الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ فِي النَّارِ
يعني يورك على من في النار وقيل: البركة راجعة إلى موسى والملائكة والمعنى من في طلب النار وهو موسى وَمَنْ حَوْلَها وهم الملائكة الذين حول النار وهذه تحية من الله عز وجل لموسى بالبركة، وقيل:
المراد من النار النور وذكر بلفظ النار لأن موسى حسبه نارا ومن في النار هم الملائكة وذلك أن النور الذي رآه موسى كان فيه ملائكة لهم زجل بالتسبيح والتقديس، ومن حولها موسى، لأنه كان بالقرب منها وقيل البركة راجعة إلى النار، وقال ابن عباس: معناه بوركت النار والمعنى بورك من في النار ومن حولها وهم الملائكة وموسى وروي عن ابن عباس في قوله بورك من في النار يعني قدس من في النار وهو الله تعالى عنى به نفسه على معنى أنه نادى موسى وأسمعه من جهتها كما روي أنه مكتوب في التوراة جاء الله من سيناء، وأشرف من ساعين واستعلى من جبال فاران ومعنى مجيئه من سيناء بعثه موسى منه، ومن ساعين بعثة المسيح ومن جبال فاران بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وفاران اسم مكة، وقيل كانت النار بعينها وهي إحدى حجب الله عز وجل كما صح في الحديث «حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» ثم نزه الله سبحانه وتعالى نفسه، وهو المنزه من كل سوء وعيب فقال تعالى وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ثم تعرف إلى موسى بصفاته فقال: الله يا موسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قيل معناه أن موسى قال: من المنادي قال: إنه أنا الله وهذا تمهيد لما أراد الله أن يظهره على يده من المعجزات، والمعنى أنا القوي القادر على ما يبعد من الأوهام كقلب العصا حية وهو قوله وَأَلْقِ عَصاكَ تقديره فألقاها فصارت حية فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ أي تتحرك كَأَنَّها جَانٌّ وهي الحية الصغيرة التي يكثر اضطرابها وَلَّى مُدْبِراً يعني هرب من الخوف وَلَمْ يُعَقِّبْ يعني لم يرجع، ولم يلتفت قال الله تعالى يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ يريد إذا أمنتهم لا يخافون أما الخوف الذي هو شرط الإيمان، فلا يفارقهم قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «أنا أخشاكم لله» .
[سورة النمل (27): الآيات 11 الى 16]
إِلَاّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)
وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)
إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ قيل: هو ما يصدر من الأنبياء من ترك الأفضل والصغيرة وقيل يحتمل أن يكون المراد منه التعريض بما وجد من موسى من قتل القبطي وهو من التعريضات اللطيفة وسماه ظلما لقول موسى إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ثم إنه خاف من ذلك فتاب قال: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ قال ابن جريح: قال الله تعالى لموسى إنما أخفتك لقتلك النفس، ومعنى الآية لا يخيف الله الأنبياء إلا بذنب يصيبه أحدهم فإن أصابه أخافه حتى يتوب، فعلى هذا التأويل يكون صحيحا وتناهى الخبر عن الرسل عند قوله إلا من ظلم ثم ابتدأ الخبر عن حالة من ظلم من الناس كافة وفي الآية متروك استغنى عن ذكره لدلالة الكلام عليه تقديره: فمن ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم وقيل ليس هذا الاستثناء من المرسلين، لأنه لا يجوز عليهم الظلم بل هو استثناء من المتروك ومعناه: لا يخاف لدي المرسلون إنما الخوف عليهم من الظالمين وهذا الاستثناء المنقطع معناه لكن من ظلم من سائر الناس فإنه يخاف فإن تاب وبدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم أي أغفر له وأزيل خوفه وقيل: إلا هنا بمعنى ولا معناه ولا يخاف لدي المرسلون ولا من ظلم، ثم بدل حسنا بعد سوء يعني تاب من ظلمه فإني غفور رحيم ثم إن الله تعالى أراه آية أخرى فقال تعالى
وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ قيل كانت عليه مدرعة صوف لا كمّ لها، ولا أزرار فأدخل يده في جيبها وأخرجها فإذا هي تبرق مثل شعاع الشمس أو البرق مِنْ غَيْرِ سُوءٍ يعني من غير برص فِي تِسْعِ آياتٍ يعني آية مع تسع آيات أنت مرسل بهن فعلى هذا تكون الآيات إحدى عشرة العصا واليد البيضاء والفلق والطوفان والجراد، والقمل والضفادع والدم والطمس والجدب في بواديهم، والنقصان في مزارعهم، وقيل: في بمعنى من أي من تسع آيات فتكون اليد البيضاء من التسع إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ يعني خارجين عن الطاعة فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً يعني بينة واضحة يبصرونها قالُوا هذا يعني الذي نراه سِحْرٌ مُبِينٌ يعني ظاهر وَجَحَدُوا بِها يعني أنكروا الآيات، ولم يقروا أنها من عند الله وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ يعني علموا أنها من عند الله والمعنى أنهم جحدوا بها بألسنتهم واستيقنوها بقلوبهم وضمائرهم ظُلْماً وَعُلُوًّا أي شركا وتكبرا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ يعني الغرق.
قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً يعني علم القضاء والسياسة وعلم داود تسبيح الطير، والجبال وعلم سليمان منطق الطير والدواب وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا يعني بالنبوة والكتاب والملك وتسخير الجن والإنس عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أراد بالكثير الذين فضلا عليهم من لم يؤت علما أو لم يؤت مثل علمهما، وفيه أنهما فضلا على كثير وفضل عليهما كثير وقيل إنهما لم يفضلا أنفسهما على الكل، وذلك يدل على حسن التواضع. قوله تعالى وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ يعني نبوته وعلمه، وملكه دون سائر أولاده وكان لداود تسعة عشر ابنا وأعطي سليمان ما أعطي داود وزيد له تسخير الريح، والجن والشياطين قال مقاتل: كان سليمان أعظم ملكا من داود، وأقضى منه وكان داود أشد تعبدا من سليمان وكان سليمان شاكرا لنعم الله تعالى وَقالَ يعني سليمان يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ سمى صوت الطير منطقا لحصول الفهم منه، وروي عن كعب الأحبار قال: صاح ورشان عند سليمان، فقال: أتدرون ما يقول هذا؟ قالوا: لا قال إنه يقول لدوا للموت وابنوا للخراب وصاحت فاختة فقال: أتدرون ما تقول؟ قالوا لا قال إنها تقول ليت الخلق لم يخلقوا وصاح طاوس فقال أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا قال: إنه يقول كما تدين تدان وصاح هدهد فقال: أتدرون ما يقول هذا؟ قالوا:
لا قال: إنه يقول من لا يرحم لا يرحم وصاح صرد فقال: أتدرون ما يقول هذا؟ قالوا: لا قال إنه يقول استغفروا ربكم يا مذنبين وصاحت طيطوى فقال أتدرون ما تقول؟ قالوا: لا قال: فإنها تقول كل حي ميت وكل جديد بال وصاح خطاف فقال: أتدرون ما يقول قالوا: لا قال: إنه يقول قدموا خيرا تجدوه وهدرت حمامة قال: أتدرون ما تقول قالوا: لا قال: إنها تقول سبحان ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه وصاح قمري قال أتدرون ما يقول؟
قالوا: لا قال إنه يقول سبحان ربي الدائم قال والغراب يدعو على العشار والحدأة تقول كل شيء هالك إلا وجهه، والقطاة تقول من سكت سلم والببغاء تقول: ويل لمن كانت الدنيا همه. والضفدع يقول سبحان ربي القدوس والبازي يقول: سبحان ربي وبحمده والضفدعة تقول: سبحان المذكور بكل لسان.
وعن مكحول قال صاح دراج عند سليمان فقال: أتدرون ما يقول قالوا: لا قال إنه يقول الرحمن على العرش استوى وقال فرقد مر سليمان على بلبل فوق شجرة يحرك رأسه، ويميل ذنبه فقال: لأصحابه أتدرون ما يقول هذا البلبل؟ قالوا الله ونبيه أعلم قال إنه يقول أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء وروي أن جماعة من اليهود قالوا لا بن عباس: إنا سائلوك عن سبعة أشياء إن أخبرتنا آمنا وصدقنا قال: سلوا تفقها لا تعنتا قالوا أخبرنا ما تقول القنبرة في صفيرها والديك في صعيقه، والضفدع في نقيقه والحمار في نهيقه، والفرس في صهيله وماذا يقول الزرزور والدراج قال نعم أما القنبر فإنه يقول: اللهم العن مبغض محمد وآل محمد والديك يقول اذكروا الله يا غافلين وأما الضفدع، فإنه يقول سبحان الله المعبود في البحار وأما الحمار فإنه يقول اللهم العن العشار وأما