الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيهَا: أرسل الْمَنْصُور لاجين الْملك النَّاصِر من القاعة الَّتِي كَانَ فِيهَا بقلعة الْجَبَل إِلَى الكرك وَسَار مَعَه سلار حَتَّى أدخلهُ إِلَيْهَا وَعَاد إِلَى لاجين.
وفيهَا: أفرج لاجين عَن بيبرس الجاشنكير وعدة أُمَرَاء قبض عَلَيْهِم الْعَادِل لما ملك.
وفيهَا: أعْطى الْمَنْصُور لاجين جمَاعَة من مماليكه إمرة طبلخانات مثل منكوتمر وأيدغدي شقير وبهادر المعزى.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة: فِيهَا جرد الْملك الْمَنْصُور لاجين جَيْشًا كثيفاً مَعَ بدر الدّين بكتاش الفخري أَمِير سلَاح وَعلم الدّين سنجر الدواتداري وشمس الدّين كريته ولاجين الرُّومِي الْمَعْرُوف بالحسام أستاذ دَار فَسَارُوا إِلَى الشَّام ورسم بمسير عَسَاكِر الشَّام، فَسَار البكي الظَّاهِرِيّ نَائِب صفد ثمَّ سيف الدّين قبجق نَائِب الشَّام، وَأقَام قبجق بِبَعْض العساكر بحمص، وَسَار المظفر صَاحب حماه وَوصل المذكورون حلب يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث وَعشْرين جمادي الْآخِرَة سَابِع نيسان، ثمَّ سَارُوا إِلَى بِلَاد سيس فَعبر صَاحب حماه والدواتداري من دربندمري وَالْبَاقُونَ من بغراس، واجتمعوا على نهر جيحان وشنوا الغارات فِي أواسط رَجَب وكبسوا وغنموا وعادوا إِلَى مرج أنطاكية فِي حادي وَعشْرين رَجَب، وَسَار صَاحب حماه إِلَى جِهَة حماه، وَوصل قصطون فورد مرسوم لاجين باجتماع العساكر بحلب ودخولهم إِلَى سيس ثَانِيًا.
قَالَ الْمُؤلف رحمه الله: فعدنا إِلَى حلب ثمَّ إِلَى بِلَاد سيس ونزلنا على حموص يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع رَمَضَان مِنْهَا، وَأقَام أَمِير سلَاح وَصَاحب حماه وَمن انْضَمَّ إِلَيْهِمَا من عَسْكَر دمشق على حموص وحصرناها وَنزل بَاقِي الْعَسْكَر أَسْفَل مِنْهَا فِي الْوَطْأَة، وأشتد على الْعَالم الْكثير الَّذين بهَا الْعَطش، فَهَلَك غالبهم، فَلَمَّا اشْتَدَّ بهم الْحَال أخرجُوا فِي السَّابِع عشر من نزولنا نَحْو ألف وَمِائَتَيْنِ من النِّسَاء والأطفال فاقتسمهم الْعَسْكَر وَاسْتمرّ الْحَال كَذَلِك حَتَّى كَانَ مَا يذكر.
فتح حموص وَغَيرهَا
تقدم فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة أسر ليفون بن هيتوم لما دخل الْعَسْكَر صُحْبَة الْمَنْصُور صَاحب حماه فِي أَيَّام الظَّاهِر بيبرس، وَكَيف فدَاه أَبوهُ، وَملك ليفون بعد أَبِيه مُدَّة، وَمَات عَن بَنِينَ أكبرهم هيتوم بن تروس ثمَّ سنباط ثمَّ دندين ثمَّ أوشين، فَلَمَّا مَاتَ ليفون ملك ابْنه الْأَكْبَر هيتوم مُدَّة فَجمع أَخُوهُ سنباط ووثب عَلَيْهِ وَقَبضه وسمله فعميت عينه الْوَاحِدَة.
وَاسْتمرّ فِي الْحَبْس وَقبض على تروس ثمَّ قَتله وَخلف تروس ابْنا صَغِيرا، وَاسْتقر سنباط فِي الْملك، وَاتفقَ دُخُول الْعَسْكَر ومنازلة حموص فِي أَيَّام سنباط فضاقت على الأرمن الأَرْض لِكَثْرَة مَا غنم مِنْهُم، وَقتل ونسبوا ذَلِك إِلَى سوء تَدْبِير سنباط وَعدم مصانعته الْمُسلمين.
