الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأوا العذاب فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ قوله عز وجل كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ يعني نكاح الرجال من بني آدم وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ يعني أتتركون العضو المباح من النساء وتميلون إلى أدبار الرجال بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ أي معتدون مجاوزون الحلال إلى الحرام قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي من قريتنا قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ أي من التاركين المبغضين رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ أي من العمل الخبيث قال الله تعالى فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً أي امرأته فِي الْغابِرِينَ أي بقيت في المهلكين ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ أي أهلكناهم وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً يعني الكبريت والنار فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ قوله عز وجل كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ أي الغيضة الملتفة من الشجر وقيل هو اسم البلد إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ لم يقل لهم أخوهم لأنه لم يكن منهم وإنما كان من مدين وأرسل إليهم أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ إنما كانت دعوة هؤلاء الأنبياء فيما حكي عنهم على صيغة واحدة لاتفاقهم على تقوى الله وطاعته، والإخلاص في العبادة والامتناع من أخذ الأجر على تبليغ الرسالة، أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ أي الناقصين لحقوق الناس في الكيل والوزن وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ أي بالميزان العدل الْمُسْتَقِيمِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ يعني الخليقة والأمم المتقدمة قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً يعني قطعا مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ يعني من نقصان الكيل والوزن وهو مجازيكم بأعمالكم، وليس العذاب إلي وما علي إلا الدعوة والتبليغ.
[سورة الشعراء (26): الآيات 189 الى 214]
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193)
عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198)
فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (201) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (202) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (203)
أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (204) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (206) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (207) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَاّ لَها مُنْذِرُونَ (208)
ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (209) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (210) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وذلك أنهم أصابهم حر شديد فكانوا يدخلون الأسراب، فيجدونها أحر من ذلك فيخرجون فأظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا جميعا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وقد تقدم الكلام على هذه القصص في سورة الأعراف وهود فأغنى عن الإعادة هنا والله أعلم بمراده قوله عز وجل وَإِنَّهُ يعني القرآن لَتَنْزِيلُ رَبِّ
الْعالَمِينَ
يعني أن فيه من أخبار الأمم الماضية ما يدل على أنه من رب العالمين نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ يعني جبريل عليه السلام سماه زوجا لأنه خلق من الروح وسماه أمينا، لأنه مؤتمن على وحيه لأنبيائه عَلى قَلْبِكَ يعني على قلبك حتى تعيه وتفهمه ولا تنساه وإنما خص القلب لأنه هو المخاطب في الحقيقة، وأنه موضع التمييز والعقل والاختيار وسائر الأعضاء مسخرة له ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» أخرجاه في الصحيحين. ومن المعقول أن موضع الفرح والسرور، والغم والحزن هو القلب، فإذا فرح القلب أو حزن يتغير حال سائر الأعضاء فكأن القلب كالرئيس لها، ومنه أن موضع العقل هو القلب على الصحيح من القولين فإذا ثبت ذلك كان القلب هو الأمير المطلق، وهو المكلف والتكليف مشروط بالعقل والفهم. قوله تعالى لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ أي المخوفين بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ قال ابن عباس بلسان قريش ليفهموا ما فيه وَإِنَّهُ يعني القرآن وقيل ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وصفته ونعته لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ أي كتب الأولين أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً يعني أولم يكن لهؤلاء المتكبرين علامة ودلالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم أَنْ يَعْلَمَهُ يعني يعلم محمدا صلى الله عليه وسلم عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ.
قال ابن عباس: بعث أهل مكة إلى اليهود وهم بالمدينة يسألونهم عن محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا إن هذا لزمانه وإنا نجد في التوراة نعته وصفته فكان ذلك آية على صدقه صلى الله عليه وسلم قيل كانوا خمسة عبد الله بن سلام وابن يامين وثعلبة وأسد وأسيد. قوله تعالى وَلَوْ نَزَّلْناهُ يعني القرآن عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ جمع أعجمي وهو الذي لا يفصح ولا يحسن العربية، وإن كان عربيا في النسب ومعنى الآية، وأنزلنا القرآن على رجل ليس بعربي اللسان فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ يعني القرآن ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ أي لقالوا لا نفقه قولك وقيل معناه لما آمنوا به أنفة من اتباع من ليس من العرب كَذلِكَ سَلَكْناهُ قال ابن عباس: يعني أدخلنا الشرك والتكذيب فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ أي القرآن حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ أي لنؤمن ونصدق وتمنوا الرجعة ولا رجعة لهم أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ قيل لما وعدهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بالعذاب قالوا إلى متى توعدنا بالعذاب ومتى هذا العذاب، فأنزل الله أفبعذابنا يستعجلون أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ أي كفار مكة في الدنيا ولم نهلكهم ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ يعني العذاب ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ أي في تلك السنين الكثيرة والمعنى أنهم وإن طال تمتعهم بنعيم الدنيا، فإذا أتاهم العذاب لم يغن عنهم طول التمتع شيئا ويكونوا كأنهم لم يكونوا في نعيم قط وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ أي رسل ينذرونهم ذِكْرى أي تذكره وَما كُنَّا ظالِمِينَ أي في تعذيبهم حيث قدمنا الحجة عليهم وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ يعني أن المشركين كانوا يقولون: إن الشياطين يلقون القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ذلك وَما يَنْبَغِي لَهُمْ أن ينزلوا بالقرآن وَما يَسْتَطِيعُونَ أي ذلك، ثم إنه تعالى ذكر سبب ذلك فقال إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ أي محجوبون بالرمي بالشهب فلا يصلون إلى استراق السمع فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره لأنه معصوم من ذلك.
قال ابن عباس: يحذر به غيره يقول أنت أكرم الخلق علي، ولو اتخذت إلها غيري لعذبتك. قوله تعالى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ روى محمد بن إسحاق بسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره فصمت عليها حتى جاءني جبريل فقال: يا محمد أن لا تفعل ما تؤمر يعذبك ربك فاصنع لنا طعاما واجعل لنا عليه رجل شاة واملأ لنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له وكانوا يومئذ نحو أربعين رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب فلما اجتمعوا دعاني بالطعام الذي صنعت فجئت به، فتناول