الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه
إنما تتميز الدعوة السلفية في هذا المجال الذي يدندن الجميع حول الكتاب والسنة أنهم يدعون إلى فهم الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، لا يكتفون فقط بدعوة المسلمين إلى الرجوع للكتاب والسنة بل يزيدون على ذلك الرجوع إلى الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، لأن هذه الطرق الكثيرة التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إشارة عابرة في حديث الفرق الثلاث والسبعين قال عنها:"كلها في النار إلا واحدة، قال: من هي يا رسول الله؟ قال: ما عليه أنا اليوم وأصحابي"، وفي طريق أخرى وهي أصح قال: هي الجماعة، وفي الحديث الآخر: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
…
إلى آخر الحديث. فنجد هنا في الحديثين تنبيها إلى هذا القيد الذي يتمسك به السلفيون من بين سائر الدعاة (الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح) لأن الرسول عليه السلام ما قال: ما أنا عليه فقط، وإنما قال: وأصحابي، ما قال: عليكم بسنتي فقط، وإنما قال: وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، وهذا في الواقع اقتباس من القرآن الكريم مثل قوله عزوجل:(ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) فالله عزوجل قال (ويتبع غير سبيل المؤمنين) لماذا جاء بهذه الجملة؟ هذه الجملة بيانية خطيرة جدًا، كان يكفي أن يقول: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى، ولكنه أضاف إلى مشاققة الرسول قوله عز وجل: ويتبع غير سبيل المؤمنين لحكمة بالغة ألا وهي: أن مشاققة الرسول إنما تظهر بمخالفة سنة المؤمنين
ومنهج السلف الصالح الذي سمعتم عنه سابقًا، لذلك يقول ابن القيم تأكيدا وإشارة عابرة سريعة إلى هذا القيد في فهم الكتاب والسنة يقول:
العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة، أيضا لم يكتف بقوله: العلم قال الله قال رسوله كما يقول جماهير المسلمين، وإنما أضاف إلى ذلك: قال الصحابة:
العلم قال الله قال رسوله
…
قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة
…
بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها
…
حذرا من التعطيل والتشبيه
أريد باختصار أن أوضح أن الدعوة السلفية تدندن من جملة ما تدندن حول فهم الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، ومن هنا تأتيهم العصمة من الوقوع في العقائد التي تكلم عنها علماء الإسلام وأنها انحرفت عن الجادة كالمعتزلة والمرجئة والجبرية ونحو ذلك، ومن الأفكار الحديثة التي يتكلم بها ويسطرها كثير من الكُتَّاب الإسلاميين باسم الإسلام وهي ليست من الإسلام في شئ ولا يمكن لأحد من أهل العلم أن يعرف ذلك إلا إذا كان متمسكًا بالكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
"التعليق على محاضرة الدعوة السلفية وموقفها من الحركات الأخرى"(ص 30 - 31).