الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن (1) أنَّ القائلَ هو أو غيره.
لأنا نقولُ: المقامُ يأباهُ؛ يُعلم من سياقِ الآية وسباقها (2).
الثالثُ (3):
الأمرُ
. ولهُ اللَّامُ؛ أي: ولهُ حرفٌ واحدٌ هو اللَّامُ الجازمةُ في قولك: (لِيَفْعَلْ) وصيغٌ مَخْصُوصةٌ؛ نحو: (اضْرب) و (اسْتخرج) وأسماءٌ؛ نحو: (نزالِ) و (صه)؛ [و](4) قد تبيّنتْ كُلُّها في [علم](5) النَّحو. قال السَّكاكيُّ (6): "وصيغٌ مخصوصةٌ سبقَ الكلامُ في ضبطِها في علمِ الصّرفِ، وعدّةُ أسماءٍ ذُكرت في علم النَّحو". والمصنّفُ جرى على اصطلاح الْمُتقدِّمين في عدمِ تَمييزِ علم الصَّرفِ عن النَّحو وإطْلاقه عليه- أَيْضًا.
والأمرُ اقتضاءُ الفعلِ بالقولِ المخصوصِ من ذي اللّامِ والصّيغ والأسماءِ استعلاء. وذِكْرُه هذا القَيْد (7) من حيثُ متابعته السَّكاكيّ؛ وإلا فعنده -كما هو مذهبُ أهلِ السُّنَّةِ (8) - لا دخْل للاستعلاءِ في
(1) في: أ، ب:"من".
(2)
في أ: "سباق الآية وسياقها" ومع التقديم والتأخير المعنى واحد.
وفي ب: "سياق الآية وسياقها"؛ ففي إحدى الكلمتين تصحيف.
(3)
أي: من أَنْواع الطلب.
(4)
ما بين المعقوفين غير موجود في الأصل. ومثبت من: أ، ب، ف.
(5)
ما بين المعقوفين غير موجود في الأصل. ومثبت من: أ، ب.
(6)
المفتاح: (318).
(7)
أي: قول المصنِّف: "استعلاءً".
(8)
مراده بأهل السنة والجماعة هنا: الأشاعرة ومَن وافقهم، فهم الّذين يَسِمُون الأمر=
مفهوم الأمر (1).
وأمَّا الصِّيغُ فللاسْتعلاءِ؛ أي: موضُوعة لذلك حَقِيقة فيه، عَلَى الأَظْهر لإطباقِ النُّحاة؛ أي: لاتِّفاقِهِم [على](2) أنها صيغةُ الأمر، ومثالُه؛ أي: وأَنَّها مثالُ الأمرِ لا صيغة الإباحةِ- مَثَلًا، ومثالها، والاستعلاء داخلٌ في مفهومِ الأمرِ -كما قال- فعُلمَ أَنها للاستعلاء، وكون مثل (ليَفْعل) حقيقة للاستعلاء لا يُعلمُ من عبارتِه.
= بأنَّه اقتضاءُ الفعل بالقول، انطلاقًا من معتقدهم أنّ كلام الله سبحانه وتعالى قائمٌ بنفسه. يقول البابرتي في الردود والنقود (55) "رسالة دكتوراه بالجامعة":"الأمر: اقتضاء فعل غير كف على جهة الاستعلاء؛ فهو أحد أقسام الكلام النّفسي". والمصنِّف وإن سار السكاكيَّ في ذكره قيد الاستعلاء إلَّا أنَّه عدل عن تعريفه؛ (المفتاح: 318): "عبارة عن استعمالها؛ أي الصّيغ"؛ لما فيه من إنكار الكلام النفسي.
هذا؛ وحاصل الخلاف في اعتبار الاستعلاء بخاصّة قولان:
الأوّل: لا يعتبر الاستعلاء. وعليه جمهور المالكيّة، وأكثر الشّافعيّة، وهو مذهب الأشاعرة.
