الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لنكاية وصولة في العدو، فلا تفعل فكتب إليه إن في رجال فارس خلفا عنه فعجل إليّ برأسه فراجعه فغضب كسرى ولم يجبه وبعث بريدا إلى أهل فارس إني قد عزلت عنكم شهرمان واستعملت عليكم فرحان ثم بعث مع البريد صحيفة صغيرة وأمره فيها بقتل شهرمان. وقال إذا ولي فرحان الملك وانقاد له أخوه فأعطه الصحيفة، فلما وصل البريد إلى شهرمان عرض عليه كتاب كسرى فلما قرأه قال: سمعا وطاعة ونزل عن سرير الملك وأجلس عليه أخاه فرحان فدفع البريد الصحيفة إلى فرحان فلما قرأها: استدعى بأخيه شهرمان وقدمه ليضرب عنقه فقال له لا تعجل حتى أكتب وصيتي قال نعم فدعا بسفط ففتحه وأعطاه ثلاث صحائف منه وقال كل هذا راجعت فيك كسرى وأنت تريد قتلي بكتاب واحد فرد فرحان الملك إلى أخيه شهرمان فكتب إلى قيصر ملك الروم أما بعد إن لي إليك حاجة لا تحملها البرد ولا تبلغها الصحف فالقني في خمسين روميا حتى ألقاك في خمسين فارسيا فأقبل قيصر في خمسمائة ألف رومي وجعل يضع العيون بين يديه في الطرق مخافة أن يريد أن يمكر به حتى أتاه عيونه فأخبروا أنه ليس معه إلا
خمسون فارسيا، فلما التقيا ضربت لهما فيها ديباج فدخلاها ومع كل واحد سكين ودعوا بترجمان يترجم بينهما فقال شهرمان: إن الذي خرب بلادك أنا وأخي بكيدنا وشجاعتنا وإن كسرى حسدنا وأراد بأن يقتل أخي فأبيت عليه ثم أمر أخي بقتلي فأبى عليه، وقد خلعناه جميعا ونحن نقاتله معك فقال: قد أصبتما وأشار أحدهما إلى صاحبه أن السر بين اثنين فإذا جاوزهما فشا. فقتلا الترجمان معا بسكينيهما فأديلت الروم على فارس عند ذلك وغلبوهم وقتلوهم ومات كسرى وجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ففرح ومن كان معه من المسلمين بذلك فذلك قوله عز وجل الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ يعني أقرب أرض الشام إلى فارس وقيل هي أذرعات وقيل الأردن وقيل الجزيرة وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ أي فارس لهم سَيَغْلِبُونَ أي الروم لفارس.
[سورة الروم (30): الآيات 4 الى 7]
فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (7)
فِي بِضْعِ سِنِينَ البضع ما بين الثلاث إلى السبع وقيل إلى التسع وقيل ما دون العشر لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ أي من قبل دولة الروم على فارس ومن بعدها فمن غلب فهو بأمر الله تعالى وقضائه وقدره وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ أي الروم على فارس وقيل فرح النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بظهورهم على المشركين يوم بدر وفرحوا بظهور أهل الكتاب على أهل الشرك يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ أي بيده النصر ينصر من يشاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب الرَّحِيمُ أي بالمؤمنين قوله تعالى وَعْدَ اللَّهِ أي وعد الله وعدا بظهور الروم على فارس لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أي أن الله لا يخلف وعده ثم قال تعالى يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا يعني أمر معاشهم كيف يكسبون ويتجرون ومتى يغرسون ويزرعون ويحصدون وقال الحسن إن أحدهم لينقر الدرهم بطرف ظفره فيذكر وزنه لا يخطئ وهو لا يحسن يصلي. وقيل: لا يعلمون الدنيا بحقيقتها إنما يعلمون ظاهرها وهو ملاذها وملاعبها ولا يعلمون باطنها وهو مضارها ومتاعبها. وقيل يعلمون وجودها الظاهر ولا يعلمون فناءها وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ أي ساهون عنها لا يتفكرون فيها ولا يعلمون بها. قوله عز وجل:
[سورة الروم (30): الآيات 8 الى 18]
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَاّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ (8) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ (10) اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)
وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (13) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (16) فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)
وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ يعني لإقامة الحق وَأَجَلٍ مُسَمًّى أي لوقت معلوم إذا انتهت إليه فنيت وهو يوم القيامة وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ أي يسافروا فيها فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي ينظروا إلى مصارع الأمم قبلهم فيعتبروا كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ أي حرثوها وقلبوها للزراعة وَعَمَرُوها يعني الأمم الخالية أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها يعني أهل مكة وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أي فلم يؤمنوا فأهلكهم الله فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ أي بنقص حقوقهم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ أي ببخس حقوقهم ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا أي أساءوا العمل فاستحقوا السُّواى يعني الخلة التي تسوؤهم وهي النار وقيل السوء اسم لجهنم، ومعنى الآية أن عاقبة الذين عملوا السوء النار أَنْ كَذَّبُوا أي لأنهم كذبوا وقيل معنى الآية ثم كان عاقبة المسيئين أن حملتهم تلك السيئات على أن كذبوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ قوله تعالى اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ أي خلقهم ابتداء ثم يعيدهم بعد الموت أحياء ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أي فيجزيهم بأعمالهم وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ قيل: معناه أنهم ييأسون من كل خير وقيل: ينقطع كلامهم وحججهم وقيل يفتضحون وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ يعني أصنامهم التي عبدوها شُفَعاءُ أي يشفون لهم وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ أي جاحدين متبرئين يتبرؤون منها وتتبرأ منهم وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ أي يتميز أهل الجنة من أهل النار. وقيل يتفرقون بعد الحساب أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار فلا يجتمعون أبدا فهو قوله تعالى فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ أي في جنة وقيل الروضة البستان الذي هو في غاية النضارة يُحْبَرُونَ قال ابن عباس يكرمون وقيل يتنعمون ويسرون والحبرة السرور. وقيل في معنى يحبرون: هو السماع في الجنة. قال الأوزاعي: ليس أحد من خلق الله أحسن صوتا من إسرافيل فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سموات صلاتهم وتسبيحهم وقال: إذا أخذ في السماع فلا يبقى في الجنة شجرة إلا وردته، وسأل أبا هريرة رجل: هل لأهل الجنة من سماع؟ فقال: نعم شجرة أصلها من ذهب وأغصانها من فضة وثمارها اللؤلؤ والزبرجد والياقوت يبعث الله ريحا فيجاوب بعضها بعضا فما يسمع أحد أحسن منه وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ أي البعث يوم القيامة فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ قوله تعالى فَسُبْحانَ اللَّهِ أي فسبحوا الله ومعناه صلوا لله حِينَ تُمْسُونَ أي تدخلون في المساء وهي صلاة المغرب والعشاء وَحِينَ تُصْبِحُونَ أي تدخلون في الصباح وهي صلاة الصبح وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال ابن عباس يحمده أهل السموات والأرض ويصلون له وَعَشِيًّا أي وصلوا لله عشيّا يعني صلاة العصر وَحِينَ تُظْهِرُونَ أي تدخلون في الظهيرة وهي صلاة الظهر. قال نافع ابن الأزرق لابن عباس: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال: نعم وقرأ هاتين الآيتين