الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6- باب النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس
53-
(8)"أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَدِّمَ ضَعَفَةَ أَهلِهِ ليلة العيد، وَأَمَرَهُم أن لا يَرْمُوا الجَمْرَةَ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ".
ساق ابن القَيِّم رحمه الله هذا الحديث هكذا، ثم قال:"حديث صحيح، صَحَّحَهُ الترمذي وغيره"1.
قلت: هذا الحديث مرويٌّ عن ابن عباس رضي الله عنهما، ويرويه عن ابن عباس جماعة، أشهرهم ثلاثة:
أولهم: الحسن2 العُرَنِيُّ عن ابن عباس.
أخرجه أبو داود والنسائي في (سننيهما) 3، وأحمد والطيالسي في (مسنديهما) 4، وابن حبان في (صحيحه) 5، خمستهم من طريق: سفيان الثوري.
1 زاد المعاد: (2/248) .
2 ابن عبد الله العُرَني، الكوفي، ثقة، أرسل عن ابن عباس، من الرابعة/ خ م د س ق. (التقريب 161) .
3 د: (2/480) ح 1940 ك المناسك، باب التعجيل من جمع. س:(5/270) ، ك الحج، باب النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس.
4 حم: (1/311، 343) . طس: (ح 2767) .
5 الإحسان: (6/67) ح 3858، باب الزجر عن رمي الجمار للحاج قبل طلوع الشمس.
وأخرجه ابن ماجه في (سننه) 1، وأحمد في (مسنده) 2 كلاهما من طريق: مسعر وسفيان.
وأخرجه البيهقي في (سننه) 3 من طريق منصور. كلهم عن:
سلمة بن كهيل، عن الحسن العرنيّ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدَّمَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أُغَيلِمة بني عبد المطلب على حمرات، فجعل يَلْطَحُ4 أفخاذنا ويقول:"أَبَيْنِيَّ! لا ترموا الجَمْرَةَ حتى تطلع الشمس".
هذا لفظ أبي داود، ولفظ الباقين قريب منه، إلا أن عند النسائي:"بَعَثنا" بدل "قَدَّمنا". وعند أحمد وابن ماجه زيادة، وهي قول ابن عباس رضي الله عنهما:"ولا إخَالُ يرميها حتى تطلع الشمس" زادها سفيان. وقد وقع عند الإمام أحمد في رواية سفيان ومسعر أن ذلك كان "بليل".
وهذا الإسناد رجاله ثقات، إلا أن الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس، كما قال الإمام أحمد5، وقال يحيى بن معين: "صدوق ليس
(2/1007) ح 3025 ك المناسك، باب من تقدم من جمع إلى منى لرمي الجمار؟.
(1/234) .
(5/132) باب الوقت المختار لرمي جمرة العقبة.
4 قال ابن الأثير: "اللَّطْحُ: الضربُ بالكفِّ، وليس بالشديد". (النهاية 4/250) .
وقد فَسَّرَه أبو داود عقب الحديث، فقال:"اللَّطْحُ: الضرب اللَّينُ".
5 المراسيل لابن أبي حاتم: (ص46) . وتهذيب التهذيب: (2/291) .
به بأس، إنما يقال: إنه لم يسمع من ابن عباس"1.
وقد أشار المنذريُّ إلى هذه العلة في (مختصر السنن) 2، وقال الحافظ ابن حجر:"وفيه انقطاع"3. وسيأتي أن الحديث صحيح بطرقه.
الثاني: مقسم، عن ابن عباس.
أخرجه الترمذي في (جامعه) 4، وأحمد والطيالسي في (مسنديهما) 5 من طريق: المسعودي6.
والمسعوديُّ وإن كان قد اختلط، إلا أن الحديث عند الترمذي وأحمد من رواية وكيع عنه، وقد سمع منه قبل الاختلاط، كما نصَّ عليه الإمام أحمد7.
وأخرجه أحمد في (مسنده) 8 من طريق: الأعمش، وأبي
1 تهذيب التهذيب: (2/291) .
(2/404) .
3 بلوغ المرام مع سبل السلام: (2/744) .
(3/231) ح 893، باب ما جاء في تقديم الضعفة من جمع بليل.
5 حم: (1/344) . طس: (ح2703) .
6 هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي، المسعودي، صدوقٌ اخْتلطَ قبل موته، وضَابِطُه: أَنَّ مَنْ سِمِعِ منه بِبَغداد فبعد الاختلاط، من السابعة، مات سنة 160 هـ / خت 4. (التقريب 344) .
7 تهذيب التهذيب: (6/210) .
(1/326) .
الأحوص، كلهم عن:
الحكم بن عتيبة1، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما به مختصراً، وعند الطيالسي: "
…
فأتى على غُلَيْمٍ منهم فَحَرَّكَهُ برجله، وقال: لا تَرْمِ جمرة العقبة حتى تطلع الشمس".
قال أبو عيسى: "حديث حسن صحيح".
الثالث: عطاء2، عن ابن عباس.
أخرجه أبو داود والنسائي في (سننيهما) 3 من طريق:
حبيب بن أبي ثابت4، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَدِّمُ ضعفاء أهله بِغَلَسٍ، ويأمرهم: لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس". لفظ أبي داود، ولفظ النسائي بنحوه.
وفي هذا الإسناد عنعنة حبيب، وهو مُدَلِّس يُكثِرُ من التدليس5، فتكون هذه عِلَّة تمنع من صحة هذا السند.
1 أبو محمد الكندي الكوفي، ثقة ثبت فقيه إلا أنه رُبَّمَا دَلَّسَ، من الخامسة، مات سنة 113 هـ أو بعدها/ ع. (التقريب 175) .
2 ابن أبي رباح، القرشي مولاهم، المكي، ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة 114 هـ وقيل: تَغَيَّرَ بآخره، ولم يكثر ذلك منه/ ع. (التقريب391) .
3 د: (2/481) ح 1941. س: (6/272) .
4 ابن دينار الأسدي مولاهم، أبو يحيى الكوفي، ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس، من الثالثة، مات سنة 119 هـ / ع. (التقريب 150) .
5 وقد جعله ابن حجر في الطبقة الثالثة منهم، انظر: طبقات المدلسين: (ص84) .
وبالنظر إلى هذه الطرق عن ابن عباس: نجد أن طريق المسعودي - ومن تابعه - عن الحكم، عن مقسم هو أحسنها، ولذلك فقد صححه الترمذي - كما مرَّ - والطريقان الآخران يشهدان له ويُقَوِّيَانه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وهو حديث حسن". ثم ساق هذه الطرق الثلاثة، ثم قال:"وهذه الطرق يُقَوِّي بعضها بعضاً، ومن ثمَّ صححه الترمذي وابن حبان"1. وقد صححه كذلك: الشيخ الألباني في (الإرواء) 2 وفي (صحيح ابن ماجه) 3.
ولذا فإن ابن القَيِّم رحمه الله قد أصاب في تصحيحه إياه، والله أعلم.
1 فتح الباري: (3/528) .
(4/274 - 276) .
(ح 2451) .