المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب منه مداخلة: الشباب كما ترى نحن في هذا الزمان. الشيخ: نعم. مداخلة: - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ١

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌شكر وتقدير

- ‌مع القراء وإليهم

- ‌جامع المنهج

- ‌كلمة أخيرة

- ‌مقدمة شيخنا أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني -حفظه الله- لأعمالنا

- ‌مقدمة شيخنا الكريم علي حسن عبد الحميد الحلبي-حفظه الله- للمشروع

- ‌المنهج السلفي

- ‌مقدمات تعريفية بالمنهج السلفي

- ‌هل المنهج يدخل في العقيدة أم الأحكام

- ‌التعريف بالسلفية وبيان أنها نسبة إلى العصمة

- ‌هل يجوز مخالفة إجماع الناس فيزمان ما على خلاف ما كان عليه السلف

- ‌المقصود بالقرن في قول النبي صلى الله عليه وسلم:«خير القرون قرني»

- ‌نصيحة بأهمية الأخذ بمنهج السلف وبيان خطورةالتنكُّب عن ذلك بضرب أمثلة من أبواب الاعتقاد

- ‌أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم

- ‌حال حديث: ما زالت طائفة من الغرب

- ‌ما المقصود بسنة الخلفاء الراشدين

- ‌باب منه

- ‌حول حديث الطائفة المنصورة

- ‌حديث الطائفة المنصورة ووصفهم بأنهم يقاتلون

- ‌الطائفة المنصورة هل هم أهل الحديث؟مع ضرب أمثلة على أهل الحديث من القديم والحديث

- ‌من هي الطائفة الظاهرة المنصورة

- ‌ما المقصود بالتزام الجماعة

- ‌هل الأمة التي ستفترق هي أمة الإجابة أم أمة الدعوة؟ وهل الفرقة الناجية مجموعة أشخاص لهاشعارات تُمَيِّزها

- ‌بيان المنهج السلفي (فهم السلف-الطائفة المنصورة-الفرقة الناجية)

- ‌هل الطائفة المنصورة والفرقة الناجية واحدة

- ‌الفرق بين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية

- ‌باب منه

- ‌كيف نفهم السلفية

- ‌الجمع بين حديث «أمتي كمثل المطر»؛وحديث «خير الناس قرني»

- ‌نصيحة من الشيخ لرجل نصراني أسلمبالاعتناء بمعرفة الإسلام المُصَفَّى

- ‌ما المقصود بالمفارق للجماعة

- ‌حول تعيين العدد في حديث الفرق

- ‌نصيحة للمسلمين

- ‌أولوية الدعوة السلفية

- ‌هل السلفية حزب

- ‌ما هي الفرقة الناجية

- ‌المنهج الصحيح في الدعوة السلفية

- ‌هل هناك أوصياء على الصحوة الإسلامية

- ‌السلفية: علم وعمل

- ‌الدعوة السلفية في اضطراب

- ‌الجمع بين حديثي: مثل أمتي، وخير الناس

- ‌هل توجد جماعات تدعو إلى اللهعلى الكتاب والسنة

- ‌كن رجلاً يعرف الرجال بالحقوليس يعرف الحق بالرجال

- ‌من هم الغرباء

- ‌أهل السنة يذكرون ما لهم وما عليهم

- ‌مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم

- ‌السلفية والغزو الفكري

- ‌الوقوف عند الدليل ليس جمودًا

- ‌نصيحة للأمة بالرجوع للكتاب والسنة

- ‌السلفية وحركات العنف

- ‌السلفية وأهمية العلم

- ‌السلفية وأهمية العلم

- ‌من تمسك بالسنة لا يضيعه الله أبداً

- ‌رأي الشيخ في كتاب السلفية للبوطي

- ‌الكلام على أهمية إضافة قيد فهمالسلف إلى جانب الكتاب والسنة

- ‌أهمية إضافة قيد فهم السلفللكتاب والسنة

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌كلمة على شروط قبول العمل الصالح

- ‌هل يجوز تقليد السلف فيمالم يأت عليه دليل في السنة

- ‌كلمة هامة حول منهج السلف

- ‌حجية قول الصحابة،والكلام على الخلاف بينهم

- ‌أهمية الرجوع إلى فهم الصحابةللأحكام الشرعية

- ‌بين حديث سنة الخلفاء الراشدين،وحديث: اقتدوا باللذين من بعدي

- ‌المقصود بسنة الخلفاء الراشدين

- ‌قيد هام حول اشتراط فهم السلف:أنه في النصوص التي تحتمل أوجه

- ‌التصفية والتربية

- ‌هل البيعة فرض على كل مسلم ولمن تكون في هذاالزمان وبيان أن حل مشكلة العالم الإسلاميهي عن طريق التصفية والتربية

