الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونكل علمها إليه تعالى ونقرأها تعبدًا وامتثالًا لأمر الله تعالى، وتعظيمًا لكلامه، وإن لم نفهم منها ما نفهمه من سائر الآيات، وهذا القول هو الأصح الأسلم الذي عليه أكثر السلف.
2
- {وَالْقُرْآنِ} بالجر على أنه مقسم به ابتداء، والواو فيه واو القسم؛ أي: أقسم بالقرآن الحكيم، وقيل: الواو للعطف على يس إن جعل يس مقسمًا به؛ أي: أقسم بيس، وبالقرآن الحكيم، قال النقاش: لم يقسم الله سبحانه لأحد من أنبيائه بالرسالة في كتابه إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم تعظيمًا له وتمجيدًا، فقال في "إنسان العيون". من خصائصه عليه السلام أن الله تعالى أقسم على رسالته بقوله: {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
(3)}
. اهـ.
{الْحَكِيمِ} ؛ أي: الحاكم، كالعليم بمعنى العالم، فإنه يحكم بما فيه من الأحكام، فهو فعيل بمعنى: فاعل، أو المحكم المصفى من التناقض والعيب ومن التغير بوجه ما، كما قال تعالى:{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ، وهو الذي أحكم نظمه وأسلوبه، وأتقن معناه وفحواه، فهو فعيل بمعنى مفعل، كما تقول: عقدت العسل، فهو عقيد؛ أي: معقد، أو (1) ذي الحكمة؛ أي: المتضمن لها والمشتمل عليها، فإنه منبع كل حكمة، ومعدن كل عظة، فيكون بمعنى النسب مثل تأمر بمعنى ذي تمر، أو هو من قبيل وصف الكلام بصفة المتكلم به؛ أي: الحكيم قائله.
3 -
{إِنَّكَ} يا أكمل الرسل، ويا أفضل الكل، وهو خطاب المواجهة بعد شرف القسم به، وهو مع قوله:{لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} جواب للقسم، والجملة لرد إنكار الكفرة بقولهم في حقه صلى الله عليه وسلم لست مرسلًا، وما أرسل الله إلينا رسولًا.
قال في "بحر العلوم": هو من الإيمان الحسنة البديعة لتناسب بين المرسل به والمرسل إليه اللذين: أحدهما: المقسم به المنزل، والآخر المقسم عليه، المنزل إليه. انتهى.
وهذه الشهادة منه تعالى من جملة ما أشير إليه بقوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} .
(1) روح البيان.