المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2- باب ما جاء في العزل - ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها - جـ ٢

[جمال بن محمد السيد]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الباب الثاني: آراء ابن القيم ومنهجه في الحديث وعلومه

- ‌الفصل الثالث: منهج ابن القيم في تخريج الحديث والحكم عليه

- ‌المبحث الأول: منهج ابن القيم في تخريج الحديث وعزوه

- ‌المبحث الثاني: فِي بَيَانِ مَنْهَجِهِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الحديث

- ‌الفصل الربع: منهج ابن القيم في شرح الحديث، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه

- ‌المبحث الأول: منهجه في شرح الحديث، وبيان معانيه

- ‌المبحث الثاني: مَنْهَجُهُ في بَيَانِ غَرِيبِ الحَدِيثِ

- ‌المبحث الثالث: مَنْهَجُهُ في التعريفِ ببعضِ الأماكنِ والبقاعِ التي تَرِدُ في النصوص الحديثية، وضبط ذلك

- ‌المبحث الرابع: مَنهَجُهُ في الاستدلالِ بِالنُّصُوصِ الْحَدِيْثِيَّةِ عَلَى آرَائِهِ واخْتِيَارَاتِه

- ‌المبحث الخامس: مَنْهَجُهُ في التوفيقِ والجمعِ بينَ الأحاديث التي ظَاهِرُهَا التَّعَارض

- ‌الباب الثالث: دراسة جملة من الأحاديث المختارة مما تكلم عليه ابن القيم

- ‌المدخل

- ‌من كتاب الطهارة

- ‌1ـ باب ما جاء في الرخصة في استقبال القبلة عند الحاجة

- ‌2- باب وضع الخاتم عند دخول الخلاء

- ‌3- باب ما جاء في تخليل الأصابع عند الوضوء

- ‌4- باب من قال بالموالاة في الوضوء وعدم جواز تفريقه

- ‌5- بابُ الوضوء من مس الذكر

- ‌6- باب ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر

- ‌7 ـ باب الوضوء من لحم الإبل

- ‌8 - باب التوقيت في المسح على الخفين

- ‌9- باب من قال بعدم التوقيت في المسح على الخفين

- ‌10- باب ما جاء في مسح أعلى الخف وأسفله

- ‌ من كتاب الحيض

- ‌1- باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة

- ‌2- باب في المستحاضة: أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد

- ‌3- بابُ كفارة من أتى حائضا

- ‌ من كتاب الصلاة

- ‌1- باب ما جاء في رفع اليدين عند افتتاح الصلاة

- ‌2- باب ما يقال من الدعاء في افتتاح الصلاة

- ‌4- باب ترك القراءة خلف الإمام فيما يجهر فيه

- ‌5- باب من قال: لا يقرأُ المأمومُ خلف الإمام مطلقاً

- ‌6- باب في التأمين بعد الفاتحة، والجهر بها

- ‌7- باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌8- باب أول ما يقع من الإنسان على الأرض عند السجود

- ‌9- باب ما جاء في التشهد في الصلاة

- ‌10- باب في ذكر نوع آخر من التشهد

- ‌11- باب التسليم في الصلاة وما جاء في التسليمة الواحد

- ‌12- باب في صلاة الرجل وحده خلف الصف

- ‌13- باب ما جاء في صلاة الإمام جالسا

- ‌14- باب من ترك القصر في السفر

- ‌15- باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌من كتاب الزكاة

- ‌1- باب في عقوبة مانع الزكاة

- ‌من كتاب الصوم

- ‌1 ـ باب السواك للصائم

- ‌2- باب القبلة للصائم

- ‌3- باب ما جاء في الإفطار في السفر

- ‌5- باب ما جاء في صيام ستة أيام من شوال

- ‌ من كتاب الحج

- ‌1- باب الإهلال بعمرة من بيت المقدس

- ‌2- باب لا تنتقب المرأة المحرمة

- ‌3- باب لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين

- ‌4- باب في إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدي

- ‌5- باب من قال: كان الفسخ لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خاصة

