الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهمية الرجوع إلى فهم الصحابة
للأحكام الشرعية
السؤال: يا شيخ، وهذا حقيقة الذي أتمناه من الله جل جلاله يعني أن يقوم به فضيلتكم؛ يعني دعوت في السنين الكثيرة الماضية إلى لزوم هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العقيدة وفي العبادة وفي الأخلاق والسلوك، وأيضاً لم تكتفوا بهذا بل دعوتم إلى أنه لا يمكن للمسلمين أن يفهموا كلام الله سبحانه وتعالى وكلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا من خلال فهم صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكما أنهم نقلوا لنا ألفاظ الكتاب والسنة فكذلك نقلوا لنا معاني الكتاب والسنة فأقول لما لا يكون هذا في جميع أمور الدين.
الشيخ: جميع أيه.
مداخلة: في جميع أمور الدين يعني بمعنى وأنتم دعوتم إلى ذلك نحمد الله ونشكره، بمعنى أن كل ما ثبت عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولاً أوفعلاً يكون له حكم ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على خلاف المعروف فيما اشتهر قول الصحابي أولم يشتهر، فما اشتهر واضح إن كان يدل على الوجوب قلنا أنه واجب وما لم يشتهر أقل ما يقال أنه هو الأفضل وهو الأقرب إلى الكتاب والسنة، لأن الصحابة علموا من الكتاب والسنة ما لم نعلم ويعلموا من اللغة العربية ما لم نعلم، والقرائن الحالية في الخطاب لا يمكن لنا أن نعلمها من ظاهر الحديث فقط من غير من عاينوا وجلسوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولذا أضرب على هذا مثالاً واحداً
بينه فضيلتكم في غير ما كتاب وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (زادك الله حرصاً ولا تعد) هذه الجملة ولا تعد هذه مجملة اختلف العلماء في تفسيرها، منهم من حملها على كذا، ومنهم من حملها على كذا، فلما عدنا إلى المنبع الأول الأصيل علمنا أنه ليس مراد النبي لا تعد أي لا تعد إلى الركوع قبل الصف لأن الصحابة فعلوه وهم الذين شاهدوا القرائن الحالية للخطاب.
فأقول من هذا الباب لماذا لا يدعى الناس وأهل العلم كلهم لما لا يدعون إلى الأخذ بما كان عليه الصحابة وسواء كما قلنا فيما اشتهر وجوباً عنهم، أو استحباباً فيما لم يشتهر عنهم وبذلك ينتهي الخلاف وينقطع، أولاً يتربى الناس على أنه إذا اختلف العلماء في فهم حديث ردوه إلى ما كان عليه الصحابة هذه ناحية مهمة جداً، لماذا إذا قرأنا كتب الفقه يجعل قول الصحابي أو أكثر من صحابي كقول غيره من العلماء لما ذلك؟
فالواجب هو ماذا أن يقال ليس الإمام أحمد أولى من الشافعي ولا الشافعي أولى من أبو حنيفة ولا أبو حنيفة أولى من مالك، بل يقال الفهم الذي يوافق ما كان عليه الصحابة فعلاً أو تركاً أو قولاً هو الموافق لكتاب الله عز وجل ولسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا الأصل تنبني عليه آلاف المسائل لا أقول مئات المسائل بل آلاف المسائل، ومع الأسف الواقع اليوم يدل على البعد العظيم في طريقة التعليم، ولا زلنا مع أن الدعوة دعوتكم إلى السنة وإلى لزوم قول الصحابة قائمة، وحصل فيها خير كثير، لكن لا زالت يربى الطلاب على ماذا على كتب ألفها رجل ربما في القرن التاسع أوفي القرن العاشر على اختلاف المذاهب ثم يدور الطالب في فلك هذه الكتب لا يمكن أن يتعداها، وربما قيل له إياك ويحذر من تعدي هذه الكتب إلى ما ورائها، يعني أقول أنا وبعبارة أخرى وأرجو أني ما أطلت على
الشيخ أقول ألا يرى سماحتكم أن مثل هذه الكتب حالت بين الطالب المريد للحق وبين ما كان عليه النبي وصحابته رضي الله عنهم بحيث أن ما وافق هذا الكتاب وهذا المذهب صارت له فتوى، وما خالف هذا الكتاب وهذا المذهب فإنه وإن لم يشنع على صاحبه لكنه يكون صاحبه في غربه، فما رأي سماحتكم؟
الشيخ: أقول إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ لا شك فضيلة الشيخ عبد الله أن ما تدندن حوله هو أمر هام جداً جداً وهو أن يعود المسلمون إلى فهم كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم على ما كان عليه سلفنا الصالح وبخاصة منهم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسبب الذي ذكرته، ولبعض الأمثلة التي ذكرتها، لكن الذي أراه والله أعلم أن القضاء على الخلاف أمر مستحيل، أمر مستحيل ولذلك الذي ينبغي علينا كطلاب علم كما يقولون اليوم والصحيح أن نقول على اعتبارنا من طلاب العلم، أن نطلب الممكن وأن نتحاشى طلب المستحيل لأن في طلب المستحيل إضاعة للوقت والجهود.
