المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السلفية وحركات العنف - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ١

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌شكر وتقدير

- ‌مع القراء وإليهم

- ‌جامع المنهج

- ‌كلمة أخيرة

- ‌مقدمة شيخنا أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني -حفظه الله- لأعمالنا

- ‌مقدمة شيخنا الكريم علي حسن عبد الحميد الحلبي-حفظه الله- للمشروع

- ‌المنهج السلفي

- ‌مقدمات تعريفية بالمنهج السلفي

- ‌هل المنهج يدخل في العقيدة أم الأحكام

- ‌التعريف بالسلفية وبيان أنها نسبة إلى العصمة

- ‌هل يجوز مخالفة إجماع الناس فيزمان ما على خلاف ما كان عليه السلف

- ‌المقصود بالقرن في قول النبي صلى الله عليه وسلم:«خير القرون قرني»

- ‌نصيحة بأهمية الأخذ بمنهج السلف وبيان خطورةالتنكُّب عن ذلك بضرب أمثلة من أبواب الاعتقاد

- ‌أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم

- ‌حال حديث: ما زالت طائفة من الغرب

- ‌ما المقصود بسنة الخلفاء الراشدين

- ‌باب منه

- ‌حول حديث الطائفة المنصورة

- ‌حديث الطائفة المنصورة ووصفهم بأنهم يقاتلون

- ‌الطائفة المنصورة هل هم أهل الحديث؟مع ضرب أمثلة على أهل الحديث من القديم والحديث

- ‌من هي الطائفة الظاهرة المنصورة

- ‌ما المقصود بالتزام الجماعة

- ‌هل الأمة التي ستفترق هي أمة الإجابة أم أمة الدعوة؟ وهل الفرقة الناجية مجموعة أشخاص لهاشعارات تُمَيِّزها

- ‌بيان المنهج السلفي (فهم السلف-الطائفة المنصورة-الفرقة الناجية)

- ‌هل الطائفة المنصورة والفرقة الناجية واحدة

- ‌الفرق بين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية

- ‌باب منه

- ‌كيف نفهم السلفية

- ‌الجمع بين حديث «أمتي كمثل المطر»؛وحديث «خير الناس قرني»

- ‌نصيحة من الشيخ لرجل نصراني أسلمبالاعتناء بمعرفة الإسلام المُصَفَّى

- ‌ما المقصود بالمفارق للجماعة

- ‌حول تعيين العدد في حديث الفرق

- ‌نصيحة للمسلمين

- ‌أولوية الدعوة السلفية

- ‌هل السلفية حزب

- ‌ما هي الفرقة الناجية

- ‌المنهج الصحيح في الدعوة السلفية

- ‌هل هناك أوصياء على الصحوة الإسلامية

- ‌السلفية: علم وعمل

- ‌الدعوة السلفية في اضطراب

- ‌الجمع بين حديثي: مثل أمتي، وخير الناس

- ‌هل توجد جماعات تدعو إلى اللهعلى الكتاب والسنة

- ‌كن رجلاً يعرف الرجال بالحقوليس يعرف الحق بالرجال

- ‌من هم الغرباء

- ‌أهل السنة يذكرون ما لهم وما عليهم

- ‌مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم

- ‌السلفية والغزو الفكري

- ‌الوقوف عند الدليل ليس جمودًا

- ‌نصيحة للأمة بالرجوع للكتاب والسنة

- ‌السلفية وحركات العنف

- ‌السلفية وأهمية العلم

- ‌السلفية وأهمية العلم

- ‌من تمسك بالسنة لا يضيعه الله أبداً

- ‌رأي الشيخ في كتاب السلفية للبوطي

- ‌الكلام على أهمية إضافة قيد فهمالسلف إلى جانب الكتاب والسنة

- ‌أهمية إضافة قيد فهم السلفللكتاب والسنة

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌كلمة على شروط قبول العمل الصالح

- ‌هل يجوز تقليد السلف فيمالم يأت عليه دليل في السنة

- ‌كلمة هامة حول منهج السلف

- ‌حجية قول الصحابة،والكلام على الخلاف بينهم

- ‌أهمية الرجوع إلى فهم الصحابةللأحكام الشرعية

- ‌بين حديث سنة الخلفاء الراشدين،وحديث: اقتدوا باللذين من بعدي

- ‌المقصود بسنة الخلفاء الراشدين

- ‌قيد هام حول اشتراط فهم السلف:أنه في النصوص التي تحتمل أوجه

- ‌التصفية والتربية

- ‌هل البيعة فرض على كل مسلم ولمن تكون في هذاالزمان وبيان أن حل مشكلة العالم الإسلاميهي عن طريق التصفية والتربية

