الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفعل وهو: (أدعوا) و (أنادي) من لوازمه، كما أن الحركةَ من لوازمها التّحركُ (1) بخلافِ ما عنده (2)؛ وقد مرّ (3) ما يقرُب منهُ في صدرِ الكتابِ (4).
تنبيهٌ:
الاستفهام ليحصلَ في الذِّهنِ نقشُ الخارج، والبواقي ليحصلَ في الخارج ما نقشُه في الذِّهن.
قال في المفتاح (5): "الفرقُ بين الطّلبِ في الاستفهامِ، والطّلبِ في الأمرِ والنَّهي والنِّداءِ واضحٌ؛ فإنّك في الاستفهام تطلُبُ ما هو في الخارج ليحصلَ في ذهنك [نقشٌ] (6) له مُطَابق، وفيما سواه تنقشُ في ذهنك، ثم تطلبُ أن يحصلَ له في الخارج مطابقٌ؛ فنقشُ (7) الذّهنِ في الأَوَّلِ تابعٌ، وفي الثاني متبوعٌ".
ومن عبارةِ المختصر يُعرفُ حُكمُ التَّمني -أيضًا-؛ لشمول
(1) في أ: "التحريك".
(2)
أي: ما عند السكاكي.
(3)
في أزيادة: "مرّة" والسياق تامّ بدونها.
(4)
راجع ص (241 - 242) قسم التحقيق.
(5)
ص (304).
(6)
ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأصل. ومثبت من: أ، ب. مصدر القول.
(7)
هكذا -أيضًا- في مصدر القول. وفي أ: "فتنتقش".
قوله: (البواقي) إيّاه، بخلافِ عبارةِ (1) أصلِه (2) فإنّه لا يُعرَفُ منه حُكْمه (3).
ثم هذه؛ أي: الأبواب الخمسة، قد تُزالُ عن مواضعها لمانعٍ يمنع من (4) إجرائها على الأصلِ إلى غيرها بحسب ما يُناسبُ المقام؛ فتقول لمن همّكَ همّه (5):(ليتك تحدّثني)؛ سؤالا؛ أي: على سبيل السُّؤال؛ لأنّ هذه الحالةَ -أي: الاشتراك [في الهمَّيْن](6) - تقتضي المحادثةَ لإزالةِ الشّكوى (7) لا على سبيلِ التَّمنّي، لامتناع إجراءِ التَّمنّي على أصله؛ وهو كونُه غيرَ مطموعٍ في حُصوله؛ فتولّد بمعونةِ قرينةِ الحالِ منه معنى السّؤالِ (8).
وإنّما استعمل فيه (ليت)؛ لأنه لَمّا استبطأَ حديثَ صاحبه شَبَّه (9) حاله بحالةِ (10) من لا يُطْمع في حديثه (11).
(1) كلمة: "عبارة" ساقطة من أ، ب.
(2)
أي: أصل المختصر؛ وهو: المفتاح.
(3)
لكون السكّاكيَ نص على أقسام الطلبِ ما عدا التَّمنِّي.
(4)
في أ: "عن".
(5)
أي: حزنك حزنه.
(6)
ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأصل. ومثبت من أ، ب.
(7)
في الأصل: "السّكوت"، والمثبت من: أ، ب؛ وهو الأَولى.
(8)
فكأنه قال: (حدّثني)، أو:(هلّا تحدّثني).
(9)
في أ: "فشبّه".
(10)
في أ: "بحال"؛ وهما بمعنى.
(11)
وقيل في علة استعمالها -أيضًا- (المفتاح: 736): "إن صاحبه إذ كان =
هكذا قالوا، لكن في كوْن أصلِه ما ذكر (1) حزازةٌ.
[و](2){فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ} (3) حيثُ يمتنعُ التصديقُ؛ أي: في مقامٍ لا يسع إمكانَ التَّصديقِ بوجودِ الشَّفيع. تمنّيًا؛ أي: يقول (4) على سبيل التَّمني؛ إذْ يمتنعُ إجراءُ الاستفهامِ على أصله؛ فيتولّدُ (5) بمعونةِ (6) قرائنِ الأحوالِ معنى التَّمنّي (7).
= عنده عظّم الخطر، رفيع الدرجة، عالي القدْر- شبّه حاله بحال من له مرتبة عالية؛ إلى حدّ لا يتكلّم مع كلّ أحد؛ لعلوّ شأنه وجلالة قدرِه فصار كأنَّه لم يطمع في حديثه".
وكل وجهٍ مناسبٍ صالحٌ للتعليل.
(1)
في الأصل: "ما ذكره" والمثبت من أ، ب. وهو الأَولى.
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من الأَصل، ومثبت من أ، ب.
(3)
سورة الأعراف، من الآية:53. وقد ورد جزء الآية هكذا في الأصل. وفي بقيّة النّسخ، ف:(هل لنا من شفعاء).