- ‌6- باب النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس

- ‌7- باب من قال بجواز رمي الجمرة قبل طلوعِ الشمس للعذر

- ‌8 ـ باب من قال بجواز التضحية ثلاثة أيام بعد النحر

- ‌9- باب ما يستحب من ذبح صاحب النسيكة نسيكته بيده، وجواز الاستنابة فيه

- ‌10- باب ما جاء في طواف الإفاضة

- ‌11- باب الشرب من ماء زمزم

- ‌12- باب فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌من كتاب الجهاد

- ‌1 ـ باب ما جاء في حلية السيف

- ‌ من كتاب الجنائز

- ‌1- باب في الغسل من غسل الميت

- ‌2- باب ما جاء في المشي خلف الجنازة

- ‌3- باب ما جاء في القيام للجنازة

- ‌4- باب الصلاة على الجنازة في المسجد

- ‌5 - باب ما جاء في الصلاة على الطفل

- ‌6- باب ما جاء في الصلاة على الشهداء

- ‌7- باب ما جاء في تلقين الميت بعد دفنه

- ‌ من كتاب النكاح

- ‌1- باب في البكر لا تزوج إلا برضاها

- ‌2- باب ما جاء في العزل

الفصل: ‌2- باب ما جاء في العزل

‌2- باب ما جاء في العزل

73-

(2) عن أبي سعيد رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إِنَّ لِيَ جَارِيَة وَأَنَا أَعْزِلُ1 عَنْهَا، وَأَنَا أَكْرَهُ أن تَحْمِلَ، وَأَنَا أُرْيدُ ما يريد الرِّجَال، وإِنَّ اليهودَ تُحَدِّثُ أنَّ العَزْلَ الْمُوْؤُدَةُ الصَّغْرَى؟ قال:"كَذَبَتِ يهودُ، لو أراد اللهُ أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ".

أورد ابن القَيِّم رحمه الله هذا الحديث في (زاد المعاد) 2 محتجاً به على جواز العزل، وقد ساقه بإسناد أبي داود إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ثم قال:"وَحَسْبُكَ بهذا الإسناد صحَّةً، فَكُلُّهم ثقات حُفَّاظٌ".

ثم ذكر رحمه الله أن بعضهم أَعَلَّهُ بالاضطراب، وأخذ في الجواب عن ذلك بما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.

قلت: هذا الحديث مداره على يحيى بن أبي كثير، واخْتُلِفَ عليه على أوجه:

الوجه الأول: أخرجه أبو داود في (سننه) 3 من طريق: أبان بن

1 عَزَلَ الْمُجَاِمُع: إذا قَارَبَ من الإنزال، فَنَزَعَ وأَمْنَى خارج الفَرْجِ. (المصباح المنير 2/408) .

(5/144) .

(2/623) ح 2171. ك النكاح، باب ما جاء في العزل.

ص: 550

يزيد1. وأحمد في (مسنده) 2، والنسائي في (عشرة النساء) 3 كلاهما من طريق: هشام الدستوائي.

وأخرجاه أيضاً - أعني أحمد4 والنسائي5 - في الكتابين المذكورين: من طريق: علي بن المبارك6. وأخرجه النسائي - وحده – في (عشرة النساء) 7 - أيضاً - من طريق: أبي إسماعيل القَنَّاد8، كلهم عن: يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان9، عن رفاعة10 - وقيل: عن أبي رفاعة، وقيل: عن أبي مُطيع بن رفاعة، وقيل: عن أبي مُطيع بن عوف أحد بني رفاعة بن الحارث، وقيل: عن أبي مُطيع

1 العطار البصري، أبو يزيد، ثقة له أفراد، من السابعة، مات في حدود سنة160هـ/ خ م د ت س. (التقريب 87) .

(3/51، 53) .

(ص 171) ح 194 باب العزل.

4 المسند: (3/33) .

5 عشرة النساء: (ح 195، 196) .