- ‌هل التصفية والتربية منهج ينبغي أن يتربىعليه كل العالم الإسلامي أم أغلبه

- ‌لا عودة إلى الأخلاق الإسلاميةالحميدة إلا بالتربية

- ‌معنى التصفية والتربية وماذا بعدها

- ‌بركة التصفية

- ‌من هم الغرباء وكلمة حولالتصفية والتربية

- ‌حاجة الدعاة إلى التربيةوالإخلاص في دعوتهم

- ‌لمن البيعة؟ .. ثم متى الوصول؟والكلام على التصفية والتربية

- ‌علاج الاختلاف والتفرق، وفيه الكلام علىتربية قاعدة وهي جيل كامل من المسلمينالمتفقهين في عقديتهم

- ‌هل تعدت الدعوة السلفيةمرحلة التصفية والتربية

- ‌اتهام: منهج التصفية والتربيةلا يكفي لإنشاء الدولة الإسلامية

- ‌مرحلة التصفية والتربية متى تنتهي

- ‌كيفية إقامة الدولة الإسلامية(العقيدة-العلم-التصفية-التربية)

- ‌توحيد الربوية، وتوحيد العبادة، وتوحيد الصفات:

- ‌التربية .. تربية الأولاد

- ‌المسجد ودوره في التربية

- ‌متى يصبح العالم مؤهلاً للتصفية، ،وهل طريق التربية هو نقل الإنسانمن البيئة الفاسدة إلى الصحية

- ‌التصفية والتربية هي الطريق لإيجادحاكم أهلٌ لمبايعة المسلمين

- ‌الأزمة والحل: العلم والعملالتصفية والتربية

- ‌الاعتناء بالتصفية والقصورفي التربية

- ‌الخلل في التربية بين أبناء الصحوة

- ‌السمر وراء التلفاز من فتنالعصر الحاضر

الفصل: ‌ ‌باب منه مداخلة: الشباب كما ترى نحن في هذا الزمان. الشيخ: نعم. مداخلة:

‌باب منه

مداخلة: الشباب كما ترى نحن في هذا الزمان.

الشيخ: نعم.

مداخلة: في أحوج ما يكونوا إلى توجيه أمثالكم من علماء أهل السنة والجماعة، فهم يريدون أن يتقربوا إلى الله عز وجل بالعلم النافع والعمل الصالح، فيريدون من فضيلتكم كلمة أولاً حول هذا الموضوع سلمك الله.

الشيخ: نسأل الله أن يعيننا.

مداخلة: آمين.

الشيخ: وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه من العلم النافع والعمل الصالح، هل هناك غير ذلك؟

مداخلة: نريد يعني يا شيخ كلمة يعني.

الشيخ: طيب.

مداخلة: يعني: وكما تعلم يا شيخ بعد .. يعني: الشاب قد يحتار فيما يرى في الساحة من اختلاف في الآراء والمناهج والأفكار، فيحتاج إلى نصيحة من فضيلتكم؟

الشيخ: نستعين الله تبارك وتعالى ونقول لكم ولمن حولكم: السلام عليكم

ص: 253

ورحمة الله وبركاته.

مداخلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعد:

فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وبعد:

إخواننا السامعين لكلامي، أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا جميعاً لاتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم، وألفت أنظاركم إلى ضرورة التمسك بهذا التمسك الأخير، أعني قولي: على منهج السلف الصالح؛ ذلك لأن الكتاب والسنة هومنهج كل مسلم يؤمن بالله ورسوله

ص: 254

حقاً، حتى تلك الفرق الضالة التي تنتمي إلى الإسلام ولا نستطيع أن نخرجها من دائرة الإسلام إلا إذا أنكرت شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة، فأقول: ليكون المسلم على الكتاب والسنة حقاً، ولا يكون من تلك الفرق الضالة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه أصحاب السنن والإمام أحمد وغيرهم بأسانيد متنوعة، وبألفاظ متقاربة ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي ما أنا عليه وأصحابي» ، فقوله عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الصحيح:«ما أنا عليه وأصحابي» ، فيه دليل واضح جداً أنه لا يكتفي المسلم بالانتساب إلى الكتاب والسنة فقط، بل لابد من أن يضم إلى ذلك أن يتبع ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنهم هم الذي تلقوا بيان الرسول عليه الصلاة والسلام للقرآن بياناً شافياً بالطرق الثلاثة المعروفة عند أهل العلم أعني بذلك قوله عليه السلام وفعله وتقريره، هذه الطرق الثلاث هي التي تبين كلام الله عز وجل الذي أمر الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يبين القرآن بذلك في مثل قوله تعالى:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، فبيانه عليه السلام على هذه الصفات الثلاث: القول والفعل والتقرير، ولا سبيل لأمثالنا نحن وبخاصة في هذا

