المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أول عظمهم بعد السلطان ملكشاه، وملكوا قلاعا منها قلعة أصبهان مستجدة بناها ملكشاه، وسبب بنائها أن كلبا هرب منه في الصيد ومعه رسول الروم فصعد الكلب إلى - تاريخ ابن الوردي - جـ ٢

[ابن الوردي الجد، زين الدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(ذكر وُصُول ملكشاه إِلَى حلب)

- ‌ملك يُوسُف بن تاشفين غرناطة وانقراض دولة الصناهجة

- ‌ذكر ملك كربوغا الْموصل

- ‌ذكر ملك الفرنج بَيت الْمُقَدّس

- ‌ وَله كتاب تَقْوِيم الْأَبدَان وَغَيره، ووقف كتبه وَجعلهَا فِي مشْهد أبي حنيفَة

- ‌فِيهَا استولى سقمان القطبي التركي وَيُسمى سكمان على خلاط كَانَ مَمْلُوكا لإسماعيل صَاحب مَدِينَة مرند من أذربيجان، ولقب إِسْمَاعِيل قطب الدّين وَكَانَ من بنير سلجوق، وَلذَلِك قيل لسكمان القطبي، وَنَشَأ سكمان شهماً كَافِيا، وَكَانَت خلاط لبني مَرْوَان وظلموا واشتهر عدل

- ‌كَانَ القَاضِي أَبُو عبيد الله بن مَنْصُور عرف بِابْن صليحة قد استولى على جبلة وحاصره الفرنج فَأرْسل إِلَى طغتكين أتابك دقاق صَاحب دمشق يطْلب مِنْهُ من يتسلم مِنْهُ جبلة ويحفظها، فَأرْسل إِلَيْهَا طغتكين ابْنه تَاج الْملك بورى فتسلمها وأساء السِّيرَة، فكاتب أَهلهَا أَبَا عَليّ بن

- ‌أول عظمهم بعد السُّلْطَان ملكشاه، وملكوا قلاعاً مِنْهَا قلعة أَصْبَهَان مستجدة بناها ملكشاه، وَسبب بنائها أَن كَلْبا هرب مِنْهُ فِي الصَّيْد وَمَعَهُ رَسُول الرّوم فَصَعدَ الْكَلْب إِلَى

- ‌حَال طرابلس مَعَ الفرنج

- ‌ابْتِدَاء أَمر مُحَمَّد بن يومرت وَملك عبد الْمُؤمن

- ‌ بِخُرُوجِهِ، فاستفحل أمره وَقَامَ عبد الْمُؤمن بن عَليّ فِي عشرَة أنفس وَقَالُوا لَهُ: أَنْت الْمهْدي وَبَايَعُوهُ على ذَلِك، وتبعهم غَيرهم فَأرْسل ابْن تاشفين إِلَيْهِ جَيْشًا فَهَزَمَهُمْ فَأَقْبَلت الْقَبَائِل تبايعه، وَعظم أمره واستوطن جبلا عِنْد سمليك وَرَأى فِي جموعه قوما خافهم فَقَالَ: إِن

- ‌ذكر ملك زنكي حلب

- ‌قتل الإسماعيلية وَحصر الفرنج دمشق

- ‌خلع الراشد وَولَايَة المقتفي

- ‌فعل ملك الرّوم بِالشَّام

- ‌مقتل الراشد

- ‌ والقضيب أخذا من المسترشد وأعيدا إِلَى المقتفي.وفيهَا: ملك الإسماعيلية حصن مصياث بِالشَّام، تسلقوا على وَالِي بني منقذ وقتلوه وملكوه.وفيهَا: توفّي الْفَتْح بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن خاقَان قَتِيلا فِي فندق بمراكش، فَاضل فِي الْأَدَب، لَهُ قلائد العقبان

- ‌ظُهُور الْمُلُوك الغورية وانقراض دولة آل سبكتكين

- ‌أَخْبَار بني منقذ والزلازل

- ‌ذكر فتح المهدية

- ‌ذكر مسير سُلَيْمَان شاه إِلَى هَمدَان وَقَتله

- ‌ نَحْو خَمْسَة عشر ذِرَاعا.وجمال الدّين هَذَا هُوَ الَّذِي جدد مَسْجِد الْخيف بمنى، وَبنى الْحجر بِجَانِب الْكَعْبَة وزخرف الْكَعْبَة وبذل جملَة طائلة لصَاحب مَكَّة وللمقتفي حَتَّى مكنه من ذَلِك، وَبنى الْمَسْجِد الَّذِي على عَرَفَات وَعمل الدرج إِلَيْهِ وَعمل بِعَرَفَات مصانع المَاء، وَبنى سوراً

- ‌ذكر ملك شيركوه مصر، وَقتل شاور وبتداء الدولة الأيوبية

- ‌شيركوه وَأَيوب

- ‌ذكر الْخطْبَة العباسية بِمصْر وانقراض الدولة العلوية

- ‌ملك توران شاه الْيمن

- ‌ملك صَلَاح الدّين دمشق وحمص وحماه

- ‌وقْعَة حطين

- ‌ وَحضر مَعَه فتوحاته، وَكَانَ يرجع إِلَى قَوْله تبركاُ بِصُحْبَتِهِ، وَدخل السُّلْطَان دمشق فِي رَمَضَان الْمُعظم، فأشير عَلَيْهِ بتفريق العساكر ليريحوا ويستريحوا، فَقَالَ: إِن الْعُمر قصير، وَالْأَجَل غير مَأْمُون، وَكَانَ لما سَار إِلَى الشمَال قد ترك على الكرك وَغَيرهَا من يحصرها وَأَخُوهُ

