الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق راغبين وراهبين واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير وتحشر معهم النار تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمضي معهم حيث أمسوا» . قول تقيل معهم حيث قالوا من القيلولة وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف صنفا مشاة وصنفا ركبانا وصنفا على وجوههم.
قيل يا رسول الله كيف يمشون على وجوههم قال إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم أما أنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك» أخرجه الترمذي.
قوله عز وجل لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً يعني لا إله إلا الله وقيل لا يشفع الشافعون إلا للمؤمنين، وقيل لا يشفع إلا لمن قال لا إله إلا الله، أي لا يشفع إلا للمؤمنين وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً يعني اليهود والنصارى، ومن زعم أن الملائكة بنات الله من العرب لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا قال ابن عباس منكرا، وقيل معناه لقد قلتم قولا عظيما تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ من الانفطار وهو الشق وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ أي تخسف بهم وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أي تسقط وتنطبق عليهم أَنْ دَعَوْا أي من أجل أن جعلوا لِلرَّحْمنِ وَلَداً فإن قلت ما معنى انفطار السموات وانشقاق الأرض وخرور الجبال ومن أين تؤثر هذه الكلمة في هذه الجمادات. قلت فيه وجهان أحدهما: أن الله تعالى يقول كدت أن أفعل هذا بالسموات والأرض والجبال عند وجود هذه الكلمة غضبا مني على من تفوه بها لولا حلمي وإني لا أعجل بالعقوبة. الثاني: أن يكون استعظاما للكلمة وتهويلا من فظاعتها وتصويرا لأثرها في الدين وهدمها لأركانه وقواعده. قال ابن عباس فزعت السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين وكادت أن تزول وغضبت الملائكة واستعرت جهنم حين قالوا اتخذ الله ولدا ثم نزه الله نفسه عن اتخاذ الولد ونفاه عنه فقال تعالى:
[سورة مريم (19): الآيات 92 الى 98]
وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَاّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (96)
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (98)
وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً أي ما يليق به اتخاذ الولد ولا يوصف به لأن الولد لا بد أن يكون شبيها بالوالد، ولا شبيه لله تعالى ولأن اتخاذ الولد إنما يكون لأغراض لا تصح في الله تعالى من سرور به واستعانة وذكر جميل بعده وكل ذلك لا يليق بالله تعالى إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً أي آتية يوم القيامة عبدا ذليلا خاضعا، والمعنى أن الخلائق كلهم عبيده لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا أي عد أنفاسهم وأيامهم وآثارهم فلا يخفى عليه شيء من أمورهم وكلهم تحت تدبيره وقهره وقدرته وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً أي وحيدا ليس معه من أحوال الدنيا شيء.
قوله عز وجل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا أي محبة قيل يحبهم الله تعالى ويحببهم إلى عباده المؤمنين (ق) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال «إذا أحب الله سبحانه وتعالى عبدا دعا جبريل عليه السلام إن الله تعالى يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض» وفي رواية لمسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله سبحانه وتعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض الله
عبدا دعا جبريل عليه السلام فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، ثم يوضع له البغضاء في الأرض» قال هرم بن حيان: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه مودتهم. وقال: كعب مكتوب في التوراة لا محبة لأحد في الأرض حتى يكون ابتداؤها من الله عز وجل ينزلها على أهل السماء ثم على أهل الأرض وتصديق ذلك في القرآن «سيجعل لهم الرحمن ودا» .
قوله تعالى فَإِنَّما يَسَّرْناهُ أي سهلنا القرآن بِلِسانِكَ يا محمد لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ يعني المؤمنين وَتُنْذِرَ بِهِ أي القرآن قَوْماً لُدًّا أي شدادا في الخصومة. وقيل صما عن الحق، وقيل الألد الظالم الذي لا يستقيم ولا يقبل الحق ويدعي الباطل وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ختم الله تعالى هذه السورة بموعظة بليغة لأنهم إذا علموا وأيقنوا أنه لا بد من زوال الدنيا بالموت خافوا ذلك وخافوا سوء العاقبة في الآية فكانوا إلى الحذر من المعاصي أقرب. ثم أكد ذلك فقال تعالى هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ أي هل ترى، تجد منهم أي من القرون مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً أي صوتا خفيا قال الحسن: بادوا جميعا لم يبق منهم عين ولا أثر والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.