الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن ابن عباس قال: لحق ناس من الناس رجلاً في غنيمة له فقال: السلام عليكم فقتلوه وأخذوا تلك الغنيمة، فنزلت هذه الآية:{وَلَا تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ، تلك الغنيمة.
وقال سعيد بن جبير في قوله: {كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ} ، تستخفون بإيمانكم كما استخفى هذا الرعي بإيمانه، {فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ} ، فأظهر الإِسلام، {فَتَبَيَّنُواْ} ، قال ابن جرير: يقول: فتأنّوا في قتل من أشكل عليكم أمره، فلم تعلموا حقيقة إسلامه ولا كفره.
عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل عليه: [لا يستوي القاعدون من
المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله] ، قال: فجاء ابن أم مكتوم وهو يمليها عليّ فقال: يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت، قال: فأنزل
عليه، وفخذه على فخذي فثقلت، فظننت أن ترضّ فخذي، ثم سرّي عنه فقال:{غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ} ، رواه ابن جرير وغيره.
وقوله تعالى: {فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} ، قال ابن جريج: على أهل الضرر، {وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى} ، قال قتادة: هي: الجنة، {وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً * دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً} . في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال:«إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض» .
قال ابن عباس: كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يستخفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم، فقال المسلمون: كانوا أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا، فاستغفروا لهم،
فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ} الآية، وقال:(كنت أنا وأمي من عذر الله) .
قال البغوي: ثم نسخ ذلك بعد فتح مكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا هجرة بعد الفتح» .
وقال ابن كثير: هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكنًا من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حرامًا بالإجماع، ونص هذه الآية.
وقوله تعالى: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً} ، قال قتادة: لما أنزل الله هؤلاء الآيات، ورجل من المؤمنين يقال له ضمرة بمكة، قال: والله إني لي من المال ما يبلغني المدينة وأبعد منها، وأني لأهتدي، أخرجوني - وهو مريض حينئذٍ - فلما جاوز المحرم قبضه الله فمات، فأنزل الله تبارك وتعالى:{وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ} الآية، وقال ابن عباس في قوله:{مُرَاغَماً كَثِيراً} ، المراغم: التحول من أرض إلى
أرض، وقال مجاهد: متزحزحًا عما يكره، وقال السدي: مبتغي للمعيشة، وقال قتادة:{يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} أي: والله، من الضلالة إلى الهدى، ومن العيلة إلى الغنى.
قال البغوي: وقال أبو عبيدة: المراغم: المهاجر، يقال: راغمت قومي وهاجرتم، وهو المضطرب والمذهب، قيل: سميت المهاجرة:
مراغمة؛ لأن من يهاجر يراغم قومه، {وَسَعَةً} ، أي: في الرزق. وبالله التوفيق.
* * *