- ‌حِصَار عكا

- ‌ذكر اسْتِيلَاء الفرنج على عكا

- ‌وَفَاة الْملك المظفر

- ‌عقد الْهُدْنَة مَعَ الفرنج

- ‌قتل طغرل بك وَملك خوارزم شاه الرّيّ

- ‌انتزاع دمشق من الْأَفْضَل

- ‌ رَبنَا آمنا بِمَا أنزلت وَاتَّبَعنَا الرَّسُول، أَيهَا النَّاس: إِنَّا لَا نقُول إِلَّا مَا صَحَّ عندنَا عَن رَسُول الله

- ‌ وَبكى وَبكى الكرامية، فثار النَّاس

- ‌ أَبُو بكر أَو عَليّ رضي الله عنهما؟ فَقَالَ: أفضلهما من كَانَت ابْنَته تَحْتَهُ فأرضى الطَّائِفَتَيْنِ وينتسب إِلَى مشرعة الْجَوْز من محَال بَغْدَاد وَالله أعلم.ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة: فِيهَا خرب الظَّاهِر قلعة منبج خوفًا من انتزاعها مِنْهُ، وأقطعها عماد الدّين

- ‌الْحَوَادِث بِالْيمن

- ‌ذكر قتل شهَاب الدّين ملك الغورية

- ‌ذكر قصد ملك الرّوم حلب

- ‌ذكر وَفَاة الْملك الْعَادِل

- ‌ذكر اسْتِيلَاء الْملك النَّاصِر على حماه

- ‌اسْتِيلَاء الْملك المظفر غَازِي بن الْعَادِل على خلاط وميافارقين

- ‌مسير التتر إِلَى خوارزم شاه وهزيمته وَمَوته

- ‌عود دمياط إِلَى الْمُسلمين

- ‌حَادِثَة غَرِيبَة

- ‌عصيان المظفر غَازِي بن الْعَادِل على أَخِيه الْأَشْرَف

- ‌وَفَاة ملك الْمغرب وَمَا كَانَ بعده

- ‌ذكر ملك المظفر مَحْمُود بن الْمَنْصُور مُحَمَّد لحماه

- ‌كسرة جلال الدّين

- ‌تَلْخِيص من تَارِيخ جلال الدّين

- ‌اسْتِيلَاء الْعَزِيز بن الظَّاهِر على شيزر

- ‌ وَينْفق عَلَيْهِ الْأَمْوَال الجليلة.ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة: فِيهَا فِي الْمحرم توفّي شهَاب الدّين طغرل بك الأتابك بحلب.قلت: وَله أوقاف مبرورة وواقعته مَعَ الشَّيْخ نَبهَان بن غيار الحبريني العَبْد الصَّالح مَشْهُورَة، وَالله أعلم

- ‌ تصدق رجل من ديناره من درهمه من صَاع بره من صَاع تمره.وروى أَبُو زيد: أكلت خَبرا لَحْمًا تَمرا.قَالَ الشَّاعِر:(كَيفَ أَصبَحت كَيفَ أمسيت مِمَّا…يغْرس الود فِي فؤاد الْكَرِيم)وَأما بَيت أبي الطّيب فمصطبر ومقتحم مجروران قيل بِمن الْمقدرَة وَهُوَ بعيد

- ‌اسْتِيلَاء النَّاصِر صَاحب حلب على دمشق

- ‌ تعلق فِي أَسْتَار الْحُجْرَة الشَّرِيفَة وَقَالَ: اشْهَدُوا أَن هَذَا مقَامي من رَسُول الله

- ‌ وَكَانَت تضيء بِاللَّيْلِ من مَسَافَة بعيدَة جدا. ولعلها النَّار الَّتِي ذكرهَا رَسُول الله

- ‌ فمما نظم المشد سيف الدّين عمر بن قزل يُخَاطب بِهِ النَّبِي

- ‌ وَقع مِنْهُم فِي بعض اللَّيَالِي تَفْرِيط، فاشتعلت النَّار فِي الْمَسْجِد الشريف، واحترقت سقوفه وتألم النَّاس لذَلِك.قلت: وَكَانَ أصل هَذَا الْحَرِيق من مسرجة قيم، وَقلت فِي ذَلِك:(وَالنَّار أَيْضا من جنود نَبينَا…لم تأت إِلَّا بِالَّذِي يخْتَار)(متغلبون يزخرفون بسحتهم

- ‌ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة: فِيهَا قصد هولاكو ملك التتر بَغْدَاد، وملكها فِي الْعشْرين من الْمحرم، وَقتل الْخَلِيفَة المستعصم بِاللَّه وَسَببه أَن وَزِير الْخَلِيفَة مؤيد الدّين بن العلقمي، كَانَ رَافِضِيًّا وَأهل الكرخ روافض فَافْتتنَ السّنيَّة والشيعة بِبَغْدَاد كعادتهم فَأمر