(4)
في الأصل: "تقول". وفي أ، ب لم تنقط. والمثبت من: المحقق وهو الأولى تأدّبًا مع المخاطب. ولعله المراد.
(5)
في أ: "متولد".
(6)
في ب: "لمعونة".
(7)
قال سعد الدين التّفتازانيّ -موضّحًا النُّكتة الدّاعية إلى التمني بـ (هل) - (المطوّل: 225، والمختصر: 2/ 241): "والنَّكتة في التَّمنّي بـ (هل) والعدول عن (ليت) هو إبراز التمني -لكمال العناية به- في سورة الممكن الذي لا جزم بانتفائه".
وكذا تقول تمنّيًا: (لو تأتيني فَتحَدِّثَنِي) بالنَّصب؛ لأن نصبَه بإضمار (أَنْ)، و (أن) لا تُضْمر إلّا بعدَ الأشياءِ الستة (1). وتَقْديرُ غير التَّمنّي مُتعذّرٌ. فيقدّر (لو) مُولّدًا للتّمنِّي وإلا امتنع (2) النّصبُ. فإنّ (لو) تُقَدِّرُ غيرَ الواقع واقعًا في الشَّرط؛ وكذلكَ التَّمنّي؛ [لأنّ الطّلبَ وقوع ما لم يقع فإذا شارك التَّمني](3) في هذا المعنى ناسبَ أن يُضَمَّن معناه.
وكذا تقولُ لعل تمنيًا كَمَا في قولهم: (لعلِّي أَحُجّ فأَزُورَكَ) بالنّصب؛ لأنّه لو لم يكن للتّمنِّي لما جازَ النّصبُ. وعليه قراءةُ عاصمٍ (4): {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} (5) بالنَّصب (6) لبُعدِ المرجوِّ؛ أي: سبب توليده للتَّمنِّي بُعد المرجوِّ
(1) الأشياء الستة -كما صرّح بذلك الزمخشري في المفصّل: (325)، والأنموذج في النّحو:(26): "الأمر، والنهي، والنفي، والاستفهام، والتمنّي، والعرض".
(2)
في أ، ب:"لامتنع".
(3)
ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأصل. ومثبت من أ، ب. وظاهر أنّه من انتقال النظر.
(4)
هو: أبو بكر؛ عاصم بن أبي النَّجود الأسديّ مَولاهم، الكوفي، أحدُ القرّاء السبعة المشهورين، كان ثقة صدوقًا، ولد في إمرة معاوية بن أبي سفيان، وتوفي سنة 127 هـ بالكوفة.
ينظر في ترجمته: طبقات خليفة: (159)، والجرح والتعديل:(6/ 340)، وفيّات الأعيان:(3/ 3)، وسير أعلام النبلاء:(5/ 256 - 261).
(5)
سورة غافر؛ من الآيتين: 36، 37.
(6)
أي: بنصب (فأطلعَ) وهي قراءة رواها عن عاصم حفص. وقرأ الباقون بالرفع.
ينظر: النَّشر في القراءات العشر لابن الجوزيّ: (2/ 365).
عن الحصول؛ وذلك يُشبه معنى التَّمنّي.
وصَدَّرَ الكلامَ بقوله: (وكذا) إشارةً إلى تشبيهِ غيرِ الأبوابِ الخمسة بها في التَّوليدِ وعدم اختصاصِه بها.
وأَلا تَنْزلُ (1)؟!، أي: وتقولُ لمن تراه لا ينْزلُ: (ألا تنْزلُ)(2)، أي: ألا تُجِبّ (3) عَرضًا؛ فإنَّه لَمَّا امتنع أن يكون المطلوبُ بالاستفهامِ التَّصديقِ بحالِ نُزولِ صَاحبك؛ لكونِ عدمِ نزوله مَعلومًا لظهورِ أماراتِ أنَّه لا ينْزلُ -توجَّه بمعونةِ قرينةِ الحالِ إلى نحو ألا تُجبّ النّزول مع محبّتنا إيّاه؛ فولَّدَ (4) معنى العَرضِ؛ أي: كأنك تعرض عليه محبّتك نزوله.
وأَتَشْتِمُ أباك؟!، أي: تقول: (أتشتمُ أباكَ)؛ لمن تراه يشتمُ أباه (5)؛ فإِنَّه لَمَّا امتنع توجّهُ الاسْتفهامِ إلى فعل الشَّتمِ لعِلْمك بحاله- توجَّه إلى ما لا يُعلم ممّا (6) يُلابسُه، أي: أتَسْتَحسِنُ (7) الشَّتمَ، لأن الغالبَ من أحوال الفاعلين أَنْ يَسْتحسنوا أفعالهم، فولدَ استهجانًا وزجرًا، أي: أستَهْجِنُ شَتْمك، وأزجرُكَ عن الشَّتْم!، وتقول لمن يهجو أباه مع
(1) مثال لامتناع إجراء الاستفهام على أصله.
