المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وكونها بعيدة متساويان (1) في الوجود. هكذا قال المصنّف (2).   ‌ ‌تذنيباتٌ: الأَوَّل: - تحقيق الفوائد الغياثية - جـ ٢

[الكرماني، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌النوعُ الثَّاني (*): في الإيجاز والإطناب

- ‌ الإيجازُ

- ‌الإطنابُ

- ‌النوعُ الثّالثُ (*): في جعلِ إِحدى الجُملتين حالًا

- ‌القانونُ الثاني (*): في الطّلبِ

- ‌تنبيهٌ:

- ‌ التمنِّي

- ‌الاستفهام

- ‌ الأمرُ

- ‌ النَّهيُ

- ‌ النِّداءُ

- ‌الفصلُ الّثاني: في علمِ البيانِ

- ‌الأصلُ الأَوَّل: في التَّشْبيه

- ‌النَّوعُ الأَوَّل: في طرفيه

- ‌النُّوعُ الثَّاني: في وجهِ التَّشبيه

- ‌النَّوعُ الثالثُ: في غرض التَّشبيه

- ‌النَّوعُ الرَّابعُ: في حالِ التَّشبيهِ

- ‌الأَصلُ الثاني: في المجاز

- ‌ وجوهُ التصرُّفِ في اللّفظِ

- ‌ وجوهُ التَّصرّفِ في المعنى

- ‌الأصلُ الثالثُ: في الاستعارة

- ‌المُقدِّمة:

- ‌التَّقسيماتُ

- ‌تنبيهٌ:

- ‌تَنبيه:

- ‌الخاتمة

- ‌الأَصل الرَّابعُ: في الكناية

- ‌تذنيباتٌ:

- ‌تذييلٌ لِلْعِلْمَيْنِ:

- ‌ المطابَقة

- ‌المقابلةُ:

- ‌المُشاكلةُ:

- ‌مُراعاةُ النَّظير:

- ‌المُزاوجة:

- ‌اللَّفُّ والنَّشْرُ:

- ‌الجَمْعُ:

- ‌الفرقُ

- ‌التَّقْسِيم:

- ‌الجمعُ مع التَّفريقِ:

- ‌الجمعُ مع التَّقسيم:

- ‌التَّقسيمُ مع الجمع:

- ‌الجمعُ مع التَّفريق والتَّقسيم

- ‌الإيهامُ:

- ‌التَّوجيه:

- ‌الاعتراض

- ‌التَّجاهُل

- ‌الاستتباع

- ‌التَّجنيسُ:

- ‌القلبُ:

- ‌السَّجْعُ

- ‌التَّرصِيعُ

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: وكونها بعيدة متساويان (1) في الوجود. هكذا قال المصنّف (2).   ‌ ‌تذنيباتٌ: الأَوَّل:

وكونها بعيدة متساويان (1) في الوجود. هكذا قال المصنّف (2).

‌تذنيباتٌ:

الأَوَّل: الكنايةُ قد تُساقُ لغير الموصوفِ المذكورِ؛ أي: في القسم الثاني والثالثِ، كما قد تُساق لأجلِ الموصوفِ المذكور -كما مرَّ في القسمين (3) -، كقوله:{هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (4) إشارةً إلى المنافقين فإنهم بخلافه، أي: لا يؤمنون [بالغيب](5)، فيتوصّلَ بذلك إلى نفي الإيمان به عن المنافقين، وهو غيرُ مذكورٍ، لا إِلى إِثباته للموصوف المذكورِ، أي: المتَّقين، وهذا إذا فُسِّرَ الغيبُ بالغَيبة؛ بمعنى: يؤمنون مع الغَيبةِ عن حضْرة الرّسول صلى الله عليه وسلم (6)، إذْ لو

(1) في الأَصْل: "متساوٍ فإنّ تقسيمه" ولا يستقيم به السّياق. والصَّواب من أ، ب.

(2)

لم أقف على قوله -فيما بين يديّ من مؤلّفاته-؛ ولعله مِمَّا نقله عنه تلميذه مشافهة.

(3)

في الأَصْل زيادة جملة: "تساق أيضًا- لأجل موصوف غير مذكور" والسّياق تام بدونها.

(4)

سورة البقرة، من الآيتين:3.

(5)

ما بين المعقوفين ساقط من الأَصْل. ومثبت من أ، ب.