- ‌قصد هولاكو الشَّام

- ‌سلطنة الْحلَبِي بِدِمَشْق

- ‌قبض الْملك السعيد وعود التتر

- ‌ ففرغ فِي أَربع سِنِين وَالله أعلم.وفيهَا: فِي تَاسِع عشر ربيع الآخر هلك هولاكو بن طلو بن جنكيزخان وَترك خَمْسَة عشر ابْنا.وَملك بعده ابْنه أبغاً الْبِلَاد الَّتِي كَانَت بيد أَبِيه وَهِي أقليم خُرَاسَان وكرسيه نيسابور وإقليم عراق الْعَجم وتعرف بِبِلَاد الْجَبَل وكرسيه

- ‌ وأماننا لأخينا السُّلْطَان الْملك المظفر شمس الدّين يُوسُف بن عمر صَاحب الْيمن إننا رَاعُونَ لَهُ ولأولاده، مسالمون من سالمهم، معادون من عاداهم وَنَحْو ذَلِك، وَأرْسل إِلَيْهِ هَدِيَّة من أسلاب التتر وخيلهم.وفيهَا: مَاتَ منكوتمر بن هولاكو بن طلو بن جنكيزخان بِجَزِيرَة

- ‌فتح حموص وَغَيرهَا

- ‌ذكر المتجددات بعد الكسرة

- ‌قدوم قبجق إِلَى حماه

- ‌ثمَّ دخلت سنة خمس وَسَبْعمائة: فِي الْمحرم مِنْهَا أرسل قرا سنقر نَائِب حلب مَعَ مَمْلُوكه قشتمر عسكراً إِلَى سيس.وَكَانَ قشتمر ضَعِيف الْعقل مشتغلاً بِالْخمرِ فاستهان بالعدو فَجمع صَاحب سيس سنباط من الأرمن والفرنج والتتر ووصلوا إِلَى غَزَّة وقاتلوهم قرب إِيَاس فَانْهَزَمَ

- ‌ ألْقى الله فِي قُلُوبهم الرعب وَهَزَمَهُمْ.قلت:(مَا ذكرُوا الْمُصْطَفى بِسوء…إِلَّا وسيق البلا إِلَيْهِم)(فحبه رَحْمَة علينا…وسبه نقمة عَلَيْهِم)وقاسى الْعَسْكَر فِي هدم الأبراج مشقة فَإِنَّهَا كَانَت مكلبة بحديد ورصاص وَعرض السُّور ذِرَاعا بالنجاري، ونقبت

- ‌ أشعاراً، وَمَا أرق قَوْله:(لَا تسْأَل يَا حبيب قلبِي…مَا تمّ عَليّ فِي هواكا)(الْعرض فقد صلوت عَنهُ…وَالنَّفس جَعلتهَا فداكا)وَقَوله دو بَيت:(يَا عصر شَبَابِي المفدي أَرَأَيْت…مَا أسْرع مَا بَعدت عني ونأيت)(قد كنت مساعدي على كَيْت وَكَيْت…وَالْيَوْم

- ‌ فجَاء نقيب الحكم بدر الدّين مُحَمَّد بن نجم الدّين إِسْحَاق وأزاح الْعَقْرَب عَن كم النَّبِي

- ‌ لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد مَعَ اعترافه بِأَن الزِّيَارَة بِلَا شدّ رَحل قربَة فشنعوا عَلَيْهِ بهَا، وَكتب فِيهَا جمَاعَة بِأَنَّهُ يلْزم من مَنعه شَائِبَة تنقيص للنبوة فيكفر بذلك.وَأفْتى عدَّة بِأَنَّهُ مُخطئ بذلك خطأ الْمُجْتَهدين المغفور لَهُم وَوَافَقَهُ جمَاعَة وَكَبرت الْقَضِيَّة

- ‌ أَمر بقتل الْكلاب مرّة، ثمَّ صَحَّ أَنه نهى عَن قَتلهَا، قَالَ: وَاسْتقر الشَّرْع عَلَيْهِ على التَّفْصِيل الْمَعْرُوف فَأمر بقتل الْأسود إِلَيْهِم، وَكَانَ هَذَا فِي الإبتداء وَهُوَ الْآن مَنْسُوخ، هَذَا كَلَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَلَا مزِيد على تَحْقِيقه وَالله أعلم

- ‌ رد عليه السلام من الْحُجْرَة وَقَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام يَا مهنا، ثمَّ عَاد إِلَى الفوعة وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة

- ‌ نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم فارتاب فِي ذَلِك فأقدم على فتح الْبَاب الْمَذْكُور بعد أَن نهي عَن ذَلِك فَوجدَ بَابا عَلَيْهِ تأزير رُخَام أَبيض، وَوجد فِي ذَلِك تَابُوت رُخَام أَبيض فَوْقه رخامة تبيضاء مربعة فَرفعت الرخامة عَن التابوت فَإِذا فِيهَا بعض جمجمة فهرب الْحَاضِرُونَ هَيْبَة لَهَا، ثمَّ رد

- ‌ فِيمَن صَامَ الدَّهْر لَا صَامَ وَلَا أفطر على أَنه دُعَاء عَلَيْهِ وَفِي حق من نذور وَلم يتَضَرَّر خَمْسَة أَقْوَال الْوُجُوب وَهُوَ إختيار أَكثر الأصاحب وَالْإِبَاحَة وَالْكَرَاهَة وَالتَّحْرِيم وَفِي حق من يتَضَرَّر بِأَن تفوته السّنَن أَو الِاجْتِمَاع بالأهل ثَلَاثَة أَقْوَال التَّحْرِيم وَالْكَرَاهَة وَالْإِبَاحَة وَلَا يَجِيء

