الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسأل الجن فقالوا لا ندري فسأل الشياطين. فقالوا: نحتال لك حتى تكون كالفضة البيضاء فاتخذوا النورة، والحمام فكانت النورة والحمامات من يومئذ. فلما تزوجها سليمان أحبها حبا شديدا، وأقرها على ملكها وأمر الجن فابتنوا لها بأرض اليمن ثلاثة حصون لم ير الناس مثلها ارتفاعا وحسنا، وهي سلحين وبيسنون وغمدان ثم كان سليمان يزورها في كل شهر مرة، ويقيم عندها ثلاثة أيام يبكر من الشام إلى اليمن ومن اليمن إلى الشام وولدت له ولدا ذكرا. وقال وهب: زعموا أن بلقيس لما أسلمت قال لها سليمان اختاري رجلا من قومك حتى أزوجك إياه، فقالت: ومثلي يا نبي الله ينكح الرجال وقد كان لي من قومي الملك والسلطان، قال: نعم إنه لا يكون في الإسلام إلا ذلك ولا ينبغي لك أن تحرمي ما أحل الله قالت: فإن كان ولا بد فزوجني ذا تبع ملك همدان فزوجها إياه وذهب بها إلى اليمن، وملك زوجها ذا تبع على اليمن، ودعا زوبعة ملك الجن وقال له اعمل لذي تبع ما استعملك فيه فلم يزل يعمل له ما أراد إلى أن مات سليمان وحال الحول، وعلم الجن موت سليمان، فأقبل رجل منهم حتى بلغ جوف اليمن وقال بأعلى صوته: يا معشر الجن إن الملك سليمان قد مات فارفعوا أيديكم فرفعوا أيديهم وتفرقوا وانقضى ملك سلمان وملك ذي تبع وملك بلقيس، وبقي الملك لله الواحد القهار قيل إن سليمان ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة. قوله عز وجل:
[سورة النمل (27): الآيات 45 الى 49]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (48) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (49)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ أي وحدوه لا تشركوا به شيئا فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ أي مؤمن وكافر يَخْتَصِمُونَ أي في الدين كل فريق يقول الحق معنا قالَ يعني صالحا للفريق المكذب يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ أي بالبلاء والعقوبة قَبْلَ الْحَسَنَةِ أي العافية والرحمة لَوْلا أي هلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ أي بالتوبة إليه من الكفر لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أي لا تعذبون في الدنيا قالُوا اطَّيَّرْنا أي تشاءمنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قيل: إنما قالوا ذلك لتفرق كلمتهم وقيل: لإمساك القطر عنهم قالوا إنما أصابنا هذا الضر والشدة من شؤمك وشؤم أصحابك قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي ما يصيبكم من الخير والشر بأمر الله مكتوب عليكم، سمي طائرا لأنه لا شيء أسرع من نزول القضاء المحتوم وقال ابن عباس الشؤم الذي أتاكم من عند الله بكفركم وقيل طائركم أي عملكم، عند الله، سمي طائرا لسرعة صعوده إلى السماء بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ قال ابن عباس تختبرون بالخير والشر وقيل معناه تعذبون. قوله تعالى وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ يعني مدينة ثمود وهي الحجر تِسْعَةُ رَهْطٍ يعني من أبناء أشرافهم يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أي بالمعاصي وَلا يُصْلِحُونَ أي لا يطيعون وهم غواة قوم صالح الذين اتفقوا على عقر الناقة ورأسهم قدار بن سالف قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ يعني يقول بعضهم لبعض احلفوا بالله أيها القوم لَنُبَيِّتَنَّهُ أي لنقتلنه ليلا وَأَهْلَهُ يعني قومه الذين آمنوا معه ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ أي لولي دمه ما شَهِدْنا يعني ما حضرنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ أي ما ندري من قتله ولا هلاك أهله وَإِنَّا لَصادِقُونَ يعني في قولنا ما شهدنا ذلك.
[سورة النمل (27): الآيات 50 الى 63]
وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (53) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54)
أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَاّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَاّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)
أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63)
وَمَكَرُوا مَكْراً أي غدروا غدرا حين قصدوا تبيت صالح وأهله وَمَكَرْنا مَكْراً يعني جازيناهم على مكرهم بتعجيل العذاب وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ يعني أهلكناهم أي التسعة قال ابن عباس: أرسل الله الملائكة تلك الليلة إلى دار صالح يحرسونه فأتت التسعة دار صالح شاهرين سلاحهم، فرمتهم الملائكة بالحجارة وهم يرون الحجارة ولا يرون الملائكة فقتلتهم وأهلك الله جميع القوم بالصيحة وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا أي بظلمهم وكفرهم إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً أي لعبرة لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أي قدرتنا وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا، وَكانُوا يَتَّقُونَ يقال إن الناجين كانوا أربعة آلاف. قوله تعالى وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ أي الفعلة القبيحة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أي تعلمون أنها فاحشة وهو من بصر القلب وقيل: معناه يبصر بعضكم بعضا وكانوا لا يستترون عتوا منهم أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فإن قلت إذا فسر تبصرون بالعلم وقد قال: بعده «قوم تجهلون» فيكون العلم جهلا. قلت: معناه تفعلون فعل الجاهلين وتعلمون أنه فاحشة. وقيل: تجهلون العاقبة وقيل أراد بالجهل السفاهة التي كانوا عليها فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ يعني من أدبار الرجال فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ أي قضينا عليها بأن جعلناها من الباقين في العذاب وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً أي الحجارة فَساءَ أي فبئس مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ قوله عز وجل قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمد الله على هلاك كفار الأمم الخالية، وقيل: يحمده على جميع نعمه وسلام على عباده الذين اصطفى يعني الأنبياء والمرسلين وقال ابن عباس: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقيل:
هم كل المؤمنين من السابقين واللاحقين آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ فيه تبكيت للمشركين وإلزام الحجة عليهم بعد هلاك الكفار. والمعنى آلله خير لمن عبده أم الأصنام لمن عبدها فإن الله خير لمن عبده وآمن به لإغنائه عنه من الهلاك والأصنام، لم تغن شيئا عن عابديها عند نزول العذاب، ولهذا السبب ذكر أنواعا تدل على وحدانيته وكمال قدرته.
فالنوع الأول قوله تعالى: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ذكر أعظم الأشياء المشاهدة الدالة على عظيم