الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى هذه الآية: لمحمد صلى الله عليه وسلم حراس من الرحمن من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من شر الجن وطوارق الليل والنهار. وقال عبد الرحمن بن زيد: نزلت هذه الآية في عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة، وهما من بني عامر بن زيد وكانت قصتهما على ما رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. قال: «أقبل عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة وهما من بني عامر بن زيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في نفر من أصحابه فدخل المسجد فاستشرف الناس لجمال عامر، وكان من أجمل الناس وكان أعور فقال: يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك، فقال: دعه فان يرد الله به خيرا يهده فأقبل حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد ما لي إن أسلمت؟ قال: لك ما للمسلمين وعليك ما على المسلمين. قال: تجعل الأمر لي بعدك؟ قال ليس ذلك لي إنما ذلك إلى الله تعالى يجعله حيث يشاء. قال: فتجعلني على الوبر وأنت على المدر؟ قال: لا قال: فما تجعل لي؟
قال: أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها. قال: أو ليس ذلك لي اليوم قم معي أكلمك فقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عامر قد أوصى إلى أربد بن ربيعة إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه فاضربه بالسيف، فجعل عامر يخاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراجعه ودار أربد من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضربه، فاخترط شبرا من سيفه ثم حبسه الله تعالى عليه فلم يقدر على سله، وجعل عامر يومئ إليه فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما صنع بسيفه، فقال: اللهم اكفنيهما بما شئت فأرسل الله على أربد صاعقة في يوم صحو قائظ فأحرقته فولى عامر هاربا وقال: يا محمد دعوت ربك فقتل أربد، والله لأملأنها عليك خيلا جردا وشبابا مردا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يمنعني الله من ذلك وابنا قيلة يريد الأوس والخزرج، فنزل عامر بيت امرأة سلولية فلما أصبح ضم إليه سلاحه، فخرج له خراج في أصل أذنه أخذه منه مثل النار فاشتد عليه فقال غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية، ثم ركب فرسه وجعل يركض في الصحراء، ويقول: ادن يا ملك الموت وجعل يقول الشعر، ويقول لئن أبصرت محمدا وصاحبه يعني ملك الموت لأنفذتهما برمحي فأرسل الله إليه ملكا فلطمه، فأرداه في التراب ثم عاد فركب جواده حتى مات على ظهره، وأجاب الله عز وجل دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في عامر بن الطفيل فمات بالطعن، وأربد بن ربيعة مات بالصاعقة وأنزل الله عز وجل في شأن هذه القصة سواء منكم من أسر القول، ومن جهر به إلى قوله له معقبات من بين يديه، ومن خلفه يعني لرسول الله صلى الله عليه وسلم معقبات يحفظونه من بين يديه، ومن خلفه من أمر الله أي بأمر الله وقيل: إن تلك المعقبات من أمر الله، وفيه تقديم وتأخير تقديره له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، وقوله إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ خطاب لهذين عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة، يعني لا يغير ما بقوم من العافية والنعمة التي أنعم بها عليهم حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ يعني: من الحالة الجميلة فيعصون ربهم، ويجحدون نعمه عليهم فعند ذلك تحل نقمته بهم، وهو قوله تعالى وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً يعني هلاكا وعذابا فَلا مَرَدَّ لَهُ يعني لا يقدر أحد أن يرد ما أنزل الله بهم من قضائه وقدره وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ يعني وليس لهم من دون الله من وال يلي أمرهم ونصرهم ويمنع العذاب عنهم قوله عز وجل:
[سورة الرعد (13): الآيات 12 الى 13]
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (13)
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً لما خوف الله عز وجل عباده بقوله: وإذا أراد الله بقوم سوءا ذكر في هذه الآية من عظيم قدرته ما يشبه النعم من وجه يشبه العذاب من وجه، فقال تعالى: هو الذي يعني هو الذي يريكم البرق والبرق معروف، وهو لمعان يظهر من خلال السحاب وفي كونه خوفا وطمعا وجوه: الأول إن عند