- ‌ مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر رضي الله عنهم عَن نَبينَا سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب

- ‌ وَفِيه: ورد الْخَبَر إِلَى حلب أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين عَليّ بن السُّبْكِيّ تولى قَضَاء الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة بِدِمَشْق المحروسة بعد أَن حدث الْخَطِيب بدر الدّين مُحَمَّد بن القَاضِي جلال الدّين نَفسه بذلك وَجزم بِهِ وَقبل الهناء فَقَالَ فِيهِ بعض أهل دمشق:(قد سبك السُّبْكِيّ قلب الْخَطِيب

- ‌وفيهَا: فِي الْعشْرين من شهر رَجَب توفّي بجبرين الشَّيْخ مُحَمَّد بن الشَّيْخ نَبهَان كَانَ لَهُ الْقبُول التَّام عِنْد الْخَاص وَالْعَام، وناهيك أَن طشتمر حمص أَخْضَر على قُوَّة نَفسه وشممه وقف على زاويته بجبرين حِصَّة من قَرْيَة حريثان لَهَا مغل جيد وَبِالْجُمْلَةِ فَكَأَنَّمَا مَاتَت بِمَوْتِهِ مَكَارِم

- ‌ حسن الخظ، وَله نظم، كَانَ كَاتبا ثمَّ صَار داوندار قبجق بحماه ثمَّ شاد الدَّوَاوِين بحلب ثمَّ حاجباً بهَا ثمَّ دواتدار الْملك النَّاصِر ثمَّ نَائِبا بالإسكندرية ثمَّ أَمِيرا بحلب وشاد المَال وَالْوَقْف ثمَّ أَمِيرا بطرابلس رَحمَه الله تَعَالَى.وفيهَا: فِي شعْبَان بلغنَا وَفَاة الشَّيْخ

- ‌ فَمن أعدى الأول استرسل ثعبانه وانساب " وَسمي طاعون الْأَنْسَاب وَهُوَ سادس طاعون وَقع فِي الْإِسْلَام، وَعِنْدِي أَنه الموتان الَّذِي أنذر بِهِ نَبينَا عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ وَكَانَ:(أعوذ بِاللَّه رَبِّي من شَرّ طاعون النّسَب…باروده المستعلي قد طَار فِي الأقطار)

الفصل: ‌أول عظمهم بعد السلطان ملكشاه، وملكوا قلاعا منها قلعة أصبهان مستجدة بناها ملكشاه، وسبب بنائها أن كلبا هرب منه في الصيد ومعه رسول الروم فصعد الكلب إلى

الْحجَّة على الدّين الْحق وَذكر فِيهَا النُّصُوص من التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فِي ظُهُور النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -‌

‌ وَله كتاب تَقْوِيم الْأَبدَان وَغَيره، ووقف كتبه وَجعلهَا فِي مشْهد أبي حنيفَة

.

ابْتِدَاء دولة بني شاهر من مُلُوك خلاط

‌فِيهَا استولى سقمان القطبي التركي وَيُسمى سكمان على خلاط كَانَ مَمْلُوكا لإسماعيل صَاحب مَدِينَة مرند من أذربيجان، ولقب إِسْمَاعِيل قطب الدّين وَكَانَ من بنير سلجوق، وَلذَلِك قيل لسكمان القطبي، وَنَشَأ سكمان شهماً كَافِيا، وَكَانَت خلاط لبني مَرْوَان وظلموا واشتهر عدل

سقمان، فاتفق أهل خلاط وكاتبوه فجَاء وفتحوها لَهُ وسلموها إِلَيْهَا، وَاسْتمرّ بهَا حَتَّى توفّي سنة سِتّ وَخَمْسمِائة وملكها بعده ابْنه ظهير الدّين إِبْرَاهِيم.

ثمَّ دخلت سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة: ثمَّ إِن بركيا روق بعد هزيمته الْمَذْكُورَة من إخْوَته اجْتمع عَلَيْهِ أَصْحَابه بخوزستان، ثمَّ أَتَى عَسْكَر مكرم فَكثر جمعه ثمَّ سَار إِلَى هَمدَان فلحق بِهِ الْأَمِير إياز فِي خَمْسَة آلَاف فَارس، ثمَّ قَاتل أَخَاهُ مُحَمَّدًا فِي ثَالِث جُمَادَى مِنْهَا طول النَّهَار فَانْهَزَمَ مُحَمَّد وَعَسْكَره وَأسر مؤيد الْملك بن نظام الْملك وَزِير مُحَمَّد فعاقبه على فعله بوالدته، وَقَتله بِيَدِهِ. وَعمر مؤيد الْملك خَمْسُونَ سنة تَقْرِيبًا، ثمَّ سَار بركيا روق إِلَى الرّيّ، وَأما مُحَمَّد فقصد خُرَاسَان وَجمع مَعَ أَخِيه سنجر الجموع وتحالفا وقصدا بركيا روق بِالريِّ فَسَار بركيا روق إِلَى بَغْدَاد وَضَاقَتْ أَمْوَاله فَطلب من الْخَلِيفَة مَالا فَحمل إِلَيْهِ خمسين ألف دِينَار، وَمد يَده فِي مَال الرّعية وَمرض مَرضا شَدِيدا، وَأما مُحَمَّد وسنجر فاستوليا على بِلَاد أخيهما بركيا روق، ثمَّ دخلا بَغْدَاد وَهُوَ مَرِيض قد أيس مِنْهُ فَسَار إِلَى جِهَة وَاسِط وَوصل السُّلْطَان مُحَمَّد وسنجر بَغْدَاد فَشَكا إِلَيْهِمَا الْخَلِيفَة المستظهر سوء سيرة بركيا روق وخطب لمُحَمد ثمَّ كَانَ مَا سَيذكرُ.

