الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - الرسائل الإخوانية والأدبية
نمت الرسائل الإخوانية فى هذا العصر نموّا واسعا، ونقصد الرسائل التى تصور عواطف الأفراد ومشاعرهم، من رغبة ورهبة ومن مديح وهجاء ومن عتاب واعتذار واستعطاف، ومن تهنئة واستمناح ورثاء أو تعزية، وكانت هذه العواطف تؤدّى فى العصر الأموى بالشعر، وكان من النادر أن تؤدى بالنثر، أما فى هذا العصر فقد زاحم فيها النثر الشعر بمنكب ضخم، وأتاح له ذلك أمران:
أولا ظهور طبقة ممتازة من الكتّاب الذين يجيدون فيه إجادة رائعة، وخاصة من كان منهم يكتب فى الدواوين، إذ كانوا يأخذون أنفسهم بثقافة واسعة وكانوا يعنون بتحبير كلامهم وتجويده وحشد كل ما يمكن فيه من عناية فنية، على نحو ما مر بنا آنفا. والأمر الثانى مرونة النثر ويسر تعابيره وقدرته على تصوير المعانى بجميع تفاريعها قدرة لا تتاح للشعر لارتباطه بقواعد موسيقية معقدة من وزن وقافية. وقد طوّع هؤلاء الكتاب الديوانيون أو السياسيون أساليبه ومرّنوها على أن تحمل كثيرا من المعانى الجديدة غير المألوفة.
وبذلك كله ثبت النثر للشعر فى التعبير عن العواطف التى طالما عبّر عنها، بل لقد أظهر فى ذلك طواعية لعلها لم تكن تتاح حتى لكبار الشعراء، ومن أجل ذلك رأينا منهم كثيرين يتخذون النثر أداة للتعبير عن مشاعرهم على نحو ما سنرى عند العتّابىّ وأبى العتاهية، وكأنهم وجدوا فيه يسرا فى التعبير وفسحة لعرض بعض المعانى التى يلموّن بها بجميع دقائقها مما لا يستطيع الشعر أداءه.
وتدور فى كتب الأدب رسائل إخوانية كثيرة مما دبّجه كتّاب الدواوين والشعراء وغيرهم من الأدباء، فقد تعاور عليها كثيرون، وكل منهم يتأنق فيما يكتب منها ويحاول الإطراف بمعانيه وصياغاته وما يبثّ فيها من مهارته الفنية.
وممن كان يعنى بها عناية واسعة فى أوائل هذا العصر ابن المقفع وسنفرد له بعض الصحف فى الفصل التالى، ومنهم محمد بن زياد الحارثى، وهو أخو يحيى بن
زياد الحارثى رفيق مطيع بن إياس وجيله، وفيه يقول ابن النديم «شاعر مترسل بليغ (1)» وله فى الشكر (2):
وكانت ترجمة ابن المقفع للأدب الكبير وما جاء فى كتاباته من حديث عن الإخاء والمودة مادة غزيرة للكتّاب كى يستمدوا منها كل ما يريدون من تصوير الأخوة الحقة والصداقة الصادقة، ويصور ذلك من بعض الوجوه رسالة لجبل بن يزيد إلى بعض إخوانه وهى تجرى على هذا النمط (4):
«اعلم أنى إليك مشوق وأن صلة الإخوان كرم، وخير الصلات ما لم يكن لها وجه إلا الرجاء والحفظ وتجديد المودة وتصحيح الإخاء، فإن الذى يكاتب إخوانه على حال الرغبة. . . إن أحبّ مال به إلى الصحة، وإن شاء وضعه للرغبة، والرغبة أملكهما به. والذى يكاتب إخوانه على حال الضرورة فقد يستقطع الصلة عند الحدث مخافة الملامة من الناس على القطيعة الشّنعاء المشهورة لإخوانه، فإن الذى لا مودة له قد يصل ذلك فى تلك القطيعة بأهل البلاء.
والكتاب على مثل حالنا وحالك اليوم شاهد على أن ذلك ليس إلا صحة الإخاء والشوق إلى المحادثة بالكتاب حين لا يلومك اللائمون لمنزلة البلاء تلك اللائمة على التقصير ولا توضع منك الرغبة فى الإطماع. إياك أن تعتلّ بالأشغال أن كنت فى خاصة نفسك، فإن أداء الحق وصلة الأخوان أعظم الخاصة بك خاصة،
(1) الفهرست ص 171.
(2)
جمهرة رسائل العرب 3/ 79.
(3)
البلاء هنا: الإحسان.
(4)
جمهرة رسائل العرب 3/ 136.
وإنما أمرنا فى كل هذا كأمرك فى الذى تستغنى به من خاصتك تلك التى لنا، فإن لنا مالك، وهذه التى لنا لك، أليس ما سرّنا سرّك، والله يوفقنا وإياك».
