المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أطعمنا عليها الخبز واللحم، فخرج الناس، وبقي رجال يتحدثون في - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٣

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: أطعمنا عليها الخبز واللحم، فخرج الناس، وبقي رجال يتحدثون في

أطعمنا عليها الخبز واللحم، فخرج الناس، وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعته، فجعل يتبع حجر نسائه، ثم أخبرته أن القوم قد خرجوا، فانطلق حتى دخل، فذهبت أدخل، فألقى الستر بيني وبينه، ونزل الحجاب، ووعظ القوم بما وعظوا به: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ

} الآية.

قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ

} الآية، سبب نزولها (1): ما أخرجه الترمذي عن عائشة قالت: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب .. قالوا: تزوج حليلة ابنه، فأنزل الله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ

} الآية.

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ

} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه عبد بن حميد عن مجاهد قال: لما نزلت {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} .. قال أبو بكر: يا رسول الله، ما أنزل الله عليك خيرًا إلا أشركنا فيه، فنزلت: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ

} الآية.

التفسير وأوجه القراءة

‌31

- {وَمَنْ يَقْنُتْ} ويخضع {مِنْكُنَّ} يانساء النبي صلى الله عليه وسلم {لِلَّهِ} سبحانه بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، {و} يقنت لـ {رَسُولِهِ} صلى الله عليه وسلم؛ بترك النشوز وسوء الخلق، وطلب ما ليس عنده من متاع الدنيا {وَتَعْمَلْ} عملًا {صَالِحًا}؛ أي: مخلصًا لله سبحانه {نُؤْتِهَا} ؛ أي: نعطها {أَجْرَهَا} وثوابها {مَرَّتَيْنِ} ؛ أي: ضعفين، فتجزى حسنتهن بعشرين حسنة.

ومعنى إيتائهن الأجر مرتين: أنه يكون لهن من الأجر على الطاعة مثلا ما يستحقه غيرهن من النساء إذا فعلت تلك الطاعة، وفي هذا (2) دليل قوي على أن معنى {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} أنه يكون العذاب مرتين، لا ثلاثًا؛ لأن المراد إظهار شرفهن ومزيتهن في الطاعة والمعصية، تكون حسنتهن كحسنتين، وسيئتهن كسيئتين، ولو كانت سيئتهن كثلاث سيئات .. لم يناسب ذلك كون حسنتهن كحسنتين، فإن الله سبحانه أعدل من أن يضاعف العقوبة عليهن مضاعفة تزيد على

(1) لباب النقول.

(2)

الشوكاني.

ص: 9

مضاعفة أجرهن.

فائدة: فإن قلت: لِمَ خص الله سبحانه نساء النبي صلى الله عليه وسلم بتضعيف العقوبة على الذنب، والمثوبة على الطاعة؟

قلت: أما الأول: فلأنهن يشاهدن من الزواجر الرادعة عن الذنوب ما لا يشاهده غيرهن، ولأن في معصيتهن أذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذنب من آذى رسول الله أعظم من ذنب غيره، وأما الثاني: فلأنهن أشرف من سائر النساء؛ لقربهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت الطاعة منهن أشرف، كما أن المعصية منهن أقبح. اهـ "فتح الرحمن".

وقيل: معنى {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} ؛ أي: مرة (1) على الطاعة والتقوى لله سبحانه، وأخرى على طلبهن رضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقناعة وحسن المعاشرة.

وقرأ الجمهور (2): {وَمَنْ يَقْنُتْ} بالياء التحتية حملًا على لفظ {مَن} {وَتَعْمَلْ} بالتاء الفوقية حملًا على المعنى، و {نُؤْتِهَا} بنون العظمة. وقرأ الجحدري والأسواري ويعقوب في رواية:{ومن تقنت} بتاء التأنيث حملًا على المعنى، وبها قرأ ابن عامر في رواية رواها أبو حاتم عن أبي جعفر وشيبة ونافع. وقرأ السلمي وابن وثاب وحمزة والكسائي بالتحتية في ثلاثتها {يقنت} ، {يعمل} ، {يؤتها} .

{وَأَعْتَدْنَا} ؛ أي: هيأنا. {لَهَا} ؛ أي: لمن يقنت منكن لله ورسوله في الجنة زيادة على أجرها المضاعف. {رِزْقًا كَرِيمًا} ؛ أي: رزقًا حسنًا مرضيًا، وفيه (3) إشارة إلى أنَّ الرزق الكريم في الحقيقة هو نعيم الجنة، فمن أراده يترك التنعم في الدنيا، وقال النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ:"إياك والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بمتنعمين" يعني: أن عباد الله الخلص لا يرضون نعيم الدنيا بدل نعيم الآخرة، فإن نعيم الدنيا فانٍ.

والمعنى: أي ومن تطع منكن الله ورسوله، وتعمل صالح الأعمال .. نضاعف لها الأجر والمثوبة لكرامتها علينا بوجودها في بيت النبوة، ومنزل الوحي، ونور

(1) أبو السعود.

(2)

البحر المحيط.

(3)

روح البيان.

ص: 10