ملك ابْن عمار مَدِينَة جبلة

‌كَانَ القَاضِي أَبُو عبيد الله بن مَنْصُور عرف بِابْن صليحة قد استولى على جبلة وحاصره الفرنج فَأرْسل إِلَى طغتكين أتابك دقاق صَاحب دمشق يطْلب مِنْهُ من يتسلم مِنْهُ جبلة ويحفظها، فَأرْسل إِلَيْهَا طغتكين ابْنه تَاج الْملك بورى فتسلمها وأساء السِّيرَة، فكاتب أَهلهَا أَبَا عَليّ بن

مُحَمَّد بن عمار صَاحب طرابلس فَأرْسل عسكراً فَاجْتمعُوا وقاتلوا بورى، فَانْهَزَمَ أَصْحَابه، وَملك ابْن عمار جبلة وَأسر بورى فَأحْسن إِلَيْهِ ابْن عمار وسيره إِلَى أَبِيه طغتكين، وَأما القَاضِي ابْن صليحة فقصد بأَهْله دمشق ثمَّ بَغْدَاد وَبهَا بركيا روق وَقد ضَاقَتْ يَده فَطلب من ابْن صليحة مَالا فَحمل إِلَيْهِ جملَة طائلة.

أَخْبَار الباطنية

وهم الإسماعيلية

‌أول عظمهم بعد السُّلْطَان ملكشاه، وملكوا قلاعاً مِنْهَا قلعة أَصْبَهَان مستجدة بناها ملكشاه، وَسبب بنائها أَن كَلْبا هرب مِنْهُ فِي الصَّيْد وَمَعَهُ رَسُول الرّوم فَصَعدَ الْكَلْب إِلَى

ص: 12

مَوضِع القلعة فَقَالَ الرَّسُول: لَو كَانَ هَذَا الْموضع ببلادنا لبنينا عَلَيْهِ قلعة، فبناها السُّلْطَان وتواردت عَلَيْهَا النواب حَتَّى ملكهَا الباطنية وَعظم ضررهم بِسَبَبِهَا، كَانَ يُقَال قلعة يدل عَلَيْهَا كلب وَيُشِير بهَا كَافِر لَا بُد وَأَن يكون آخرهَا إِلَى شَرّ، وملكوا قلعة ألموت فِي نواحي قزوين أرسل بعض مُلُوك الديلم عقَابا فَنزل على مَوضِع ألموت فَرَآهُ حصيناً فبناه قلعة وسماها الراموت مَعْنَاهُ بِلِسَان الديلم تَعْلِيم الْعقَاب وَذَلِكَ الْموضع وَمَا يجاوره يُسمى طالقان، وَكَانَ الْحسن بن الصَّباح شهماً مهندساً حيسوباً ساحراً، وَطَاف الْبِلَاد ثمَّ استغوى أهل ألموت وَملكه وملكوا أَيْضا قلعة طبس وقهستان ثمَّ قلعة رستمكوه قرب أبهر سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة ثمَّ قلعة خالنجان على خَمْسَة فراسخ من أصفهان، ثمَّ قلعة أردهن ملكهَا أَبُو الْفتُوح ابْن أُخْت الْحسن بن الصَّباح وملكوه قلعة كرد كوه وقلعة الطنبور وقلعة حلاوخان بَين فَارس وخوزستان، وامتدوا إِلَى اغتيال الأكابر فَعظم صيتهم وخافهم النَّاس فتتبعهم بركيا روق وَقتل كل من عرف مِنْهُم.

وفيهَا ملك الفرنج سورج من ديار الجزيرة قتلا وسبياً وأرسوف بساحل عكا وقيسارية.

ثمَّ دخلت سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا " توفّي المستعلي " بِأَمْر الله أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن الْمُسْتَنْصر الْعلوِي خَليفَة مصر لسبع عشرَة خلت من صفر ومولده فِي الْعشْرين من شعْبَان سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة، وخلافته سبع سِنِين وَنَحْو شَهْرَيْن، كَانَ مُدبر دولته الْأَفْضَل بن بدر الجمالي.

وبويع لِابْنِهِ الْآمِر بِأَحْكَام الله أبي عَليّ الْمَنْصُور، وعمره خمس سِنِين وَشهر وَأَيَّام، وَقَامَ بتدبير دولته الْأَفْضَل بن بدر الجمالي.