وواضح أنه يتسع فى تصوير صحة الإخاء، وهو يجعل المتودّدين الملحفين فى الأخوة أصنافا، فمنهم من يطلبها للرغبة، وإخاؤه لذلك مشوب، ومنهم من يطلبها للضرورة وإخاؤه بذلك موقوت، بحيث إذا ألمّ بصاحبه مكروه قطعه القطيعة الشنيعة. ويقول إن إخاءه ليس من هذين الضربين الممقوتين، بل هو إخاء سليم صحيح، ويدعوه أن لا يعتل بشغل عنه بخاصة نفسه وانصرافه إلى بعض شئونه فالإخاء الصادق أخص ما ينبغى له أن يشغل صاحبه ويصرفه عن كل شئ سواه.
ومما أكثروا فيه التعازى، وعادة يتحدثون فيها عن نواب المنكوب ببعض أهله على حسن صبره وما ينبغى عليه من التسليم لأمر الله والرضا بقضائه، وقد يعرضون لذم الدنيا وأنها دائما تكدر الصفاء وتنغص السرور، ويروى أن المهدى جزع جزعا شديدا حين ماتت ابنته البانوقة، فأكثر الناس من تعازيه، وكان ممن عزاه إبراهيم بن أبى يحيى الأسلمى بهذه الرسالة الموجزة (1):
وكثيرا ما تعاتبوا عتابا رقيقا، وقد يعنفون فى عتابهم، ولكن عنف المتحضر المهذب الذى قد يمسّ ولكنه لا يخدش، ومن رسائلهم الطريفة فى العتاب التى تدل بوضوح على دقة الحس ورهافة الشعور رسالة يوسف بن صبيح إلى محمد بن زياد الحارثى، وفيها يقول (2):
«حفظك الله وحاطك، رأيتك-أكرمك الله-فى خرجتك هذه رغبت عن مواصلتنا بكتبك، وإبلاغنا خبرك، وقطعتنا قطع ذى السّلوة أو أخى الملة (3)،
(1) البيان والتبيين 2/ 74.
(2)
الأوراق للصولى و (قسم الشعراء) ص 152.
(3)
الملة: الملال.
حتى كأنك كنت إلى مفارقتنا مشتاقا، وإلى البعد منا توّاقا، فوقع بعدك بحيث تحبّ من جهتين: إحداهما حلاوة الولاية، والأخرى لذة الراحة منا، فإن يكن ذلك كما رجّيناه قاطعناك مجملين، أو لبسناك على يقين. . وما أدرى ما أقول فى اختيارك ترك الكتب المحدثة عن العتب بالأسرار المفهومة، حتى كأنها محادثة الحضور، على تنائى الدور، والقلوب بها مشاهدة، وإن كانت الأبدان متباعدة، ولئن كذب فيك الرجاء، لقديما عزّ الوفاء، وقد أصبتك من مرارة العتاب بما لا تقيم بعده على قطيعة ولا جفاء، ولا تتوهمن أنى أردت، إعناتك بإعتابى، ولا أن أزرى عليك بكتابى، فإن وصلت فمشكور، وإن قطعت فمعذور، والسلام»
وتأنق يوسف وتنميقه ودقته فى التعبير واضح فى تلك الرسالة، وقد تفنّن الكتاب طويلا حينئذ فى صور الاعتذار، ومن رسالة لمحمد بن الليث فى اعتذاره لشخص ظنّ به بعض الظنون الخاطئة دون تبين ولا روية (1):
وهو يشير إلى معنى نفسى دقيق، وهو أن الخواطر التى تام بالإنسان لا تثبت على حال، ومن أجل ذلك كان الإنسان يتنقل بين لحظات وخواطر متناقضة، ولا يصح أخذ الإنسان بخاطر إلا إذا ثبت فيه وعاش طويلا، فقد يمر به خاطر سريع ويمضى دون أوبة ولا رجعة. ولعل رسالة استعطاف لم تشتهر فى هذا العصر كما اشتهرت رسالة إبراهيم (2) بن سيابة الشاعر التى استعطف بها يحيى بن خالد البرمكى، وكان قد أنكر منه شيئا، فكتب إليه يترضاه على هذه الشاكله (3).
(1) جمهرة رسائل العرب 3/ 185.
(2)
انظر ترجمته فى الأغانى (طبع دار الكتب) 12/ 88 وانظر البيان والتبيين 1/ 405 والوزراء والكتاب للجهشيارى ص 203.
(3)
البيان والتبيين 3/ 215.