(6)

أشار بعض المفسّرين إلى هذا التّفسير في معرض حديثهم عن المراد بـ (الغيب) في الآية الكريمة، وعضّدوه بما رواه عبد الرّحمن بن يزيد قال (تفسير ابن كثير: 1/ 43 - 44): "كنّا عند عبد الله بن مسعود جلوسًا، فذكرنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وما سبقونا به؛ فقال عبد الله: إنّ أمر محمّد صلى الله عليه وسلم كان بيّنًا لمن رآه؛ =

ص: 777

فُسِّرَ بما غاب عنك وأُريد به الخفيّ، الذي هو كالصّانع وصفاته (1)، واليوم الآخر، لا يكون تعريضًا بهم.

والأقربُ المناسبُ أن يقال لهذا (2)، أي: للكنايةِ المسوقة لموصوف غير مذكورٍ: تعريضٌ؛ لِمَا فيه من الإشارةِ إلى جانب، وإيهام أن الغرضَ جانبٌ آخر. يقالُ: نَظرَ إليه بعرض وجهه، أي: بجانبه. ومنه المثلُ: (إن (3) فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الكَذِبِ) (4).

= والذي لا إله غيره ما آمن أحد قطّ إيمانًا أفضل من إيمان بغيب، ثمّ قرأ: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ

} إلى قوله: {الْمُفْلِحُون} . وينظر: الكشّاف: (1/ 80).

وقد أورد المفسّرون في بيان قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} أقوالًا عدّة.

على أنّ التفسير الصّحيح الذي تؤول إليه أقوالهم -هو حمل المعنى على الإِطْلاق؛ فيتناول كل ما غاب علمه عن الإنسان مما يجب الإيمان به. كما رجّحه ابن عطية وابن كثير.

ينظر: جامع البيان عن تأويل القرآن للطبري: (1/ 236 - 337)، والكشّاف:(1/ 80)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبِيّ:(1/ 163)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير:(1/ 43)، وتفسير أبي السّعود:(1/ 31).

(1)

كلمة: "وصفاته" ساقطة من ب.

(2)

في الأَصْل: "لها" والصَّواب من أ، ب، ف.

(3)

"إن" ساقطة من ب.

(4)

المثل حديث أخرجه البيهقيّ في سننه: (10/ 199)، وأورده ابن الأثير في النّهاية:(3/ 212) كلاهما من طريق عمران بن حصين.

وقال عنه ابن الأثير: "وهو حديث مرفوع". =

ص: 778

وللبعيد (1)؛ أي: والأقربُ أن يقال للبعيدِ من الكناية، أي: لَمَّا كانت ذاتُ مسافة بينها وبين المُكَنَّى عنه متباعدة؛ لتوسّطِ لوازم، كما في (كثيرُ الرَّمادِ): تَلويحٌ؛ لمناسبته المعنى اللّغوي، وهو الإشارة إلى غيرك من بُعْد.

وللقريب من الكنايةِ؛ أي: لِمَا كانتْ ذات مسافةٍ قريبةٍ مع خفاءٍ: رَمْزٌ، كـ نحو:(عريضُ الوسادةِ)، فإن كنايته (2) عن الأبله فيه نوعٌ من الخفاءِ. ومناسبة إطلاق اسم الرّمزِ عليها، لأن الرمزَ هو أن تُشير إلى قريب منك على سبيل الخفية، لأنه الإشارة بالشَّفتين والحاجب قال (3):

= وساقه البخاريّ رحمه الله ترجمة لأحد أبواب كتاب الأدب في صحيحه. ينظر: صحيح البخاريّ: (8/ 85).

والمثل -أيضًا- في كتاب الأمثال في الحديث النّبويّ: (271 - 272)، وفي مجمع الأمثال:(1/ 20) وقال في مضربه: "ويضرب لمن يحسب أنه مضطرّ إلى الكذب".

والمعاريض: "جمع معراض؛ من التّعريض، وهو خلاف التّصريح من القول" النّهاية: (2/ 213)، وينظر: لسان العرب (عرض (: (7/ 183).

ومندوحة: "أي: سعة وفسحة". غريب الحديث لابن الجوزيّ: (2/ 399)، وينظر: اللِّسان: (ندح): (2/ 613).

(1)

في الأَصْل: "وللبعيدة". والصَّواب من: أ، ب، ف.

(2)

في أ: "فإنّه كناية" ولا يستقيم مع ما بعدَه.

(3)

البيت من الكامل. ولم يُعْرف له قائل معيّن. وهو في أمالي المرتضى: (1/ 455) برواية: "من غير أن يبدو".

واستُشهد به برواية المتن في المفتاح: (411)، والإيضاح:(5/ 176).

