الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقلت (1): لها أجوبة أُخرى؛ لكن في كل منها حزازةٌ.
وأمّا
وجوهُ التَّصرّفِ في المعنى
فأربعةٌ -أيضًا-:
الأَول: بالنُّقصان؛ أي: التَّصرُّف بالنُّقصان، وهو: أن تكونَ الكلمةُ موضوعةً لحقيقةٍ مع قيدٍ؛ فتستعملها لتلك الحقيقةِ لا مع ذلكَ القيْد بمعونة القرينة (2)؛ كالمسفر؛ أي: كاستعمال المشفر -وهو موضوعٌ للشَّفةِ مع قيْد أن يكون شفةَ بعيرٍ-: للشّفةِ مُطلَقًا؛ أي: بلا قيْدِ كونها للبعيرِ (3). والمرسِنُ -وهو موضوعٌ للأنف مع قيد أن يكون أنفَ مرسون-: للأنف بلا قيد كونه للمَرسُون (4).
المرسِنُ مكانُ الرَّسنِ من أنف البعيرِ.
وهو (5) من باب إطلاق اسم العام للعامِّ. وسَمَّوه [أي](6) الأصحابُ (7) مجازًا لغويًّا؛ فإنّه هُجِر فيه وضعُ اللّغة؛ لا حكمُ العقل.
(1) في أ: "وذكرت" وهما بمعنى.
(2)
قوله: "بمعونة القرينة" ساقط من ب.
(3)
فتقول -مثلًا-: (فلان غليظ المشفر).
(4)
نحو قول العجّاج في وصف امرأة (ديوانه: 2/ 13):
.....................
…
وفاحمًا ومَرسِنًا مُسَرَّجًا.
(5)
أي: التّصرّف بالنُّقصان.
(6)
ما بين المعقوفين غيرُ موجودٍ في الأَصل، ب، ومثبت من أ. وعلى مثله درج الشَّارح.
(7)
أي: أصحاب الفنّ، ومنهم الإمام عبد القاهر، والفخر الرّازي، الزمخشريّ.
غير مفيدٍ؛ لقيامِه مبهام أحدِ المترادفين؛ نحو: (ليثٌ وأسدٌ) عند المصير إلى المراد منه (1).
الثاني: التَّصرُّف بالزِّيادة؛ نحو: {وَأُوتِيَتْ مِن كُل شَىْءٍ} (2)؛ أي: مما يُؤتى مثلها؛ لأنه عُلِم بالضَّرُورة أنها لم تؤت كُلّ ما يَصدُق عليه اسم الشَّيء، فأطلق الكُل وأراد البعض.
وهو؛ أي: هذا النّوعُ من المجاز عكسُ ما قبله؛ لأنّه إطلاقُ اسم العامّ للخاصِّ، وما قبله إطلاقُ اسم الخاصِّ للعامِّ.
ومنه (3) بابُ التَّخصيص بأسره؛ لأَنَّه كلّه (4) كما عُرف في علمِ الأصول من إطلاقِ العامِّ وإرادة الخاصِّ.
وفي كون التَّصرُّفِ فيهما بحسب المعنى لا مساس للبيان حاجة إليه. الثّالثُ: التَّصرُّفُ بالنّقل لمفرد؛ نحو (5): (في الحمَّام أسدٌ)؛ فإِنَّه
(1) في قول المصنف: "وسَمَّوه مجازًا لغويًّا غير مفيد" إيماء إلى عدم قبوله هذه التسمية، ربّما لكون القيد الأخير فيها "غير مفيد" غير مرضيّ عنده؛ إذ أن الإفادة متحققة في المعنى المتجوز به؛ كما هو الحال في (المشفر) إذا تجوز به عن الشفة فإنّه يتضمّن صفة ذمّ لا تكشف عنها (الشّفة). لا كما زعموا أن هذا المجاز يقوم مقام أحد المترادفين.
(2)
سورة النمل؛ من الآية: 23.
(3)
أي: من التصرّف بالزيادة.
(4)
في الأَصل: "كلمة" وهو تحريف بالزيادة. والصَّواب من: أ، ب.
(5)
هكذا -أيضًا- وردت كلمة "نحو" ضمن ف. وفي أ، ب وردت ضمن كلام الشارح.
نقل معنى الأَسدِ إلى الشُّجاع، لا أنَّه تصرّفَ في اللفظ؛ بأن أَطْلق لفظة. (الأسد) وأراد:(الرَّجل الشُّجاع)؛ كان احتمل ذلك التصرّف -أيضًا- كما مرَّ (1).
وقوله في: (الحمَّام) قرينةٌ للنّقل (2).
الرّابعُ: التصرُّفُ بالنقل لتركيبٍ؛ نحو: (أنبت الربيعُ البقلَ)(3) مِمّن يدّعيه مبالغةً في التَّشبيه، وإلّا كان (4) من المجازِ الحُكميّ؛ إذ (5) كان حينئذٍ التَّصرُّف في اللّفظ (6).