وفيهَا: تقَابل بركيا روق وَأَخُوهُ مُحَمَّد عِنْد الرّيّ فِي جُمَادَى الأول وَهُوَ المصاف الرَّابِع، فَانْهَزَمَ مُحَمَّد، ونهبت خزانته وَمضى فِي نفر يسير إِلَى أَصْبَهَان ثمَّ سَار بركيا روق فحصر مُحَمَّدًا بأصبهان، وَعدم الْقُوت بهَا إِلَى عَاشر ذِي الْحجَّة فهرب مُحَمَّد مِنْهَا مستخفياً وحرض بركيا روق على تَحْصِيله فَلم يظفر بِهِ، ثمَّ سَار بركيا روق عَن أصفهان إِلَى هَمدَان فِي ثامن عشر ذِي الْحجَّة مِنْهَا.

" وفيهَا مَاتَ كربوغا " بخوى من أذربيجان بَعثه إِلَيْهَا بركيا روق وَاسْتولى على الْموصل مُوسَى التركماني عَامل كربوغا على حصن كيفا وَكَانَ شمس الدولة جكرمش التركي صَاحب جَزِيرَة ابْن عمر فقصد الْموصل وَاسْتولى على تصيبين فِي طَرِيقه فَخرج مُوسَى التركماني من الْموصل لقتاله فغدر بمُوسَى عسكره وصاروا مَعَ جكرمش، فَعَاد مُوسَى إِلَى الْموصل وحصره جكرمش بهَا طَويلا فاستعان مُوسَى بسقمان وَهُوَ فِي ديار بكر وَأَعْطَاهُ حصن كيفا فاستمر الْحصن لسقمان وَأَوْلَاده إِلَى آخر وَقت فَسَار سقمان إِلَيْهِ، فَرَحل جكرمش عَن الْموصل وَخرج مُوسَى ليلقى سقمان فَوَثَبَ على مُوسَى جمَاعَة من أَصْحَابه فَقَتَلُوهُ عِنْد قربَة

ص: 13

كواثا وَدفن على تل هُنَاكَ إِلَى الْآن يعرف بتل مُوسَى، وَرجع سقمان إِلَى حصن كيفا ثمَّ عَاد جكرمش صَاحب الجزيرة إِلَى الْموصل وحصرها ثمَّ تسلمها صلحا وَأحسن السِّيرَة فِيهَا.

وفيهَا: سَار صنجيل الفرنجي فِي جمع قَلِيل وَحصر حصن ابْن عمار بطرابلس، ثمَّ صولح على مَال حملوه إِلَيْهِ، ثمَّ فتح صنجيل أنطرسوس وَقتل بهَا الْمُسلمين، ثمَّ حصر حصن الأكراد فَجمع جنَاح الدولة صَاحب حمص الْعَسْكَر ليسير إِلَيْهِ، فَوَثَبَ باطني على جنَاح الدولة بالجامع فَقتله، وَبلغ ذَلِك صنجيل، فنازل حمص وَملك أَعمالهَا.

وفيهَا: قتل الْمُؤَيد بن مُسلم بن قُرَيْش أَمِير بني عقيل، قَتله بَنو نمير عِنْد هيت.

وفيهَا: توفّي مَنْظُور بن عمَارَة الْحُسَيْنِي أَمِير الْمَدِينَة، وَقَامَ ابْنه مقَامه، وهم من ولد المهنا.

ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة: فِي جُمَادَى الْآخِرَة كَانَ المصاف الْخَامِس بَين الْأَخَوَيْنِ بركيا روق وَمُحَمّد ابْني ملكشاه فَانْهَزَمَ عَسْكَر مُحَمَّد أَيْضا وَذَلِكَ على بَاب خوى، وَسَار بركيا روق إِلَى جبل كثير العشب فَأَقَامَ أَيَّامًا ثمَّ سَار إِلَى زنجان وَسَار مُحَمَّد إِلَى أرجيش على أَرْبَعِينَ فرسخاً من مَوضِع الْوَقْعَة من أَعمال خلاط ثمَّ سَار إِلَى خلاط.

وفيهَا: ملك دقاق بن تتش الرحبة وقررها وَعَاد إِلَى دمشق.

ثمَّ دخلت سنة سبع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا استولى بلك بن بهْرَام بن أرتق وَهُوَ ابْن أخي سقمان وإيل غَازِي على عانة والحديثة من بني يعِيش بن عِيسَى بعد مَا ملك الفرنج مِنْهُ سروج.

وفيهَا: فِي صفر أغارت الفرنج على قلعة جعير والرقة فساقوا الْمَوَاشِي وأسروا من وجدوا، وَكَانَت الرقة وقلعة جعبر لسالم بن مَالك بن بدران سلمهَا إِلَيْهِ ملكشاه كَمَا مر لما تسلم مِنْهُ حلب.

وفيهَا: فِي ربيع الأول اصْطلحَ بركيا روق وَمُحَمّد بالتراسل وحلفا على أَن لَا يذكر بركيا روق فِي بِلَاد مُحَمَّد وَأَن تكون الْمُكَاتبَة بَين وزيريهما وَلكُل مِنْهُمَا بِلَاد مُسَمَّاة ووصلت الرُّسُل إِلَى المستظهر بِالصُّلْحِ فَخَطب بِبَغْدَاد لبركيا روق وَكَانَ شحنته بِبَغْدَاد إبلغاري بن أرتق.