(2)
في ب: "لا تنْزل"؛ وهو تحريف بحذف الهمزة.
(3)
في ب: "لا تحب"؛ وهو تحريف بحذف الهمزة -أيضًا-.
(4)
في الأصل: "قوله"، وهو تحريف مع تصحيف. والصَّواب من: أ، ب.
(5)
أ، ب:"الأب"، ولا اختلافَ في المعنى.
(6)
في الأصل: "فيما" والمثبت من أ، ب. وهو الأَولى. وسيأتي في الأمثلة القادمة.
(7)
في الأصل: "استحسن". وفي ب: "تستحسن" والصواب من أ، ف.
حكمك (1) بأن هجو الأبِ ليسَ شيئًا غير هجو نفسه: (أتهجو نفسك؟!) امتنعَ منك إجراءُ الاستفهامِ عَلَى ظَاهره؛ لأنه معلومٌ أنه لا يهجو إلا نفسة بحكمك به فولّد تقريعًا، [وتوبيخًا](2).
و (ألم أؤدِّب فلانًا بإزائك ومقابلتك)؛ لمن يُسيءُ الأَدبَ، امتنعَ أن تطلبَ العلمَ بتأديبك فلانًا وهو حاصلٌ؛ فولّد وعيدًا.
وتقولُ: (أما ذهبتَ بعدُ)، لمن بَعَثْتَه إلى مُهمّ (3) وتراه عندك؛ امتنع توجُّه الاستفهام إلى الذهاب لكونه معلومَ الحال؛ فاسْتدعى شَيئًا مَجْهُولًا ممّا يُلابسُ الذهابَ؛ مثل:([أي] (4) أما تيسّر (5) لك الذّهابُ)؛ فولَّد استبطاءً وتَحضيضًا (6).
وتقولُ: (أما أعرفُك)؛ لمن يَتَصلَّفُ (7) عندك وتعرفه (8)؛ فلامتناع
(1) في الأصل: "علمك"، والمثبت من أ، ب.
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. ومثبت من أ، ب، ف.
(3)
في الأصل: "تعيبه، أي: فيهم"، والصَّواب من أ، ب.
(4)
ما بين المعقوفين ساقط من: الأصل، أ. ومثبت من: ب، ف. ولا بدَّ منه ليستقيم سياق المتن الّذي درج الشارح على إثباتِه كاملًا ضمن شرحه.
(5)
في أ، "يتيسّر" وهو تحريف بالزيادة.
(6)
أي: استبطاءً للذهاب، وتحضيضًا عليه.
(7)
الصَّلَفُ: مجاوزة القدر في الظرف والبراعة والادعاء فوق ذلك تكبرًا.
اللّسان (صلف): (9/ 196).
(8)
في أ، ب:"وأنت تعرفه".
الاستفهام عن المعرفة توجّه إلى مثل: (أتظُنّني لا أعرفك)؛ فولد إنكارًا على تصلُّفِه وتعجّبًا منه (1)، وتعجيبًا للسّامعين.
وتقول: (أجئتني)، لمن جاءك؛ فلامتناع الاستفهام عن المجيءِ ولّد مع القرينةِ تقريرًا للمجئ.
وكذا تقول: (اشتم (2) مولاك)؛ لمن أدَّبته، أي: لعبدٍ (3) شتم مولاه وأدّبته حقَّ التَّأديب امتنعَ أن يكون الأمرُ (4) بالشَّتمِ والحالُ ما ذُكرَ؛ فتوجّه بمعونةِ قرينةِ الحالِ إلى مناسبٍ؛ أي: اعرفِ (5) لازمَ الشّتمِ -مثلًا
(1)"منه" وردت في أضمن كلام المصنف. وليست في ف.
(2)
في الأصل: "أتَشْتم". والصَّواب من: أ، ب، ف، المفتاح.
ويلحظ أنّ ناسخَ الأَصل عالج المثال على مورد الاستفهام. وظهر لي أنّ الصَّواب معالجته على مورد الأمر لما يلي:
أ - اتفاق نسخ المخطوط الأخرى، وإيراده مثالًا للأمر.
ب - وروده في نسخة ف مثالًا للأمر -أيضًا-.
جـ - وروده للأمر -كذلك- في المفتاح وهو الكتاب الّذي اختصره المصنّف واعتمد عليه الشّارح.
د - عدم مناسبة إيراده استفهامًا؛ لكونه تكرارًا للمثال السّابق: "أتشتم أباك" ومناسبة إيراده أمرًا للدلالة على اشتراك أنواع الطّلب في الإزالة عن مواضعها لمانع؛ كما صُرّح به في أوّل المبحث.
(3)
في الأصل: "لبعد"؛ وهو تحريف بالقلب. والصَّواب من أ، ب.
(4)
في الأصل: "الاستفهام"؛ والصَّواب من: أ، ب.
(5)
هكذا -أيضًا- في ف. وفي ب: "ما عرف" ولا وجهَ له.