لا يمكن الاتفاق والقضاء على الخلاف لسببين اثنين: السبب الأول ما نص عليه في كتاب الله عز وجل في مثل قوله {وَلَوشَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ*إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118 - 119] والشيء الأخر: أن الواقع ينبئنا بأن الاتفاق على أمر غير ممكن، لأنه لو كان أمراً ممكناً لكان السلف الأوائل أولى بهذا الأمر الممكن والجميل جدا جدا، وإن لم يكن فلن يكون فيما بعد وهم القرون المشهود لهم بالخيرية، إذا كان الأمر كذلك وهذه في اعتقادي نقطة اتفاق ليس فيها اختلاف فعلينا أولاً أن نسعى لاتخاذ الوسائل
العلمية الممكنة والتي تساعد على القضاء على هذا الاختلاف، ولست أشك معك بأن ما أشرت إليه من الكتب سواءً كانت كتب في علم أصول الفقه أوفي فروع الفقه أنها صدت الجماهير من طلاب العلم إن لم أقل من العلماء أنفسهم عن اتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح لا أشك في ذلك أبداً، ولكن ماذا نفعل قد كان ما قد خفت أن يكونا إنا لله راجعونا، فهذه كتب موجودة الآن علينا إذاً أن نحاول صرف الطلاب والعلماء الذين أشرت إليهم بالأدلة الشرعية التي تقنع من كان مخلصاً منهم بوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، وأنا وضعت هنا كلمة من كان مخلصاً منهم لأشير أيضاً لوجود هذا الإخلاص وعدمه هو من أسباب استمرار الخلاف، فلوكان ذاك المستحيل ممكناً وجعلناه واقعنا لما خلصنا من الخلاف أيضاً بسبب وجود مثل هذه الآفة آفة الظهور وآفة المخالفة ووإلخ، لذلك نحن ما علينا باختصار إلا أن نتخذ الأسباب التي تساعد ذوي الإخلاص على الرجوع إلى هذا [الفهم] الصحيح الذي ألمحت إليه ونحن معك فيه.
ولقد لاحظت في كلامك شيئاً مهماً ودقيقاً وهو التفريق بين ما كان من أقوال الصحابة مشهوراً بينهم، وبين ما لم يكن كذلك، فنعطي للقسم الأول من هذه الأقوال ما لا نعطي للقسم الأخر، فنلزم الجماهير من هؤلاء المخلصين بالخضوع لقول أولئك الصحابة الذي قالوه واشتهر من بينهم وعلى ما فَصَّلت من دلالة لذلك القول عن الحكم الشرعي وجوباً استحباباً تحريماً كراهة إلخ.