وقصدوا إِقَامَة أَخِيه دندين وَالْقَبْض على سنباط، فهرب إِلَى جِهَة قسطنطينية وتملك دندين وَتسَمى كسيندين أَيْضا، وبذل للعساكر الطَّاعَة والإجابة إِلَى مرسوم سُلْطَان الْإِسْلَام وَأَنه نَائِبه، فتسلموا مِنْهُ كل مَا هُوَ جنوبي نهر جيحان من الْحُصُون والبلاد، وَمِنْهَا: حموص وتل حمدون وكويرا والنفير وَحجر شغلان وسرفند كار ومرعش وَكلهَا حصون منيعة مَا ترام.
وَكَذَلِكَ سلم غَيرهَا من الْبِلَاد، وَكَانَ تَسْلِيم حموص فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشر شَوَّال مِنْهَا، وَأمر لاجين باستمرار عمَارَة هَذِه الْبِلَاد وَمَا كَانَ مصلحَة فَإِن الأرمن ملكوها سنة قازان، وَولى عَلَيْهَا لاجين نَائِبا ثمَّ عَزله، وولاها سيف الدّين اسندمر مَعَ عَسْكَر فَأَقَامَ بتل حمدون وعادت العساكر إِلَى حلب تَاسِع ذِي الْقعدَة عَاشر آب مِنْهَا فورد مرسوم لاجين إِلَى سيف الدّين بلبان الطباخي بِالْقَبْضِ على جمَاعَة من أُمَرَاء الْعَسْكَر وَعَلمُوا ذَلِك وقبجق على حمص مستشعر من لاجين فهرب من حلب فَارس الدّين البكي نَائِب صفد وبكتمر السلحدار وبوزلار وعزاز إِلَى حمص، وَاتَّفَقُوا مَعَ قبجق على الْعِصْيَان.
(وَفِي أوائلها) : قبل تَجْرِيد الْعَسْكَر قبض لاجين على نَائِبه، وَاسْتقر واعتقله، واستناب مَمْلُوكه منكوتمر الحسامي، فتكبر وتحامق بِمَا غير بِهِ الخواطر على أستاذه.
وَكَذَلِكَ قبض لاجين على البيسري وَعز الدّين أيبك الْحَمَوِيّ والحاج بهادر أَمِير حَاجِب وَغَيرهم.
وفيهَا: اتهمَ قازان أتابكه نيروز بمكاتبة الْمُسلمين وَقَتله، ورتب مَوْضِعه قطلو شاه.
وفيهَا: وَفد سلامش وَهُوَ مقدم ثَمَان من المغول؛ كَانَ بالروم وبلغه أَن قازان يُرِيد قَتله فَأكْرمه لاجين وأنجده بعسكر مقدمهم سيف الدّين بكتمر الجلمي وطمع سلامش باجتماع أهل الرّوم عَلَيْهِ وَسَارُوا حَتَّى جاوزوا بلد سيس فَخرجت التتر واقتتلوا فَقتل الجلمي وَجَمَاعَة من الْعَسْكَر وهرب الْبَاقُونَ واعتصم سلامش فِي قلعة هُنَاكَ ثمَّ استتر لَهُ قازان وَقَتله شَرّ قتلة.
وفيهَا: اتّفق لاجين ونائبه منكوتمر وراكا الإقطاعات بالبلاد المصرية، وَفرقت المثالات فقبلها أَرْبَابهَا طَوْعًا وَكرها.
وفيهَا: توفّي عز الدّين أيبك الْموصِلِي نَائِب الفتوحات، وولاها سيف الدّين كرد أَمِير آخور.
وفيهَا: فِي آخر ذِي الْقعدَة هرب قبجق والبكي وبكتمر السلحدار وَمن انْضَمَّ إِلَيْهِم من حمص وسَاق خَلفهم أيدغدي شقير مَمْلُوك لاجين من حلب فِي جمَاعَة من الْعَسْكَر المجردين ليقطعوا عَلَيْهِم الطَّرِيق ففاتوهم وعبروا الْفُرَات واتصلوا بقازان وَأكْرمهمْ حَتَّى كَانَ مَا سَيذكرُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وفيهَا: عَاد الْمَنْصُور صَاحب حماه من حلب إِلَى حماه بِأَمْر لاجين واستمرت العساكر بحلب حَتَّى خرجت السّنة.