«للأصيد (1) الجواد، الوارى الزناد (2)، الماجد الأجداد، الوزير الفاضل، الأشمّ (3) الباذل، اللّباب الحلاحل (4)، من المستكين المستجير، البائس الضرير فإنى أحمد الله ذا العزة القدير، إليك وإلى الصغير والكبير، بالرحمة العامة، والبركة التامة. أما بعد فاغنم واسلم، واعلم إن كنت تعلم، أنه من يرحم يرحم، ومن يحرم يحرم، ومن يحسن يغنم، ومن يصنع المعروف لا يعدم (5)، وقد سبق إلىّ، تغضّيك علىّ، واطراحك لى، وغفلتك عنى، بما لا أقوم، له ولا أقعد، ولا أنتبه ولا أرقد، فلست بحىّ صحيح، ولا بميت مستريح، فررت بعد الله منك إليك، وتحملت بك عليك، ولذلك قلت:
أسرعت بى حثّا إليك خطائى
…
فأناخت بمذنب ذى رجاء (6)
راغب راهب إليك يرجّى
…
منك عفوا عنه وفضل عطاء
ولعمرى ما من أصرّ ومن تا
…
ب مقرّا بذنبه بسواء
فإن-رأيت-أراك الله ما تحبّ، وأبقاك فى خير-أن لا تزهد فيما ترى من تضرّعى، وتخشّعى، وتذللى، وتضعّفى، فإن ذلك ليس منى بنحيزة (7)، ولا طبيعة، ولا على وجه تصيّد تصنّع، وتخدّع (8)، ولكنه تذلل، وتخشع، وتضرع من غير ضارع (9) ولا مهين ولا خاشع لمن لا يستحق ذلك إلا لمن التضرع له عزّ ورفعة وشرف»
وما إن تلاها يحيى حتى عفا عن جرمه، ورضى عنه ووصله. ويقول الجاحظ إن عامة أهل بغداد كانوا يحفظون هذه الرسالة، إعجابا ببلاغتها، وهى بلاغة تردّ إلى ما أجرى فيها ابن سيابة من هذا السجع الرشيق الذى يدل بوضوح على أن العبارات كانت طيعة على لسانه، بحيث يتصرف فيها كما يريد دون أن
(1) الأصيد: السيد الرافع رأسه أنفة وشمما.
(2)
وارى الزناد: أصله مخرج النار منه، وهو كناية عن مضاء العزيمة.
(3)
الأشم: المملوء أنفة.
(4)
الحلاحل: السيد الشجاع ذو المروءة.
(5)
لا يعدم: يريد لا يعدم مكافأته.
(6)
حثا: مسرعة. خطائى: جمع خطوة أناخت: بركت وأقامت.
(7)
نحيزة: طبيعة.
(8)
تخدع: خداع.
(9)
ضارع: ذليل.
يستعصى عليه منها شئ، حتى مع ما اختاره لها من ممرّات السجع ودروبه الضيقة.
ومن الشعراء الذين جمعوا بين براعتهم فى الشعر والكتابة الإخوانية العتّابى، وقد ترجمنا له بين شعراء العصر النابهين وكانت قدرته فى الكتابة لا تقل عن قدرته فى الشعر، وكان يعمد فيهما جميعا إلى الإيجاز وأن يروع السامع بمعانيه كما يروعه بأساليبه، ومما يصوّر ذلك فى كتابته ما كتب به إلى صديق انتجعه فى أيام شحيحة مجدبة، على هذه الشاكلة (1)
«أما بعد أطال الله بقاءك وجعله يمتدّ بك إلى رضوانه والجنة، فإنك كنت عندنا روضة من رياض الكرم تبتهج النفوس بها، وتستريح القلوب إليها، وكنا نعفيها من النّجعة (2) استتماما لزهرتها، وشفقة على خضرتها، وادخارا لثمرتها، حتى أصابتنا سنة كانت عندى قطعة من سنى يوسف، اشتدّ علينا كلبها (3)، وغابت قطّتها (4)، وكذبتنا غيومها، وأخلفتنا بررقها، وفقدنا صالح الإخوان فيها، فانتجعتك (5)، وأنا بانتجاعى إياك شديد الشفقة عليك، مع علمى بأنك موضع الرائد (6)، وأنك تغطّى عين الحاسد. والله يعلم أنى ما أعدّك إلا فى حومة (7) الأهل. واعلم أن الكريم إذا استحيى من إعطاء القليل ولم يمكنه الكثير لم يعرف جوده ولم تظهر همته، وأنا أقول فى ذلك:
إذا تكرّهت من بذل القليل ولم
…
تقدر على سعة لم يظهر الجود
بثّ النّوال ولا تمنعك قلّته
…
فكلّ ما سدّ فقرا فهو محمود»
ويقال إنه بلغ من تأثيره فى صديقه حين قرأ هذه الرسالة الرقيقة أن شاطره ماله حتى أعطاه إحدى نعليه ونصف قيمة خاتمه. وعلى نحو ما كان يقصد فى أشعاره إلى المعانى الدقيقة الطريفة يصوغها فى مقطوعات قلما تجاوزت بيتين
(1) الأمالى 2/ 137.