فإذاً بقي عندنا القول الآخر الذي وردنا عن صحابي ولم يشتهر ذلك الاشتهار هنا الآن ينبغي أن نقف قليلاً، أنا لمحت من تضاعيف كلامك أنك ترى أن لا نعامل هذا النوع من أثار الصحابة معاملتنا للنوع الآخر من آثار الصحابة وهذا ما
كنت قد ذكرته لك في حديث عابر جرى بيني وبينك في عهد قريب وضربت لك مثلاً بالنسبة لحديث «نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الشرب قائماً فقيل لأنس فالأكل؟ قال: الأكل شر» أنا شخصياً ألحق حكم الأكل بالشرب فلا أجيز الأكل قائماً لكني لا أقطع به، بخلاف الشرب قائما فأقطع به، ولا أريد أن أعيد البحث الذي لا بد أنك على ذكر منه، فإذا كان المراد الآن من هذا البحث هو البقاء عند هذا التفريق الظاهر فأنا لا أرى من الحق سواه، أما إذا كان المقصود أن نعامل القسم الثاني معاملتنا للقسم الأول فالأمر يحتاج إلى بحث وإلى دليل يقنعنا نحن قبل أن نحاول أن نقنع غيرنا فإذا كان عندك شيء حول هذا فنريد أن نستفيد منكم، وإلا فالموضوع عندي منتهي تماماً كما قلت قول الصحابي رأي الصحابي خير من رأي فلان وعلان لكن هل عندنا في الشرع ما يلزمنا بأخذه ولو لم يكن مشهوراً بين الصحابة هذا هو نقطة المحك، تفضل؟
مداخلة: من باب تكميل ما سبق قبل الانتقال إلى ما تفضلتم به أخيراً، قد يسأل أوقد يسأل سائل أو يقول قائل: ما هو الضابط بين الشهرة وغيرها؟
الشيخ: هذا وإن كان لا يمكن وضع ضابط كما يقال جامع مانع، لكن بلا شك أن هناك آثار يظهر فيها الشهرة وتلزم من يتبنى التفريق الذي ذكرناه آنفاً بأن يأخذ به ولا يحكم مذهبه أورأيه، وأنا أستحضر الآن بعض الأمثلة عمر بن الخطاب لما كان يخطب يوم جمعة فتلى آية سجدة فنزل وسجد وسجد الناس معه، ثم في خطبة أخرى تلي آية سجدة فهم الناس بأن يسجدوا فما سجد، فقال قولته الثابتة في صحيح البخاري إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، هذا مثال يحتاج إلى ضابط؟ ما يحتاج إلى ضابط، ولا يخفاك أن كثيراً من المسائل ليس لها ضوابط، لكن كل مسألة تدرس على حدها، فإذا أردنا أن نقول مثلاً ما حكم
سجود التلاوة واجب كما يقول المذهب الفلاني أو سنة نجد القائلين بالوجوب يستدلون بآيات عامة، وبعضها يخاطب بها المشركون حينئذ نحن نعود إلى هذه القاعدة، يا جماعة هذه الآيات تلاها الرسول على الصحابة أولئك مباشرة وكما أشار الشيخ آنفاً أنهم نقلوا اللفظ والمعنى معاً إلخ، وهذا الفاروق عمر بن الخطاب يخطب على ملأ من الناس ويقول إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء وما سجد، فإذاً دعوا آراءكم هذه وسلموا لهؤلاء السلف الصالح.
ولعل من هذا القبيل أيضاً إنكاره أعني عمر رضي الله عنه على الرجل الذي قيل أنه عثمان بن عفان عندما دخل المسجد وعمر يخطب فقال ما بال أحدكم يتأخر عن صلاة الجمعة، قال: هووالله يا أمير المؤمنين ما كان إلا أن سمعت الأذان فجئت قال: والأذان أيضاً ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
مداخلة: الوضوء.
الشيخ: نعم الوضوء ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من أتى الجمعة فليغتسل» فأنكر تأخره أولاً، ثم أنكر عليه الاقتصار على الوضوء دون الغسل، هنا تأتي تأويلات للذين يقولون بعدم وجوب الغسل، ما احنا بحاجة الآن للخوض فيها، قصدي هذا الإنكار أيضاً علنا يحشر في زمرة أيضاً القرائن التي دلت على أن هذا أعلنه على الناس وأنه معروف عندهم أنه لا ينبغي الاقتصار يوم الجمعة على الوضوء، وقد قال عليه السلام:«من أتى الجمعة فليغتسل» فإذا لم يمكنا وضع تلك الضوابط التي تساءلت عنها فهذا لا يمنعنا نحن من أن ندرس كل أثر دراسة موضوعية كما يقولون وحينئذ نلحقه إما بالقسم الأول أو بالقسم الأخر، هذا ما عندي والله أعلم.
