الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني» . وعن ابن عباس قوله: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} ، وهم ناس يقولون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: آمنا بالله ورسوله، ليأمنوا على دمائهم وأموالهم، وإذا برزوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفوا إلى غير ما قالوا عنده فعابهم الله فقال:{بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} ، يقول: يغيرون ما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال البغوي: {فَإِذَا بَرَزُواْ} خرجوا، {مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} ، قال قتادة والكلبي:{بَيَّتَ} ، أي: غيّر وبدّل الذي عهد إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون التبييت بمعنى: التبديل. وقال أبو عبيدة، والقتيبي: معناه قالوا وقدروا ليلاً غير ما أعطوك نهارًا، وكل ما قدر بليل فهو مبيّت.
وقال ابن كثير: {بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} ، أي: استسروا ليلاً فيما بينهم بغير ما أظهروه لك.
قوله تعالى: {وَاللهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} ، أي: يحفظه عليهم فيجازيهم. {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} فإنه كافيك،
…
عن الضحاك في قوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} ، قال: يتدبرون النظر فيه. وقال ابن زيد: إن القرآن لا يكذب بعضه بعضًا، ولا ينقض بعضه بعضًا، ما جهل الناس من أمر فإنما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم، وقرأ:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً} . وقال قتادة: أي: قول الله لا يختلف، وهو حق ليس فيه باطل، وإن قول الناس يختلف.
وقوله تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} قال السدي يقول: إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوهم وأنهم خائفون منهم، أذاعوا بالحديث حتى يبلغ عدوهم أمرهم. {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ} ، يقول: ولو سكتوا وردوا
الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أولي أمرهم حتى يتكلم هو به {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ} ، يعني: عن الأخبار، وهم الذين ينفرون عن الأخبار. وقال ابن جريج:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ} حتى يكون هو الذي يخبرهم {وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ} ، الفقه في الدين والعقل. وقال مجاهد:{لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} ، الذين يسألون عنه ويتحسسونه.
وقوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} ما تبعتم الشيطان إلا قليلاً. قال قتادة: يقول: {لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ} كلكم. وقال الضحاك: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا حدثوا أنفسهم بأمور من الشيطان، إلا طائفة منهم.
وقوله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} . قال قتادة: أي: عقوبة.
قال البغوي: (قوله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ} وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم واعد أبا سفيان بعد حرب أُحُد، موسم بدر الصغرى في ذي القعدة، فلما بلغ الميعاد، دعا الناس إلى الخروج، فكرهه بعضهم، فأنزل الله عز وجل:{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ} ، أي: لا تدع جهاد العدو، والاستنصار للمستضعفين من المؤمنين، ولو وحدك، فإن الله قد وعدك النصرة، {وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} على القتال أي: حضهم على الجهاد ورغبهم في الثواب، {عَسَى اللهُ} ، أي: لعل الله {أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} ، أي: قتال
المشركين، وعسى من الله واجب. {وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً} ، أي: أشد صولة وأعظم سلطانًا، {وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} ، أي: عقوبة) . انتهى ملخصًا.
عن مجاهد في قوله: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا} قال: شفاعة بعض الناس لبعض. قال الحسن: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً} كتب له أجره ما جرت منفعتها. وقال قتادة: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا} ، أي: حفظ منها، {وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا} والكفل: هو الإِثم. وقال ابن عباس: الشفاعة الحسنة هي: الإِصلاح بين الناس، والشفاعة السيئة هي: المشي بالنميمة. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه رجل يسأل، أو طالب حاجة، أقبل علينا بوجهه فقال:«اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء» . رواه البغوي وغيره.
وقوله تعالى: {وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً} ، قال مجاهد: شهيدًا: حسيبًا حفيظًا. وقال ابن عباس: المقيت: القدير.
وقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً} . قال السدي: إذا سلم عليك أحد فقل أنت: وعليك السلام ورحمة الله، أو تقطع إلى: السلام عليك كما قال لك. وقال قتادة: {فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا} للمسلمين، {أَوْ رُدُّوهَا} على أهل الكتاب.
وقال ابن كثير: قوله: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} ، أي: إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه أفضل مما سلم، أو ردوا عليه بمثل ما سلم، فالزيادة مندوبة، والمماثلة مفروضة. وقال الحسن: السلام تطوع، والرد فريضة.
وقوله تعالى: {اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً} .
قال البغوي: {اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ} ، اللام لام القسم. تقديره: والله ليجمعنكم في الموت وفي القبور، {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} ، القيامة قيامة لأن الناس يقومون من قبورهم. قال الله تعالى:{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً} وقيل: لقيامهم إلى الحساب. قال الله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ، {لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً} ، أي: قولاً ووعدًا. والله أعلم.
* * *