وفيهَا: فِي ثامن وَعشْرين شَوَّال توفّي القَاضِي بحماه جمال الدّين مُحَمَّد بن سَالم بن وَاصل الشَّافِعِي، ومولده سنة أَربع وسِتمِائَة، كَانَ مبرزاً فِي عُلُوم كَثِيرَة مثل الْمنطق والهندسة والأصولين والهيئة والتاريخ.
وَله مفرج الكروب فِي إِخْبَار بني أَيُّوب، وَله الأنبروزية فِي الْمنطق صنفها للأنبروز ملك الفرنج صَاحب صقلية لما أرْسلهُ إِلَيْهِ الْملك الظَّاهِر بيبرس وَاخْتصرَ الأغاني اختصارا حسنا وَله غير ذَلِك.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمُؤلف شَرحه لعروض ابْن الْحَاجِب، وَكَانَ يعرض على القَاضِي مَا لم يحله من أشكال كتاب إقليدس ويستفيد مِنْهُ وَصحح عَلَيْهِ أَسمَاء من لَهُ تَرْجَمَة فِي كتاب الأغاني.
قَالَ الْمُؤلف رحمه الله: قَالَ القَاضِي جمال الدّين الْمَذْكُور ووالد الإمبراطور الَّذِي رَأَيْته اسْمه فردريك كَانَ مصافياً للْملك الْكَامِل، وَمَات سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة، وَملك صقلية وَغَيرهَا من الْبر الطَّوِيل بعده ابْنه كرا ثمَّ مَاتَ كرا وَملك أَخُوهُ منفريذا وكل من ملك مِنْهُم يُسمى إمبراطوراً وَمَعْنَاهُ بالفرنجية ملك الْأُمَرَاء قَالَ: وَلما وصلت إِلَيْهِ أَقمت عِنْده فِي مَدِينَة من الْبر الطَّوِيل الْمُتَّصِل بالأندلس من مَدَائِن أنبولية.
وَكَانَ يحفظ عشر مقالات من كتاب إقليدس وبالقرب من الْبَلَد الَّذِي كنت فِيهِ مَدِينَة لَو حارة كلهَا مُسلمُونَ من جَزِيرَة صقلية يعلن فِيهَا بشعار الْإِسْلَام وَالْأَذَان، وأكبر أَصْحَاب الإمبراطور منفريذا مُسلمُونَ ويعلن فِي مُعَسْكَره بِالْأَذَانِ وَالصَّلَاة وَبَين ذَلِك الْبَلَد وَبَين رُومِية خَمْسَة أَيَّام.
قَالَ: وَبعد تَوَجُّهِي من عِنْده اتّفق البابا خَليفَة الفرنج ورندافرنس على قِتَاله، وَكَانَ البابا قد حرمه لميل الإمبرطور إِلَى الْمُسلمين.
وَكَذَلِكَ كَانَ أَخُوهُ وَأَبوهُ محرمين لميلهم إِلَى الْمُسلمين، قَالَ: وَحكى لي أَن مرتبَة الإمبراطور كَانَت قبل فردريك لوالده وَلما مَاتَ كَانَ فردريك شَابًّا وطمع فِي الإمبراطورية جمَاعَة من مُلُوك الفرنج.
وَكَانَ فردريك شَابًّا مَاكِرًا وجنسه من الألمانية، فَاجْتمع بِكُل وَاحِد من الْمُلُوك الطامعين فِي الإمبراطورية بِانْفِرَادِهِ وَقَالَ لَهُ: إِنِّي لَا أصلح لهَذِهِ الْمرتبَة فَإِذا اجْتَمَعنَا عِنْد البابا فَقل يَنْبَغِي أَن يتقلد الحَدِيث فِي هَذَا الْأَمر ابْن الإمبراطور المتوفي وَمن رَضِي بِهِ فَأَنا رَاض بِهِ فَإِن البابا إِذا رد الِاخْتِيَار إِلَيّ اخْتَرْتُك وقصدي أنتمي إِلَيْك فاعتقدوا صَدَقَة فِي ذَلِك فَلَمَّا اجْتَمعُوا عِنْد البابا برومية قَالَ البابا للملوك: مَا تُرِيدُونَ وَمن هُوَ الأحق بِهَذِهِ الْمرتبَة؟ وَوضع تَاج الْملك بَين أَيْديهم فَكل مِنْهُم قَالَ: حكمت فردريك فِي ذَلِك فَإِنَّهُ ولد الإمبراطور فَقَامَ
فردريك وَقَالَ أَنا أَحَق بتاج أبي ومرتبته وَالْجَمَاعَة قد رَضوا بِي، وَوضع التَّاج على رَأسه فأبلسوا كلهم وَخرج مسرعاً وَقد حصل جمَاعَة من الألمانية الشجعان راكبين، وَسَار بهم على حمية إِلَى بِلَاده.