(2)
النجعة: الاستمناح، وأصلها طلب الكلأ.
(3)
كلبها: سوءها وقحطها.
(4)
كناية عن الجدب، فالقطة لا تجد ما تأكل.
(5)
انتجعتك: طلبت نائلك ومعروفك.
(6)
الرائد: الذى يتقدم القوم فى طلب العشب.
(7)
حومة: موضع.
كان يصنع برسائله، فهو يصوغها غالبا فى عبارات قليلة قد لا تتجاوز سطرين أو ثلاثة، ولكنها مع قلتها تحمل من المعانى والصور النادرة ما يجعلها آية من آيات البلاغة العباسية، فمن ذلك ما كتب به إلى بعض أصحاب السلطان (1).
«أما بعد فإن سحائب وعدك قد أبرقت، فليكن وبلها (2) سالما من علل المطل، والسلام» وهى صورة طريفة عرف كيف يستتمها وكيف يرسمها فى عبارات موجزة رسما يبهر قارئها ويجعله يكرر النظر فيها. ومن ذلك ما كتب به إلى بعض إخوانه يسأله مواصلة مودته بعد جفوة حادثة (3):
واتسع استخدام الكتّاب للنثر فى كل فنون الشعر، حتى فن الهجاء، بل إن بعض الشعراء كانوا يستخدمونه ويؤثرونه أحيانا على الشعر كما رأينا عند العتّابى وابن سيابة، وكانوا يسلكون فيما يكتبون أحيانا بعض أبيات الشعر من نظمهم أو نظم سواهم، وقد ينثرون معناها قبلها، على نحو ما مرّ بنا آنفا فى رسالة العتّابى. ومن خير ما يصور ذلك رسالة لأبى العتاهية فى هجاء الفضل بن معن بن زائدة، وكان قد استرفده وطلب نواله ببعض شعره، فردّه ردّا غير جميل، مما أغضبه وجعله يكتب إليه بهذه الرسالة (4):
«أما بعد فإنى توسلت إليك فى طلب نائلك (5) بأسباب الأمل وذرائع الحمد فرارا من الفقر ورجاء للغنى، فازددت بهما بعدا مما فيه تقربت، وقربا مما فيه تبعّدت. وقد قسمت اللائمة (6) بينى وبينك، لأنى أخطأت فى سؤالك وأخطأت فى منعى، أمرت باليأس من أهل البخل فسألتهم، ونهيت عن منع أهل الرغبة، فمنعتهم، وفى ذلك أقول:
(1) العقد الفريد 1/ 250.
(2)
الوبل: المطر الغزير.
(3)
زهر الآداب 4/ 122.
(4)
العقد الفريد 4/ 236.
(5)
النائل: الرفد والعطاء.
(6)
اللائمة: اللوم.
فررت من الفقر الذى هو مدركى
…
إلى بخل محظور النّوال منوع
فأعقبنى الحرمان غبّ مطامعى
…
كذلك من تلقاه غير قنوع
وغير بديع منع ذى البخل ماله
…
كما بذل أهل الفضل غير بديع
إذا أنت كشّفت الرجال وجدتهم
…
لأغراضهم من حافظ ومذيع»
ومن يقرن هذه الأبيات الأربعة إلى ما قبلها من النثر يجده أشد لذعا، وأكثر مرونة على أداء الهجاء الذى كان يريده أبو العتاهية، ومرّ بنا أن الشعر كان يسيل على لسانه سيلانا لم يعرف لشاعر فى عصره وأنه لم يكن يجد فيه مشقة ولا جهدا، ومع ذلك فهو لا ينهض عنده بالمعانى العاطفية التى يستطيع النثر أداءها فى يسر وسهولة، مما يدل دلالة واضحة، على أنه رقى فى هذا العصر رقيا واسعا، حتى فى المجال العاطفى الخالص الذى طالما مرنت اللغة على أدائه شعرا، وهو رقى تتزاوج فيه اللذة العقلية بما استنبط الكتّاب من دقائق المعانى، واللذة الشعورية بما استنبطوا من دقائق الأحاسيس والصور وما بثوا فى ألفاظهم من حسن الاختيار للصيغ ومن جمال التقابل بين العبارات والجمل، حتى ليحاول بعض الكتّاب أن يسجع فى كلامه، حتى يصوغه صياغة موسيقية تامة.