الثّاني: يعتبر الاستعلاء، وهو مذهب أبي الحسين البصريّ من المعتزلة، وتابعه السَّكاكيُّ، وعليه أكثر الماترديّة. أمّا جمهور المعتزلة فيشترطون العلوّ لا الاستعلاء.
ينظر: المحصول: (1/ 198) والمعتمد: (1/ 149)، وفواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت:(1/ 370)، وسلّم الوصول مع نهاية السّؤل:(2/ 235).
(1)
حيث قال في شرح المختصر: (ضمن عدَّة شروح)(2/ 77): "إن اشتراط الاستعلاء مخالفٌ لما عليه الاستعمال؛ إذ قد أطلق الأمر حيث لا يتصوّر الاستعلاء؛ كما في قوله تعالى حكاية عن فرعون: {فَمَاذَا تأمُرُونَ} [الأعراف؛ من الآية 110].
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، ومثبت من أ، ب.
وقَال في المفتاح (1): "وإطباقُ أئمةِ اللُّغةِ على إِضافتهم نحو (2): ([قُمْ] (3) وليَقُم) إلى الأمرِ بقولهم: صيغةُ الأمر، ومثالُ الأمر، ولامُ الأمر يُمدُّ (4) ذلك"؛ أي: كونها حقيقة في الأَمر، كما أَن من عبارة المفتاح -أيضًا- نظرًا إلى الدَّليلِ لا يُعلم حكمُ الأسماءِ كـ (صَهْ) أَأَنها حقيقة للاستعلاءِ أم لَا (5).
والأَشبهُ أَن ذلك؛ أي: اقْتضاء الفعلِ بالقولِ استعلاء إيجابٌ على المطلوب منه بالإتيانِ به؛ كان صدَرَ من أَعلى؛ أي: ممّن هُو أعلى مرتبة
(1) ص (318) بحذف يسير.
(2)
كلمة: "نحو" ساقطة من أ.
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، ب. ومثبت من: أ. مصدر القول.
(4)
في الأصل: "عد" والصَّواب من: أ، ب. مصدر القول.
(5)
الذي يظهر لي من عبارة السَّكاكي -والله أعلم- أنَّها تشمل -أيضًا- حكم الأسماء في أنها -أيضًا- للاستعلاء. وأصل الدّليل عند السَّكاكيِّ هو تبادر الأمر عند استماع الصِّيغ؛ دون غيره من الدُّعاء والالتماس والنّدب وغير ذلك، ولم يستثن من ذلك الأسماء، وما ساقه بعد ذلك من إطباق أئمة اللّغة على إضافتهم نحو (قم، وليقم) إلى الأمر؛ مؤيّدٌ للدّليل. لا دليل برأسه حتّى يفهم منه قصر الاستعلاء على الفعل دون غيره، والله أعلم.
على أنّ ما أيَّد به السَّكاكيُّ دليله لم يسلم له؛ فقد اعترض عليه الخطيب القزويني بقوله (الإيضاح: 3/ 82): "وفيه نظر لا يخفى على المتأمّل".
ولعلّ مراده بذلك ما صرّح به الصّعيديّ؛ إذْ قال (بغية الإيضاح: 2/ 46): "لأن أئمّة اللّغة لا يريدون بالأمر في هذا طلب الفعل استعلاء، وإنّما يريدون الأمر في نحو: قم وليقم، ولو لم يكن على جهة الاستعلاء، لأنهم يقولون ذلك في مقابلة الماضي والمضارع".
من المأمور حقيقة، أفادَ الوُجوب؛ أي (1): وجوب الفعل المطلوب، وإِلا (2) فلا يُفيدُ الوُجوبَ؛ بل لا يُفيدُ إلا الطلبَ وحينئِذٍ؛ أي (3): حين لَمْ يُفد إلا الطلب تولَّد بحسبِ القرائنِ ما يُلائمُ المقامَ؛ من دعاءٍ إن استعملَ (4) على سبيلِ التَّضَرّع؛ نحو: (اللهمَّ اغفِر)، أو سُؤالٍ إن استعملَ على سبيل التَّلطّفِ؛ كقولِ كُلِّ أحدٍ لمن يُسَاويه في المرتبة:(اسقني مَاءً)، أو إذنٍ إن استُعمل في مقامِ الإباحةِ؛ نحو:(جالِس الحسن (5) أو ابن سِيرين) (6)؛ لمن يَسْتأذن في ذلك، أو تَهْدِيدٍ إِن استعملَ في مقامِ تَسَخُّط المأمورِ به، وعدم رِضَى الآمرِ بما أمر به نحو:{اعمَلُوا مَا شِئتم} (7)، أو تمنٍّ إن
(1)"أي" ساقطة من أ، ب.