- علي حسن: هذا شيخنا واضح لكن في مباحثة بيني وبين الشيخ عبد الله
جزاه الله خيراً في الموضوع ورد ذكر بعض الآثار التي نقلت لا على ملأ كما تفضلتم في المثلين ولكن نقل فتوى يعني، فتيا مثلاً عن ابن عمر، فتيا عن أبي هريرة، فتيا عن ابن مسعود، ثلاثة مثلاً، فهل مثل هذه الفتيا المنقولة عن صحابي اثنين ثلاثة نعدها مشهورة مع وجود مثلاً فتوى عن صحابي فقط مخالف آخر له فهل نقول بأن هذه الثلاثة يعني لها حظ من الشهرة المشار إليها مع وجود واحد يخالف حيناً أو عدم وجود المخالف حيناً أخر.
الشيخ: في فرق طبعاً في فرق بين وجود المخالف وعدم وجود المخالف.
مداخلة: الكلام في حالة عدم وجود المخالف.
الشيخ: هو هذا يعني لازم نفرق بين الأمرين، لأن أيضاً بحث هذا الموضوع وكان اشترط أن لا يكون هناك خلاف.
مداخلة: عشرة صحابة يقولون قولاً ثم صحابي يخالفهم فهل هذا أيضاً داخل في حيز الخلاف؟
الشيخ: نحن خلينا ننتهي قبل كل شيء من مثل عدم وجود خلاف.
مداخلة: جميل جداً.
الشيخ: طيب، فإذا انتهينا منها ننتقل إلى الأخرى التي أنت تسأل عنها، أنا باقول إذا كان هناك عدة أقوال عن عديد من الصحابة وصدرت منهم في مناسبات مختلفة ودون أي تواطؤ منهم أي دون ما أقول تقليد دون اتباع أحدهم للأخر وإنما هو كان بمحض الاجتهاد وأنا ألحق هذا القسم بالنوع الأول.
مداخلة: هذا فتح من الله ما شاء الله.
الشيخ: أنا ألحق هذا القسم بالنوع الأول، لكن تحقيق الموضوع ليس هو
بالأمر السهل أنا أقول هذا وأدقق هذا التدقيق لأني بحدود ما علمت وما اطلعت كنت أرى أن لعمر بن الخطاب رضي الله عنه من بين الصحابة الآخرين له رهبة في صدور كبار الصحابة فضلاً عمن دونهم من الصحابة، قصة مثلاً عمار بن ياسر في مسألة التيمم وأن عمر بلغه بأنه يفتي للجنب أن يتيمم فأرسل خلفه وكأنه أنكر ذلك عليه، فذكره بالقصة التي وقعت لهما معاً وأنهما لم يجدا الماء وأنهما تمرغا بالتراب ولما جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمار إنما كان يكفيك ضربة بالوجه والكفين ذكره بهذا الحديث فما تذكر، لما رأى عمار عمر لم يتذكر قال له: إن شئت أمسكت، قال لا إنما نوليك ما توليت، هذا يلفت النظر إلى ضرورة التأكد من أن تكون تلك الأقوال صادرة بدون أن يكون ارتباط بين الواحد والأخر منهم.
كذلك مثلاً لما جاء أبو موسى ما أدري أين كان وهو يفتي بمتعة الحج قيل له هذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ينهى عن متعة الحج، الآن ذهب عن ذاكرتي ماذا أجاب أبو موسى بشيء يلتقي مع قصة عمار بن ياسر هل تذكرونها؟
مداخلة: أنا أذكر أنه امتنع عن الفتوى.
الشيخ: لأي شيء هذه لماذا لأن أمير المؤمنين يرى، أي إذا أمنا هذه الناحية في تلك الآثار المتعددة، فأنا ألحقها بالقسم الأول وعلى هذا نعود إلى إذا كان هناك خلاف حينئذ هذا الخلاف يذكرنا بقول ابن تيمية لنا أن نختار من اختلافهم وليس لنا أن نحدث قولاً ثالثاً عليهم.
