الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة شيخنا أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني -حفظه الله- لأعمالنا
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فقد اطلعتُ على بعض المواضع من «سلسلة تحقيق المخطوطات الحديثية التي لم تُنْشَرْ من قبل» التي قامَ بها الشابُّ المبارك، والأخُ الوفي د. شادي بن محمد بن سالم آل نعمان-حفظه الله وأمَدَّ في عمره على الطاعة والنَّفع والبَركة- فحمدتُ الله عز وجل أن أوْجَد في إخواننا ودعوتنا وطلابنا من يَحْمِلُ هذه الهمَّة العالية والأهداف السامية، وتذكرتُ ما وصف به الحافظ ابنُ رجب الحنبلي-رحمه الله تعالى- علومَ أهلِ اليمن، فقد قال في «فضل علم السلف على علم الخلف» (ص 57 - 58):«وقد شهد النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأهلِ اليمن بالإيمانِ والفِقهِ، وأهل اليمن أقلّ الناس كلاماً وتوسُّعاً في العلوم، لكن علمهم عِلْم نافع في قلوبهم، ويعبرون بألسنتهم عن القدر المحتاج إليه من ذلك، وهذا هو الفقه والعلم النافع» أ. هـ.
وإن الذي ينظر في مؤلفات هذا الشاب الذي أكرمه الله بالهمة العالية، والذِّهن الوقَّاد، والصَّبر الدؤوب-ولا أزكيه على الله تعالى- ليعلم أنه جمع بين خيري: البركة في العلم، والسّعة في الإنتاج، نَعَم كم ترك الأولُ للآخر، وكم هي نعمة الله على عباده، وكم هي المعادن الخيِّرة في هذه الأمة، تلك الأمة المباركة، التي مثلها مثل المطر، لا يُدْرى أوّلُه خَير أم آخره.
فمن كان يتصور أن شاباً في أوائل العشرينات من عمره يحمل هذا الهم وتلك الهمة؟ ! أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلَى أن يحفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، وتحته، وأن يصرف عنه العلائق والعوائق، والمشاغل والمشاكل التي تحول بين أهل الهمم وقضاء أوطارهم من تحصيل العلوم، وتصنيفها، وترتيبها، وتهذيبها، وتبويبها، والعمل بها، والدعوة إليها.
إن سلسلة تحقيق المخطوطات الحديثية التي لم تُنْشَر من قبل تملأ فراغات متعددة في المكتبة الإسلامية، وتُقرِّب للباحثين مصادر كم طالت حسرتهم بفقدانها، أو بعدم العثور عليها، وذلك لما تحويه هذه السلسلة من كتب لا يقدر قيمتها إلا طلاب العلم، وقد طبع منها حتى الآن كتاب «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» لابن قطلوبغا في تسع مجلدات، وكتاب:«قضاء الوطر من نزهة النظر» في ثلاث مجلدات لبرهان الدين اللقاني، وهاهو الآن قد أعدَّ للطباعة عدداً من الكتب والرسائل، فمن ذلك:
«التكميل في الجرح والتعديل» للحافظ ابن كثير أبي الفداء في أربع مجلدات.
و«تجريد الأسماء والكنى من كتاب المتفق والمفترق» للخطيب البغدادي، وتصنيف الفراء، وذلك في مجلدين.
و«مفتاح السعيدية شرح الألفية العراقية» لابن عمار المالكي، في مجلد.
ولا زال عمله-حفظه الله- جارياً في «تجريد الوافي بالوفيات» للحافظ ابن
حجر، وهو تهذيب للوافي بالوفيات للصفدي، مع إضافات واستدراكات للحافظ، كما هو معلوم من المنهج النقدي الذي تميز به الحافظ-رحمه الله ويتوقع أن يكون في ثمان مجلدات، وكذا «ترتيب ثقات ابن حبان» للهيثمي، ويتوقع أن يكون في عشر مجلدات، وكذا «الكمال في أسماء الرجال» للمقدسي، ويتوقع أن يكون في عشر مجلدات، وغير ذلك من أعمال تُنْبئ عن مستقبل زاهر بالعطاء والنتاج العلمي الفذِّ-ولا نزكي على الله أحداً-.
هذا، ولو اطلع القارئ على جهد المؤلف الموسوعي في موسوعة علوم الشيخ الهمام، محدث العصر، وجوهرة الدهر، شيخنا محمد ناصر الدين الألباني-رحمه الله وأجزل له العطاء والمثوبة- لعلم المنَّة اليمانية في رقاب علوم السنة المحمدية عبر القرون الحاضرة واللاحقة، وقد صدر من هذه الموسوعة نحو تسع مجلدات في باب العقيدة، ولا زال العمل مستمراً في بقية علوم الشيخ-رحمه الله بما يتوقع أن يبلغ ذلك نحو ثلاثين مجلداً- إن شاء الله تعالى- ناهيك عن ترجمة بعض هذه الجهود بعدة لغات، وذلك عبر مركز النعمان للبحوث والدراسات والترجمة الذي أنشأه أخونا المبارك أبو حفص شادي بن محمد بن سالم النعمان حفظه الله.
هذا، وقد كنتُ أتوقَّع أن يقوم بهذه الخدمة الجبارة لعلوم شيخنا الألباني-رحمه الله أحد كبار الدعاة في الشام، ولكن السبق إلى الخيرات ليس بغريب على أهل اليمن، كما لا يخفى، وإن دلَّتْ هذه الجهود المشار إليها في هذه المقدمة على شيء؛ فإنما تدل على عناية طلاب العلوم الشرعية في اليمن بعلوم أئمتنا السابقين واللاحقين، وحِرْصهم على الفائدة والإفادة من حيث جاءت،
وعدم تعصبهم إلا للحق-إلا من ابتلي بهوى-.
وهذا كله من فضل الله على الدعوة التي جعلت العلم لُبَّ لبابها، وشريان حياتها، وبصير عيونها، فأسأل الله سبحانه أن يزيدني والمؤلف وطلاب العلم وكل من كان من أهل الإيمان عزيمة عند ورود الشهوات، وبصيرة عند ورود الشبهات، وأن يعاملنا جميعاً بلطفه وعفوه وستره وعونه، والحمد لله في الأولين والآخرين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، أجمعين، ،
كتبه
أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
دار الحديث بمأرب
29 شوال 1432 هـ