الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه
مداخلة: الشباب كما ترى نحن في هذا الزمان.
الشيخ: نعم.
مداخلة: في أحوج ما يكونوا إلى توجيه أمثالكم من علماء أهل السنة والجماعة، فهم يريدون أن يتقربوا إلى الله عز وجل بالعلم النافع والعمل الصالح، فيريدون من فضيلتكم كلمة أولاً حول هذا الموضوع سلمك الله.
الشيخ: نسأل الله أن يعيننا.
مداخلة: آمين.
الشيخ: وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه من العلم النافع والعمل الصالح، هل هناك غير ذلك؟
مداخلة: نريد يعني يا شيخ كلمة يعني.
الشيخ: طيب.
مداخلة: يعني: وكما تعلم يا شيخ بعد .. يعني: الشاب قد يحتار فيما يرى في الساحة من اختلاف في الآراء والمناهج والأفكار، فيحتاج إلى نصيحة من فضيلتكم؟
الشيخ: نستعين الله تبارك وتعالى ونقول لكم ولمن حولكم: السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.
مداخلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
إخواننا السامعين لكلامي، أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا جميعاً لاتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم، وألفت أنظاركم إلى ضرورة التمسك بهذا التمسك الأخير، أعني قولي: على منهج السلف الصالح؛ ذلك لأن الكتاب والسنة هومنهج كل مسلم يؤمن بالله ورسوله
حقاً، حتى تلك الفرق الضالة التي تنتمي إلى الإسلام ولا نستطيع أن نخرجها من دائرة الإسلام إلا إذا أنكرت شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة، فأقول: ليكون المسلم على الكتاب والسنة حقاً، ولا يكون من تلك الفرق الضالة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه أصحاب السنن والإمام أحمد وغيرهم بأسانيد متنوعة، وبألفاظ متقاربة ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي ما أنا عليه وأصحابي» ، فقوله عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الصحيح:«ما أنا عليه وأصحابي» ، فيه دليل واضح جداً أنه لا يكتفي المسلم بالانتساب إلى الكتاب والسنة فقط، بل لابد من أن يضم إلى ذلك أن يتبع ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنهم هم الذي تلقوا بيان الرسول عليه الصلاة والسلام للقرآن بياناً شافياً بالطرق الثلاثة المعروفة عند أهل العلم أعني بذلك قوله عليه السلام وفعله وتقريره، هذه الطرق الثلاث هي التي تبين كلام الله عز وجل الذي أمر الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يبين القرآن بذلك في مثل قوله تعالى:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، فبيانه عليه السلام على هذه الصفات الثلاث: القول والفعل والتقرير، ولا سبيل لأمثالنا نحن وبخاصة في هذا
الزمان أن نعرف ما قاله عليه السلام أوفعله أوأقره وكل ذلك كما ذكرت آنفاً بياناً للقرآن لا سبيل لنا إلى معرفة ذلك إلا بطريق أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهم الذين نقلوا ابتداء قوله وفعله وتقريره؛ لهذا لا يكون المسلم من الفرقة الناجية إذا ما اقتصر على فهمه للقرآن على حديث الرسول عليه الصلاة والسلام فقط، بل لابد أن يضيف إلى ذلك فهم الصحابة لقوله عليه السلام ولفعله ولتقريره، وهذا أمر معلوم لدى علماء
الأصول لا خلاف بينهم، أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره بيان للقرآن، ولكن الذي أريد أن أذكر به في هذه الساعة المباركة إن شاء الله إنما هوبيان الفرق بين الفرقة الناجية وبين الفرق الأخرى الضالة حتى من كان منها لا يزال في دائرة الإسلام، ولكنها قد ضلت عن بعض الإسلام كثيراً أوقليلاً، هذا ربنا هوالذي يعرفه أويعلمه ويحكم به:{يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89]، فالفرق بين الفرقة الناجية وبين تلك الفرق كلها هوأن الفرقة الناجية تأبى أن تفهم الإسلام القرآن والسنة برأي فلان وعلان مهما كان شأنه عظيماً عند المسلمين إلا من