ومما أكثر الكتاب من الكتابة فيه الدعوة إلى الزيارة لقضاء بعض الوقت فى اللهو أو فى الشراب أو فى سماع المغنين والقيان أو فى المسامرة المستحبة، ومما يصور ذلك من بعض الوجوه دعوة الحسن بن سهل لبعض أصدقائه كى يصطبح (1) معه فى يوم دجن غامت فيه السماء ولم تمطر (2):
«أما ترى تكافؤ الطمع واليأس فى يومنا هذا بقرب المطر وبعده كأنه قول كثيّر:
وإنى وتهيامى بعزّة بعد ما
…
تخلّيت مما بيننا وتخلّت
لكالمرتجى ظلّ الغمامة كلما
…
تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت (3)
(1) يصطبح: من الصبوح وهو الشرب فى الصباح.
(2)
زهر الآداب 2/ 146.
(3)
المقيل: النوم وقت القيلولة بعد ارتفاغ الضحى.
وما أصبحت أمنيتى إلا فى لقائك، فليت حجاب النأى هتك بينى وبينك، ورقعتى هذه وقد دارت زجاجات أوقعت بعقلى ولم تتحيّفه، وبعثت نشاط حركتى للكتاب، فرأيك فى إمطارى سرورا بسارّ خبرك، إذ حرمت السرور بمطر هذا اليوم موفقا إن شاء الله».
وعلى نحو ما أكثروا فى طلب الزيارة من الكتب والرسائل أكثروا منها أيضا مع الهدايا التى كانوا يرسلون بها إلى أصدقائهم أو إلى بعض الوزراء وأصحاب السلطان، وكانوا يختارون لها عادة مناسبة مثل عيد من الأعياد أو ختان بعض الأولاد، من ذلك ما يروى من أن يحيى البرمكى عزم على ختان أحد أولاده، فأهدى إليه وجوه الدولة كل منهم بحسب حاله وقدرته، وتظرّف بعض من كانوا من أسبابه، للدلالة على قصور همته، فملأ وعاء من أدم ملحا مطيبا ووعاء ثانيا سعدا (1) معطّرا وكتب معهما هذه الرقعة (2):
وعرضت الهدية على يحيى، فلما قرأ الرقعة أمر أن يفرغ الإناءان ويملأ أحدهما دنانير والآخر دراهم، إعجابا بتلطف صاحبهما وبلاغته وحسن بيانه.
وكانت أكثر هداياهم طيبا وعطرا وتحفا ثمينة، وربما أهدوا السيوف والخيل، ويروى أن عبد الله بن طاهر أهدى المأمون فرسا وكتب إليه (5):
(1) السعد: نبت طيب الرائحة.
(2)
غرر الخصائص الواضحة للوطواط ص 448.
(3)
الجدة: الغنى.
(4)
المكنة: الاستطاعة والقدرة.
(5)
زهر الآداب 2/ 17.
«قد بعثت إلى أمير المؤمنين بفرس، يلحق الأرانب فى الصّعداء (1)، ويجاور الظّباء فى الاستواء، ويسبق فى الحدور (2) جرى الماء، فهو كما قال تأبّط شرّا:
ويسبق وفد الريح من حيث ينتحى
…
بمنخرق من شدّة المتدارك (3)»
وأكثروا من التهانى مع كل مناسبة، فهم يهنئون الخلفاء حين جلوسهم على أريكة الخلافة، وهم يهنئون الوزراء حين استيلائهم على مقاليد الحكم، وهم يهنئون بالزواج وعقد القران، وهم يهنئون بإنجاب الأولاد، وهم يهنئون بحكم الولايات، وهم يهنئون بنعمة الحج وقضاء مناسكه، وهم يهنئون بالظفر على الأعداء، ولإبراهيم بن المهدى من رسالة هنأ فيها المعتصم بخروجه عن أرض الروم بعد فتحه لعمورية (4):
«الحمد لله الذى تمّم لأمير المؤمنين غزوته، فأذلّ بها رقاب المشركين وشفى بها صدور قوم مؤمنين، ثم سهل الله له الأوبة سالما غانما. . .
وليهنئه ما كتب الله له مما أحصاه فلا ينساه، ليقفه به موقفا يرضاه، فإنه عز وجل يقول:({إِنَّ اللهَ اِشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ، وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ، فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).} فطوى الله لأمير المؤمنين نازح البعد برّا وبحرا، ووقاه وصب السفر سهلا ووعرا، وحاطه بحراسته كالئا، ودافع عنه بحفظه راعيا، حتى يؤدّيه إلى المحل من داره، والوطن من قراره، وجزاه عن الإسلام خاصة ورعيته كافة».
وعلى هذا النحو لم يترك الكتاب فنا من فنون الشعر إلا كتبوا فيه وعبروا عنه بكتاباتهم موجزين تارة ومطنبين تارة أخرى، محاولين بكل ما استطاعوا أن يظهروا القارئ على براعتهم وتفننهم فى الأداء، وقد مضوا مثل الشعراء يعرضون لوصف
(1) الصعداء: الصعود الشاق.
(2)
الحدور: الجرى السريع.