- ‌هل التصفية والتربية منهج ينبغي أن يتربىعليه كل العالم الإسلامي أم أغلبه

- ‌لا عودة إلى الأخلاق الإسلاميةالحميدة إلا بالتربية

- ‌معنى التصفية والتربية وماذا بعدها

- ‌بركة التصفية

- ‌من هم الغرباء وكلمة حولالتصفية والتربية

- ‌حاجة الدعاة إلى التربيةوالإخلاص في دعوتهم

- ‌لمن البيعة؟ .. ثم متى الوصول؟والكلام على التصفية والتربية

- ‌علاج الاختلاف والتفرق، وفيه الكلام علىتربية قاعدة وهي جيل كامل من المسلمينالمتفقهين في عقديتهم

- ‌هل تعدت الدعوة السلفيةمرحلة التصفية والتربية

- ‌اتهام: منهج التصفية والتربيةلا يكفي لإنشاء الدولة الإسلامية

- ‌مرحلة التصفية والتربية متى تنتهي

- ‌كيفية إقامة الدولة الإسلامية(العقيدة-العلم-التصفية-التربية)

- ‌توحيد الربوية، وتوحيد العبادة، وتوحيد الصفات:

- ‌التربية .. تربية الأولاد

- ‌المسجد ودوره في التربية

- ‌متى يصبح العالم مؤهلاً للتصفية، ،وهل طريق التربية هو نقل الإنسانمن البيئة الفاسدة إلى الصحية

- ‌التصفية والتربية هي الطريق لإيجادحاكم أهلٌ لمبايعة المسلمين

- ‌الأزمة والحل: العلم والعملالتصفية والتربية

- ‌الاعتناء بالتصفية والقصورفي التربية

- ‌الخلل في التربية بين أبناء الصحوة

- ‌السمر وراء التلفاز من فتنالعصر الحاضر

الفصل: ‌السلفية وحركات العنف

إمام دار الهجرة:

" من ابتدع في الإسلام بدعة رآها حسنة فقد زعم أن محمدا خان الرسالة، اقرأ قول الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ".

"صوت العرب تسأل ومحدث الشام يجيب"(سؤال رقم 10).

‌السلفية وحركات العنف

مداخلة: فيه سؤال الله يجزيك خير! قد كنت دائماً الله يجزيك الخير تنهي الشباب هؤلاء المتسرعين المتحمسين عن الأعمال اللي كانوا يسووا، أعمال الضفة الغربية يقولوا عنها أعمال استشهادية، طبعاً الأعمال كأنه تصورت والعياذ بالله أن الفتن هذه قد تحصل في هذا البلد، فالشباب ما يعمل في هذا الوقت الله يجزيكم الخير في مثل هذه الظروف؟

الشيخ: النصيحة هي هي، كما قال عليه السلام بالنسبة لزمن الفتن كلها «كونوا أحلاس بيوتكم» (1)، كلما اشتدت الفتنة كلما قوي هذا الأمر النبوي الكريم:«كونوا أحلاس بيوتكم» ومع الأسف من الملاحظ في العالم الإسلامي أن ما هذا الذي يدندن به كثيراً ونرفع من أجله رؤوسنا عالية ألا وهي الصحوة الإسلامية أننا نلاحظ أن في هذه الصحوة شيء من الغرور واتباع الهوى والابتعاد عن طلب العلم الصحيح وعن الصبر عليه، ولذلك فنجد في هؤلاء الشباب الذين بهم تتمثل الصحوة المشار إليها انحرافاً عن أمر مهم جداً جداً

(1) صحيح سنن أبي داود (4262).

ص: 195

وهو الانطلاق من العلم الصحيح وعدم الانطلاق من التفرقات الأرضية الشخصية.

فتجد في كثير من البلاد حركات أشبه بالحركات الثورية إن لم نقل الدموية التي لم يكن يعرفها الإسلام من قبل ولا يتعرف إليها الإسلام من بعد؛ لأن الإسلام إنما هو دين دعوة كما قال عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، فكثير من هؤلاء الشباب لا يفرقون بين وضع ووضع، وبين عهد وعهد لا يفرقون بين أن تكون الدولة الإسلامية قائمة على ساقها وقوية في حكمها وفي انطلاقاتها وبين ما هو واقع اليوم في العالم الإسلامي كله مع الأسف الشديد حيث أن العالم الإسلامي اليوم ينطبق عليه تماماً إنذار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته أن تنحرف عن شريعة ربه وأن تتباهى بكثرة عددها دون أن تكون عند حسن الظن بها، ذلك هو قوله عليه الصلاة والسلام:«تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا، بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله الرهبة من صدور عدوكم وليقذفن في قلوبكم الوهن قالوا: وما الوهن يا رسول الله! قال: حب الدنيا وكراهية الموت» ، لا يفرق هؤلاء الشباب بين أن تكون الدولة الإسلامية قائمة لها حاكمها المسلم الذي يتحاكم إلى الله ورسوله ولا يتحاكم إلى الطواغيت والقوانين الأرضية، وبين أن يكونوا كما قال عليه السلام في هذا الحديث الصحيح:«أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل» .

