الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متى يصبح العالم مؤهلاً للتصفية، ،
وهل طريق التربية هو نقل الإنسان
من البيئة الفاسدة إلى الصحية
؟
مداخلة: السؤال الأول: يا شيخ متى يصبح العالم مؤهل للتصفية؟ وهل هذا العالم الذي هو أهل للتصفية لا بد أن يتلقى مبادئ التصفية ويصبح عنده أهلية للتصفية على علماء كبار أم باجتهاده مجرد مثلاً أن يقتني الكتب بشتى أنواعها ويعكف عليها حتى يصبح قادراً على أنه يصفي وإذا صفى هل الأمة والعلماء يسلموا له بذلك. هذا السؤال الأول؟
الشيخ: على كل حال أنا ألفت النظر أن مشكلة العالم الإسلامي اليوم فيما يتعلق بالعلم الذي نتحدث عن وجوب تصفيته هو أوسع من أن يستطيع القيام به عالم واحد، فلا بد أن يكون هناك في المجتمع الإسلامي علماء لا أقول بالعشرات وبالمئات بل بالألوف، فكل يقوم في محيطه الذي يعيش فيه بهذا الواجب من التصفية العلمية، فأرجو ألا يفهم أحد من سؤالك أن عالماً في الدنيا يستطيع أن يقوم بهذا الواجب، هذا أمر مستحيل؛ لأن أولاً العلم دائرته واسعة جداً جداً، كما قال ذلك العالم الراجز:
العلم إن طلبته كثير
والعمر عن تحصيله قصير
فقدم الأهم منه فالأهم:
فأنتم تعلموا مثلاً اليوم في علم التفسير .. في علم الحديث .. في علم الفقه .. في علم اللغة .. هذه العلوم الأربعة لا بد منها؛ ليكون المسلم يستطيع أن يقوم بما ألمحت أو أشرت إليه آنفاً من وجوب التصفية للعلم، لكن هناك في كل علم من هذه العلوم الأربعة لكن هناك في كل علم من هذه العلوم الأربعة على الأقل أفراد يجب أن يتخصصوا كل في مجال علم من هذه العلوم، وهذا كما هو واضح جداً لا يتصور أن يكون متخصصاً في التفسير .. متخصصاً في الحديث .. متخصصاً في الفقه، لا سيما والفقه يما يسمى بالفقه المقارن، له شعب كثيرة وكثيرة جداً، ثم أيضاً أن يكون متخصصاً في اللغة.
هؤلاء العلماء يجب أن يكون كل واحد منهم يعمل في مجال تخصصه ويتعاونون بعضهم مع بعض لتحقيق ما سميناه آنفاً بالتصفية؛ ولذلك فلا ينبغي أن نتصور أن إنساناً يجب على الأمة كلها أن تستسلم لقيادة فكره وعلمه فقط، وإنما هنا وهناك وفي العالم كله أفراد من العلماء ينهجون منهجاً واحداً على منهج الكتاب والسنة والسلف الصالح، فينبغي على من كانوا دونهم في العلم أن يتبعوه، فهذا هو السبيل لتحقيق التصفية والتربية، لا يمكن للإنسان أن يقوم بواجب التصفية فقط، ما بال التصفية والتربية؟
أنا أقول الآن: هب أن إنساناً في قرية ما ليتولى تصفية جانب من العلم الذي دخل فيه ما هو غريب منه، لكن هذا الإنسان قد لا يستطيع أن يجمع الناس وأن يربيهم على هذا الإسلام المصفى، يجب أن يكون هناك مساعد له يتلقى هذا العلم المصفى ثم يربي الناس عليه، وهكذا يتحقق هذا الأمر الهام جداً ألا وهو التصفية والتربية بتعاون علماء المسلمين في كل أقطار العالم على تحقيق التصفية
العلمية، ثم يتعاون الآخرون ممن تهذبوا بتهذيبهم وتعلموا بتعليمهم على تحقيق التربية التي ندندن حولها. هذا فيما يتعلق بالجواب عن السؤال الأول. والذي بعدها ما هو؟
مداخلة: الذي بعده يا شيخنا: هو بالنسبة للتربية يعني بعض الجماعات في الساحة الآن ترى أن التربية والتزكية لا تكون مادام هذا الإنسان الذي نريد أن نربيه في هذه البيئة الفاسدة بيئة الغفلة وبيئة المنكرات فهم يخرجونه ينقلونه من مكانه ويخرجونه إلى بيئة في نفس البلد مناسبة يهيؤها هذه لهذا القصد، أو خارج البلد، ويضربون مثال على ذلك ممن حفظكم الله في حفرة نجاسة يقولوا لو صبينا عليه ماء الدنيا ما يتطهر حتى يخرج من الحفرة فبقليل من الماء يتطهر، فهل هذا الفكر صحيح وهل في نظرنا نحن السلفيين أنه يمكن أن نربي الناس على دينهم مع ما هم فيه من المنكرات وإلى أي قدر ممكن ندخل معهم فيما هم فيه؟
الشيخ: أقول جواباً عن هذا السؤال: : لا شك أن الصورة التي قدمتها عن بعضهم هي جميلة، وهو يشبه الحجر الصحي المادي، ولنقل الآن الحجر الصحي المعنوي، ولكن هل هذا يمكن أو هو أمر نظري خيالي لا يمكن تحقيقه؟
سنقول نمشي معهم ونوافق معهم أنه سبيل التربية هو إخراجه من الجو الموبوء إلى الجو النظيف، هذا نظري ومقبول جداً، لكننا سنقول: أين هذا الجو النظيف الصافي؟ أين هو؟
سوف لا يستطيعون أن يقولوا هو في المريخ مثلاً.
مداخلة: سيقولون في الباكستان في المساجد.
الشيخ: في الباكستان في المساجد. طيب قلت لك هذا أمر نظري، في الباكستان في المساجد هناك مساجد فيها قبور، فهل هي نظيفة؟ هؤلاء مشكلتهم كما أشرنا في كلام سابق أصحاب عواطف إسلامية، ولكن بغير علم، نحن نقول نظرياً: لا بد من التربية والتربية الكاملة هو إيجاد الجو غير الموبوء، لكن اليوم هذا غير موجود في العالم الإسلامي قاطبة، والآن سنعود: ما هو الجواب إذاً إذا كان الجو الصافي غير الموبوء مفقود مع الأسف؟ هذا هو الواقع، نحن نقول: لقد كان الجو الذي بعث فيه الرسول عليه السلام موبوءاً بوباء ليس أعظم منه؛ لأنه هو الشرك وهو قتل النفس بغير حق .. وهو وهو .. إلى آخره مما هو معلوم، فهل لما بدأ الرسول عليه السلام بالدعوة خرج من الجو الموبوء؟ الجواب: لا، لكنه بعد نحو عشرة أو ثلاثة عشر سنة خرج من ذاك الجو إلى جو أصفى منه، لا نقول: كان صافياً مصفى، لا، كان هناك جاهليون .. كان هناك يهود .. كان هناك نصارى .. إلى آخره، لكنه تمكن من الدعوة في الجو الآخر وهو الجو المدني أكثر مما كان متمكناً منها في الجو المكي.
إذاً: هذا عدم وجود المكان النظيف بالمائة مائة، لا يعني أنه لا ينبغي القيام بواجب التصفية والتربية، والذي يقول: أن هناك جو مصفى اليوم في العالم الإسلامي مائة بالمائة، هذا رجل جاهل بلا شك يعني، أو متجاهل، وأحلاهما مر.
(الهدى والنور / 736/ 22: 06: 00).