وَاسْتمرّ منفريذا بن فردريك فِي مَمْلَكَته حَتَّى قَصده البابا ورندافرنس بجموعهما فقاتلوه وهزموه وقبضوا عَلَيْهِ وَأمر البابا فذبح منفريذا وَملك بِلَاده بعده رندافرنس سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة ظنا.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة فِيهَا: قتل الْملك الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين: وثب عَلَيْهِ مماليك صبيان اصطفاهم لَيْلَة الْجُمُعَة حادي عشر ربيع الآخر أول اللَّيْل فَقَتَلُوهُ وَهُوَ يلْعَب بالشطرنج، وَأول ضَارب لَهُ بِالسَّيْفِ كرجي وقصدوا قتل مَمْلُوكه نائبة منكوتمر فأجاره سيف الدّين طغجي الأشرفي مقدم القاتلين، وحبسه فِي الْجب، ثمَّ أخرجه كرجي وَذبح على رَأس الْجب وَعند الصُّبْح جلس طغجي فِي مضع النِّيَابَة وَأمر وَنهى.
وَهُنَاكَ أُمَرَاء أكبر مِنْهُ مثل الحسام استاذ دَار وسلار وبيبرس الجاشنكير فاتفقوا على الوقيعة بطغجي وإعادة ملك مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك النَّاصِر الْمُقِيم بالكرك وَاتفقَ بعد ذَلِك وُصُول الْعَسْكَر المجردين على حلب أَمِير سلَاح وَغَيره، وَأَشَارَ الْأُمَرَاء على طغجي بتلقي أَمِير سلَاح فَامْتنعَ وعاودوه فَأجَاب وَركب من قلعة الْجَبَل واستناب بهَا كرجي قَاتل لاجين فَلَمَّا اجْتمع الْأُمَرَاء لتلقي أَمِير سلَاح تحدثُوا فِي قتل الصّبيان السُّلْطَان وأنكروا مثل ذَلِك ونسبوا ذَلِك إِلَى طغجي وحطوا عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ فهرب وأدركوه فَقَتَلُوهُ وقصدوا كرجي بقلعة الْجَبَل فهرب وتبعوه فَقَتَلُوهُ فِي ربيع الآخر مِنْهَا، وَمُدَّة ملك لاجين سنتَانِ وَثَلَاثَة أشهر.
وفيهَا: عَاد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر بن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون إِلَى مَمْلَكَته فَإِنَّهُ بعد مَا ذكرنَا اتّفقت الْأُمَرَاء على ذَلِك، فَتوجه سيف الدّين آل ملك وَعلم الدّين الجاولي إِلَى الكرك وحضرا فِي خدمته وَصعد قلعة الْجَبَل وَاسْتقر على سَرِير ملكه يَوْم السبت رَابِع عشر جمادي الأولى مِنْهَا وَهِي سلطنته الثَّانِيَة، واستناب سلار وَجعل بيبرس الجاشنكير استاذ الدَّار وبكتمر الجوكندار أَمِير خزينة دَار وجمال الدّين أقوش الأفرم نَائِب الشَّام وأفرجوا عَن قرا سنقر من الاعتقال بعد نَحْو سنة وشهرين ثمَّ بعثوا بِهِ إِلَى الصبيبة وجهز تَقْلِيد صَاحب حماه المظفر على عَادَته فِي جمادي الأولى مِنْهَا.
وفيهَا: فِي رَمَضَان الْمُوَافق لحزيران جرد المظفر عَسْكَر حماه إِلَى حلب لتحرك التتر إِلَى الشَّام، وَورد كتاب بلبان الطباخي بتراخي الْأَخْبَار فعادوا من المعرة إِلَى حماه، ثمَّ ورد كِتَابه بطلبهم فاعيدوا يَوْم وصولهم سَابِع عشر رَمَضَان وحزيران.