الزمان أن نعرف ما قاله عليه السلام أوفعله أوأقره وكل ذلك كما ذكرت آنفاً بياناً للقرآن لا سبيل لنا إلى معرفة ذلك إلا بطريق أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهم الذين نقلوا ابتداء قوله وفعله وتقريره؛ لهذا لا يكون المسلم من الفرقة الناجية إذا ما اقتصر على فهمه للقرآن على حديث الرسول عليه الصلاة والسلام فقط، بل لابد أن يضيف إلى ذلك فهم الصحابة لقوله عليه السلام ولفعله ولتقريره، وهذا أمر معلوم لدى علماء

ص: 255

الأصول لا خلاف بينهم، أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره بيان للقرآن، ولكن الذي أريد أن أذكر به في هذه الساعة المباركة إن شاء الله إنما هوبيان الفرق بين الفرقة الناجية وبين الفرق الأخرى الضالة حتى من كان منها لا يزال في دائرة الإسلام، ولكنها قد ضلت عن بعض الإسلام كثيراً أوقليلاً، هذا ربنا هوالذي يعرفه أويعلمه ويحكم به:{يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89]، فالفرق بين الفرقة الناجية وبين تلك الفرق كلها هوأن الفرقة الناجية تأبى أن تفهم الإسلام القرآن والسنة برأي فلان وعلان مهما كان شأنه عظيماً عند المسلمين إلا من طريق الرسول عليه السلام أولاً، ثم من طريق أصحابه عليه الصلاة والسلام ثالثاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما سئل عن الفرقة الناجية، لم يقل: ما أنا عليه، وإنما عطف على ذلك قوله:«وأصحابي» ، وهذا معناه: أن العالم المسلم حقاً كما يحرص على معرفة ما كان عليه رسول صلى الله عليه وآله وسلم من الهدى والنور قولاً وفعلاً وتقريراً، فهوأيضاً يحرص أن يعرف ما كان عليه أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم من حسن الاتباع لنبيهم عليه الصلاة والسلام، فالفرقة الناجية هذه مزيتها على الفرق الأخرى، وهذا ظاهر جداً في هذا الزمان، كما سأبينه قريباً إن شاء الله تبارك وتعالى، ولكني قبل ذلك أريد أن أذكر

إخواننا السامعين بآية في القرآن الكريم تعتبر هذه الآية هي النص الذي منه انطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أومنه اقتبس قوله السابق:«ما أنا عليه وأصحابي» ، أعني قول الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115]، قال:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]، فقول ربنا تبارك وتعالى في هذه الآية:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] هوالذي بينه عليه السلام في الحديث السابق حينما قال: «وأصحابي» .

ص: 256

فسبيل المؤمنين هو سبيل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لذلك فلا يكون المسلم من الفرقة الناجية إلا إذا تبنى هذا المنهج السلفي في اتباع الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم وهذا هوالفارق الواضح في كل عصر وفي كل مصر بين أهل السنة حقاً، وبين تلك الفرق الضالة التي تنتمي إلى الكتاب والسنة، ولكنها تأبى أن تنتسب إلى السلف الصالح حتى من كان من أهل السنة حقاً كأتباع المذاهب الأربعة، بغض النظر عن الفرق الضالة التي تضلل بعض السلف الصالح من الصحابة كالروافض والخوارج ونحوهم، فهذا لا نعنيهم الآن، وإنما نعني أهل السنة الذين هم يلتقون معنا في تعظيم وتمجيد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا نفرق بينهم ولا نبغض أحداً منهم، وإنما نجلهم لصحبتهم لنبيهم صلى الله عليه وآله وسلم مع الاحتفاظ بمقادير التفاضل بينهم، بقدم الصحبة أوبالعلم أوبقدم الجهاد والأسبقية إلى الإسلام ونحوذلك، ولكن أهل السنة كلهم يلتقون على الترضي عن أصحاب صلى الله عليه وآله وسلم كلهم أجمعين.

