الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بين حديث سنة الخلفاء الراشدين،
وحديث: اقتدوا باللذين من بعدي
مداخلة: فضيلة الشيخ حفظك الله يقول السائل: قال صلى الله عليه وآله وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» ثم جاء في حديث آخر عند الترمذي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» فلماذا عَمَّم في الحديث الأول وخصص في الحديث السابق؟ نرجو التوضيح وجزاك الله خيراً؟ ؟ .
الشيخ: لا تخالف بين الحديثين؛ لأن الأقل لا يخالف الأكثر، نحن ذكرناكم بالحديث الأول: تفرق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة إحداها هي الفرقة الناجية وعلامتها: أن تكون متمسكةً بما كان عليه رسول الله وأصحابه، فشمل الصحابة، ثم ذكرنا لكم الحديث الثاني:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين» فدخل هؤلاء في أصحابه وهم أفضلهم، ثم جاء هذا الحديث الذي سأل عنه السائل ففيه أن هؤلاء أيضًا لهم مكانة خاصة من بين الصحابة من بعد الخلفاء الراشدين، فصار مجموع من خصصوا بالذكر من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث وذاك ستة وهم من أصحابه عليه السلام الذين ذكروا في الحديث الأول.
أما التخصيص بالذكر فلا شك أن ذلك أسلوب عربي معروف عند أهل العربية: أن تخصيص الشيء بالذكر يعني: تنبيه السامعين على خصوصية لهذا الشيء المُخَصَّص، فحينما ذكر سنته وقرن معهم الخلفاء الأربعة ففي ذلك تنبيه قوي إلى فضيلة الخلفاء الراشدين، فلا غرابة أنهم كانوا من العشرة المبشرين
بالجنة، ثم لما خصص ابن مسعود (1) ومن معه فيه تنبيه على أنهما لهم أيضًا مكانة في الصحبة وفي العلم بما كان عليه صلى الله عليه وآله وسلم، هذا أسلوب معروف، كما نعود لنقول: لماذا خص الصحابة في ذاك الحديث من بين القرون التي تأتي بعد الصحابة؟ وقد شملهم جميعًا في الحديث الصحيح بل المتواتر: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» ففي هذا الحديث ذكر ثلاثة قرون، وحديث الفرق ذكر القرن الأول، لماذا خصهم بالذكر؟ لأنهم أفضل من القرون التالية وهكذا، فتخصيص الشخص أو الجماعة أو أي شيء، أو أي حكم بالذكر يدل على أن له عناية خاصة في الشرع.
من أشهر الأمثلة التي تُقَرِّب إليكم هذا الذي نقول: قول صلى الله عليه وآله وسلم: «الحج عرفة» من لم يكن عارفًا بهذا الأسلوب الذي لفت النظر إليه آنفًا يفهم أن الإنسان إذا وقف في عرفات فقط هذا هو الحج فليس عليه طواف ولا عليه سعي؛ لأن الرسول حصر الحج في الوقوف بعرفة، والأمر ليس كذلك، إذًا: لماذا ذكر الرسول عرفة بين سائر الأركان أو الفرائض في الحج؟ قالوا: ذلك تنبيه منه عليه الصلاة والسلام؛ لأن الوقوف في عرفة هو من أعظم أركان الحج، فلا صحة في الحج إلا بالوقوف في عرفه وغيره.
(رحلة النور 48 أ/00: 08: 22)
(1) كذا.