات كبار خَلقهنَّ غَرِيب مِنْهَا مَا قتل وَمِنْهَا مَا صعد فِي النّخل وَالشَّجر وَمن الْحَيَّات كثير ميت وَلما نضب المَاء نبت الأَرْض صُورَة بطيخ شكله