الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول تعيين العدد في حديث الفرق
مداخلة: فضيلة الشيخ، هل الحديث الذي جاء في ذكر عدد الفرق، الحديث المشهور الذي فيه:«أن الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة» ، هل هذا الحديث جاء على حصر الفرق، أوأنه جاء بيان للكثرة ولما سيحصل من الفُرقة والتمزُّق بين المسلمين في آخر الزمان؟
الشيخ: أنا أعتقد أولاً أن هذا السؤال لا ينطوي تحته كبير أمر؛ لأنه إن الكثرة كما جاء في السؤال أو للتهديد فهذا أمر غيبي، والواجب على المسلم أن يؤمن بالغيبيات دون توسع فيها، لنفترض أننا كنا في عهد الصحابة، هل كان هناك ثلاث وسبعون فرقة؟ لا، انزل إلى التابعين، لا، إلى تابعيهم، لا، إذاً: ماذا يكون موقف المسلم يومئذ، هل يتساءل مثل هذا السؤال، يقول: هل هو هذا العدد للكثرة أم للتهديد؟ ما تظن سيكون موقفه؟
مداخلة: أظن أن يعني كونه يرى أن هذا الأمر يتحقق في عصر الصحابة، الأدلة الذي يظهر أنها على خلاف ذلك، أن هذا الأمر يحصل عند غربة الإسلام؟
الشيخ: هو هذا، لكن هذا ليس هو جواب السؤال بارك الله فيك، يومئذ إذا تساءل هل يتساءل: هل هذا للكثرة، أي: لا يفيد التحديد أم هو الأصل في العدد التحديد، ولا يفيد الكثرة بمعنى: أنه يحتمل أن يكون أكثر من ذلك، لكن لا يحتمل أنه يكون أقل من ذلك إلا إذا ثبت عملياً وفعلاً وهذا الذي يعني قلته لا
يمكن أن يتصوره الصحابي أو التابعي أو تابعي التابعي؛ لأنه بعدما جاء الزمان الذي تتكاثر فيه الفرق ويمكن أن يصل عددها هذا العدد.
قصدي من السؤال: يومئذ ألا يسع هذا الصحابي أو التابعي أو تابع التابعي إلا أن يؤمن بهذا العدد وأنه حق، ولا يتفلسف ويقول: هل هوللكثرة أم للتهديد، واضح السؤال؟
مداخلة: أي نعم.
الشيخ: هذا هو الجواب، فغرضي هذا السؤال كما قلته في أول الأمر ليس تحته طائل، لا يتعلق بأمر عملي نحن يجب أن نعرفه بوضوح حتى نتعامل معه؛ لأن هذا أمر غيبي، لكن لو سأل سائل مثلاً، أقول مثلاً لبيان الفرق بين ذاك السؤال وبين السؤال التالي: هل هذه الفرق حينما قال الرسول عليه السلام: «كلها في النار إلا واحدة» ذلك يشمل كل فرقة مهما كانت انحرافها قليلاً أو كثيراً، ويكون حكمها النار بمعنى الخلود، أم قد وقد؟ هذا السؤال غير ذاك السؤال، ولهذا فأنا أقول: لعل وراء الأكمة ما وراءها؛ لعل هذا السؤال الذي أنا قلت: لا طائل تحته شيء آخر، قله إن شئت.
مداخلة: نعم، وراءه شيء آخر، وهوأن المشاهد في هذا العصر، أن الأحزاب والفرق قد كثرت جداً حتى عجز كثير من أهل العلم من حصرها ومن ذكر عددها، بل بعضهم الذي أراد أن يحصر، يعني: رأى أنها تجاوزت الخمسة والسبعين، بل بعض الفرق في نفسها تفرقت إلى فرق لا تحصر ولا تذكر من كثرتها.
الشيخ: هذا هو.
مداخلة: هذا يعني الإشكال يا شيخ.
الشيخ: هذا هو.
مداخلة: نعم.
الشيخ: فالآن أقول: هنا شيئان: متى تكون الفرقة فرقة ضالة؟ لا تكون بمجرد الانحراف في جزئية كما سبق الجواب عنه آنفاً، إنما تكون الفرقة فرقة ضالة حينما تتكتل جماعة على أساس منهج تضعه لها وتتبناه وتتحزب وتتعصب له، حينذاك هذه تصبح فرقة، أما أن يخطئ فرد من أفراد المسلمين خطأً وأن يقع في بدعة سواء كانت عقيدة أو حكماً فقهياً فهذا لا يعتبر فرقة، ولذلك حينما نريد أن نصنف الفرق وأن نقول: إنها جاوزت الرقم المذكور في الحديث هذا يحتاج كما يقولون اليوم: مسح ودراسة لهذه الفرق، ومعرفة مناهجها، فإن كان فعلاً لها مناهج تتمايز إحداها عن الأخرى، وكل واحدة منها تخالف الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح، حينذاك نتمكن أن نقول: هذه فرقة ضالة، وهذه فرقة ضالة، وهذه فرقة ضالة، فإذا حصرنا الفرق هذه وضبطنا مناهجها وحكمنا عليها بأنها مخالفة للمنهج الذي كان عليه الرسول عليه السلام وأصحابه الكرام، حينئذ سنقول: كل فرقة من هذه هي من الفرق الضالة، فإن زادت على ثلاث وسبعين فرقة، حينذاك نقول بقولة أهل العلم: العدد لا مفهوم له، لكن العدد لا مفهوم له من حيث الأكثر، وليس من حيث الأقل واضح؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: آه، لكن أنا أقول لك بكل صراحة: لا يمكن لإنسان أن يحصي الفرق الموجودة اليوم وأن يجري دراسة حول كل فرقة، ويحكم بميزان الشرع العدل أن هذه فرقة ضالة وهذه فرقة ضالة، ثم يقول: زاد عددها على ثلاث وسبعين فرقة لا يمكن هذا، وإنما هواندفاع قد يصاحبه شيء من الهوى، قد يصاحبه شيء
من العاطفة الهوجاء، وقد لا تكون مقرونة بالهوى، لذلك نحن لا يفيدنا مثل هذا البحث، بقدر ما يفيدنا أن نعرف هل هذا الشخص أو هذه الطائفة
…
فيما خالفت فيه، هل يجوز لنا أن نبدعها وأن نخاصمها وأن نخرجها عن جماعة أهل السنة والجماعة هذا هو المهم، أما أن نفرغ قليلاً أو كثيراً من الوقت لإحصاء الفرق، ثم لنقول بعد ذلك: هذه الفرق زادت على العدد المذكور في الحديث، ما الفائدة من هذا؟ لا فائدة، هذا الذي عندي جواب الآن هذا السؤال.
(الهدى والنور /734/ 06: 22: 00)