(3)
وفد الربح: جماعاته، ينتحى: يقصد. بمنخرق: بمتسع. شده: عدوه، المتدارك. المتتابع.
(4)
جمهرة رسائل العرب 4/ 8.
الطبيعة أحيانا، ولجبل بن يزيد رسالة جيدة فى وصف الأمطار عقب سنة مجدبة أهلكت الحرث والضرع حتى استيأس الناس، وهى تمضى على هذه الشاكلة (1):
ومرّ بنا فى حديثنا عن الشعر أن الشعراء كانوا أحيانا يصفون روعة شعرهم وقدرتهم على استنباط الدرر واللآلئ الشعرية، ومعروف ان من أكثرهم ترديدا لهذا الوصف أبا تمام، ونرى صديقه الحسن بن وهب يكتب إليه رسالة بديعة يجعل موضوعها وصف شعره الرائع الذى كان يخصّه أحيانا ببعض منظوماته مشيدا ببلاغته، على نحو ما أشاد ببلاغة ابن الزيات فى وصفه لقلمه المشهور، وكأن الحسن بن وهب رأى أن يجاريه فى هذا المضمار نثرا لا شعرا، فكتب إليه هذه الرسالة (12):
«أنت-حفظك الله-تحتذى من البيان فى النّظام، مثل ما يقصد بحر من الدرر فى الأفهام، والفضل لك-أعزك الله-إذ كنت تأتى به فى غاية الاقتدار، على غاية الاقتصار، فى منظوم الأشعار، فتحلّ متعقّده،
(1) جمهرة رسائل العرب 3/ 137.
(2)
ولى المطر: الذى يسقط دفعة بعد دفعة.
(3)
الجود: المطر الغزير.
(4)
الديمة: المطر المنهمر بدون برق ولا رعد.
(5)
مستهلة: منصبة.
(6)
القر: البرد.
(7)
أوثق هنا: أنبت وأعشب.
(8)
الآلاء: النعم.
(9)
البلاء هنا: الإحسان.
(10)
البرية: المجدبة.
(11)
القنوط: اليأس.
(12)
زهر الآداب 3/ 248.
وتربط متشرده، وتنظم أشطاره، وتجلو أنواره، وتفصّله فى حدوده، وتخرجه فى قيوده. ثم لا تأتى به مهما اقتبسته مشتركا فيلبس، ولا متعقّدا فيطول، ولا متكلفا فيحول، فهو كالمعجزة تضرب بها الأمثال، ويشرح فيها المقال، فلا أعدمنا الله هداياك واردة وفرائدك وافدة».
وهذه الرسائل الإخوانية التى كانوا يصورون بها عواطفهم ومشاعرهم من ثناء أو هجاء أو استمناح أو استعطاف أو عتاب أو عزاء أو تهنئة أو تهاد دفعهم تفننهم فى بعضها إلى أن يتحولوا بها إلى ما يشبه الرسائل الأدبية الخالصة، وهى التى تتناول خصال النفس الإنسانية وتصور أهواءها وأخلاقها وتوضح لها طريقها إلى الخير، حتى لا تسقط فى مهاوى الشر. ومن خير ما يصور ذلك رسالة يحيى بن زياد التى ردّ بها على رسالة لابن المقفع طلب إليه فيها أن تنعقد بينهما أسباب الأخوة والوداد، وهو يستهلها على هذه الشاكلة (1):
«أما بعد فإنا لما رأينا موضع الإخاء ممن يحتمله فى تأنيسه من الوحشة وتقريبه لذى البعدة ومشاركته بين ذوى الأرحام فى القربة لم نرض بمعرفة عينه دون معرفة نسبته، فنسبنا الإخاء فوجدناه فى نسبته لا يستحق اسم الإخاء إلا بالوفاء، فلما انتقلنا عنه إلى الوفاء فنسبناه انتسب لنا إلى البرّ، فوجدناه محتويا على الكرم والنّجدة والصدق والحياء والنّجابة والزّكانة (2) وسائر ما لا يأتى عليه العدد من المحامد، ثم انحدرنا فيما أصعدنا فيه من هذا النسب، فعدنا إلى الإخاء، فوجدناه لا يقوم به إلا من هذه الخصال كلها أخلاقه. ولما استوجب الإخاء مسالك المحمدة كلها رأينا أن نتخير له المواضع فى صواب التروّى وإحكام التقدير، وعلمنا أن الاحتباس به أحسن من الندم بعد بذله، واستوجب-إذ كان جماع المحامد-أن نتخيّر له محامله التى يحمل عليها، وكان الناس فيما احتسبنا به عنهم من الإخاء على صنفين، فصنف عذرونا بالتحبس للخير إذ كان التخير من شأنهم، وصنف هم ذوو سرعة إلى الإخاء، وسرعة فى الانتهاء، فقدّموا اللائمة، واستعجلوا بالمودة، وتركوا باب التّروية، واستحلوا عاجل المحبة،
(1) جمهرة رسائل العرب 3/ 67.