طريق الرسول عليه السلام أولاً، ثم من طريق أصحابه عليه الصلاة والسلام ثالثاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما سئل عن الفرقة الناجية، لم يقل: ما أنا عليه، وإنما عطف على ذلك قوله:«وأصحابي» ، وهذا معناه: أن العالم المسلم حقاً كما يحرص على معرفة ما كان عليه رسول صلى الله عليه وآله وسلم من الهدى والنور قولاً وفعلاً وتقريراً، فهوأيضاً يحرص أن يعرف ما كان عليه أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم من حسن الاتباع لنبيهم عليه الصلاة والسلام، فالفرقة الناجية هذه مزيتها على الفرق الأخرى، وهذا ظاهر جداً في هذا الزمان، كما سأبينه قريباً إن شاء الله تبارك وتعالى، ولكني قبل ذلك أريد أن أذكر
إخواننا السامعين بآية في القرآن الكريم تعتبر هذه الآية هي النص الذي منه انطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أومنه اقتبس قوله السابق:«ما أنا عليه وأصحابي» ، أعني قول الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115]، قال:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]، فقول ربنا تبارك وتعالى في هذه الآية:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] هوالذي بينه عليه السلام في الحديث السابق حينما قال: «وأصحابي» .
فسبيل المؤمنين هو سبيل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لذلك فلا يكون المسلم من الفرقة الناجية إلا إذا تبنى هذا المنهج السلفي في اتباع الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم وهذا هوالفارق الواضح في كل عصر وفي كل مصر بين أهل السنة حقاً، وبين تلك الفرق الضالة التي تنتمي إلى الكتاب والسنة، ولكنها تأبى أن تنتسب إلى السلف الصالح حتى من كان من أهل السنة حقاً كأتباع المذاهب الأربعة، بغض النظر عن الفرق الضالة التي تضلل بعض السلف الصالح من الصحابة كالروافض والخوارج ونحوهم، فهذا لا نعنيهم الآن، وإنما نعني أهل السنة الذين هم يلتقون معنا في تعظيم وتمجيد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا نفرق بينهم ولا نبغض أحداً منهم، وإنما نجلهم لصحبتهم لنبيهم صلى الله عليه وآله وسلم مع الاحتفاظ بمقادير التفاضل بينهم، بقدم الصحبة أوبالعلم أوبقدم الجهاد والأسبقية إلى الإسلام ونحوذلك، ولكن أهل السنة كلهم يلتقون على الترضي عن أصحاب صلى الله عليه وآله وسلم كلهم أجمعين.
فالذي أريد أن أقوله: أن كثيراً من أهل السنة الذين يلتقون معنا في الترضي على الصحابة هم نسوا أن من الضروري جداً أن نفهم الكتاب والسنة على ما كان عليه هؤلاء الصحابة؛ لأنهم كانوا أقرب عهداً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الذين جاؤوا من بعدهم، لهذا ما يكون المسلم على الهدى وعلى النور، بل لا يكون متمسكاً بهدي الرسول الذي كان يأمر بالتمسك به في خططه دائماً أبداً إلا إذا عرف ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هذه المعرفة تفتح أمام العالم بها باباً من العلم لا يمكن أن يلجه وأن يدخله من كان بعيداً عن التسليم بهذا القيد والشرط، وهواتباع ما كان عليه السلف الصالح.
نحن أهل السنة حقاً إن شاء الله تبارك وتعالى متفقون على عموم قوله عليه
الصلاة والسلام، الذي يذكر دائماً في خطبة الحاجة:«كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» ، وعلى عموم قوله عليه السلام:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» هذا النص العام لا يمكن تطبيقه تطبيقاً صحيحاً إلا إذا عرفنا ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من العبادات؛ لأن معرفة كون الأمر الفلاني بدعة في الإسلام لا سبيل إلى معرفة إلا إذا عرفنا ما كان عليه سلفنا الصالح؛ لأن قول القائل: هذه بدعة، إنما تعني أنها لم تكن في عهد الرسول عليه السلام ولم تكن في عهد الصحابة، وبالتالي لم تكن في عهد بقية القرون المشهود لها بالخيرية.