ص: 779

رَمَزَتْ (1) إِلَيَّ مَخَافَةً مِنْ بَعْلِهَا

مِنْ غَيْرِ أَنْ تُبْدِي هُنَاكَ كَلامَها.

ولَمْ يكن في النُّسخ لفظة قوله: (وللقريب)، وقال المصنِّفُ: بعد عرضي عليه بذلك فألحقت إنابةً، ولا بُدَّ له منه.

قال صاحبُ المفتاح (2): "وإنْ كانت ذات مسافةٍ قريبةٍ، مع نوعِ من الخفاء؛ كان إطلاقُ اسمِ الرّمزِ عليها مُناسبًا".

ودونه؛ أي: والأقربُ أن يُقال للقريب منها دون الخفاء. إشارةٌ وإيماءٌ؛ كقوله (3):

سَأَلتُ النَّدى: هل أَنت حُرّ؟ فَقَال: لا؛

ولكنّني عبد ليَحيى (4) بن خالد

فقلتُ: اشْتراءً، قال: لا، بلْ وراثةً،

توارثني من والد بعد والد

(1) في أ: "أرمزت".

(2)

ص (411) بحذف يسير.

(3)

البيت من الطّويل، ولم أعثر عليه -فيما بين يديّ من مصادر-.

(4)

هو أبو الفضل، يحيى بن خالد البرمكيّ. مؤدّب الرَّشيد ثم وزيره، شهر بنبله، وجوده، ورجاحة عقله. أكرمه الرّشيد حتَّى علا شَأنه واستمرَّ إلى أن نكب الرشيدُ البرامكة؛ فقبض عليه وسجنه في (الرّقّة) إلى أن مات سنة 190 هـ. وأخباره كثيرة جدًّا.

ينظر: وفيات الأعيان: (5/ 182 - 191)، ومعجم الأدباء:(5/ 616)، والبداية والنهاية:(1/ 204)، ومرآة الجنان:(1/ 424).

ص: 780

فإنّه في إفادته (1) جُودَ ابنِ خالدٍ أظهُر من أن يَخفى.

وقال بعضُهم: بين الإيماء والإشارة فرْق؛ وهو أنّ في الإيماءِ (2) دقّةً، وهو ألطفُ منها؛ يدلُّ عليه قولُ المجنون (3):

أَشَارت بأطرافِ البنانِ وودَّعت

وأَوْمت بعَيْنَيها متَى أَنت راجعُ

والثّاني: التَّعريضُ قد يكونُ:

كنايةً بأن يُراد به الموصوفُ -أيضًا-؛ كما إذا قُلْتَ: (آذيتني فسَتعْرف!)، وأَردتَّ المخاطبَ ومع المخاطبِ إنسان آخر؛ مُعْتمدًا على قرائنِ الأَحوال في إرادةِ الإنسانِ الآخر، إذْ لولاها لما أمكن فهم كونِ الآخر مُرادًا، وأنه ليس كناية حقيقة؛ إذْ ليس فيه تصوّر لازم ومَلْزوم، وانتقال منه إليه، إلاٌ أن له مُشابهةً بالكناية؛ وهو كونُ تاءِ الخطابِ مُسْتعملًا فيما هو موضوعٌ له، مُرادًا منه ما ليس بموضوعٍ له، وهو الإنسانُ الآخر؛ كما أن هذا المعنى موجودٌ في الكناية.

(1) في أ: "إفادة".

(2)

قوله: "فرق

الإيماء" ساقط من ب.

(3)

هو قيس بن الملوّح بن مزاحم العامريّ. شاعر متيّم. لقّب بـ (مجنون ليلى) لهيامه بها. له ديوان شعر مطبوع. توفي سنة 68 هـ.

ينظر في ترجمته: الأغاني: (1/ 329)، وفوات الوفيات:(2/ 136)، وسرح العيون:(190).

ص: 781

ومجازًا بأن لا يُراد به المخاطَب [بَلْ](1) غير المخاطبِ؛ ولا بُدَّ فيه من القرينةِ- أيضًا، وليس مجازًا حقيقةً؛ لتوقّفه على الانتقالِ من الملزومِ إلى اللّازم، ولا مَلْزوم ها هنا (2) ولا لازم؛ إِلّا أنه من حيث استعمال التَّاء فيما هي غير موضوعة له مشابه له.