(2)
الزكانة: صدق الحس.
ولهوا عن آجل الثقة، فكانوا بذلك أهل لائمة، ولم يجد المعذرون (1) إلا الصبر على تلك والاستعمال للرأى والاستعداد بالعذر عند المحاجّة».
وواضح أن يحيى بن زياد لا يتحدث هنا عن إخائه لابن المقفع ووداده له، إنما يحدث حديثا عامّا عن الإخاء، فهو ينظر فيه نظرة عامة، أو قل ينظر إليه من حيث هو نظرة كلية يرتفع فيها إلى الحديث عن حقيقته المجرّدة وما ينبغى أن يكفل له من الوفاء. ويراه يقوم على البر، ويتغلغل فى بحث جوهره، فيراه يحتوى مجموعة من الخصال النبيلة لا يتمّ كيانه بدونها وفى مقدمتها الكرم الذى يجعل الأخ يبذل لأخيه ماله، والنجدة التى تجعل الأخ يبذل لأخيه دمه، والصدق الذى يدل على صدق القلب وإخلاص السريرة، والحياء الذى يكفّ صاحبه عن التطاول وسوء الأدب وسورة الغضب، والنجابة التى تحوط صاحبها بحسن الرأى وتبين حقيقة الأمر، والزكانة أو صدق الحسّ الذى يكفل لصاحبه صواب القول والرأى. ويقول يحيى بن زياد لما كان يتطلب الإخاء التحلى بجميع الخصال الحميدة كان على كل شخص أن يتأنّى فى اختيار أخيه وأن يتحبّس حتى لا يتورط فى الأخ السوء، وهو ما يأخذ نفسه به. ومن حوله من الناس صنفان: صنف يعذرونه لأنهم ممن يرون رأيه فى تخير الإخوان، وصنف لا يعذرونه لأنهم يتسرعون إلى بذل إخائهم إلى من يستحقه ومن لا يستحقه، ولذلك سرعان ما ينتقض إخاؤهم وتذوى صداقتهم إذ لا يصيبون بها مواضعها الصحيحة من الإخوان الجديرين بالأخوة.
ومن الرسائل التى نحت هذا النحو من التجريد والنظر من أعلى إلى الموضوع الذى تتحدث فيه رسالة غسّان بن عبد الحميد فى العتاب، وهو يفتتحها على هذه الصورة (2):
«أما بعد فإن الله جعل العباد أطوارا فى أخلاقهم، كما جعلهم أطوارا فى صورهم وجعل بينهم أمورا يتآلفون عليها ويعملون أحلامهم فيها: من حرم يتجاملون بها، وحقوق يتنازعونها، ومودّة يتعاطونها، وأخوّة يتداولونها ترعى
(1) المعذر: من له عذر.
(2)
جمهرة رسائل العرب 3/ 113.
بوفاء، وتؤدّى بأمانة، وتضيّع بتقصير، وتنتقص بخيانة، ليس من أدّيت إليه فيما يحفظ منها بأسعد من المؤدّى لها فيما يأخذ به من الفضل لنفسه، وليس من ضيّعت منه بأشقى ممن ضيّعها فيما يدخل من التقصير عليه، فإن من أخطأه الوفاء من أخيه فإنما يدخل عليه تقصير غيره، ومن ضيّع الوفاء لإخوانه فقد أدخل النّقص فى خاصّة نفسه، والمرء يجد من أخيه إذا خانه بدلا، ولا يجد عن نفسه إذا قصّرت به متحوّلا، وليس نقص يستبدل به كنقص لا يستطيع مزايلته».