واعلم: أن في جميع الاستعارات يأتي هذان الاحتمالان:
أن يكونَ النَّقلُ في المعنى؛ كأَن يتصرّفَ في معنى الأسد؛ بأن يقول: إن له صورتين:
مُتعارفةً؛ كالحيوانِ المفترسِ، وغيرَ متعارفةٍ؛ كالرّجلِ الشُّجاع؛
(1) ينظر ص (694) قسم التّحقيق.
(2)
وهذا القسم يعدّ مجازًا من قبيل الاستعارة؛ كما سيأتي. بخلاف الأقسام المتقدّمة فإنها من قبيل المجاز المرسل.
(3)
كلمة "البقل" وردت ضمن كلام المصنّف في أ. وليست في ف.
(4)
في ب: "لكان". ولا يستقيم معها السياق إلا بتأويلٍ؛ هو تقدير (إن) قائمة مقام (لو).
(5)
في الأَصل: "إذا" ولا يستقيم بها السِّياق، والصَّواب من أ، ب.
(6)
كما مرّ ص (704) قسم التّحقيق.
والقسم الرابع هذا يعدّ -أيضًا- من قبيل الاستعارة.
فكأنه (1) يَدَّعى أن الرّجلَ الشُّجَاعَ أَسدٌ - أيضًا؛ وعلى هذا فلفظُ الأسدِ فيه حقيقةٌ.
وأن يكونَ النَّقلُ في اللّفظ، كأَن يتصرّف في لفظ الأسد، بأَن ينتقلَ من معناه إلى الرّجلِ الشُّجاع، وعلى هذا فلفظُ الأسدِ فيه (2) مجازٌ.
وهكذا في (أنبت الرّبيعُ)، بأن يُقال: إِمَّا أن يدَّعي أنَّه من جِنْسِ الفاعلين بالحقيقة (3)، أَوْ يُنْتقل منه إلى الفاعلِ الحقيقيِّ. وكذا في (فارَ القِدرُ)، فإِنَّه إِمَّا أن يدَّعِي أنَّه الفائرُ؛ من جِنْس الفورةِ، أَوْ ينتقل منه إلى ما في القدر (4).
وهذا؛ أي: النَّقلُ للتَّركيبِ بحسبِ المعنى؛ أي: الاستعارة في التّركيب، لم يُذكر في كتب القوم، نعم ذُكرَ المجازُ في التَّركيب، كما مرَّ، وهو بصدد الحلافِ المتقدِّم في النَّقل التَّركيبيِّ اللفظيّ، أمجازٌ (5) لُغويٌّ؛ كما نقل (6) عن الشَّيخ عبدِ القاهر، أَوْ مجازٌ عقليٌّ، كما عن الإمامِ الرّازيّ، أَوْ استعارة بالكناية؛ كما هو مذهبُ السَّكاكيِّ؟ هذا مضى.
(1) في ب: "وكأنه".
(2)
قوله: "فلفظ الأسد فيه" ساقط من: أ، ب.
(3)
في الأَصل: "الحقيقية". وفي ب: "الحقيقة" والصَّواب من: أ.
(4)
في ب: "الذهن".
(5)
في ب: "مجاز". وهو تحريف بالنَّقص.
(6)
في: أ، ب:"نَقَله" على اعتبار عودة الضّمير إلى المصنّف.
وقال الأستاذُ: الأَوجهُ (1) في تَوْجيه تسمية (2) الاستعارةِ بالكنايةِ ما قال (3) البحرانيُّ (4) في رسالته في هذا الفنِّ، المُسمَّاة: بـ "التَّجريد"(5)؛ وهو أن يقال: إذا أراد المتكَلِّمُ أن يستعير الفاعلَ الحقيقيَّ للرّبيع؛ فلو أطلق الفاعلَ وأراد به الرَّبيعَ لكان استعارةً مُصرّحة؛ فلمّا لم يتلفّظ به، بل كنَّى عنه بأن أطلق لازمًا من لوازمه الذي هو الإنباتُ؛ لينتقلَ الذِّهنُ منه إلى ملزومه الذي هو الفاعلُ الحقيقي، المرادُ به الرَّبيعُ [المشبّهُ](6) كانت بالكناية، فهي -بالحقيقة- كنايةٌ صريحةٌ عن استعارةٍ مُقدَّرةٍ غير مذكورةٍ لا ما ذكره السَّكاكيُّ، وهو أنَّه لَمَّا كان
(1) في أ: "الوجه".
(2)
في الأَصل: "تسمية توجيه" والصَّواب من: أ، ب.
(3)
في ب: "ما قاله".
(4)
هو ميثم بن علي بن ميثم البحراني، كمال الدِّين. أديب متكلم فقيه إِماميّ، من أهل البحرين، له عدّة تصانيف منها:"شرح نهج البلاغة"، و"القواعد" في علم الكلام، و"تجريد البلاغة"؛ رسالة في المعاني والبيان. لم تعلم وفاته على وجه التّحديد، والذّي ذكره المؤرِّخون أنها بعد عام (681 هـ).
