الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن جريج في قوله: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} ، قال: هو ذكر الله في الصلاة وفي غير الصلاة، وقراءة القرآن.
وقوله تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} . قال ابن عوف: الفكرة: تذهب الغفلة، وتحدث للقلب الخشية، كما يحدث الماء للزرع النماء.
وقوله: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} ، عن الأشعث الجمل قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد أرأيت ما تذكر من الشفاعة حق هو؟ قال: نعم حق. قلت: يا أبا سعيد أرأيت قول الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} ، يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها. فقال لي: إنك والله
لا تستطيع على شيء، إن للنار أهلاً لا يخرجون منها كما قال الله. قلت: يا أبا سعيد فيم دخلوا ثم خرجوا؟ قال: كانوا أصابوا ذنوبًا في الدنيا فأخذهم الله بها، فأدخلهم بها، ثم أخرجهم بما يعلم في قلوبهم من الإيمان والتصديق به.
وقوله تعالى: {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ} المنادي: هو: القرآن. قال محمد بن كعب القرظي: هو الكتاب، ليس كلهم لقي النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} ، أي: لا بد من الميعاد الذي أخبرت عنه رسلك، وهو القيام بين يديك، {فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ} ، ولا تخزنا فإننا قد آمنا بك وبكتابك ونبيك.
عن مجاهد قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله تذكر الرجال في الهجرة ولا تذكر النساء، فنزلت:{أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى} الآية.
وقوله: {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} ، قال الكلبي: في الدين والنصرة والموالاة.
وقال ابن كثير: أي: جميعكم في ثوابي سواء.
وقوله تعالى: {فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً
مِّن عِندِ اللهِ وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ثلة تدخل الجنة لفقراء المهاجرون الذين تُتَّقى بهم المكاره، إذا أُمروا سمعوا وأطاعوا، وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى السلطان لم تقض حتى يموت وهي في صدره، وإن الله يدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها فيقول: أي: عبادي الذين قتلوا في سبيلي، وأوذوا في سبيلي، وجاهدوا في سبيلي؟ ادخلوا الجنة، فيدخلونها بغير عذاب ولا حساب» . رواه ابن جرير.
قال ابن جرير في قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلَادِ} فنهى الله تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم عن الاغترار بضربهم في البلاد، وإمهال الله إياهم مع شركهم وجحودهم نعمه وعبادتهم غيره. وخرج
الخطاب بذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، والمعنيّ به غيره من أتباعه. وقال قتادة: والله ما غروا نبي الله، ولا وكل إليهم شيئًا من أمر الله حتى قبضه الله على ذلك.
وقوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللهِ وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ} . قال ابن زيد: لمن يطيع الله. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إنما سماهم الله الأبرار؛ لأنهم بروا الآباء والأبناء.
قال قتادة في قوله: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللهِ} الآية، نزلت في النجاشي وفي ناس من أصحابه، آمنوا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وصدقوا به. قال: وذكر لنا (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم استغفر للنجاشي وصلى عليه حين بلغه موته. قال لأصحابه: «صلوا على أخ لكم قد مات بغير بلادكم» . فقال أناس من أهل النفاق: يصلي على رجل مات ليس من أهل دينه؟ فأنزل الله هذه الآية: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} . وقال
ابن جريج: نزلت في عبد الله بن سلام ومن معه. وقال مجاهد: هم مسلمة أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
قال ابن جرير: وقد تنزل الآية في الشيء ثم يعم بها كل من كان في معناه، فالآية وإن كانت نزلت في النجاشي، فإن الله تبارك وتعالى قد جعل الحكم
الذي حكم به للنجاشي، حكمًا لجميع عباده الذين هم بصفة النجاشي في إتباعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتصديق بما جاءهم به من عند الله، بعد الذي كانوا عليه قبل ذلك من اتباع أمر الله فيما أمر به عباده في الكتابين: التوراة، والإنجيل.
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} . قال قتادة: أي اصبروا على طاعة الله، وصابروا أهل الضلالة، ورابطوا في سبيل الله، واتقوا الله لعلكم تفلحون.
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على ما يحط الله به الخطايا ويرفع به الدرجات» ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرابط، فذلكم الرباط» . رواه مسلم وغيره.
وقال محمد بن كعب القرظي في قوله: {وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} واتقوا الله فيما بيني وبينكم لعلكم تفلحون غدًا إذا لقيتموني. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بت عند خالتي ميمونة فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد، فلما كان ثلث الليل الآخر قعد فنظر إلى السماء، فقال:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} . ثم قام فتوضأ واستن، ثم صلى
إحدى عشر ركعة، ثم أذن بلال فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى بالناس الصبح) . متفق عليه. وفي رواية لمسلم:(ثم قرأ العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران) . وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: «من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة» . رواه الدرامي. والله أعلم.
* * *