الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بركة التصفية
قال الإمام: ومن الجدير بالذكر أخيراً أن أقول: إنه وبعد مضي السنوات الطويلة على دعوتنا إلى وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة، وإلى مبدأ (التصفية) بصورة خاصة، تصفية الإسلام من البدع والمنكرات والأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ التي حجبت نور الإسلام بعض الوقت، وبددتْ جهود المسلمين في سُبُل عاقت مسيرتهم وتقدمهم، وجلِ الله القائل:" وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون "، والتي كان من وسائل تحقيق تلك الدعوة نشر " السلسلتين ":" الصحيحة " و" الضعيفة "؛ نجد أننا بدأنا نلمس انتشار الوعي بين عامة المسلمين، فضلاً عن خاصتهم، وذلك ببزوغ نزعة التحري والتثبت فيما إذا كان الحديث الذي يسمعونه أويقرؤونه صحيحاً أم ضعيفاً، وما ذلك في ظني إلا بدايات إثمار البذور والغراس التي بذرناها وغرسناها منذ نحو نصف قرن من الزمان، ولازلنا- بحمد الله وفضله- مستمرين على هذا، مؤكدين دوماً وجوبَ الأخذ بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وترك كل ما هو غير صحيح؛ مع لزوم معرفته خشية اعتباره ديناً، فإن معرفة الصحيح من الضعيف سِكَّتان متوازيتان على خط واحد، لا تلتقيان؛ نعرف الصحيح ونلتزمه وندعو إليه، ونعرف الضعيف فنحذره ونحذّر منه، ولله درّ حذيفة رضي الله عنه حيث قال:
كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة
أن يدركني، ورحم الله القائل:
عرفت الشر لا الشر
…
لكن لتوقّيه
ومن لا يعرف الخير
…
من الشر يقع فيه
أقول: هذه الصحوة، والحمد لله أصبحت ظاهرة تلمسها وتسمع عنها، فكثير من الكتّاب والمدرسين والخطباء تجدهم يعْنَون بهذا الأمر، ويحرصون على التزام ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدر إمكانهم، ناهيك عن ظهور العديد من طلاب العلم الذين أخذوا يتخصصون في هذا العلم، والذين نرجولهم الثبات والفلاح، والإخلاص في طلبهم العلم لله، ومع هذا فإن في الساحة مع الأسف بوادرَ سيئةً جداً من تسلط الكثير من الشباب على هذا العلم؛ للشهرة أو المال، وساعدهم على ذلك بعض الطابعين أو الناشرين الذين لا هَمّ لهم إلا تكثير مطبوعاتهم، وإملاء جيوبهم، ولعلي تعرّضت لهم في بعض ما كتبتُ.
«الضعيفة» (5/ 7 - 8).