الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا هو العمل الثاني من مشروعنا "موسوعة العلامة الإمام مجدد العصر محمد ناصر الدين الألباني"، وقد خَصَّصْنَاهُ لجمع المسائل المنهجية من تراث العلامة الألباني بالإضافة إلى كلامِهِ في الأحداثِ الدولية الكبرى التي عاصَرَها، وأسمَيناه "جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى".
والحقُّ أنَّ هذا العَمل لا نُقدِّمُه لأبناءِ عصرِنا فحسب، بل نقدمه للتاريخ! فالآراء والأفكار الوارِدة في هذا الكتاب ستبقى -بإذن الله- نبراسًا تستنير به الأجيال ما دامت السموات والأرض، وستبقى شاهدةً على تجربةٍ نادرةٍ من نوعها، لإمامٍ فَذّ قَلَّما يجود الزمان بمثله .. عاش همومَ أمَّتِه وامتزجَ بها، واحترقَ قلبُه كمدًا لما أصابها من وَهَنٍ وضَعْف .. فُتِحت عيناه على جيلٍ تائهٍ من أبناء أُمَّتِه .. يتخبَّطون بين ظُلمات الشُّبُهات والشَّهوات .. يتساءلون: أين السبيل؟ ! .. ويتلمَّسون بصيصًا من نُورٍ يأخذ بأيديهم إلى حيث ينبغي أن يكونوا ليعودوا بأمتهم إلى حيث ينبغي أن تكون! .. فسخَّره الله لهم ناصحًا وموجهًا، مستخلصًا عصارة عشرات السنين من الاطِّلاع على كتاب الله تعالى وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، والتأمُّل في طريقة السلف أصحاب الحديث، وسيرة أئمة الإسلام على مرِّ العُصُور، ليُبَصِّرِ أبناء أمته بـ (منهجٍ) يعود بهم وبأمتهم إلى قِمَّةٍ كان الرعيلُ الأول قد اعتلاها يومًا ما في الزمن الغابر، ثم ضَيَّع من جاء بعدهم طريقهم
ونهجهم فسقطوا سقوطًا مدويًّا ..
ولم يَدَّعِ الألبانيُّ يومًا أن هذا المنهج الذي وضعه لأبناء أمته هو من بنات أفكارِه بل كان دائمًا ما يُصرِّح بأن ما نَذَرَ حياته للدعوة إليه هو ذلك الخط المستقيم الذي رسمه النبي صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه، وأن ما نذر حياته للتحذير منه هو تلك الخطوط التي رسمها النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانب الخط الأول تاليًا قوله تعالى:(وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)!
إلا أنَّ هذا المنهج الذي وَضَعَهُ العلامةُ الألباني لأبناءِ أمَّتِهِ لم يُجمع شتاته ويُرتَّب في كتابٍ مُستقلٍّ يكون أصلاً في معرفته والاطِّلاع عليه، فبقي ذلك حائلًا يحول دون معرفة حقيقة منهجه لكثيرٍ من الناس.
ثمَّ كان من فضل الله تعالى ومِنَّتِهِ علينا أن سخَّر لنا أسبابَ ذلك فجاء اليوم الذي نُقَدِّم فيه ذلك المنهج في حُلّةٍ قشيبة، بعد أن جمعنا شتات كلام العلامة الألباني حول المسائل المنهجية من عشرات المصادر المكتوبة والمسموعة، ثم رتبناه ترتيبًا متناسقًا، ليصل إليك هذا الجهد أخي القارئ الكريم في هذه الصُّورة التي بين يديك.