فإذاً: معرفة ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم هوالذي يمكننا من أن نكون عند قوله عليه السلام: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ، ولذلك يختلف منهج من انتمى إلى السلف عن منهج من انتمى فقط إلى القرآن والسنة، ويفسره أويفسرهما كما يفسره شيخه أومذهبه دون أن يرجع في ذلك إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان.
إذاً: لا ينبغي أن نغتر اليوم بدعوات كلها تلتقي على القول: بأننا نحن على الكتاب والسنة؛ لأن أصل الفرق المشار إليها في حديث الفرق لا يمكنها أن تقول: إلا أنها على الكتاب والسنة، فإذا ما قال بعضهم: لا نحتج بالسنة، فقد ارتد عن الإسلام؛ لأنه أنكر كثيراً من آيات القرآن، كمثل قوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، ولذلك فلا نتصور أن طائفة من الطوائف الإسلامية تنكر السنة، وهذا هو الواقع، فالخوارج يقولون: نحن نأخذ بالسنة، والشيعة تقول: نحن نأخذ بالسنة، لكن السنة التي يأخذونها ليست على الوجه الذي كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأتباعهم من التابعين وأتباعهم.
لهذا نقول: ينبغي لنا أن نرفع راية الدعوة في خطبنا وفي دروسنا وفي مواعظنا
دائماً وأبداً على القول: بأن التمسك بالكتاب والسنة، لا يكون تمسكاً صحيحاً إلا إذا كان مقروناً باتباع ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهنا لابد لي من ضرب مثل بين لنا أهمية الرجوع في فهم الكتاب والسنة إلى ما كان عليه السلف الصالح؛ مما نقلوه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولاً وفعلاً وتقريراً، نأخذ مثلاً قوله تبارك وتعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، فهنا نصان عامان شاملان، الأول: اسم السارق، والآخر: اليد، فقوله تعالى:{وَالسَّارِقُ} [المائدة: 38] يشمل كل سارق حتى الذي يسرق البيضة بيضة الدجاجة أو الدجاجة أو نحو ذلك مما لا قيمة له، فهذا لغة اسمه سارق، ولكن بيان صلى الله عليه وآله وسلم القولي هو الذي يمنعنا من أن نفسر هذا اللفظ في هذه الآية على إطلاقه وشموله، فيمنعنا أن نقول: كل سارق، مهما كانت قيمة المسروق تقطع يده، نقول: لا، هذا لا يجوز، هذا مخالف للقرآن؛ لأن الله يقول:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، وقد بين صلى الله عليه وآله وسلم السارق المذكور في هذه الآية بقوله:«لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً» .
إذاً: حينما نقرأ هذه الآية: {وَالسَّارِقُ} [المائدة: 38]، ينبغي أن نفهم هذا اللفظة على ضوء قوله عليه السلام، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] هنا الأيدي كما تعلمون جمع يد، واليد تطلق ويراد بها الكف، كما جاء في حديث التيمم:«أن تضرب بكفيك وجه الأرض» ، وتطلق ويراد بها الذراع كما هوفي حديث آية الوضوء في آية الوضوء، وتطلق ويراد بها اليد كلها من عند الكتف إلى الأصابع، فيا ترى من أخذ بعموم الآية:{فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وطبق النص القرآني على هذا الإطلاق هل يكون متبعاً للقرآن الكريم؟ الجواب: وضح مما سبق التعليق السارق لا؛ لأنه خالف بيان صلى الله عليه وآله وسلم، لكن البيان هنا إنما كان منه صلى الله عليه وآله وسلم بياناً فعلياً عملياً، حيث كانت تقطع يد
السارق من عند الرسغ وليس من عند المرفقين ولا من عند الكتف، هذه آية تتعلق بإقامة الحدود الشرعية، والآيات التي ذكرت في القرآن مطلقة أو عامة فهي كثيرة وكثيرة جداً، ويروق لي أن أقترح على بعض طلاب العلم أن يجمعوا هذه الآيات المطلقة أو العامة في القرآن الكريم وأن يبينوا ما دخلها من التقييد أو التخصيص بما جاء في السنة وفي السنة الصحيحة؛ ليظهر للناس أنه لا مجال لفهم القرآن دون سنة الرسول عليه الصلاة والسلام ودون بيان أصحابه عليه الصلاة والسلام لما كان عليه رسول صلى الله عليه وآله وسلم.
