الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْتِظَار وُصُول اللحياني إِلَى مَمْلَكَته، ولعمري لقد صَارَت مملكة إفريقية مملكة يهرب مِنْهَا لضَعْفه باستيلاء الْعَرَب.
وفيهَا: قتل الْمعز أيبك التركماني خشداشة أقطاي الجمدار بالتجهيز عَلَيْهِ إِذْ كَانَ يمنعهُ من الإستقلال بالسلطنة.
وَكَانَ الِاسْم للأشرف مُوسَى بن يُوسُف بن يُوسُف بن الْكَامِل مُحَمَّد بن الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب فاستقل الْمعز التركماني بالسلطنة، وأبطل الْأَشْرَف مُوسَى وَبعث بِهِ إِلَى عماته القطبيات، ومُوسَى آخر من خطب لَهُ من بَيت أَيُّوب بِمصْر، وَفِي هَذِه السّنة انْقَضتْ دولتهم من الديار المصرية، وَلما علمت البحرية بقتل أقطاي هربوا من مصر إِلَى النَّاصِر يُوسُف صَاحب الشَّام، وأطعموه فِي مصر فَرَحل من دمشق وَنزل عمنَا من الْغَوْر وَأرْسل إِلَى غَزَّة عسكراً وبرز الْمعز صَاحب مصر إِلَى العباسية، وَخرجت السّنة وهم على ذَلِك.
وفيهَا: ولى الْمَنْصُور صَاحب حماه قَضَاء حماه القَاضِي شمس الدّين إِبْرَاهِيم بن هبة الله بن الْبَارِزِيّ بعد عزل المحبي حَمْزَة بن مُحَمَّد.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَخمسين وسِتمِائَة: فِيهَا مَشى نجم الدّين الباذراني فِي الصُّلْح بَين المصريين والشاميين على أَن للناصر الشَّام إِلَى الْعَريش وَالْحَد بِئْر العَاصِي وَهُوَ مَا بَين الْوَارِدَة والعريش، وللمعز أيبك الديار المصرية وَرجع كل إِلَى بَلَده.
وفيهَا: أَو الَّتِي قبلهَا تزوج الْمعز أيبك شَجَرَة الدّرّ أم خَلِيل.
وفيهَا: طلب الْملك النَّاصِر دَاوُد من الْملك النَّاصِر يُوسُف دستوراً إِلَى الْعرَاق ليطلب من الْخَلِيفَة الجوهرالذي أودعهُ فَأذن لَهُ فَسَار إِلَى كربلا ثمَّ إِلَى الْحَج، وَلما رأى قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
تعلق فِي أَسْتَار الْحُجْرَة الشَّرِيفَة وَقَالَ: اشْهَدُوا أَن هَذَا مقَامي من رَسُول الله
صلى الله عليه وسلم َ - دَاخِلا عَلَيْهِ، مستشفعاً بِهِ إِلَى ابْن عَمه المستعصم فِي أَن يرد عَليّ وديعتي، فارتفع بكاء النَّاس، وَكتب بِصُورَة مَا جرى مشروح، وَدفع إِلَى أَمِير الْحَاج فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين من ذِي الْحجَّة، وَتوجه النَّاصِر دَاوُد مَعَ الْحَاج الْعِرَاقِيّ وَأقَام بِبَغْدَاد.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة فِيهَا: توفّي كيخسرو صَاحب بِلَاد الرّوم، وَقَامَ بعده ابناه الصغيران عز الدّين كيكاوس وركن الدّين قلج أرسلان، وفيهَا توجه كَمَال الدّين بن العديم رَسُولا من النَّاصِر يُوسُف صَاحب الشَّام إِلَى الْخَلِيفَة المستعصم تقدمة جليلة، وَطلب خلعة لمخدومه، وَوصل شمس الدّين سنقر الْأَقْرَع من مماليك المظفر غَازِي صَاحب ميافارقين من جِهَة الْمعز أيبك صَاحب مصر إِلَى بَغْدَاد بتقدمة جليلة، وسعى فِي تَعْطِيل خلعة النَّاصِر فحار الْخَلِيفَة، ثمَّ أحضر سكيناً من اليشم كَبِيرَة، وَقَالَ الْخَلِيفَة للوزير: أعْط هَذِه السكين رَسُول صَاحب الشَّام عَلامَة مني أَن لَهُ خلعة عِنْدِي فِي وَقت آخر وَأما فِي هَذَا الْوَقْت فَلَا يمكنني فَعَاد كَمَال الدّين بن العديم بالسكين بِلَا خلعة.
