الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلل في التربية بين أبناء الصحوة
الشيخ: تكلمت يا شيخ جزاك الله خيراً في بداية الجلسة عن قضية التصفية والتربية وأن كثير من طلاب العلم أخذوا جانب التصفية وترك جانب التربية فنود من الشيخ ناصر جزاه الله خيراً أن يتكلم عن هذا الموضوع .... ويبين الطرق السليمة في هذا الجانب.
الشيخ: الموضوع عندي ما يحتاج إلى إسهاب أو بيان لأن معنى التربية هو العمل بما علم، لأن العلم بالنسبة للعمل هو كالمقدمة بالنسبة للنتيجة، ولذلك ربنا عز وجل خاطب نبيه عليه السلام أو خاطب أمة النبي عليه السلام في شخص الرسول عليه الصلاة والسلام حينما قال: فاعلم أنه لا إله إلا الله، فالعلم يتقدم العمل ولا بد منه، فالعلم بالنسبة للعمل كما قلت آنفا هو كالوسيلة، فمن علم ولم يعمل فما استفاد من علمه شيئا، ومثله عندي كمثل الذي يتوضأ ولا يصلي، يتوضأ ولا يصلي لأن الوضوء هو وسيلة ومقدمة للصلاة ولا يجوز للمسلم أن يتقرب إلى الله بوضوء دون صلاة، كذلك لا يتقرب المسلم بعلم دون أن يقرنه بالعمل، ولذلك جاءت النصوص في الشريعة كتابا وسنة تنعى على الذين يعلمون ولا يعملون كمثل قوله تبارك وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 3] والأحاديث التي تحض على العمل بالعلم كثيرة وكثيرة جدا، وحسبنا أن نذكر بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ألا
وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «أول من تسعر بهم النار ثلاثة عالم ومجاهد وغني يؤتى بالعالم ويقال له أي فلان ماذا فعلت بما علمت فيقول يا ربي نشرته في سبيلك فيقول له كذبت إنما فعلت ليقول الناس فلان عالم وقد قيل خذوا به إلى النار إلى آخر الحديث» فالقصد هذا العالم يعلم في جملة ما يعلم قول الله عز وجل {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
…
} [البينة: 5] فهذا من علمه لكنه ما أخلص في علمه لله عز وجل ولذلك كان من جملة أولئك الثلاثة الذين تسعر بهم النار يوم القيامة.
فلذلك نحن حينما نقول الأصل الإصلاح خاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الاتجاهات والحزبيات ونحو ذلك حتى من كثير من الجماعات الإسلامية لا سبيل إلى تحقيق الإصلاح إلا بالعلم الصحيح والعمل النافع، العلم الصحيح هو القائم على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، والعمل هو العمل بما علم، وقد جاء في بعض الأحاديث التي لا تصح من حيث إسنادها وإنما معناها صحيح من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم هذا حديث معروف روايته لكنه ضعيف إسناده ومقبول معناه كما ترون.
لهذا ما يحتاج الموضوع التربية إلى كثير من الإسهام والبيان وإنما مثل تلك الآية تكفي في هذا الموضوع للفت نظر القائمين اليوم على تحقيق ما باستطاعتهم مما نكني عنه بالتصفية فعليهم أن يعملوا بعلمهم ومن أهم الأشياء التي ينبغي أن يعملوا به أو بها هوأن يخلصوا في عملهم لله عز وجل والإخلاص في عملهم لله يتطلب منهم أن يكونوا إخوة متحابين في الله وألا يتباغضوا وألا يتعادوا لأتفه الأسباب ولأبسط المخالفات التي قد تقع بينهم، لقد كان السلف الصالح لم يكونوا على رأي واحد في كثير من المسائل وبعضها تتعلق بصحة
الصلاة وبطلان الصلاة مع ذلك ما فرق ذلك الخلاف بينهم لأنهم كانوا يعرف بعضهم بعضا أنهم كانوا مخلصين، فهذا يرى مثلا أن لمس المرأة ينقض وذاك يرى أنه لا ينقض وآخر يتوسط: إن كان بشهوة نقض وإن كان بغير شهوة لا ينقض، بل هناك من يرى أن الرجل يجامع زوجته ولا يمني ثم لا يجب عليه الغسل وإنما الوضوء إلى آخره، كل ذلك لم يوقع بينهم الخلاف، وقد سمعت فيما مضى من الجلسات أن ابن مسعود كان يصلي أربع وراء عثمان وهو يرى أنه يخالف السنة وحينما يسأل عن ذلك يقول الخلاف شر، فيجب على هؤلاء أصحاب الصحوة اليوم أن يضعوا نصب أعينهم العمل بعلمهم ومن علمهم أن الخلاف شر على هذا نقول نحن أن التربية ما تحتاج إلى تفصيل وإنما {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105] وبهذا القدر كفاية لا سيما درس ودرس لا يجتمعوا.
(الهدى والنور/779/ 00: 59: 00).