وفيهَا: سَار صنجيل الفرنجي من الْبَحْر وحاصر طرابلس برا وبحراً وَانْصَرف خاسئاً وحاصر جبيل وتسلمها بالأمان، ثمَّ حاصر عكا برا وبحراً وواليها زهر الدولة نبا من جِهَة خَليفَة مصر فَملك الفرنج عكا بِالسَّيْفِ بعد قتال شَدِيد، وفعلوا بِأَهْلِهَا الْأَفْعَال الشنيعة، وهرب نبا إِلَى الشَّام ثمَّ إِلَى مصر، هَذَا وملوك الشَّام مشتغلون بِقِتَال بَعضهم بَعْضًا، وقصدت الفرنج حران فَاجْتمع جكرمش وسقمان وَمَعَهُ التركمان وتحالفا والتقيا مَعَ الفرنج على نهر البلخ، فَانْهَزَمَ الفرنج وَأسر ملكهم القومص.

ص: 14

وفيهَا: فِي رَمَضَان توفّي دقاق بن تتش بن ألب أرسلان بن دَاوُد بن مِيكَائِيل بن سلجوق صَاحب دمشق فَخَطب طغتكين الأتابك بِدِمَشْق لِابْنِ دقاق طِفْل عمره سنة ثمَّ قطع خطبَته وخطب ليلتاش بن تتش عَم الطِّفْل فِي ذِي الْحجَّة ثمَّ أعَاد خطْبَة الطِّفْل وَاسْتقر طغتكين فِي دمشق.

وفيهَا: سَار صَدَقَة بن مزِيد صَاحب الْحلَّة فاستولى على وَاسِط وَضمن البطيحة لمهذب الدولة بن أبي الْخَيْر بِخَمْسِينَ ألف دِينَار.

وفيهَا: توفّي أَمِير الدولة أَبُو سعد بن موصلايا فَجْأَة وَقد أضرّ، وَكَانَ بليغاً خدم الْخُلَفَاء خمْسا وَسِتِّينَ سنة وَكَانَ نَصْرَانِيّا فَأسلم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة ترقى حَتَّى نَاب عَن الوزارة وَكَانَ يتَصَدَّق ووقف ملكه على وُجُوه الْبر.

ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا فِي ربيع الأول توفّي السُّلْطَان بركيا روق بن ملكشاه بالسل والبواسير، سَار من أصفهان إِلَى بَغْدَاد فقوي مَرضه فِي يزدجرد، فخلف الْعَسْكَر لِابْنِهِ ملكشاه وعمره أَربع سِنِين وَثَمَانِية أشهر، وَجعل أياز أتابكه وَأمرهمْ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَغْدَاد وَتُوفِّي بيزدجرد وَنقل فَدفن بأصبهان فِي تربته وعمره خمس وَعِشْرُونَ سنة وَتسَمى بالسلطنة اثْنَتَيْ عشرَة سنة وأربعمة أشهر، وقاسى حروباً وَخِلَافًا ورخاء وَشدَّة، وملكاً وزواله، وَلما صفى ملكه كدره الْمَوْت، وَكَانَ كلما خطب لَهُ بِبَغْدَاد وَقع فِيهَا الغلاء، وَكَانَ كثير التجاوز، وَدخل أياز وَمَعَهُ ملكشاه بن بركيا روق بَغْدَاد سَابِع عشر ربيع الآخر مِنْهَا، وخطب لملكشاه بجوامع بَغْدَاد.

وَلما بلغ مُحَمَّدًا موت أَخِيه بركيا روق قصد بَغْدَاد وَنزل بالجانب الغربي، وَبَقِي ملكشاه وأياز بالشرقي، وَجمع أياز الْعَسْكَر لقِتَال مُحَمَّد، ثمَّ أَشَارَ على أياز وزيره بِالصُّلْحِ وَمَشى بَينهمَا وَحضر الكيا الهراس مدرس النظامية وَالْفُقَهَاء وحلفوا مُحَمَّدًا لاياز والأمراء الَّذين مَعَه، وَحضر أياز بملكشاه عِنْد مُحَمَّد فَأكْرمه وَصَارَت السلطنة لمُحَمد فِي جمادي الأولى مِنْهَا وَعمل أياز دَعْوَة عَظِيمَة فِي ثامن جمادي الْآخِرَة للسُّلْطَان مُحَمَّد فِي دَاره بِبَغْدَاد فَحَضَرَ إِلَيْهِ وَقدم لَهُ أياز أَمْوَالًا، وَفِي ثَالِث عشر جمادي الأخرة طلب السُّلْطَان أيازا ورتب لَهُ فِي الدهليز جمَاعَة فَقَتَلُوهُ وعمره فَوق أَرْبَعِينَ وَهُوَ من مماليك ملكشاه، وَكَانَ شجاعاً ذَا مُرُوءَة وَأمْسك الصفي وزيره، وَقتل فِي رَمَضَان وعمره سِتّ وَثَلَاثُونَ وَكَانَ من بَيت رياسة بهمدان.