6 الهُنائي، ثقة، كان له عن يحيى بن أبي كثير كتابان، أحدهما سماع، والآخر إرسال، فحديث الكوفيين عنه فيه شيء، من كبار السابعة/ ع. (التقريب 404) .

(ح197) .

8 هو: إبراهيم بن عبد الملك البصري، صدوق في حفظه شيء، من السابعة/ ت س. (التقريب 91) .

9 العَامِرِي - عامر قريش - المدني، ثقة، من الثالثة/ ع. (التقريب 492) .

10 مقبول، من الثالثة/ د. (التقريب 210) .

ص: 551

فقط - عن أبي سعيد رضي الله عنه به. واللفظ المثبت هو لفظ أبي داود، وألفاظ الباقين نحوه، وعند بعضهم:"لو أراد الله خَلْقَهُ، لم تستطعْ رَدَّهُ".

وهذا الإسناد صَحَّحَّه ابن القَيِّم كما تقدَّم، وقال عن رواته:"كلهم ثقات حفاظ". وقال الحافظ ابن حجر: "رجاله ثقات"! 1 وصَحَّحَّه الشيخ الألباني أيضاً!! 2.

وفي تصحيحهم له نظر؛ لأن رفاعة - أو أبا رفاعة - المذكور في إسناده مجهول؛ فإنه لم يرو عنه أحدٌ إلا محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، ولم أجدْ فيه توثيقاً لأحدٍ بعد البحث، وقد ذكره ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 3، فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذا البخاري في (التاريخ الكبير) 4، فلم يزيدوا على أن ذكروا الاختلاف الواقع في اسمه، ولذلك قال الذهبي رحمه الله:"لا يُعْرَفْ"5. وتقدم فيه قول ابن حجر: "مقبول". يعني حيث يُتابع، ولم يتابعه أحدٌ هنا، فيكون لَيِّن الحديث على هذا.

هذا فيما يتعلق بحال رفاعة، وأما ما وقع من الاختلاف في اسمه، فقال ابن القَيِّم: "ويبقى الاختلاف في اسم أبي رفاعة

وهذا لا يَضُرُّ مع العلم بحال رفاعة"6 ولكن رَجَّحَ البخاري رحمه الله أنه

1 بلوغ المرام مع شرحه سبل السلام: (3/191) ح 12.

2 آداب الزفاف: (ص 131) .

3 كتاب الكنى: (4/2/31) .

(4/2/31) .

5 الميزان: (4/574)، والمغني:(2/808) .

6 زاد المعاد: (5/144) .

ص: 552

"أبو مطيع"، قال:"وهذا أصحُّ"1.

فقد تَبَيَّنَ لنا مما سبق أن جهالة رفاعة هذا تمنع من تصحيح هذا الإسناد.

وأما الوجه الثاني من وجوه اختلاف على يحيى بن أبي كثير: فأخرجه الترمذي في (جامعه) 2، والنسائي في (عشرة النساء) 3، وعبد الرزاق في (المصنف) 4، كلهم عن: معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر رضي الله عنه بنحو حديث أبي سعيد المتقدم.

قال أبو عيسى الترمذي: "حديث جابر حديث حسن صحيح، وقد رُوِيَ عنه من غير وجه". وسُئِلَ أبو حاتم رحمه الله عن حديث جابر هذا من رواية معمر، وعن حديث أبي سعيد المتقدم من رواية هشام الدستوائي وغيره؟ فقال:"حديث هشام الدستوائي أشبه من حديث معمر"5.

وهناك وجهٌ ثالث عن يحيى بن أبي كثير أيضاً: أخرجه النسائي في (عشرة النساء) 6 من طريق: المعتمر بن سليمان، عن أبي عامر7، عن

1 التاريخ الكبير (كتاب الكنى) : (4/2/31) .

(3/433) ح 1136. ك النكاح، باب ما جاء في العزل.

(ح193) .

(7/140) ح 12550.

5 علل ابن أبي حاتم: (1/437) ح 1314.

(ح 198) .

