المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والمعنى (1): زال الشرك وذهب، بحيث لم يبقَ أثره أصلًا، - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٣

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: والمعنى (1): زال الشرك وذهب، بحيث لم يبقَ أثره أصلًا،

والمعنى (1): زال الشرك وذهب، بحيث لم يبقَ أثره أصلًا، مأخوذ من هلاك الحي، فإنه إذا هلك لم يبقَ له إبداء ولا إعادة، فجعل مثلًا في الهلاك بالكلية، وقيل: الباطل هو إبليس، والمعنى: لا يخلق إبليس أحدًا ابتداءً، ولا يبعثه، إذا مات إعادةً، وقيل: الباطل هو الأصنام؛ أي: لا تخلق أحدًا ابتداءً، ولا تعيد بعثًا للأموات.

روى ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة، وحول الكعبة ثلاث مئة وستون صنمًا، فجعل يطعهنا بعود في يده، ويقول:" {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)}، {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49)} ".

والمعنى: أي قل (2): جاء الإِسلام، ورفعت رايته، وعلا ذكره، وذهب الباطل، فلم تبقَ منه بقيّة تبدىء شيئًا أو تعيده، وأصله في هلاك الحيّ، فإنه إذا هلك لم يبق له إبداءٌ؛ أي: فعل أمر ابتداء ولا إعادة؛ أي: فعله ثانيًا، وأنشدوا لعبيد بن الأبرص.

أَقْفَرَ مِنْ أَهْلِهِ عُبَيْدُ

فَالْيَوْمَ لَا يُبْدِيء وَلَا يُعِيْدُ

‌50

- ولما سدَّ عليهم مسالك القول .. لم يبقَ إلا أن يقولوا عنادًا: إنه قد عرض له ما أضلّه عن محجة الصواب، فأمر رسوله أن يقول لهم:{قُلْ} لهم يا محمد: {إِنْ ضَلَلْتُ} عن الطريق الحق - كما تزعمون وتقولون، لقد ضللتَ حين تركت دين آبائك - {فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي}؛ أي: فإن وبال ضلالي وعقابه عليها؛ لأنه سببها؛ إذ هي الحاملة عليه بالذات، والأمارة بالسوء، وبهذا الاعتبار قوبل الشرطية بقوله:{وَإِنِ اهْتَدَيْتُ} إلى الطريق الحق {فَبِمَا يُوحِي} ؛ أي: فبسبب ما يوحي إليَّ ربي من الحكمة والبيان، فإن الاهتداء بتوفيقه وهدايته.

وفيه (3): إشارة إلى أنّ منشأ الضلالة نفس الإنسان، فإذ أوكلت النفس إلى

(1) روح البيان.

(2)

المراغي.

(3)

روح البيان.

ص: 316