وقيلَ (3): "هذا التَّعريضُ نوع على حدة؛ لا كنايةً ولا مجازًا"؛ إذ لا انتقال فيه من لازمٍ وملزوم. وهذا ممّا يُؤيّدُ ضَعْفَ (4) قول السَّكاكيِّ وقُوَّة كلامِ الأستاذِ في بحثِ مأَخذ المجازِ والكناية صدر الفصل البياني (5)؛ إذْ على التَّقديرِ الأَوَّل: كنايةٌ حقيقةً، وعلى الثّاني: مجازٌ حقيقةً على ما ذهب إليه (6) الأستاذ بلا احتياج إلى تحمُّل تَمَحُّل (7)؛ من بيانِ المشابهة والقول

(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأَصْل. ومثبت من أ، ب.

(2)

في ب: "هنا".

(3)

القائل هو الشِّيرازيّ. مفتاح المفتاح: (1095).

(4)

كلمة "ضعف" ساقطة من ب.

(5)

ينظر ص (420) قسم التّحقيق؛ حيث عرّف السَّكاكيّ رحمه الله المجاز بأنه: الانتقال من الملزوم إلى اللازم. والكناية بأنها: الانتقال من اللّازم إلى الملزوم.

ولا انتقال من أحدهما إلى الآخر هنا -كما ذكر الشارح-.

(6)

"إليه" ساقطة من ب.

(7)

هكذا في الأَصْل. وهو الصواب المتّسق مع كلام الأستاذ المتقدّم ص (87)؛ حيث فرّع ابتداءً على المشابه أوْ عدمها، ولا يتأتى معهما تحمّل نوع ثالث.

وفي أ: "بالاحتياج إلى تحمّل محمّل". وفي ب: "بل تحمّل -تمحّل-".

ص: 782

بكونِه نوعًا آخر (1).

هذا، ثم التَّعريضُ قد يكونُ على سبيل الكناية، وقد لا يكون. والكنايةُ قد تكون على سبيل التَّعريض، وقد لا تكون؛ فَكلٌّ منهما أعمُّ من الآخر بوجه.

الثالث: لا وجه لتخصيصِ الكنايةِ بالحقيقةِ كما قيل (2)؛ عُلِم

(1) يلحظ أنّ الشّارح تابع المصنّف -رحمهما الله- في وصفه العريض بأنه قد يكون كناية وقد يكون مجازًا، وتبعًا لذلك انتقد السَّكاكيّ بعدم وجود لازم أَوْ ملزوم في التعريض. والحق أنّ لفظ السَّكاكيّ لا يلزمه؛ فـ"المذكور في المفتاح [ص 412] ليس هو أنّ التّعريض قد يكون مجازًا وقد يكون كناية، بل إنّه قد يكون على سبيل المجاز، وقد يكون على سبيل الكناية". المطول: (413).

(2)

لعل أوّل من أشار إلى ذلك ابنُ الأثير في المثل الستائر عند تعرضه لحد الكناية، وخلاصة كلامه (3/ 52 - 53):

"أن الكناية في أصل الوضع أن تتكلّم بشيء وتريد غيره. وعلى هذا فلا تخلو إِمَّا أن تكون في لفظ تجاذبه جانبًا حقيقة ومجاز، أوْ في لفظٍ تجاذبه جانبًا مجاز ومجاز، أَوْ في لفظ تجاذبه جانبًا حقيقة وحقيقة، وليس لنا قسم رابع.

ولا يصحّ أن تكون في لفظ تجاذبه جانبًا حقيقة وحقيقة؛ لأَن ذلك هو اللفظ المشترك

وكذلك لا يصحّ أن تكون الكناية في لفظ تجاذبه جانبًا مجاز ومجاز؛ لأنّ المجاز لا بدّ له من حقيقة نُقِل عنها، لأنه فرع عليها ....

فتحقق حينئذٍ أن الكناية أن تتكلّم بالحقيقة، وأنت تريد المجاز، وهذا الكلام في حقيقة الدليل على تحقيق أمر الكناية لم يكن لأحد فيه قول سابق "انتهى كلامه.

كما يشعر بذلك التّخصيص قولُ السَّكاكيِّ في المفتاح في بيان خلاصة الأَصْلين =

ص: 783

خروجها عن حدودِ المجاز بقوله (1) فيها: "مع قرينةٍ مانعة عن إرادة (2) معناها في ذلك النَّوع"؛ حيث قيل (3): "المجاز هو الكلمةً المستعملةُ في غير ما هي موضوعة له بالتَّحقيق استعمالًا في الغير (4) بالنِّسبة إلى نوع حقيقتها مع قرينةِ مانعةٍ عن إرادة معناها في ذلك النَّوع".

لا يُقال: إنها ما دخلتْ تحت الجِنْس؛ وهو الاستعمالُ في غير ما هي موضوعه [له](5)؛ فكيفَ تَخرجُ بالفصلِ؟.