لكن يا شيخ عبد الله هنا أمر مهم جداً جداً جداً واعتقادي لعله أهم من أصل هذه المسألة من الناحية الأصولية الفقهية وهي أن آثار الصحابة حتى اليوم لم تعامل معاملة الأحاديث النبوية ولذلك تجد كتب الخلاف لا أستثني منها كتاباً تذكر فلان الصحابي قال كذا وفلان الصحابي قال كذا وإذا ما رجعنا على الأقل
إلى المصادر التي بين أيدينا سنجد كثيراً من هذه الآثار لا تصح من حيث إسنادها، فما قيمة البحث الفقهي حينذاك والأمر كما قيل وهل يستقيم الظل والعود أعوج.
-والكلام سلمك الله حينما يثبت الإسناد إلى أحد الصحابة؟
- بلى لكن الواقع أنه ليس عندنا كتب نعود إليها لنميز الثابت من هذه الآثار من غيرها ما في عندنا.
- بعدما تصورت ما تريد سلمك الله إن كان مثلاً يعني وجود كتب اعتنت بجمع آثار الصحابة فهذا موجود؟
- ليس بالجمع.
- والأسانيد ..
- ليس بالجمع وإنما بالتصحيح والتضعيف، يعني جرى عمل جماهير العلماء على أن يتساهلوا في رواية الآثار بخلاف ما جرى عليه عملهم في الحديث النبوي، فنحن حينئذ إذا ما أردنا أن نطبق القاعدة وموقفنا الذي أراه معتدلاً في آثار الصحابة فهذا ينبغي أن نعامل آثار الصحابة من حيث البحث في صحتها كما نعامل الأحاديث النبوية، لكن هذا البحث لا يساعد جماهير العلماء فضلاً على أن يساعد جماهير طلاب العلماء ما دام أن هؤلاء لا يستطيعون أن يميزوا الصحيح من الآثار من ضعيفها، يعني لو نحن أقنعنا الناس بهذا الذي نحن مقتنعون الآن من التفريق بين أثر وأثر لكن من الناحية العملية لا يستطيعون أن يطبقوها لأنه سيعودون مثلاً إلى فتح الباري، سيعودون إلى نيل الأوطار للشوكاني يحصل هناك أقوال كثيرة وكثيرة جداً أنه ثبت أو جاء عن الصحابة أو روي عن الصحابة إلخ، لكن جربنا في كثير من هذه الآثار ثم نعود إلى
المصنفات التي أشرت إليها آنفاً نجدها مراسيل أو معاضيل أوفيها مجاهيل أونحوذلك، بحيث لا يصح حين ذاك أن نعتبر مثل هذه الآثار مساعداً لتأويل النص إلى ما ذهب إليه بعض العلماء الذين يحتجون بهذه الآثار فإذا ضم إلى تساؤلك واقتراحك أيضاً العناية بدراسة هذه الآثار يتم الموضوع حينذاك ويفيد الناس ويوقظهم من إخلالهم بالمبدأ الذي اتفقنا عليه بناءً على النصوص الشرعية وهو وجوب الرجوع إلى ما كان عليه سلفنا الصالح.
مداخلة: وأرى أن يتوج سماحتكم هذا المجهود العظيم خلال النصف قرن أو أكثر من نصف قرن ولو بشيء من اليسير يعني نموذج يسير عليه طلاب العلم في هذا الباب؟
الشيخ: يعني أفعل ماذا؟
مداخلة: يعني لو تحقق جملة ولو ليست كبيرة
…
كما سار طلاب العلم على نهجكم في الحديث يسيروا كذلك على نهجكم في أثر الصحابة؟
الشيخ: طيب ما في شيء في كتبي فيما تعلمون؟
مداخلة: لا في فيه الكثير.
مداخلة: هو قصده يعني مثلاً باب معين من أبواب الفقه لتحرير أقوال الصحابة فيه لوفي باب واحد حتى
…
؟
الشيخ: على كل حال نسأل الله عز وجل أن يوفقني إلى ما تقترحونه ويجعل فيه الخير الكثير إن شاء الله.
(الهدى والنور /880/ 18: 27: 00)