" وفيهَا توفّي سقمان " بن أرتق بن أكسك بالخوانيق فِي القرينين وَحمل فِي تَابُوت فَدفن بحصن كيفا كَانَ مُتَوَجها إِلَى دمشق باستدعاء طغتكين ليجعله مُقَابل الفرنج بِحكم مرض طغتكين وَقَامَ ابْنه إِبْرَاهِيم مَوْضِعه، كَانَ لَهُ حصن كيفا وماردين أما ملكه لحصن كيفا فَتقدم، وَأما ملكه لماردين فَهُوَ أَنه وهب ماردين وأعمالها السُّلْطَان بركيا روق لإِنْسَان مغن، وَوَقع حَرْب بَين كربوغا وسقمان وَكَانَ مَعَ سقمان ابْن أَخِيه ياقوتي وعماد الدّين زنكي وَهُوَ

ص: 15

إِذْ ذَاك صبي فَانْهَزَمَ سقمان وَأسر ابْن أَخِيه ياقوتي فحبسه كربوغا صَاحب الْموصل بماردين إِلَى أَن سَأَلت زَوْجَة أرتق كربوغا فِي إِطْلَاق ابْن ابْنهَا ياقوتي فَأَطْلقهُ فأعجب ياقوتي ماردين فَأرْسل يَقُول للْمُغني: إِن أَذِنت لي سكنت فِي ربض قلعتك وحميتها من المفسدين، فَأذن لَهُ بالْمقَام فِي الربض فَأَقَامَ بهَا ياقوتي وَجعل يُغير من خلاط إِلَى بَغْدَاد وَمَعَهُ حفاظ قلعة ماردين وَهُوَ يحسن إِلَيْهِم فاطمأنوا إِلَيْهِ وَسَار مرّة وَنزل مَعَه أَكْثَرهم فقبضهم وقيدهم وأتى إِلَى بَاب قلعة ماردين وَقَالَ لأهلهم: إِن سلمتم القلعة إِلَيّ وَإِلَّا ضربت أَعْنَاقهم فامتنعوا فَضرب عنق وَاحِد فسلموها إِلَيْهِ وَأقَام بهَا وَجمع جمعا وَقصد نَصِيبين ولحقه مرض أعجزه فَحمل حَتَّى ركب الْفرس وأصابه سهم فَسقط ياقوتي وَمَات مِنْهُ، ثمَّ ملك ماردين بعده أَخُوهُ على مُطيعًا لجكرمش صَاحب الْموصل واستخلف على ماردين من أَصْحَابه شخصا اسْمه عَليّ أَيْضا، فَجهز هَذَا عَليّ يَقُول لسقمان: إِن ابْن أَخِيك يُرِيد أَن يسلم ماردين إِلَى جكرمش، فَسَار سقمان وتسلم ماردين، وَعوض ابْن أَخِيه عَنْهَا بجبل جور، واستقرت ماردين وحصن كيفا لسقمان إِلَى أَن سَار إِلَى دمشق وَمَات بالقرينين فَصَارَت ماردين لِأَخِيهِ إيلغازي بن أرتق واستقرت لوَلَده إِلَى يَوْمنَا هَذَا وَهُوَ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة.

وفيهَا: نهبت الباطنية الْحجَّاج فِي جوَار الرّيّ، وهم حجاج الْهِنْد وَمَا وَرَاء النَّهر وخراسان وقتلوهم سحرًا.

وفيهَا: تقَاتل الْملك رضوَان بن تتش صَاحب حلب وفرنج أنطاكية عِنْد يبرين فَانْهَزَمَ الْمُسلمُونَ وَقتل مِنْهُم وَأسر، وملكت الفرنج أرتاح.

وفيهَا: توفّي مُحَمَّد عَليّ بن الْحسن بن أبي صقر الشَّافِعِي، تفقه على أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَغلب عَلَيْهِ الشّعْر. فَمن قَوْله لما كبر:

(ابْن أبي الصَّقْر افتكر

وَقَالَ فِي حَال الْكبر)

(وَالله لَوْلَا بولة

تحرقني وَقت السحر)

(لما ذكرت أَن لي

مَا بَين فَخذي ذكر)

وولادته فِي نَحْو سنة سبع وَأَرْبَعمِائَة.

ثمَّ دخلت سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا سَار سيف الدولة صَدَقَة ابْن مزِيد من الْحلَّة فَملك الْبَصْرَة اتِّصَال بن ملاعب بِملك أفامية واستيلاء بِملك أفامية الفرنج عَلَيْهَا: كَانَ خلف بن ملاعب الْكلابِي صَاحب حمص وَأَصْحَابه يقطعون الطَّرِيق، فَعظم الضَّرَر بِهِ فَأخذ تتش صَاحب دمشق مِنْهُ حمص وتقلبت بخلف الْأَحْوَال إِلَى أَن أَقَامَ بِمصْر وَاتفقَ أَن مُتَوَلِّي أفامية من جِهَة رضوَان بن تتش صَاحب حلب كَانَ شِيعِيًّا فكاتب خلفاء مصر ليرسلوا من يسلم إِلَيْهِ أفامية فَطلب ابْن ملاعب ذَلِك فَأَرْسلُوهُ وتسلم أفامية وقلعتها، فَلَمَّا اسْتَقر خلع طَاعَة المصريين وَأقَام بهَا يقطع الطَّرِيق فاتفق قَاضِي أفامية وَجَمَاعَة مِنْهَا وكاتبوا رضوَان ليرسل جمعا يكبسون أفامية بِاللَّيْلِ ويسلموها إِلَيْهِم فَفعل رضوَان ذَلِك فأصعد القَاضِي

ص: 16