وقد ابتلينا في عصرنا الحاضر بكثير من الحركات إن لم نقل الثورات الإسلامية قامت في بعض البلاد من باب إصلاح الأوضاع القائمة بسبب هذه

ص: 196

الحكومات التي تحكم بغير ما أنزل الله فيريدون أن يصلوا إلى تحقيق الحكم الإسلامي وإقامة الدولة الإسلامية على طريقة الثورات الدموية وهذا بلا شك كما قلت بمطلع هذه الكلمة شيء لم يأت به الإسلام ولا يتعرف عليه الإسلام إطلاقاً ولذلك فلم تفد هذه الحركات إن لم نقل الثورات لم تفد العالم الإسلامي شيئاً بل أضرت به ضرراً بالغاً كبيراً، حيث رجع بالدعوة القهقرى ما شاء الله من سنين كثيرة.

ولذلك فنحن ننصح دائماً وأبداً بأن يعنى المسلمون قبل كل شيء بأن يصلحوا أنفسهم على حد قوله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105].

لقد ترك جماهير المسلمين هذا الأمر الإلهي فقط على الأقل وأخذوا ينشغلون بالفرض الكفائي عن الفرض العيني وينشغلون بالفرض الكفائي قبل أن تتهيأ له أسبابه وظروفه الفرض العيني: «لا يضركم من ضل إذا اهتديتم» «عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم» تجد في العالم الإسلامي كله الذين يقومون بهذه الحركات القائمة على الاستعجال بالأمر وعدم الاستعداد له إنما يقوم بذلك بعض الشباب المتحمسين الذين لم يعرفوا الإسلام في أصوله وقواعده المتخذة أو المستنبطة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك تكون العاقبة مع الأسف الشديد ضرراً على العالم الإسلامي تحقيقاً للحكمة التي أخذت من نصوص من الكتاب والسنة تلك الحكمة التي تقول: «من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه» .

وقد ذكرت في أكثر من جلسة وقد تكون منها جلسة في هذا المكان بالذات أن الله عز وجل حينما يخاطب الناس بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ

ص: 197

وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُواللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] إنما وجه هذا الخطاب ليس لعامة الناس وإنما لخاصة الناس ألا وهم المؤمنون حقاً.

{وَأَعِدُّوا لَهُمْ} [الأنفال: 60] بداهة لا أحد أوتي شيئاً من الفهم والفقه في اللغة فضلاً عن الكتاب والسنة لا يتبادر إلى ذهنه أن الخطاب في قوله {وَأَعِدُّوا} إنما هو موجه للكفار، لا أحد يفهم هذا، لكن أنا أدري هذا وأقول ما هو كالشمس في واضحة النهار بداهة تمهيداً للفهم الآخر أيضاً الذي لا يمكن أن يتبادر إلى ذهن أحد وإن كان أخفى قليلاً من الأول.

فأقول: قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا} كما أنه ليس خطاباً للكفار فليس خطاباً إلى المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر بالله ورسوله، هذا الأمر الثاني.

والثالث: وهو أخفى من الأمرين السابقين: ليس المقصود بهذا الأمر هم فساق المسلمين، {وَأَعِدُّوا} ليس المقصود بهذا الأمر هم فساق المسلمين وعصاتهم، وإنما المقصود بهذا الأمر هم المؤمنون حقاً.

ولست أشك أن مثل هؤلاء المؤمنين لهم وجود في كل زمان وفي كل مكان ولو بنسب متفاوتة كثرة وقلة، ذلك مما يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام:«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة» .

فإذاً أول ما يتبادر الذهن أن المقصود بهذا الأمر الموجه في الآية السابقة {وَأَعِدُّوا} هم المؤمنون ولا أقول: فانتبهوا هم هؤلاء المؤمنون، يعني: سأقول أخيراً، إنما المقصود هؤلاء المؤمنون إذا كانوا متكتلين ولم يكونوا متفرقين، على الأقل لم يكونوا متفرقين في أبدانهم وفي بلدانهم، أي: إنه لا يكفي أن يكونوا مجتمعين في أفكارهم وفي عقائدهم وأفهامهم على الكتاب والسنة كما هي