فالذي أريد أن أقوله: أن كثيراً من أهل السنة الذين يلتقون معنا في الترضي على الصحابة هم نسوا أن من الضروري جداً أن نفهم الكتاب والسنة على ما كان عليه هؤلاء الصحابة؛ لأنهم كانوا أقرب عهداً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الذين جاؤوا من بعدهم، لهذا ما يكون المسلم على الهدى وعلى النور، بل لا يكون متمسكاً بهدي الرسول الذي كان يأمر بالتمسك به في خططه دائماً أبداً إلا إذا عرف ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هذه المعرفة تفتح أمام العالم بها باباً من العلم لا يمكن أن يلجه وأن يدخله من كان بعيداً عن التسليم بهذا القيد والشرط، وهواتباع ما كان عليه السلف الصالح.

نحن أهل السنة حقاً إن شاء الله تبارك وتعالى متفقون على عموم قوله عليه

ص: 257

الصلاة والسلام، الذي يذكر دائماً في خطبة الحاجة:«كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» ، وعلى عموم قوله عليه السلام:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» هذا النص العام لا يمكن تطبيقه تطبيقاً صحيحاً إلا إذا عرفنا ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من العبادات؛ لأن معرفة كون الأمر الفلاني بدعة في الإسلام لا سبيل إلى معرفة إلا إذا عرفنا ما كان عليه سلفنا الصالح؛ لأن قول القائل: هذه بدعة، إنما تعني أنها لم تكن في عهد الرسول عليه السلام ولم تكن في عهد الصحابة، وبالتالي لم تكن في عهد بقية القرون المشهود لها بالخيرية.

فإذاً: معرفة ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم هوالذي يمكننا من أن نكون عند قوله عليه السلام: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ، ولذلك يختلف منهج من انتمى إلى السلف عن منهج من انتمى فقط إلى القرآن والسنة، ويفسره أويفسرهما كما يفسره شيخه أومذهبه دون أن يرجع في ذلك إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان.

إذاً: لا ينبغي أن نغتر اليوم بدعوات كلها تلتقي على القول: بأننا نحن على الكتاب والسنة؛ لأن أصل الفرق المشار إليها في حديث الفرق لا يمكنها أن تقول: إلا أنها على الكتاب والسنة، فإذا ما قال بعضهم: لا نحتج بالسنة، فقد ارتد عن الإسلام؛ لأنه أنكر كثيراً من آيات القرآن، كمثل قوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، ولذلك فلا نتصور أن طائفة من الطوائف الإسلامية تنكر السنة، وهذا هو الواقع، فالخوارج يقولون: نحن نأخذ بالسنة، والشيعة تقول: نحن نأخذ بالسنة، لكن السنة التي يأخذونها ليست على الوجه الذي كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأتباعهم من التابعين وأتباعهم.

لهذا نقول: ينبغي لنا أن نرفع راية الدعوة في خطبنا وفي دروسنا وفي مواعظنا

ص: 258

دائماً وأبداً على القول: بأن التمسك بالكتاب والسنة، لا يكون تمسكاً صحيحاً إلا إذا كان مقروناً باتباع ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهنا لابد لي من ضرب مثل بين لنا أهمية الرجوع في فهم الكتاب والسنة إلى ما كان عليه السلف الصالح؛ مما نقلوه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولاً وفعلاً وتقريراً، نأخذ مثلاً قوله تبارك وتعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، فهنا نصان عامان شاملان، الأول: اسم السارق، والآخر: اليد، فقوله تعالى:{وَالسَّارِقُ} [المائدة: 38] يشمل كل سارق حتى الذي يسرق البيضة بيضة الدجاجة أو الدجاجة أو نحو ذلك مما لا قيمة له، فهذا لغة اسمه سارق، ولكن بيان صلى الله عليه وآله وسلم القولي هو الذي يمنعنا من أن نفسر هذا اللفظ في هذه الآية على إطلاقه وشموله، فيمنعنا أن نقول: كل سارق، مهما كانت قيمة المسروق تقطع يده، نقول: لا، هذا لا يجوز، هذا مخالف للقرآن؛ لأن الله يقول:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، وقد بين صلى الله عليه وآله وسلم السارق المذكور في هذه الآية بقوله:«لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً» .