قلت آنفاً: إن الآيات المطلقة أو العامة كثيرة وكثيرة جداً، خذوا مثلاً الآيات التي تأمر بالزكاة وتأمر بالصلاة وتأمر بالحج، لا يمكن أن تفهم إلا على ضوء الكتاب والسنة، ومن هنا يتبين لنا خروج الطائفة التي تسمى اليوم بالقرآنيين عن دائرة الإسلام والمسلمين حينما قالوا: نحن في غنى عن فهم القرآن بالسنة؛ ذلك لما أشرت آنفاً من بيان أن الذي لا يأخذ بالسنة فهولا يأخذ بالقرآن؛ لأن القرآن أمر المسلمين في غير ما آية أن يتحاكموا إلى الله وإلى رسوله، كما هو معلوم في الآية المعروفة:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: 59]، والبحث في هذا طويل وطويل جداً، إنما أردت فيه التنبيه فقط على ضرورة انتباه كل مسلم غيور على أن يكون من الفرقة الناجية ألا يكتفي لنفسه ولا لغيره أن يقول: أنا متبع للكتاب والسنة، ليس إلا، لابد من أن يقرن مع هذين المصدرين الأساسيين أن نعرف ما كان عليه أصحاب الرسول عليه السلام من الهدى والنور، وبذلك نحقق صفة الفرقة الناجية، وهي أن نكون على ما كان عليه رسول الله وأصحابه.
وهذا كما قلت آنفاً باب واسع، ولكن لابد أن آتي بقيد جديد لإهمال كثير من الدعاة الإسلاميين إياه، ألا وهو العناية بمعرفة ما صح من السنة وما لم يصح
منها؛ لأنه إذا كان القرآن لا يمكن فهمه إلا بالسنة فلابد من أن تكون هذه السنة صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهنا نُذَكِّر بما اتفق علماء المسلمين قاطبة على اختلاف مذاهبهم: أنه قد دخل في السنة ما ليس منها منذ القديم ولا يزال كثير من الناس حتى اليوم ينسبون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث قد وضعت حديثاً، ولذلك فلابد لطائفة من علماء المسلمين أن يعنوا عناية خاصة بما يعرف عند العلماء بعلم الحديث ومصطلح الحديث وعلم الجرح والتعديل، حتى يصفوا السنة مما دخل فيها على مر العصور والدهور من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والتي دخلت في بطون كثير من كتب التفسير والحديث والفقه فضلاً عن كتب المواعظ والرقائق والقصص.
إذاً: على طائفة من علماء المسلمين أن يعنوا عناية خاصة بعلم السنة حتى يتمكنوا بها من تفسير القرآن تفسيراً صحيحاً.
بعد هذا أقول: تعلمون أيها الإخوة أن العلم الصحيح هووسيلة للعمل به، فلا ينبغي لطالب العلم أن يجلل نفسه بالعلم فقط دون قرن هذا العلم بالعمل، لذلك ندعو دائماً أن يلهمنا الله عز وجل العلم النافع والعمل الصالح:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105].
هذا ما تيسر لي من الكلمة التي طلبها الشيخ الفاضل الشيخ عبد الله، ونسأل الله عز وجل أن يلهمنا رشدنا وأن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه.
مداخلة: شكر الله لك فضيلة الشيخ.
الشيخ: أهلاً وسهلاً.
(الهدى والنور /805/ 13: 01: 00)