ص: 198

دعوتنا منذ أكثر من نصف قرن من الزمان لا يكفي الالتقاء على هذا الفكر وعلى هذه العقيدة فقط بل يجب أيضاً أن يكونوا مجتمعين في مكان واحد وأن يكونوا كما لوكانوا رجلاً واحد وعلى قلب رجل واحد، هل هذا فيما تعلمون له وجود في زمانكم؟

مداخلة: لا

الشيخ: الجواب مع الأسف الشديد: لا، إذاً كيف يتعجل هؤلاء الناس البسطاء الذين يلملمون بعض الشباب المتحمس لإسلامه، قد يكون تحمساً فائقاً جداً ولكنه من حيث العلم ومن حيث العمل. نعم. فأقول: هؤلاء قد يكونون متحمسين أشد التحمس ولكن قلوبهم لم تمتلئ بعد بهذا الإيمان الذي يدفع أولاً إلى أن يكونوا يداً واحدة كما ذكرت آنفاً ثم بعد ذلك قد يمكن وأقول وأنا أعني ما أقول: قد يمكن أن يحققوا هذا الأمر القرآني {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} قد يكونون على العكس من ذلك، قد يكونون في وضع محيط بهم الكفار من كل جانب ولا يدعون لهم مجالاً لحمل ولوسلاح سهل بسيط من الأسلحة القديمة كالسهام والرماح والسيوف ونحوذلك فضلاً عن هذه الأسلحة الحديثة التي لا يمكن الاستغناء اليوم في مقاتلة الكفار إلا بها.

فإذاً نستلخص مما سبق أن قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] إلى آخر الآية، فيها أمر صريح بإعداد السلاح المادي ولكن فيه أمر ضمني وهوأن السلاح الأول من هذا السلاح المادي هوسلاح الإيمان الذي إذا استقر في القلب لن يبالي بحطام الدنيا وزخرفها وزينتها.

وإذا كانوا كذلك بإمكانهم حينئذ أن يكونوا هم الذين قال عنهم رسول الله

ص: 199

- صلى الله عليه وآله وسلم: «لن يغلب اثنا عشر ألف من قلة» (1) فاثنا عشر ألف لا يعني: أن يكونوا مبعثرين هكذا، أفراد في هذا البلد وأفراد في بلد آخر وثالث ورابع وإلى آخره وإنما يكونون على قلب رجل واحد، هيؤوا في أنفسهم الإيمان الصحيح القائم على الكتاب والسنة ثم طبقوا هذه الآية الكريمة {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} يومئذ يجب على هؤلاء المسلمين أن يعلنوها صراحة ويومئذ يمكن تحقيق الحكم الإسلامي الذي عليه رئيس يأمر وينهى فيجب إطاعته فيما يأمر وفيما ينهى إلا في معصية الله تبارك وتعالى.

فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» .

هذا القول يجب أن نتنبه إنما صدر من الحاكم المسلم الذي لم يكن ولن يكون له مثيل في الدنيا إطلاقاً ألا وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إنما يصدر هذا ممن ينوب عنه من الحكام المسلمين.

فإذاً يجب أن نفرق بين وضع كوضع المسلمين اليوم متفرقون شذر مذر كما ذكر عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق، فيوم يصبحون على قلب رجل واحد كما ذكرنا، يومئذ يختارون منهم رجلاً يبايعونه على الإسلام يبايعونه على الموت، هذا الرجل مع هذه الجماعة هم الذين يحق لهم ديناً وإسلاماً أن يقاتلوا من حولهم إذا لم يستجيبوا لدعوتهم دعوة الحق؛ ولذلك فمن الخطأ الفاحش ما وقع بعيداً وما وقع قريباً في الجزائر مثلاً من الثورة التي ثار فيها بعضهم فكانت العاقبة كتلك العواقب الأخرى التي أشرنا إليها آنفاً.

(1) صحيح الجامع (13808).

ص: 200

ولذلك فأنا أنصح كل الشباب، مهما قامت فتن من بعض الدول سواء كانت دول اسماً دول إسلامية أو انحرفت عن الإسلام كثيراً أو قليلاً فثارت هناك فتن في الداخل أو جاءت من الخارج فأنا أنصح أن يلزموا دورهم إلا في حالة واحدة حينما يغزى أحدنا بعقر داره وهو قد ابتعد عن الفتن تجاوباً مع أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم المذكور آنفاً فيومئذ له الحق أن يدافع عن نفسه.

أما أن يلقي بنفسه في خضم الخلاف والفتنة القائمة بين طائفة وأخرى أو دولة وأخرى فهنا يرد قوله عليه السلام: «كونوا أحلاس بيوتكم» هذا ما عندي جواباً عن ذاك السؤال.

(الهدى والنور / 354/ 40: 00: 00)

ص: 201