إذاً: حينما نقرأ هذه الآية: {وَالسَّارِقُ} [المائدة: 38]، ينبغي أن نفهم هذا اللفظة على ضوء قوله عليه السلام، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] هنا الأيدي كما تعلمون جمع يد، واليد تطلق ويراد بها الكف، كما جاء في حديث التيمم:«أن تضرب بكفيك وجه الأرض» ، وتطلق ويراد بها الذراع كما هوفي حديث آية الوضوء في آية الوضوء، وتطلق ويراد بها اليد كلها من عند الكتف إلى الأصابع، فيا ترى من أخذ بعموم الآية:{فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وطبق النص القرآني على هذا الإطلاق هل يكون متبعاً للقرآن الكريم؟ الجواب: وضح مما سبق التعليق السارق لا؛ لأنه خالف بيان صلى الله عليه وآله وسلم، لكن البيان هنا إنما كان منه صلى الله عليه وآله وسلم بياناً فعلياً عملياً، حيث كانت تقطع يد

ص: 259

السارق من عند الرسغ وليس من عند المرفقين ولا من عند الكتف، هذه آية تتعلق بإقامة الحدود الشرعية، والآيات التي ذكرت في القرآن مطلقة أو عامة فهي كثيرة وكثيرة جداً، ويروق لي أن أقترح على بعض طلاب العلم أن يجمعوا هذه الآيات المطلقة أو العامة في القرآن الكريم وأن يبينوا ما دخلها من التقييد أو التخصيص بما جاء في السنة وفي السنة الصحيحة؛ ليظهر للناس أنه لا مجال لفهم القرآن دون سنة الرسول عليه الصلاة والسلام ودون بيان أصحابه عليه الصلاة والسلام لما كان عليه رسول صلى الله عليه وآله وسلم.

قلت آنفاً: إن الآيات المطلقة أو العامة كثيرة وكثيرة جداً، خذوا مثلاً الآيات التي تأمر بالزكاة وتأمر بالصلاة وتأمر بالحج، لا يمكن أن تفهم إلا على ضوء الكتاب والسنة، ومن هنا يتبين لنا خروج الطائفة التي تسمى اليوم بالقرآنيين عن دائرة الإسلام والمسلمين حينما قالوا: نحن في غنى عن فهم القرآن بالسنة؛ ذلك لما أشرت آنفاً من بيان أن الذي لا يأخذ بالسنة فهولا يأخذ بالقرآن؛ لأن القرآن أمر المسلمين في غير ما آية أن يتحاكموا إلى الله وإلى رسوله، كما هو معلوم في الآية المعروفة:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: 59]، والبحث في هذا طويل وطويل جداً، إنما أردت فيه التنبيه فقط على ضرورة انتباه كل مسلم غيور على أن يكون من الفرقة الناجية ألا يكتفي لنفسه ولا لغيره أن يقول: أنا متبع للكتاب والسنة، ليس إلا، لابد من أن يقرن مع هذين المصدرين الأساسيين أن نعرف ما كان عليه أصحاب الرسول عليه السلام من الهدى والنور، وبذلك نحقق صفة الفرقة الناجية، وهي أن نكون على ما كان عليه رسول الله وأصحابه.

وهذا كما قلت آنفاً باب واسع، ولكن لابد أن آتي بقيد جديد لإهمال كثير من الدعاة الإسلاميين إياه، ألا وهو العناية بمعرفة ما صح من السنة وما لم يصح

ص: 260

منها؛ لأنه إذا كان القرآن لا يمكن فهمه إلا بالسنة فلابد من أن تكون هذه السنة صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهنا نُذَكِّر بما اتفق علماء المسلمين قاطبة على اختلاف مذاهبهم: أنه قد دخل في السنة ما ليس منها منذ القديم ولا يزال كثير من الناس حتى اليوم ينسبون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث قد وضعت حديثاً، ولذلك فلابد لطائفة من علماء المسلمين أن يعنوا عناية خاصة بما يعرف عند العلماء بعلم الحديث ومصطلح الحديث وعلم الجرح والتعديل، حتى يصفوا السنة مما دخل فيها على مر العصور والدهور من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والتي دخلت في بطون كثير من كتب التفسير والحديث والفقه فضلاً عن كتب المواعظ والرقائق والقصص.

إذاً: على طائفة من علماء المسلمين أن يعنوا عناية خاصة بعلم السنة حتى يتمكنوا بها من تفسير القرآن تفسيراً صحيحاً.

بعد هذا أقول: تعلمون أيها الإخوة أن العلم الصحيح هووسيلة للعمل به، فلا ينبغي لطالب العلم أن يجلل نفسه بالعلم فقط دون قرن هذا العلم بالعمل، لذلك ندعو دائماً أن يلهمنا الله عز وجل العلم النافع والعمل الصالح:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105].

هذا ما تيسر لي من الكلمة التي طلبها الشيخ الفاضل الشيخ عبد الله، ونسأل الله عز وجل أن يلهمنا رشدنا وأن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه.

مداخلة: شكر الله لك فضيلة الشيخ.

الشيخ: أهلاً وسهلاً.

(الهدى والنور /805/ 13: 01: 00)

ص: 261