لأنّا نقول: الكنايةُ قد تقعُ -أيضًا- مُسْتعملةً في غير ما هي موضوعة له مع أن على ذلك التَّقدير يحصُل المطلوب أيضًا، وكَذَا (6) في سائر الحُدودِ لها؛ لأَنه نقلٌ من مَعْنى إلى مَعْنى أعمّ من أَنْ يكون من المعني

= المجاز والكناية (414): "والحقيقة في المفرد والكناية تشتركان في كونهما حقيقتين ويفترقان في التَّصريح".

وقوله -أيضًا- في باب المجاز: (360):

ومن حق الكلمة في الحقيقة التي ليست بكناية أن تستغني في الدّلالة عن المراد منها.

بنفسها عن الغير، لتعينها له بجهة الوضع".

(1)

أي: السَّكاكي.

(2)

في ب زيادة: "معنى" ولا وجه لها.

(3)

مفتاح العلوم: (360).

(4)

في أ،:"في اللغة" وهو تحريف.

(5)

ما بين المعقوفين ساقط من الأَصْل. ومثبت من أ، ب.

(6)

كلمة "كذا" تكرّرت في الأَصْل. ولا وجه لتكرارها.

ص: 784

الحقيقيِّ أَوْ المجازيِّ، ولهذا قال (1): وقد يكون في المجاز؛ كما تقولُ: (أَنا لَسْت بِحِمار) في معناه المجازيّ، أي: ببليدٍ، ومنه ينتقلُ الذِّهنُ إلى كونِ غيركَ بَلِيدًا، وكما قال (2):

إنّ السَّماحَةَ والمرُوءةَ والنَّدى

فِي قُبَّةٍ ضُربت عَلى ابن الحَشْرَج

فإنّ ضرب القُبَّة عليه مجاز، ومنه انتقال الذهن إلى كرمه (3).

الرّابع: أطبق البلغاء (4) أن المجاز أبلغ من الحقيقة؛ لأنه إثبات الشيء بملزومه، لأنّ مبني المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللّازم، فأنت في قولك:(رعينا الغيث) ذاكرًا لملزوم النَّبت مريدًا به لازمه؛ فهو دعوى بشاهد؛ فإنّ وُجود الملزوم شاهد لوجود اللّازم؛ لامتناع انفكاك الملزوم عنه.

والاستعارةُ أبلغُ من التَّشبيهِ الصَّريح لوجهين:

الأَوَّل: لأنها -أي: الاستعارة- مجازٌ مخصوصٌ (5)، ففيها الفائدةُ كما (6) في المجاز، من دعوى الشَّيءِ بشاهدٍ.

(1) أي: المصنِّف. وفي ب: "قيل".

(2)

البيت من الكامل. وهو لزياد بن الأعجم. وقد تقدَّم تخريجه ص (576) قسم التحقيق.

(3)

في ب: "كونه" وهو تحريف.

(4)

هكذا -أيضًا- في ف، وفي أ:"القوم".

(5)

بخلاف التّشبيه؛ فإنّه حقيقة.

(6)

هكذا في الأَصْل. وفي أ، ب:"الّتي" ولا اختلاف في المعنى.

ص: 785

والثاني [و](1): إذْ لا اعتراف فيها -في الاستعارة- بكونِ المشبّه به أقوى وأكمل منَ المُشبّهِ في وجهِ التَّشبيه؛ لأنك تدّعي أنه المُشبّه بهِ بعينه؛ بَلْ تجعل تلك الأَكْمليَّة من جانب المُشبَّهِ (2)، بخلافِ التَّشبيه الصَّريح (3) فإن فيه اعترافًا بكونِ المشبّه به (4) أقوى.

والكنايةُ أبلغُ من التَّصريح والإفصاح بذكره؛ كما في المجازِ بعينه؛ فإن الانتقال في الكنايةِ عن اللّازمِ إلى الملزوم إنّما يكونُ بعد تساويهما، وحينئذٍ يكونُ انتقالًا من الملزوم إلى اللازم؛ فيصيرُ حالُ الكنايةِ كحالِ المجازِ؛ في كونِ الشَّيءِ معها مُدَّعى بشاهدٍ.

(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأَصْل. ومثبت من أ، ب، ف.

(2)

في ب اضطّراب في السِّياق؛ حيث تأخرت جملة: "تدّعي

بعينه بل" إلى هذا الموضع.

(3)

في أ: "التصريح".

(4)

"به" ساقط من ب.

ص: 786