الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللؤلؤ منهما وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ يعني جواري مقبلة ومدبرة بريح واحدة لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ يعني بالتجارة وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ يعني تشكرون الله على نعمه يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ يعني الأصنام ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ هو لفافة النواة وهي القشرة الرقيقة التي تكون على النواة إِنْ تَدْعُوهُمْ يعني الأصنام لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ يعني أنهم جماد وَلَوْ سَمِعُوا أي على سبيل الفرض والتمثيل مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ أي ما أجابوكم وقيل ما نفعوكم وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ أي يتبرؤون منكم ومن عبادتكم إياها وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ يعني نفسه أي لا ينبئك أحد مثلي لأني عالم بالأشياء قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ يعني إلى فضله وإحسانه والفقير المحتاج إلى من سواه والخلق كلهم محتاجون إلى الله فهم الفقراء وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ عن خلقه لا يحتاج إليهم الْحَمِيدُ يعني المحمود في إحسانه إليهم المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ لاتخاذكم أندادا وكفركم بآياته وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ يعني يخلق بعدكم من يعبده ولا يشرك به شيئا وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ أي يمتنع وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى يعني أن كل نفس يوم القيامة لا تحمل إلا وزرها الذي اقترفته لا تؤاخذ بذنب غيرها فان قلت كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم. قلت هذه الآية في الضالين وتلك في المضلين أنهم يحملون أثقال من أضلوه من الناس مع أثقال أنفسهم وذلك كله من كسبهم وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها معناه وإن تدع نفس مثقلة بذنوبها إلى حمل ذنوب غيرها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى يعني ولو كان المدعو ذا قرابة كالأب والأم والابن والأخ قال ابن عباس يعلق الأب والأم بالابن فيقول يا بني احمل عني بعض ذنوبي فيقول لا أستطيع حسبي ما علي إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ يعني يخافون ربهم بِالْغَيْبِ يعني لم يروه والمعنى وإنما ينفع إنذارك الذين يخشون ربهم بالغيب وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى يعني أصلح وعمل خيرا فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ يعني لها ثوابه وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ يعني الجاهل والعالم وقيل الأعمى عن الهدى وهو الشرك والبصير بالهدى وهو المؤمن.
[سورة فاطر (35): الآيات 20 الى 32]
وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ (20) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (21) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) إِنْ أَنْتَ إِلَاّ نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَاّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (24)
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (26) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (29)
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)
وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ يعني الكفر والإيمان وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ يعني الجنة والنار وقال ابن عباس: الحرور الريح الحارة بالليل والسموم بالنهار وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ يعني المؤمنين والكفار وقيل العلماء والجهال إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ يعني حتى يتعظ ويجيب وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ يعني الكفار شبههم بالأموات في القبور لأنهم لا يجيبون إذا دعوا إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ أي ما أنت إلا منذر تخوفهم بالنار إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً يعني بشيرا بالثواب لمن آمن ونذيرا بالعقاب لمن كفر وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ أي من جماعة كثيرة فيما مضى إِلَّا خَلا أي سلف فِيها نَذِيرٌ أي نبي منذر. فان قلت كم من أمة في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يخل فيها نذير. قلت: إذا كانت آثار النذارة باقية لم تخل من نذير إلا أن تندرس، وحين اندرست آثار رسالة عيسى عليه السلام بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم وآثار نذارته باقية إلى يوم للقيامة لأنه لا نبي بعده وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أي بالمعجزات الدالة على نبوتهم وَبِالزُّبُرِ أي الصحف وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ أي الواضح قيل أراد بالكتاب التوراة والإنجيل والزبور وقيل ذكر الكتاب بعد الزبر تأكيدا ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً يعني المطر فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها يعني أجناسها من الرمان والتفاح والتين والعنب والرطب ونحوها وقيل يعني ألوانها في الحمرة والصفرة والخضرة وغير ذلك مما لا يحصر ولا يعد وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ يعني الخطط والطرق في الجبال مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها يعني منها ما هو أبيض ومنها ما هو أحمر ومنها ما هو أصفر وَغَرابِيبُ سُودٌ يعني شديدة السواد كما يقال أسود غربيب تشبيها بلون الغراب وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ يعني خلق مختلف ألوانه كَذلِكَ يعني كاختلاف الثمرات والجبال وتم الكلام ها هنا، ثم ابتدأ فقال تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ قال ابن عباس يريد إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني وقيل: عظموه وقدروا قدره وخشوه حق خشيته ومن ازداد به علما ازداد به خشية (ق) عن عائشة قالت صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فرخص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ثم قال «ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فو الله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية» قولها فرخص فيه أي لم يشدد فيه قولها فتنزه عن أقوام أي تباعد عنه وكرهه قوم (ق) عن أنس قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط فقال «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجوههم لهم خنين الخنين بالخاء المعجمة، هو البكاء مع غنة وانتشاق الصوت من الأنف وقال مسروق كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا وقال رجل للشعبي أفتني أيها العالم فقال الشعبي إنما العالم من خشي الله عز وجل وقال مقاتل أشد الناس خشية لله أعلمهم به، وقال الربيع بن أنس: من لم يخش الله فليس بعالم إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ أي من ملكه غَفُورٌ يعني لذنوب عباده وهو تعليل لوجوب الخشية لأنه المثيب المعاقب وإذا كان كذلك فهو أحق أن يخشى ويتقى. قوله عز وجل إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ أي يداومون على قراءته ويعلمون ما فيه ويعملون به وَأَقامُوا الصَّلاةَ أي ويقيمون الصلاة في أوقاتها وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ يعني في سبيل الله سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ يعني لن تفسد ولن تهلك والمراد من التجارة ما وعد الله من الثواب لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال ابن عباس سوى الثواب يعني مما لم تر عين ولم تسمع أذن إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ قال ابن عباس: يغفر العظيم من ذنوبهم ويشكر اليسير من أعمالهم وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ يعني القرآن هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يعني من الكتب إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ.
قوله تعالى ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ يعني أوحينا إليك الكتاب وهو القرآن ثم أورثناه يعني حكمنا بتوريثه وقيل أورثناه بمعنى نورثه الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا قال ابن عباس يريد أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن الله اصطفاهم على سائر الأمم واختصهم بكرامته بأن جعلهم أتباع سيد الرسل وخصهم بحمل أفضل الكتب ثم قسمهم ورتبهم فقال تعالى