7 هو: صالح بن رستم المُزَني مولاهم، الخَزَّاز، البصري، صدوقٌ كثيرُ الخطأِ، من السادسة، مات سنة 152هـ / خت م 4. (التقريب 272) .

ص: 553

يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن اليهود تقول: إن العزل هو الموؤدة الصغرى؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبتْ يهود، لو أردَ الله خَلْقَهَا، لَمْ تستطعْ عزلها".

وأبو عامر المذكور في إسناد هذا الحديث تَكَلَّمَ فيه جماعةٌ، وَوَثقَهُ آخرون1، لكن تابعه في شيخ شيخه: أبو بدر شجاع بن الوليد2، فرواه عن: محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مختصراً، أخرجه البيهقي في (سننه)3.

وهذا الإسناد لا بأس به في المتابعات، وقد حَسَّنَهُ الشيخ الألباني4 رحمه الله.

وقد أعلَّ بعضهم هذا الحديث بالاضطراب، كما أشار إلى ذلك ابن القَيِّم رحمه الله، ولعل المقصود هو المنذري رحمه الله، فإنه قال: "اختلف على يحيى بن أبي كثير فيه: فقيل فيه: عنه، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر بن عبد الله

، وقيل فيه: عن رفاعة

، وقيل: عن أبي مطيع به رفاعة، وقيل فيه: عن أبي رفاعة"5.

قال ابن القَيِّم رحمه الله: "وهذا لا يَقْدَحُ في الحديث؛ فإنه

1 انظر: تهذيب التهذيب: (4/391) .

2 ابن قيس السَّكُوني، الكوفي، صدوق وَرِعٌ له أوهامٌ، من التاسعة، مات سنة 204هـ/ ع. (التقريب 264) .

(7/230) .

4 آداب الزفاف: (ص131) .

5 مختصر السنن: (3/86) .

ص: 554

يكون عند يحيى: عن محمد بن عبد الرحمن عن جابر. وعنده: عن ابن ثوبان، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - كذا قال ابن القَيِّم - وعنده: عن ابن ثوبان عن رفاعة، عن أبي سعيد، ويبقى الاختلاف في اسم أبي رفاعة

"1.

والذي يظهر - والله أعلم - رجحان ما ذهب إليه أبو حاتم من تقديم رواية هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير بسنده إلى أبي سعيد؛ فقد تابع هشاماً على هذه الرواية ثلاثة، وخالفهم جميعاً معمر فجعله عن جابر. ولكن يبقى هذا الإسناد معلولاً بجهالة رفاعة كما تقدم.

وكأنَّ الحافظ ابن حجر رحمه الله مال إلى اختيار أبي حاتم، فإنه أجاب عن القائلين باضطرابه قائلاً:"وَرُدَّ بأن الاختلاف إنما يقدح حيث لا يقوى بعض الوجوه، فمتى قَوِيَ بعضها عُمِلَ به، وهو هنا كذلك"2.

فيكون الاعتماد إذن على حديث أبي سعيد هذا، وما فيه من ضَعْفٍ في إسناده: فإنه يَتَقَوَّى بحديث أبي هريرة السالف - وهو الوجه الثالث من وجوه رواية الحديث عن يحيى بن أبي كثير -، فهو شاهدٌ قويٌّ له، وقد تقدم أن إسناده حسنٌ. ويتقوى كذلك بسائر الأحاديث الواردة في جواز العزل، وعدم النهي عنه.

1 زاد المعاد: (5/144) .

2 فتح الباري: (9/309) .

ص: 555

فَيَتَلَخَّصُ من ذلك: أن ابن القَيِّم رحمه الله لم يُصبْ في تصحيحه إسناد حديث أبي سعيد، لِمَا تََقَدَّمَ، وما ذهب إليه من التوفيق والجمع بين الروايات المختلفة عن يحيى بن أبي كثير فيه نظرٌ؛ إذ تبين رُجْحَانُ رواية أبي سعيد على غيرها، والله أعلم.

ص: 556