الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول جماعة التبليغ
مداخلة: هنا سؤال: ما الفرق بين جماعة التبليغ والسلفية؟
الشيخ: شتان ما بينهما! قد قيل قديمًا:
فأين الثريا من الثرى
…
وأين معاوية من علي
جماعة التبليغ لا يدعون إلى اتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح بل قد يحاربون هذه الدعوة كما يحاربها كثير من الجماعات الأخرى بزعم أنها تفرق ولا تجمع، وإنما هم يدعون إلى التخلق ببعض الأخلاق الإسلامية وهذا بلا شك من محاسنهم، وكثيرون منهم نعرفهم بأشخاصهم في بعض البلاد الإسلامية مخلصون ولكنهم ما عرفوا الطريق التي توصلهم إلى الله تبارك وتعالى ألا وهو طريق الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح، إنهم يشرحون لأتباعهم معنى الكلمة الطيبة على نحو ولو موجز كما ذكرت آنفًا؛ لأن ذلك ينافي واقع كثير من جماعة التبليغ في بعض البلاد الإسلامية.
هنا أريد أن أذكر شيئًا من تجربتي: جماعة التبليغ جماعة الإخوان المسلمين من جهة واحدة: وهي أن دعوة جماعة التبليغ هي كدعوة الإخوان المسلمين وكل دعوة تنتمي إلى الإسلام، لا يمكن لأي جماعة على وجه الأرض من المسلمين الذين يصلون صلاتنا ويستقبلون قبلتنا، لا يمكن لأحد من هؤلاء أن ينكر أن يكون على الكتاب والسنة، فكلهم يدعون أنهم على الكتاب والسنة، لكن الفرق أن بعضهم يدعي ويجتهد كل جهده في فهم الكتاب والسنة، ثم في
تطبيق هذا الفهم على نفسه وعلى ذويه ومن حوله، ثم على إشاعته في العالم الإسلامي كله، وهذا الوصف لا يصدق إلا على جماعة واحدة ينتمون فعلًا إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ويعرفون بأسماء متعددة كلها تؤدي إلى حقيقة واحدة هي الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة، في بعض البلاد يسمون دعوتهم بالدعوة السلفية، في بعض في بلاد أخرى يسمون ينتمون إليها بأهل الحديث، أو يسمون بأنصار السنة، هؤلاء فقط هم الذين يحققون هذا الانتماء إلى الكتاب والسنة والعمل بما جاء فيهما وعلى منهج السلف الصالح في حدود استطاعتهم.
أما الجماعات الأخرى فليس لهم من هذه الدعوة إلا الاسم، فكلهم يقول: نحن على الكتاب والسنة، ولا يستطيع أحد أن يتبرأ من الكتاب والسنة وإلا خرج من دائرة المسلمين.
فالإخوان المسلمون مثلًا يختلفون من إقليم إلى آخر، فتجد بعضهم مذهبيين أو صوفيين، وتجد أحيانًا منهم سلفيين في العقيدة، كذلك جماعة التبليغ تمامًا، وهذا شيء أعرفه في كل من الجماعتين معرفة شخصية، من كان فيهم موحدًا أو سلفي العقيدة لم تأته هذه العقيدة من الجماعة التي هو ينتمي إليها، فالإخوان المسلمون ليس لديهم عقيدة موحدة يوجبونها على كل فرد من أفراد الجماعة، كذلك جماعة التبليغ ليس عندهم شيء من هذا إطلاقًا، ولهذا تجد كل من الجماعتين خليط من الناس من مختلف المذاهب، فتجد في الإخوان المسلمين الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والأشعري والماتريدي والصوفي.
وقد أدركنا زمنًا حينما كانت قائمة الإخوان المسلمين قائمة وقوية في مصر كان في مكتبهم الخاص في الإدارة بعض الشيعة، فهم إذًا يجمعون في دائرتهم
كل مسلم دون تفريق بين من كان إسلامه صحيحًا، وبين من كان إسلامه منحرفًا، كذلك جماعة التبليغ هم يهتمون فقط ببعض الناس وتأديبهم على الصدق والبعد عن الكذب، وأداء الأمانة، والمحافظة على الصلاة في المساجد، هذه أشياء حسنة بلا شك لا أحد يخالفهم فيها، لكن تجد فيهم كما ذكرنا عن الإخوان المسلمين الحنفي والشافعي المالكي والحنبلي، والماتريدي والأشعري، والصوفي المتوسط المعتدل، والصوفي الغالي الذي وقع في القول بوحدة الوجود ونحو ذلك، لماذا؟ لأن هاتين الجماعتين ليس لهم منهج علمي يدعون الناس إلى اتباعه كما هو شأن الجماعات التي قلنا عنهم: إنهم يعرفون بأسماء لكن دعوتهم كما قال ابن القيم رحمه الله في بعض أشعاره اللطيفة:
العلم قال الله قال رسوله
…
قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهًة
…
بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها
…
حذرًا من التعطيل والتشبيه
فكل من يخالف هذا المنهج السلفي من الجماعات الأخرى فإن وجد في بعض أفرادها شيء من هذا المنهج الصحيح فقد جاءتهم من غيرهم ولم تنبع من دعوتهم، هذا الذي نعرفه.
وهذا يختلف باختلاف قرب البلاد التي يخرج فيها هؤلاء الجماعات للدعوة، فإن كانت البلاد بلاد اشتهر فيها التوحيد فجماعة التبليغ والإخوان المسلمين يكونون على شيء من الفهم للعقيدة الصحيحة، أما ما يتعلق بالجمود على المذهب فكل منهم راضٍ وقانع بما عليه من المذهب دون أن يتمكن من معرفة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عباداته ومعاملاته.
هذا ما يمكنني الآن أن أقوله بالنسبة لذاك السؤال.
(فتاوى رابغ (2) /00: 41: 33)