وفيهَا: حُوسِبَ النَّاصِر دَاوُد على مَا وَصله من الْخَلِيفَة المستعصم من مضيف مثل
اللَّحْم وَالْخبْز والحطب وَالشعِير والتبن، وَثمن عَلَيْهِ غَالِبا وَأعْطى شَيْئا نزراً وألزم فَوضع خطه بِبَرَاءَة الْخَلِيفَة من وديعته الْجَوْهَر، وَعَاد فَنزل بصالحيه دمشق.
وفيهَا: ثَالِث شَوَّال توفّي سيف الدّين طغرل بك مَمْلُوك المظفر صَاحب حماه زَوْجَة المظفر أُخْته ودبر حماه بعده حَتَّى توفّي.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة: فِيهَا يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّالِث وَالْعِشْرين من ربيع الأول قتل الْملك الْمعز أيبك التركماني الجاشنكير الصَّالِحِي قتلته زَوجته شَجَرَة الدّرّ الَّتِي كَانَت زَوْجَة أستاذه الْملك الصَّالح، وخطب لَهَا بالسلطنة بلغَهَا أَنه خطب ابْنة بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل فجهزت عَلَيْهِ الْجَوْجَرِيّ والخدام فِي الْحمام، وَأرْسلت تِلْكَ اللَّيْلَة أصْبع أيبك الْمعز وخاتمه إِلَى الْأَمِير عز الدّين الْحلَبِي الْكَبِير فَلم يَجْسُر على الْقيام بِالْأَمر وحمتها المماليك الصالحية من الْقَتْل، وأقيم نور الدّين عَليّ بن الْملك الْمعز، ولقب بالمنصور، وعمره خمس عشرَة سنة ونقلت شَجَرَة الدّرّ إِلَى البرج الْأَحْمَر وصلبوا الخدام القاتلين، وهرب سنجر الْجَوْجَرِيّ مَمْلُوك الطواشي محسن، ثمَّ صلبوه واحتيط على الصاحب بهاء الدّين بن حناء لكَونه وَزِير شَجَرَة الدّرّ وَأخذ خطه بستين ألف دِينَار.
وَفِي يَوْم الْجُمُعَة عَاشر ربيع الآخر اتّفق مماليك الْمعز أيبك، مثل سيف الدّين قطز وسنجر الغتمي وبهادر وقبضوا على علم الدّين سنجر الْحلَبِي أتابك الْمَنْصُور عَليّ بن الْمعز أيبك ورتبوا فِي الأتابكية أقطاي المستعرب الصَّالِحِي، وَفِي سادس عشر ربيع الآخر مِنْهَا قتلت شَجَرَة الدّرّ وألقيت خَارج البرج فَحملت إِلَى تربَتهَا فدفنت وَبعد أَيَّام خنق شرف الدّين الفائزي.
وفيهَا: استوحش النَّاصِر من البحرية ونزحهم عَن دمشق فقدموا غَزَّة وانتموا إِلَى الْملك المغيث فتح الدّين عمر بن الْعَادِل أبي بكر بن الْكَامِل وانزعج أهل مصر لقدوم البحرية إِلَى غَزَّة، وبرزوا إِلَى العباسية، وَنَفر من البحرية جمَاعَة إِلَى الْقَاهِرَة مِنْهُم عز الدّين الْأَثْرَم فأكرموه وأفرجوا عَن أملاكه وَأرْسل صَاحب الشَّام عسكراً فِي أَثَرهم فكبسته البحرية ونالوا مِنْهُ.
ثمَّ انْكَسَرت البحرية فَانْهَزَمُوا إِلَى البلقاء وَإِلَى زغر ملتجئين إِلَى المغيث صَاحب الكرك فأنفق فيهم أَمْوَالًا وأطمعوه فِي مصر فجهزهم بِمَا احتاجوا وقصدوا مصر فَخرج عَسَاكِر مصر لقتالهم، والتقى المصريون مَعَ البحرية وعسكر المغيث بكرَة السبت منتصف ذِي الْقعدَة مِنْهَا، فَانْهَزَمَ عَسْكَر المغيث والبحرية، وَمِنْهُم بيبرس البندقدار الْمُسَمّى بعد بِالْملكِ الظَّاهِر إِلَى جِهَة الكرك.
وفيهَا: وصل من الْخَلِيفَة الطوق والتقليد إِلَى الْملك النَّاصِر يُوسُف بن الْعَزِيز.
وفيهَا: استجار النَّاصِر دَاوُد بِنَجْم الدّين الباذراني فصحبه إِلَى قرقيسيا وأخره ليشاور عَلَيْهِ فَلم يُؤْذونَ لَهُ وَطَالَ مقَامه فسافر إِلَى الْبَريَّة وَقصد تيه بني إِسْرَائِيل وَأقَام مَعَ عرب تِلْكَ الْبِلَاد.