الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن مسعود، وابن عباس: إذا خير الرجل امرأته فاختارت زوجها لا يقع شيء وإن اختارت نفسها يقع طلقة واحدة، وهو قول عمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى وسفيان والشافعي وأصحاب الرأي إلا أن عند أصحاب الرأي يقع طلقة بائنة إذا اختارت نفسها وعند الآخرين رجعية وقال زيد بن ثابت: إذا اختارت الزوج يقع طلقة واحدة وإذا اختارت نفسها فثلاث وهو قول الحسن وبه قال مالك. وروي عن علي أنها إذا اختارت زوجها يقع طلقة واحدة، وإذا اختارت نفسها فطلقة بائنة وأكثر العلماء على أنها إذا اختارت زوجها لا يقع شيء (ق) عن مسروق قال: ما أبالي خيرت امرأتي واحدة أو مائة أو ألفا بعد أن تختارني، ولقد سألت عائشة رضي الله عنها، فقالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كان طلاقا وفي رواية فاخترناه فلم يعد ذلك شيئا. قوله تعالى:
[سورة الأحزاب (33): الآيات 30 الى 32]
يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (31) يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (32)
يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ أي بمعصية ظاهرة قيل: هو كقوله لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ أي لأن منهن من أتت بفاحشة، فإن الله تعالى صان أزواج الأنبياء عن الفاحشة وقال ابن عباس المراد بالفاحشة النشوز وسوء الخلق يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ أي مثلين وسبب تضعيف العقوبة، لهن لشرفهن كتضعيف عقوبة الحرة على الأمة وذلك لأن نسبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى غيره من الرجال كنسبة الحرة إلى الأمة وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً أي عذابها وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ أي تطع الله ورسوله وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ أي مثلي أجر غيرها قيل: الحسنة بعشرين حسنة وتضعيف ثوابهن لرفع منزلتهن وفيه إشارة إلى أنهن أشرف نساء العالمين وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً أي الجنة. قوله تعالى يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ قال ابن عباس: يريد ليس قدركن عندي مثل قدر غيركن من النساء الصالحات، أنتن أكرم علي وثوابكن أعظم لدي إِنِ اتَّقَيْتُنَّ أي الله فأطعتنه فإن الأكرم عند الله هو الأتقى فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ أي لا تلن بالقول للرجال ولا ترققن الكلام فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ أي فجور وشهوة وقيل نفاق والمعنى لا تقلن قولا يجد المنافق والفاجر به سبيلا إلى الطمع فيكن والمرأة مندوبة إلى الغلظة في المقال إذا خاطبت الأجانب لقطع الأطماع فيهن وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً أي يوجبه الدين والإسلام عند الحاجة إليه، ببيان من غير خضوع وقيل القول المعروف ذكر الله تعالى. قوله عز وجل:
[سورة الأحزاب (33): الآيات 33 الى 35]
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33) وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً (34) إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35)
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ أي الزمن بيوتكن وقيل هو أمر من الوقار أي كن أهل وقار وسكون وَلا تَبَرَّجْنَ
تَبَرُّجَ
قيل: هو التكسر والتغنّج والتبختر وقيل: هو إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى قيل الجاهلية الأولى هو ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وقيل: هو زمن داود وسليمان عليهما السلام كانت المرأة تلبس قميصا من الدر غير مخيط الجانبين، فيرى خلفها منه وقيل كان في زمن نمرود الجبار كانت المرأة، تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه وتمشي به وسط الطريق ليس عليها شيء غيره وتعرض نفسها على الرجال وقال ابن عباس:
الجاهلية الأولى ما بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة وقيل: إن بطنين من ولد آدم عليه السلام كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل وكانت رجال الجبال صباحا وفي النساء دمامة وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة وإن إبليس أتى رجلا من أهل السهل وأجره نفسه وكان يخدمه واتخذ شيئا مثل الذي يزمر به الرعاة فجاء بصوت لم يسمع الناس مثله فبلغ ذلك من حولهم فأتوهم يستمعون إليه، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة فتتبرج النساء للرجال وتتزين الرجال لهن، وإن رجلا من أهل الجبل، هجم عليهم في عيدهم ذلك فرأى النساء وصباحتهن، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك فتحولوا إليهم فنزلوا معهم وظهرت الفاحشة فيهن فذلك قوله تعالى «ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى» وقيل الجاهلية الأولى ما قبل الإسلام والجاهلية الأخرى، قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان وقيل قد تذكر الأولى وإن لم تكن لها أخرى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ أي الواجبة وَآتِينَ الزَّكاةَ أي المفروضة وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي فيما أمر وفيما نهى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أي الإثم الذي نهى الله النساء عنه.
وقال ابن عباس: يعني عمل الشيطان وما ليس الله فيه رضا، وقيل: الرجس الشك وقيل السوء أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً هم نساء النبي صلى الله عليه وسلم لأنهن في بيته وهو رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس وتلا قوله تعالى وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ وهو قول عكرمة ومقاتل وذهب أبو سعيد الخدري وجماعة من التابعين منهم مجاهد وقتادة وغيرهم إلى أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، يدل عليه ما روي من عائشة أم المؤمنين قالت «خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجلس فأتت فاطمة فأدخلها فيه ثم جاء علي فأدخله فيه ثم جاء الحسن فأدخله فيه، ثم جاء الحسن فأدخله فيه ثم قال:
إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً أخرجه مسلم. المرط الكساء والمرحل بالحاء المنقوش عليه صور الرجال، وبالجيم المنقوش عليه صور الرجال، عن أم سلمة قالت: إن هذه الآية نزلت في بيتها، إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قالت وأنا جالسة عند الباب فقلت يا رسول الله ألست من أهل البيت فقال: إنك إلى خير أنت من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: وفي البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة وحسن وحسين فجللهم بكساء وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنه الرجس وطهرهم تطهيرا» أخرجه الترمذي. وقال حديث صحيح غريب عن أنس بن مالك «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر، إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول الصلاة يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، ويطهركم تطهيرا» أخرجه الترمذي. وقال حديث حسن غريب وقال زيد بن أرقم أهل البيت من حرم الصدقة بعده آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.
قوله تعالى وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ يعني القرآن وَالْحِكْمَةِ قيل هي السنة وقيل هي أحكام القرآن ومواعظه إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً يعني بأوليائه وأهل طاعته خَبِيراً أي بجميع خلقه. قوله عز وجل إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ الآية وذلك أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن يا رسول الله ذكر الله الرجال في القرآن، ولم يذكر النساء بخير فما فينا خير نذكر به إنا نخاف أن لا تقبل منا طاعة فأنزل الله هذه الآية. عن أم عمارة الأنصارية قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت مالي أرى كل شيء إلى الرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء فنزلت إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ أخرجه الترمذي. وقال حديث غريب وقيل إن أم سلمة بنت أبي أمية وأنيسة بنت كعب الأنصارية