الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يخبر تعالى أن أموال الكفار وأولادهم لا تنفعهم يوم القيامة، ولا تنجيهم من عذاب الله، وأنهم حطب النار الذي توقد به.
وقوله تعالى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} قال ابن عباس رضي الله عنهما: كفعل آل فرعون وصنيعهم في الكفر والتكذيب.
وقوله تعالى: {فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} أي: شديد الأخذ، أليم العذاب لا يمتنع منه أحد.
قوله عز وجل: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ
وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ (13) } .
عن ابن عباس قال: لما أصاب رسول الله? صلى الله عليه وسلم ?قريشًا يوم بدر فقدم المدينة جمع يهود في سوق بني قينقاع فقال: «يا معشر اليهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشًا» . فقالوا: يا محمد لا تغرنك نفسك أنك قتلت نفرًا من قريش كانوا أغمارًا لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تأت مثلنا. فأنزل الله عز وجل في ذلك
من قولهم: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} ، إلى قوله:{لأُوْلِي الأَبْصَارِ} .
قال قتادة: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ} ، عبرة وتفكر. وقال ابن عباس:{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ} ، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر {وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} فئة قريش الكفار، وقال الربيع في قوله:{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} ، قال: كان ذلك يوم بدر، وكان المشركون تسعمائة وخمسين، وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وثلاثة عشر.
قال ابن جرير: (فإن قال لنا قائل: فكيف قيل: يرونهم مثليهم رأي العين، وقد علمتم أن المشركين كانوا يومئذٍ ثلاثة أمثال المسلمين؟ قلنا لهم كما يقول القائل - وعنده عبد احتاج إلى مثله -: أنا محتاج إليه وإلى مثله، ثم يقول: أحتاج إلى مثليه، فيكون ذلك خبرًا عن حاجته إلى مثله، وإلى مثلي ذلك المثل) إلى آخر كلامه.
وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأوْلِي الأبْصَارِ} ، قال قتادة: يقول: لقد كان لهم في هؤلاء عبرة وتفكير، وأيدهم الله ونصرهم على
…
عدوهم.
قوله عز وجل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ
أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17) } .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لما نزلت {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} ، قلت: الآن يا رب حين زينتها لنا؟ فنزلت: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ
…
} ) الآية. رواه ابن جرير، قال ابن عباس: القنطار: ألف ومائتا دينار، ومن الفضة ألف ومائتا مثقال. وقال ابن عمر: القنطار: ألف ومائتا أوقية.
وقال مجاهد في قوله تعالى: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} ، قال: المطهمة الحسان، وقال ابن عباس: يعني: المعلمة.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} ، قال السدي يقول: حسن المنقلب. وهي: الجنة.
وقوله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله تبارك وتعالى: أعطيكم أفضل من هذا؟ فيقولون: أيْ ربنا أيّ شيء أفضل من هذا؟ قال: رضواني.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} ، هذا وصف
عباد الله المتقين الذين وعدهم الجنة، قال قتادة: قوله: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ} ، الصادقين يوم صدقت أفواههم، واستقامت قلوبهم وألسنتهم، وصدقوا في السر والعلانية، والصابرين يوم صبروا على طاعة الله، وصبروا عن محارمه، والقانتون: هم المطيعون لله.
قال: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} هم: أهل الصلاة، وقال جعفر ابن محمد: من صلى من الليل ثم استغفر في آخر الليل سبعين مرة، كتب من المستغفرين بالأسحار، وفي الصحيحين وغيرهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: هل من سائلٍ فأعطيه؟ هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له؟» . والله أعلم.
* * *