ينظر في ترجمته: روضات الجنّات في أحوال العلماء والسّادات: (752 - 754)، والذّريعة إلى تصانيف الشّيعة:(3/ 352)، الأعلام:(7/ 336).
(5)
وتسمَّى -أيضًا- "أصول البلاغة". ينظر: روضات الجنّات: (754).
وهي مخطوطة لم أقف عليها.
(6)
ما بين المعقوفين غيرُ موجودٍ في الأصل، ب. ومثبتٌ من ألمزيد الإيضاح.
المنيةُ بحسب الادِّعاءِ من جنس السِّباع كان استعارةً، ولَمَّا لم يُطْلق عليه لفظ السَّبع صريحًا؛ بل اسم المنيّة التي هي مُرادفة للسَّبع بحسب دعواه [تكون](1) بالكناية، وكذا في الرَّبيع والفاعلِ الحقيقيِّ؛ لعدم كنايةٍ فيه، ووجودِ تكلُّفاتٍ -كما ترى-.
وأَمَّا من يعتقده؛ أي: نحو (الرَّبيعُ) فاعل حقيقةً؛ فهو منه حقيقةٌ كاذبةٌ؛ لعدم مُطَابَقته للواقع (2). ولذلك لَا يُحكمُ فيه؛ في نحو (3): (أنبت الرَّبيعُ البقلَ)، بحكمٍ؛ من نحو: كونه مجازًا، أَوْ حقيقةً إلا بثبتٍ؛ أي: بِحُجَّةٍ يُعلم منها اعتقادُ المُتكلِّم؛ حتَّى إنْ كان ما أَدَّاه في الظّاهر معتقدًا له كان حقيقةً كاذبةً، وإِلَّا كان مجازًا؛ فلم (4) يُحمل على المجازِ قولُ أبي النّجم (5):
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأَصل. ومثبتٌ من أ، ب.
(2)
في أ، ب:"الواقع".
(3)
في الأَصل: "نوع" والصَّواب من أ، ب.
(4)
هكذا -أيضًا- في ف. وفي ب: "فلا".
(5)
هو أبو النَّجمِ، الفضلُ بن قدامة بن عبيد الله العجليّ. أحدُ رجَّازِ الإسلام المقدمين، نبغ في العصر الأموي. وذكر أَنَّه أَبلغُ من العجّاج في النعت. توفّي سنة 130 هـ.
ينظر في ترجمته: طبقات فحول الشُّعراء: (2/ 745)، الشعر والشعراء:(142)، الموشّح:(274 - 275)، سمط اللآلئ:(328).
والأبيات من الرجز. وهي في ديوان الشاعر: (132 - 133)، وخزانة الأدب:(1/ 363)، وشرح شواهد المغني:(2/ 544 - 545). =
قَدْ أصبَحَتْ أُمُّ الخِيَارِ تَدَّعِي
عَلَيَّ ذَنْبًا كُلّهُ لَمْ أصنَع
مِنْ أَنْ رَأَتْ رَأسِي كَرَأسِ الأَصلَع
مَيَّزَ عَنْهُ قُنْزُعًا عَنْ قُنْزُعِ
جَذْبُ الليالِي أَبْطِئِي أَوْ أَسْرِعِي
حينَ أسندَ تَمييز القنازع إلى الجذْب -أي: انحسار الشَّعر عن الرأس- إلى الزمان؛ حتَّى قال:
أَفْنَاهُ قِيلُ اللهِ للشَّمسِ: اطْلُعِي.
فإنّه الشَّاهدُ؛ لنَزاهته أَنْ يعتقد: أن الذي مَيَّز هو جذْبُ اللّيالي؛ بل الإسناد إليه على (1) خلافِ مُعتقده:
حتَّى إذا واراكِ أُفقٌ فارجعي.
و (كلُّه) مرفوعٌ بالابتداءِ. و (لَمْ أصنع) خبرُه؛ حتَّى كانَ النَّفي عامًّا، واستقام غرضُ الشَّاعرِ في تَنْزيه نَفْسه عن (2) جُملة الذّنوبِ.
= والبيت الأَوَّل منها شاهد نحويّ ينظر: الكتاب: (1/ 85)، ومغني اللبيب:(265)، وشرح جمل الزجاجي:(1/ 350).
وقد استشهد بالبيت -منفردًا، ومع غيره- في دلائل الإعجاز:(278)، والمفتاح:(393 - 394)، والمصباح:(144 - 145)، والإيضاح:(1/ 88)، والتبيان:(260). وهو في المعاهد: (1/ 147).
(1)
في الأَصل: "إلى" والصَّواب من أ، ب.
(2)
هكذا في الأَصل، وفي أ، ب:"من".
و (القُنْزعةُ): شعرٌ حوالي الرَّأسِ. و (أَبْطئي): صفةُ الليالي، أي: المَقُول لها: أَبطئِي؛ أَوْ حال عنها، أي: اللَّيالي مقولًا في حقِّها: أبطئي.
(قيل الله)، أي: حُكْمُه.