لمعان البرق يخاف من الصواعق، ويطمع في نزول المطر. الثاني: أنه يخاف من البرق من يتضرر بالمطر كالمسافر ومن في جرينه يعني بيدره التمر والزبيب والقمح ونحو ذلك، ويطمع فيه من له في نزول المطر نفع كالزارع ونحوه. الثالث: أن المطر يخاف منه إذا كان في غير مكانه وزمانه، ويطمع فيه إذا كان في مكانه وزمانه فان من البلاد ما إذا أمطرت قحطت وإذا لم تمطر أخصبت وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ يعني المطر. يقال: أنشأ الله السحابة فنشأت أي أبداها فبدت والسحاب جمع سحابة، والسحاب غربال الماء، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقيل: السحاب الغيم فيه ماء أو لم يكن فيه ماء. ولهذا قيل: سحاب جهام وهو الخالي من الماء وأصل السحب الجر وسمي السحاب سحابا إما لجر الريح له أو لجره الماء أو لانجراره في سيره وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ أكثر المفسرين على أن الرعد اسم للملك الذي يسوق السحاب، والصوت المسموع منه تسبيحه. وأورد على هذا القول ما عطف عليه. وهو قوله وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وإذا كان المعطوف مغايرا للمعطوف عليه وجب أن يكون غيره. وأجيب عنه أنه لا يبعد أن يكون الرعد اسما لملك من الملائكة وإنما أفرده بالذكر تشريفا له على غيره من الملائكة، فهو كقوله: وملائكته وجبريل وميكال. قال ابن عباس: أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أخبرنا عن الرعد ما هو قال: «ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوقه بها حيث يشاء الله» قالوا فما هذا الصوت الذي يسمع؟ قال: «زجره السحاب حتى تنتهي حيث أمرت» قالوا صدقت.
أخرجه الترمذي مع زيادة فيه. المخاريق: جمع مخراق، وهو في الأصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا، وأراد به هنا آلة تزجر بها الملائكة السحاب. وقد جاء تفسيره في حديث آخر وهو صوت «1» من نور تزجر الملائكة به السحاب، قال ابن عباس: من سمع صوت الرعد فقال: سبحان من يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته وهو على كل شيء قدير. فإن أصابه صاعقة فعلي ديته، وكان عبد الله بن الزبير إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: سبحان من يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته وكان يقول إن الوعيد لأهل الأرض شديد. وفي بعض الأخبار أن الله تعالى يقول:«لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولم أسمعهم صوت الرعد» وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال: الرعد ملك موكل بالسحاب يصرفه إلى حيث يؤمر، وإن بحور الماء في نقرة إبهامه، وإنه يسبح الله فإذا سبح لا يبقى ملك في السماء إلا رفع صوته بالتسبيح فعندها ينزل المطر، وقيل: إن الرعد اسم لصوت الملك الموكل بالسحاب، ومع ذلك فإن صوت الرعد يسبح الله عز وجل لأن التسبيح والتقديس عبارة عن تنزيه لله عز وجل عن جميع النقائص، ووجود هذا الصوت المسموع من الرعد وحدوثه دليل على وجود موجود خالق قادر متعال عن جميع النقائص، وإن لم يكن ذلك في الحقيقة تسبيحا ومنه قوله: وإن من شيء إلا يسبح بحمده وقيل المراد من تسبيح الرعد أن من سمعه سبح الله فلهذا المعنى أضيف التسبيح إليه، وقوله والملائكة من خيفته يعني ويسبح الملائكة من خيفة الله عز وجل وهيبته وخشيته، وقيل: المراد بهذه الملائكة أعوان السحاب جعل الله عز وجل مع الملك الموكل بالسحاب أعوانا من الملائكة، وهم خائفون خاضعون طائعون. وقيل: المراد بهم جميع الملائكة وحمله على العموم أولى وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ جمع صاعقة، وهي العذاب النازل من البرق فيحترق من تصيبه وقيل: هي الصوت الشديد النازل من الجو ثم يكون فيه نار أو عذاب أو موت وهي في ذاتها شيء واحد، وهذه الأشياء الثلاثة تنشأ منها فَيُصِيبُ بِها يعني بالصواعق مَنْ يَشاءُ يعني فيهلك بها كما أصاب أربد بن ربيعة. قال محمد الباقر: الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم ولا تصيب الذاكر وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ يعني يخاصمون في الله. وقيل: المجادلة المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، وأصله من جدلت الحبل إذا أحكمت فتله
(1). قوله صوت لعله سوط كما يقتضيه السياق اهـ مصححة.