وغسان يتحدث عما بين الناس من حرم وحقوق ومودة وأخوة، ويرى أنه لا بد للأخوة من الوفاء الذى يحفظ على الإخوان عهودهم، ولا بد لها من الأمانة التى تمنع الخيانة بين الإخوان وتحول بينهم وبين القطيعة المرذولة، ولا بد لها من النهوض بجميع متطلباتها من الصيانة والثقة وتوطين النفس على أن لا يقوم هجران بين الأخ وأخيه. ويأخذ غسان فى تصوير معنى دقيق غاية الدقة، وهو أن من يؤدى حقوق الأخوة إلى أخيه لعله أكثر منه سعادة بما يؤدى إليه منها، وكذلك من يضيع حقوقها لعله أشقى من أخيه الذى يغمّه تضييع هذه الحقوق، لأنه إنما يدخله الغم بتقصير غيره، أما صاحبه المضيّع لتلك الحقوق فإنه يدخل لغم والشقاء والنقص على نفسه بنفسه، والأول يجد من أخيه إذا خانه عوضا فى أخ آخر صادق، أما الثانى فإنه لا يخسر شخصا ولا أخا، إنما يخسر نفسه التى بين جنبيه بما أدخل عليها من كرب الخيانة، وليست خسارة يمكن تلافيها، كخسارة لا يمكن مزايلتها، ولا يجد صاحبها عنها حولا ولا منصرفا. ويمضى غسان يفصل القول فى خيانة الأخ لأخيه وتضييعه لنعمة الوفاء التى أنعم الله بها على عباده، وما يلبث أن يقول:
«ليس من كانت منه فجيعة لأهل الإخاء والحرمة الذين ارتادوا ارتيادا واختار واختاروا فوقع رأيه عليهم، ووقع رأيهم عليه، وارتضوه لأنفسهم، وارتضاهم لنفسه، واقتصروا عليه بمودتهم، واقتصر عليهم بمودته، فحمّلوه أخوتهم، وحملهم أخوته، واسترعوه الوفاء لهم، حتى ثبّت الله بينهم وبينه ما كان داعيا لكل رأى جميل، نافيا لكل صنيع معيب، وأمر مريب، فأىّ
نقص أكثر وأىّ دناءة أبين من أن يكون امرؤ بمنزلة ثقة قد حفظت منه حرمة، واعتقدت بها عليه أمانة، فوجبت منه مصافاة، وانتظرت منه صلة، ثم ينكشف عن خيانة وغدر وقطيعة وفجيعة؟
وغسان يصور هنا مذمة قطيعة الإخوان، ويجعلها فجيعة فيمن اؤتمن فخان وعاهد فغدر، وأى غدر؟ إنه غدر بالحرمة التى قامت بينه وبين إخوانه، حرمة الوداد الصادق الذى لم يحدث فجأة، إنما حدث عن طول اختيار وتفقد وتوقف وتثبت، فإذا من وثقت فيه وملّكته زمام نفسك قد نكث كل عهوده، بل قد طعن الأخوة المفقودة الطعنة التى ليس منها برء ولا إقالة. وأطال غسان فى تصوير وقيعة واش به لصديقه وما يراه على نفسه وعلى صديقه من حقوق الأخوة وأن لا يأخذ بالظنة وأقوال الوشاة الكاذبين. والرسالة أشبه ببحث واسع فى واجبات الإخوان وحقوقهم.
وعلى هذا النحو أخذ بعض الكتّاب ينمّون الرسائل الإخوانية حتى غدت رسائل أدبية بديعة، وكان ابن المقفع-كما أسلفنا-قد ترجم عن الفارسية كثيرا من الرسائل الأدبية التى تتصل بالأخلاق وسلوك الناس مع أولى الأمر فى الحياة العامة كما تتصل بالسياسة وتدبير الحكم، وأيضا فإنه ترجم قصص كليلة ودمنة، وكل ذلك أخذ بعض الكتّاب يحاكونه، من ذلك ما يذكره ابن النديم عن العتّابى من أن له رسالة فى فنون الحكم ورسالة أخرى فى الآداب (1)، ويذكر عن محمد بن الليث الكاتب أنه كتب ليحيى البرمكى كتابا فى الأدب (2)، وأن لسعيد بن هرون أحد خزنة دار الحكمة للمأمون رسالة فى الحكمة ومنافعها (3)، وأن للعتبى المتوفى سنة 228 للهجرة كتابا فى الأخلاق (4)، ومر بنا أن على ابن عبيدة الريحانى الكاتب فى دواوين المأمون صنف كتبا مختلفة فى الحكم والأمثال.
وكل هذه الرسائل كان يراد بها أن ترشد الناس فى حياتهم إلى الخير بما تقدّم لهم من الأمثال وتفصّل من الحكم. وأخذ بعض الكتّاب يعنون بالكتابة فى السياسة، على هدى ترجمات ابن المقفع فيها، على نحو ما يذكر ابن النديم عن أبى دلف (5) العجلى وسهل (6) بن هرون، واشتهر سهل بأنه استوحى كليلة
(1) الفهرست ص 175.
(2)
الفهرست ص 175.
(3)
الفهرست ص 174.
(4)
الفهرست ص 176.
(5)
الفهرست ص 169.
(6)
الفهرست ص 174.
ودمنة فى كتابة قصص على شاكلتها، وسنفرد له حديثا مستقلا فى الفصل التالى. ويقول ابن النديم عن على بن داود كاتب زبيدة زوج الرشيد إنه «كان أحد البلغاء، وكان يسلك فى تصنيفاته طريقة سهل بن هرون، وله من الكتب كتاب الجرهمية وكتاب الحرة والأمة وكتاب الظّراف (1)» . وفى اسم الكتاب الأخير ما يشير إلى أن الكتّاب عرفوا فى هذا العصر الرسائل الأدبية التى يقصد بها إلى التفكهة والترويح عن النفس.
(1) الفهرست ص 174.