(2)
أي: إِنْ لم يصدر من أعلى.
(3)
"أي" ساقطة من أ، ب.
(4)
في الأصل: "يُستعمل" والصّواب من أ، ب، المفتاح. ويدلّ عليه ما بعدَه من أمثلة مشابهة.
(5)
هو أبو سعيد؛ الحسن بن يسار البصريُّ، أحدُ التَّابعين، وأحدُ العلماء الفقهاء النُّسَّاك. ولد في المدينة سنة 21 هـ، وتوفِّي بالبصرة سنة 110 هـ.
ينظر في ترجمته: طبقات ابن سعد: (7/ 156)، وفيَّات الأَعيان:(2/ 56 - 59)، تذكرة الحفّاظ:(1/ 66)، سير أعلام النُّبلاء:(4/ 563).
(6)
هو أبو بكر؛ محمّد بن سيرين البصريّ الأنصاريّ بالولاء، أحد التّابعين، وعالمٌ من علماء الدين. اشتهر بالورع وتعبير الرُّؤيا. ولد في البصرة سنة 33، وتوفّي سنة 110 هـ.
ينظر في ترجمته: طبقات ابن سعد: (7/ 193)، وفيّات الأعيان:(4/ 35 - 36)، سير أعلام النُّبلاء:(4/ 606).
(7)
سورة فصلت؛ من الآية: 40.
استعملَ في مقام يقتضِي ذلك، نحو:
(ألا أَيُّها الليلُ الطّويلُ ألا انْجِلي)(1).
أو إكرامٍ، نحو:{ادخُلُوها بسَلَامٍ آمِنِينَ} (2)، أو إهانة، نحو:{ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ} (3). وهذِه الثلاثةُ (4) لَمْ يذكرها السَّكاكيُّ، وقد يُولّدُ غيرُ ذلك إلى ستَّة عشَرَ وجْهًا، كما هو مذكورٌ في متون دفاترِ الأصولِ (5).
(1) صدر بيت من الطّويل، وتمامه:
.........................
…
بِصُبْحٍ وما الإصباحُ مِنْكَ بأَمثَلِ
وقائلُه: امرؤ القيس بن حجر. قاله ضمن معلقته الْمَشْهورة: (قفا نبك
…
).
والبيت في ديوانه: (18)، وشرح المعلّقات السّبع للزّوزني:(59).
واستشهد به في هذا الموضع، أو في غيره في الإيضاح:(3/ 86) والتبيان: (577).
وهو في معاهد التَّنصيص: (1/ 264).
(2)
سورة الحجر؛ الآية: 46.
(3)
سورة الدخان؛ من الآية: 49.
(4)
أي: الثلاثة الأخيرة: "التّمنيّ، الإكرام، الإهانة".
(5)
ينظر على سبيل المثال: روضة النّاظر وجنّة الناظر: (2/ 597 - 598)، المحصول في علم أصول الفقه:(2/ 57)، الإحكام في أصول الأحكام:(2/ 132 - 133)، شرح الكوكب المنير في أصول الفقه للفتوحي:(3/ 17). وكذا شرح مختصر ابن الحاجب للإيجيّ نفسه (ضمن عدّة شروح): (2/ 78)؛ حيث أورد قول ابن الحاجب (إنّه يرد لخمسة عشر معنى)، ثم ذكر منها ما يلي:
النّدب؛ نحو قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُم إنْ عَلِمتم فِيهِم خَيْرًا} [سورة النّور، من الآية 133]. =