وفيهَا: يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة توفّي السُّلْطَان الْملك المظفر صَاحب حماه وَتقدم مولده، فعمره إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ سنة وَعشرَة أشهر وَسَبْعَة أَيَّام، وَملك حماه خمس عشرَة سنة وشهراً وَيَوْما، قصد جبل علارور المطل على قسطون فِي شدَّة الْحر ليرمي النسْر
من طوير الْوَاجِب، وَعمل كوخاً وَقتل حمارا وانتظر نزُول النسْر على جيفته وَهُوَ بالكوخ، فاتفق نزُول النسْر وَلم يقدر لَهُ رميه، وأنتنت الجيفة فَمَرض، وَمرض الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى.
وَاتفقَ حُضُور الْأَمِير صارم الدّين أزبك المنصوري من التَّجْرِيد بحلب لمَرض زَوجته فلحق السُّلْطَان قبل وَفَاته.
وَاشْتَدَّ بالمظفر الْمَرَض بحمى محرقة حَتَّى توفّي فِي التَّارِيخ رَحمَه الله تَعَالَى، وَحضر بعد وَفَاته إِلَى حماه من حلب أَخُو الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى أَسد الدّين عمر وَبدر الدّين حسن ابْنا الْملك الْأَفْضَل، وَاخْتلفُوا فِيمَن يكون صَاحب حماه فَلم يَنْتَظِم فِي ذَلِك حَال.
ثمَّ إِن قرا سنقر وَهُوَ بالصبية تضور إِلَى الْحُكَّام بِمصْر من الْمقَام بالصبيبة وَقد اتّفق موت صَاحب حماه فَأعْطى قرا سنقر النِّيَابَة بحماه وَوَصلهَا فِي أَوَائِل ذِي الْحجَّة مِنْهَا وَنزل بدار المظفر صَاحب حماه.
قَالَ الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى: وَأخذ من تَرِكَة صَاحب حماه وَمنا أَشْيَاء كَثِيرَة حَتَّى أجحف بِنَا، ووصلت المناشير من مصر باستمرارنا، وغيرنا على مَا بِأَيْدِينَا.
وفيهَا: أرسل بلبان الطباخي عسكراً نهبوا ربض ماردين حَتَّى الْجَامِع وَعمِلُوا الْأَعْمَال الشنيعة الَّتِي احْتج بهَا قازان فِي قصد الشَّام.
وفيهَا: توفّي بدر الدّين بيسري فِي محبسه من حِين حَبسه لاجين.
وفيهَا: سَار مَوْلَانَا السُّلْطَان بعساكر مصر، فَأَقَامَ بِبِلَاد غَزَّة حَتَّى خرجت السّنة.
وفيهَا: توفّي شمس الدّين كريته أحد المقدمين الَّذين دخلُوا بلد سبس وفتحوا مَا ذَكرْنَاهُ.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة: فِيهَا سَار قازان بن أرغون بجموع عَظِيمَة من مغول وكرج ومزندة وَغَيرهم، وَعبر الْفُرَات وَسَار إِلَى حلب ثمَّ إِلَى حماه، ثمَّ نزل وَادي مجمع المروج وَسَار مَوْلَانَا السُّلْطَان بالعساكر وَنزل ظَاهر حمص ثمَّ سَارُوا إِلَى جِهَة الْمجمع.
وَكَانَ سلار والجاشنكير هما المتغلبين على المملكة فطمع الْأُمَرَاء وَلم يكملوا عدَّة جندهم، الْتَقَوْا الْعَصْر من نَهَار الْأَرْبَعَاء سَابِع وَعشْرين ربيع الأول مِنْهَا الْمُوَافق لثالث وَعشْرين كانون الأول قرب مجمع المروج شَرْقي حمص على نصف مرحلة مِنْهَا فَوَلَّتْ ميمنة الْمُسلمين ثمَّ الميسرة وَثَبت الْقلب واحتاطت بِهِ التتر وَجرى قتال عَظِيم وَتَأَخر السُّلْطَان إِلَى جِهَة حمص حَتَّى أدْركهُ اللَّيْل، وتمت الْهَزِيمَة بالعساكر الإسلامية إِلَى مصر وتبعهم التتر واستولوا على دمشق وَسَاقُوا إِلَى غَزَّة والقدس وبلاد الكرك وغنموا من الجفال شَيْئا عَظِيما.