الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن عباس: كانت المرأة إذا زنت حُبست في البيت حتى تموت، ثم أنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} ، فإن كانا محصنين رجما، فهذا سبيلهما الذي جعل الله لهما. وفي حديث عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً: البكران يجلدان وينفيان سنة، والثيبان يجلدان ويرجمان» .
قال ابن جرير: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} ، قول من قال: السبيل التي جعلها الله جل ثناؤه للثيبين المحصنين: الرجم بالحجارة، وللبكرين: جلد مائة ونفي سنة، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه رجم ولم يجلد.
وقوله تعالى: {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً} ، قال ابن عباس: يؤذي بالتعيير، وضرب النعال.
قال البغوي: (فإن قيل: ذكر الحبس في الآية الأولى، وذكر في هذه الآية الإيذاء، فكيف وجه الجمع؟ قيل: الآية الأولى في النساء، وهذه في الرجال، وهو قول مجاهد. وقيل: الآية الأولى في الثيب، وهذه في البكر) . انتهى.
وقيل: نزل {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا} ، في اللذين يعملان عمل قوم لوط، قال مجاهد: كل ذلك نسخته الآية التي في النور بالحد المفرض.
قال مجاهد في قوله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ} ، من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع من معصيته.
وقوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ} ، قال الضحاك: كل شيء قبل الموت فهو قريب له التوبة ما بينه وبين أن يعاين ملك الموت، فإذا تاب حين ينظر إلى ملك الموت فليس له ذاك، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» . رواه ابن جرير وغيره.
وقال ابن زيد في قوله: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} ، قال: إذا تبين الموت فيه لم يقبل الله له توبة، وقال ابن عباس: ولا الذين يموتون وهم كفار: أولئك أبعد من التوبة. قال
ابن كثير: يعني: أن الكافر إذا مات على كفره وشركه لا ينفعه ندمه، ولا توبته {أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} .
قال ابن عباس في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً} ، كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، وهم أحق بها من أهلها. فنزلت هذه الآية في ذلك. وقال مجاهد: كان إذا توفي الرجل كان ابنه الأكبر هو أحق بامرأته ينكحها إذا شاء إذا لم يكن ابنها، أو يُنكحها من شاء أخاه أو ابن أخيه.
وقوله تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} ، قال ابن عباس: يعني، الرجل نكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضربها لتفتدي. وقال أبو قلابة: إذا رأى الرجل من امرأته فاحشة فلا بأس أن يضارها، ويشق عليها حتى تختلع منه، وقال ابن عباس:{إِلا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} ، وهو البغض، والنشوز، فإذا فعلت ذلك فقد حل منها الفدية.
وقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} .
قال ابن جرير: يعني بذلك تعالى ذكره: لا تعضلوا نسائكم لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من غير ريبة ولا نشوز منهن، ولكن عاشروهن بالمعروف. وإن كرهتموهن فلعلكم أن تكرهوهن فتمسكوهن، فيجعل الله في إمساككم إياهن خيرًا كثيرًا، من ولد يرزقكم منهن، أو عطفكم عليهن بعد كراهتكم إياهن.
وقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلَا تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} ، قال مجاهد:{وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ} : طلاق امرأة مكان أخرى، فلا يحل له من مال المطلقة شيء وإن كثر.
وقوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} ، قال ابن عباس: الإفضاء: الجماع، ولكن الله كريم يكني. وقال قتادة:{وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} ، والميثاق الغليظ الذي أخذه للنساء على الرجال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله» . رواه مسلم. وقال الربيع بن أنس: كلمة الله هي التشهد في الخطبة، والله أعلم.
* * *